الناصري الذي فكر بوراثة الإصلاح..

جد الإصلاح في ثورة 2011م فرصة ليتوسع شعبيا على حساب "المؤتمر" الحزب المهزوم، والذي كان حليفه إلى ما قبل الثورة بسنوات معدودة، فمارس استغلالا للوظيفة العامة لصالحه، حتى بدى الطرف المهيمن على السلطة وعلى حكومة الوفاق، محاولا استمالة المؤتمريين..
فيما كانت بقية أحزاب المشترك ترى أن حالة العداء الشديدة التي سببتها الثورة بين المؤتمر والإصلاح لن تسمح بحدوث ذلك..
وكانت قناعة تلك الأحزاب أنها عاجزة أيضا عن وراثة المؤتمر، وأنه ما من أحد سيفعل غير "أنصارالله"..
 
مرت الأيام وأتت بما فاق تصور تلك الأحزاب، إذ تمكن أنصارالله من التوسع شعبيا ليس على حساب المؤتمر فقط، بل وعليها أيضا بما فيها الإصلاح..
لم تكن تتوقع حتى في أسوأ الاحتمالات أن يكون هناك تواجد لأنصارالله في تعز على سبيل المثال..

ثم حين انتصرت ثورة 21 سبتمبر، بما حققته من رحيل عناصر القوة (القبلية والعسكرية) داخل الإصلاح، بدى لتلك الأحزاب أنها أمام فرصة تاريخية لوراثته، بالرغم من كونه حليفها حتى تلك اللحظة..

بدأ الناصري محاولة حثيثة لوراثة الإصلاح حيا، في أسوأ انتهازية سياسية يمكن اتخاذها، تتنكر لحليف استراتيجي، ومتى؟ وسط المعركة..

ولأجل ذلك يجاهد الناصري ليتصدر مشهد المواجه لأنصار الله، محاولا ضم قواعد الإصلاح إلى صفه، على اعتبار أن الإصلاح بات عاجزا عن تلك المواجهة، وأن غضب قواعده سيدفعهم للتحرك ضمن الناصري، بما يظهره أيضا حزبا له تأثير على أرض الواقع..

هنا ينبغي التأكيد على أن وراثة الإصلاح لم تكن الدافع الوحيد الذي جعل اسم الناصري يعاود الظهور مجددا، فهناك هلع ناصري من تعاظم التأييد الشعبي لأنصارالله وتناميه باضطراد حتى في مركز تواجده الجغرافي تعز، بما سيعنيه من إعلان وفاة الحزب الناصري تماما..

دخل الناصري إذن - وعن إرادة - مغامرة صعبة، شعر أنه لا بد من خوضها، رغم علمه بعجزه عن أداء هذا الدور الذي هو أكبر منه بكثير، ولأجل ذلك لجأ لتقديم استعراضات بهلوانية يمكنها أن تجلب الجمهور نحوه، بدءا من بهلوان موفنبيك الإنسحابي نعمان، مرورا بمهرجي بعض الوقفات الاحتجاجية التي لا تحمل روحا ثورية وإنما استعراضات لتلتقطها كاميرات الصحافة وتضخيمها، وصولا إلى ببغاواتهم على قناتي العربية والجزيرة وغيرهما..

وحين لم يجد الناصري استحسان الشارع لعروضه البهلوانية لم يتورع عن اللجوء لأسوأ الأساليب وأقذرها، كان أقلها الشتائم والكذب ونشر الشائعات وتحقير الشعب الثائر وازدرائه، في عنصرية مقيتة تضر بوحدة المجتمع، وكان أكبرها إحياء النعرات المناطقية وإذكاء الفتنة الطائفية والتحريض المذهبي، وكان أخطرها أن يقدم نفسه عميلا لدول خارجية إقليمية وغربية، فشاركها التآمر على وحدة الوطن من خلال محاولة تفكيك اليمن وتجزئتها،  بالسعي لفرض مخطط الأقاليم الستة الشرير.. 

وبرغم كل ذلك يستمر عجز الناصري في إحراز أي من أهدافه على الأرض، هو فقط ينجح في "الاستعراض البهلواني"، حتى أنه لم ينجح في إقناع تلك الدول لتراهن عليه في الوقوف ضد ثورة الشعب، وبوجه أنصارالله، فهاهي تجمع "الزوكا بمحسن" المؤتمر بالإصلاح في السعودية، دون التفات للبهلوانات والكيانات الاستعراضية..

وعطفا على هذا السلوك السياسي المشين فإن كل المؤشرات تدل على أن الناصري سيخسر قواعده قريبا، وسيخسر حليفه الإصلاح حتما، وسيخسر وجوده في شراكة وطنية رفض الإسهام في التأسيس لها قطعا..

ومضة:
من حسنات ثورة 21 سبتمبر أنها وفرت للشعب ما حرم منه طوال عقود وهو "سيرك" يستمتع فيه بمشاهدة المهرجين والبهلوانات والاستعراضات، وبالمجان.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
5 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.