صمود سورية منح الاحتفال الروسي مذاقا كونياً

 
 
احتفلت جمهورية روسيا الأتحادية بذكرى هزيمة النازية الهتلرية بعرض عسكري ضخم ومعبر يعلن ان روسيا ستكون هي القطب الدولي الجديد في المسرح الدولي والعالمي في القرن الحادي والعشرين وأن زمن التفرد الأمريكي بالقرار الدولي في السلم والحرب قد ولى ودفن في العراق وافغانستان وسورية وسورية وعلى أكثر من مستوى سياسي واقتصادي .
 بالأمس روسيا الجديدة استقبلت جون كيري واليوم ستستقبل رئيس الوزراء البريطاني للبحث في التسوية السياسية للمشكلة في سورية بمعنى اعتراف الدول الاستعمارية بفشل خياراتها العسكرية في هذا البلد العربي الذي يعني لم يخيب رهان روسيا عليه في الصمود ومقاومة الهجمة الشعواء والحرب الكونية التي شنت على سورية منذ أكثرمن عامين ، وخابت بالمقابل آمال الذين راهنوا على امريكا وتركيا وقطر وحلف الأطلسي والوهابيين التكفيرين لاسقاط سورية وضرب محور المقاومة الذي برهن على تفوقه في اسقاط المشاريع المشبوهه لإنهاء القضية الفلسطينية .
محور الممانعة الحليف لروسيا والصين والهند ودول البريكس سينتصر في سورية وهذا بدوره سيسقط مشروع العثمنة والصهينة للمنطقة الذي حملته رياح الربيع العربي الثورية التي كانت أشبه بالحمل الكاذب ولننظر الى ما يجري في ليبيا ومصر وتونس واليمن التي تم فيها الانقلاب على الثورات والتضحيات وأصبح الحاكمون باسم الثورة هم لصوص الاوطان الجدد ورموز القمع والاستئثار بالسلطة والعمالة لأمريكا والغرب والأقرب الى تحقيق المشروع الصهيوني في انهاء القضية الفلسطينية سواء بالترويج  لمشاريع التخلي عن اراضي الضفة ومبادلتها بارض يحتلها العدو والاعتراف بما يسمى بيهودية الدولة أوبالتخلي عنها بالاجهاز على المقاومة التي ظلت تؤدي دور الدفاع عن القضية وحققت انجازات ملموسة واستراتيجية باعتراف العدو الصهيوني نفسه.
يتعاظم مأزق المجاميع التكفيرية المقاتلة في سورية مع ازدياد خسائرها المحققة على الأرض في عدة مناطق من سورية والتي ازدادت بعد الغارة الصهيونية على مناطق في ريف دمشق بالمعنى الذي يضاعف من خيبة أمل الكيان الصهيوني وما سمي بالجيش الحر وجيش النصرة ومشائخ الضلال النفطي وقنوات الفتنة ومن يقف وراءها من أنظمة الخنوع والذل العربي في الخليج وغيرها.
العدوان الصهيوني على سورية أزاح الغشاوة عن أنظار الكثير من القوى التي وجدت نفسها منساقة مع التعاطف مع ما ظل يصفه الاعلام العربي المضلل بالثورة في سورية قبل أن تتضح الحقيقة وتتجلى الصورة شيئا فشيئا ، العدوان الصهيوني كذلك غير من مزاج قطاعات كبيرة في الشارع العربي التي أعلنت عن مواقف تدين العدوان الصهيوني وتعبر عن التضامن مع سورية فخرجت تظاهرات في اكثر من بلد عربي وصدرت مواقف ادانة واضحة من بعض دول الربيع العربي التي يحكمها الاخوان مثل مصر وتونس ودول أخرى كالسعودية وتركياوغيرها التي أحرجها العدوان الصهيوني وكشف عن حجم الورطة التي وضعت نفسها فيها بسورية ، خاصة مع الانتصارات التي يحققها الجيش والشعب السوري ضد المسلحين.
وسواء حدثت التسوية بين الروس والامريكان في اللقاء المرتقب بين بوتين وأوباما أم تأجلت فإن المتغير على الأرض السورية وتماسك وصلابة محور الممانعة سيفرض حقائقه على الأرض وقد بدأ فعلا بعدة مؤشرات منها: ما أسفر عنه لقاء لافروف وكيري في موسكو من تحول في الموقف الامريكي بشان الموقف في سورية وتبني الدعوة للحل السلمي الذي لم يكن بمثل هذا الوضوح في الموقف الامريكي - المرتبك اصلا - وتراجع ورقة الابتزاز والتخويف بورقة الاسلحة الكيمائية ضد سورية، و وموقف الابراهيمي المرحب بما أسفر عنه لقاء لافروف -كيري .
ومن المؤشرات اللافته في هذا السياق السوري زيارة وزير الخارجية الايراني صالحي للاردن ولقاءه بالملك و التي قيل انه حمل معه تحذيرا من تورط الأردن في الشأن السوري وعرضا ايرانيا للحكومة الأردنية بالاستعداد لحل مشاكل الأردن الاقتصادية ومساعدته على تجاوز الضغوط وسياسة الابتزاز القطرية والسعودية ضد الأردن لدفعه باتجاه المشاركة بالتدخل العسكري المباشر وفتح اجواءه وحدوده للعدوان على سورية .
 
