مارينز الخارج والداخل..

تباكى البعض على طريقة تعاطي اللجان الشعبية مع جنود المارينز في مطار صنعاء خلال مغادرتهم اليمن، وكنت أتمنى أن يطرحوا على أنفسهم هذه التساؤلات البسيطة، قبل أن تغرورق أعينهم على أولئك الجنود الأمريكيين:

هل ثمة قانون يمني يسمح للسفارات أن تستقدم المئات من جيشها بعتادهم بداعي الحماية؟ هل كان تواجد أفراد المارنز الأمريكي في صنعاء قانونيا؟
هل دخلوا إلى اليمن بتأشيرت دخول ولديهم تصاريح إقامة؟
هل كانت لديهم تخويل قانوني يسمح لهم بإدخال تلك الأسلحة الكثيرة، بما فيها التي سلموها في مطار صنعاء عند مغادرتهم؟ هل كان يحق لهم أن يتجولوا في صنعاء كما يشاءون؟
هل لديهم تصاريح حمل سلاح أثناء تجوالهم؟

قد يقول أحدهم إن ثمة خصوصية للحكومة الأمريكية منحتها الحكومة اليمنية، ضمن ما عرف باتفاقية مشتركة لمكافحة الإرهاب، خولت للأمريكيين أن يتجاوزوا كافة الأعراف الدبلوماسية والأمنية والسياسية.. 

الإجابة على هذه التساؤلات كفيلة بأن تكشف حجم عمالة سلطة نظام 2011م "المشترك والمؤتمر"، فإن كانت كل تلك التجاوزات الأمريكية تتم بمسوغ قانوني، فيحق للشعب أن يسائل تلك السلطة عن الإتفاقية الأمنية المشتركة وحدود بنودها، وهل أنه من صلاحية السلطة أن تمنح ترخيصا لمثل هكذا التجاوزات؟ 
وأما إن كانت التجاوزات تمت بدون مسوغ قانوني فكان ينبغي توقيف جنود المارينز الأمريكي في المطار بجريمة دخول الأراضي اليمنية والإقامة فيها بصورة غير قانونية، وتقديمهم للمحاكمة بذلك الجرم، وجرم حيازة سلاح غير مرخص والتجوال به..
وكان ينبغي أيضا محاكمة السلطة العميلة بجرم الخيانة العظمى وانتهاك القانون وتسهيل إقامة جنود أجانب بصورة غير قانونية..

بعد كل ذلك فإنه لمن المخزي لأدعياء الوطنية أن يطالبوا اللجان الشعبية بالاعتذار للأمريكيين بدلا عن أن يطالبوا الأمريكيين بالاعتذار للشعب اليمني عن تجاوزاتهم بحق الشعب العظيم..

افتقدوا الحياء فلم يطالبوا الأمريكان بالاعتذار عن مواصلة انتهاك السيادة اليمنية بتحليق الطائرات الأمريكية في سماء الوطن..
لم يطالبوهم بالاعتذار عن قتل أبناء الشعب اليمني طوال السنوات الأخيرة..
لم يطالبوهم بالاعتذار عن الوصاية التي فرضوها على الجمهورية اليمنية..
لم يطالبوهم بالاعتذار عن تجاوز السفير الأمريكي للأعراف الدبلوماسية..
لم يطالبوهم بالاعتذار عن كذبهتم الكبيرة بشأن مكافحة الإرهاب والقاعدة طوال سنوات، فيما اللجان الشعبية دحرت أولئك من أهم معاقلهم الرئيسة..
لم يطالبوهم بالاعتذار عن الوقوف ضد ثورة الشعب اليمني الساعي بها نحو الحرية والعزة والكرامة..
لم يطالبوهم بالاعتذار عن وضعهم اليمن تحت الفصل السابع وتأليب المجتمع الدولي للعدوان على الوطن أرضا وإنسانا..
لم يطالبوهم بالاعتذار عن تهديداتهم للشعب اليمني بالحصار الاقتصادي والتجويع..

كان على المتباكين على جنود المارينز الأمريكي أن يستنكروا تساهل اللجان الشعبية مع أولئك المجرمين الغزاة، الذين ما غادروا البلاد إلا وقد أنشأوا شبكات استخباراتية عميلة لهم منتشرة في المجتمع ومؤسسات الدولة، تماما كما فعل الاستعمار الأجنبي خلال ستينيات القرن الماضي عند جلائه من الوطن العربي..

حقا إنه لم يعد لدى "أدعياء الوطنية" من الحياء ما يكفي ليمنعهم من تقديم أنفسهم "أعداء للوطن"، لكن هذا يندرج أيضا ضمن دائرة المثل "رب ضارة نافعة"، فقد كشفوا ما تبقى من قطع أقنعة كانوا يضعونها على وجوههم، وقدموا أنفسهم أعضاء في تلك الشبكات مبكرا، كمارينز من الداخل..

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
11 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.