وكان من اللافت ان يتخذ مجلس النواب الاردني وبالاجماع موقفا قويا وقرارا بطرد السفير الصهيوني من عمان ردا على الاعتداءات الصهيونية على المسجد الأقصى هذا الموقف الاردني استحق التحية والثناء من السيد حسن نصرالله في خطابه امس بمناسبة الذكرى ال25 لانطلاق اذاعة النور والذي قال فيه الكثير مما يستحق التأمل والتوقف على صعيد قراءة المتغير في سورية والمنطقة .
في هذا السياق لايمكن اغفال مؤشر مهم على مدى التحول في المواقف والمجريات في المنطقة لغير صالح محور الشر والعدوان ورموزه في سورية والمنطقة بعد سقوط الكثير من الأقنعة عن وجوه البعض ممن كنا نرجو ألا تسقط ، فالشيخ القرضاوي الذي كانت فتاويه واراءه ومواقفه من الكثير من القضايا العربية والاسلامية تحظى بقبول واحترام الغالبية من العرب والمسلمين باختلاف طوائفهم عندما كانت بعض مواقف دولة قطر وقناة الجزيرة - التي خدعنا بها - تبدو قريبة من هموم الشارع العربي وقضاياه وضد الاحتلال في العراق وافغانستان وضد السياسة الصهيونية في غزة والمصالحة في لبنان الخ ثم ومع ثورات الربيع العربي انقلبت قطر والجزيرة على نفسها وسياساتها المنفتحة على الجميع من قوى الشارع العربي الثوري لتبدأ سياسة اختزال الثورات العربية في توجه بعينه لاشك بوجوده في الشارع العربي هو جماعة الاخوان المسلمين .
واستطاعت قطر أن تجر معها وبالتبعية الشيخ القرضاوي وقناة الجزيرة الى المشروع الخاص لدولة قطر الذي ترعاه تركيا اقليميا وامريكا تمنحه الغطاء الدولي .هذا المشروع القطري القرضاوي تبدى - داخل كل اقطار الربيع العربي - بوجهه الاقصائي الشمولي العنيف ضد شركاء الثورة مستأثرين بالحكم ومتنكريين للشعارات والدعاوى الثورية ، وعلى المستوى الخارجي نجد هذا المشروع متساكنا مطمئنا ومتصالحا مع السياسات الامريكية والاسرائيلية في المنطقة وللأسف عدائيا طائفيا ومذهبيا ضد محور المقاومة .
سقط الشيخ القرضاوي في فتاواه التحريضية على القتل والفتنة والتدخلات الأجنبية كاشفا عن وجه متعصب للجماعة والفكرة ، وضع القرضاوي نفسه ورصيده ونجوميته رهنا للسياسات القطرية المغامرة الغير بعيدة عن مطامح السياسات الامريكية والاسرائيلية بالتبعية وخسر مكانته كعالم للمسلمين ليكون عالما لجماعة مفتونة بالسلطة والتسلط ومشكوك في قدرتها على استعادة ثقة الجماهير الناخبة في اية انتخابات قادمة في مصر اوتونس مرة أخرى .
الشيخ القرضاوي حل بالأمس ضيفا على غزة وسط مقاطعة من جل الفصائل والقوى الفلسطينية وهي دلالة لافتة ومعبرة عن عمق التحول في الموقف الفلسطيني والعربي والاسلامي لكن المؤشر الفلسطيني وفي غزة تحديدا من حدث زيارة القرضاوي يعني ما يعنيه للقرضاوي ولحركة حماس أيضا التي سوف تخسر من رصيدها الجهادي التحرري الكثير ولن تكسب شيئا سوى الخسارة فماذا بوسع المحور القطري الآمري على القضية أن يعطي سوى الفضيحة .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.