دراسة تكشف خفايا وأهداف عمليات الدرونز الأمريكية في اليمن على مدى عقد ونصف

قدمت منظمة الكرامة السويسرية “للدفاع عن حقوق الإنْسَان” دراسة شاملة حول ضربات الطائرات بدون طيار الأَمريكية     “Unmanned Aerial Vehicles – UAV “في اليمن أكدت أن اليمن منذ 2009 يعيش على وقع عمليات القصف الجوي الأَمريكي التي تستهدف كُلّ مناطق البلاد،حيث تكاثفت في السنوات الأخيرة هجَماتُ الطائرات دون طيار (الدرونز) وتشير الدراسة إلى أن أولَ ضربات الطائرات بدون طيار الأَمريكية فِي اليمن كانت في 2002 في صحراء مأرب، وتمت تقوية البنية التحتية التي تنطلق منها هذه العمليات في اليمن والسعودية وجيبوتي.
ويقدر عدد العمليات العسكرية التي قامت بها القوات الأَمريكية في اليمن منذ 2002 وإلى غاية 2013 ما بين 134 و234 عملية تشمل القصف بالطائرات والدرونز وإطلاق الصواريخ من بارجات حربية تبحر في خليج عدن، وحسب المصادر خلّفت هذه العمليات ما بين 1000 و2000 قتيل.
ولم تقدم السلطات اليمنية ولا الأَمريكية لغاية الآن أي جَرْد بعدد القتلى.
وقالت الدراسة إن منظمة الكرامة السويسرية عن الضربات الجوية الأمريكية قامت خلال الفترة الممتدة من 2012 إلى 2013 بزيارة العديد من مواقع القصف في جميع أنحاء اليمن، واستطاعت جمع العديد من شهادات الضحايا وعائلاتهم ومحامييهم كما التقت مسؤولين حكوميين وممثلين عن المجتمع المدني.
 ولفتت الدراسة إلى أن الحكومة اليمنية حينذاك قد وافقت على اتّفَاقية “الحرب ضد مايسمى الإرْهَاب” في عام 2001م, وهي الاتّفَاقية التي أطلقها الرئيس الأَمريكي “جورج دبليو بوش “عقب أحداث 11 سبتمبر الإرْهَابية في الولايات المتحدة الأَمريكية “, بغرض القضاء على مسمى الإرْهَاب والدول التي ترعاه, واعتبرت اليمن حينها إحدى الجبهات المفتوحة لمحاربة الجماعات الإرْهَابية.
وأوضحت الدراسة أن عبدربه منصور هادي عندما أصبح رئيسًا في عام 2012 تأييده وبصريح العبارة لضربات الطائرات دون طيار الأَمريكية ففي مقابلة له, أثناء زيارته للولايات المتحدة الأَمريكية, مع صحيفة “نيويورك تايمز” في 29 سبتمبر 2012, اعترف قبل ذلك بموافقته شخصيًا على كُلّ ضربات الطائرات دون طيار الأَمريكية، واصفًا تلك الضربات بأنها “أعجوبة فنية".
وكتبت صحيفة نيويورك تايمز سكوت شين حول زيارة هادي للولايات المتحدة “كشف الرئيس اليمني في هامش زيارته لواشنطن عن تأييده المطلق لاسْتخدَام الطائرات دون طيار الأَمريكية في بلاده، الأمر الذي عزز من مرتبته كشريك مفضّل للولايات المتحدة في مكافحة مسمى الإرْهَاب".
وكتب كريغ ميلر للواشنطن بوست قائلًا إنه “ونتيجة للمكانة التي يتحلى بها عبدربه منصور هادي آنذاك فقد استقبله أوباما على هامش اجتماعات الأمم المتحدة في نيويورك الأسبوع الماضي، كما التقى هادي بقائمة طويلة من كبار المسؤولين في الإدارة الأَمريكية بواشنطن أبرزهم نائب الرئيس الأَمريكي بادين في البيت الأبيض ووزيرة الأمن الداخلي جانيت نابوليتانو ومستشار مكافحة الإرْهَاب جون برينان".
وأشارت الدراسة إلى أن إحدى أهم التقارير التي نشرت أَيْضاً حول ذات الموضوع – الطائرات بدون طيار في اليمن – كان لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” تحت عنوان “من عرس إلى مأتم”، تضمن مقدمة التقرير النص التالي (في الثاني عشر من ديسمبر2013 أطلقت طائرة أَمريكية دون طيار أربعة صواريخ هيلفاير على قافلة من 11 سيارة وشاحنة بيك آب في أثناء عملية لمكافحة مسمى الإرْهَاب في منطقة ريفية باليمن.
قتلت الغارة ما لا يقل عن 12 رجلًا وألحقت إصابات بـ 15 آخرين على الأقل، ستة منهم إصاباتهم جسيمة.
ولفت التقرير أن السلطات اليمنية بقيادة هادي وصفت جميع القتلى في الهجوم على مشارف رداع بأنهم “إرْهَابيون”، بينما لم تقر الحكومة الأَمريكية مطلقًا بشكل رسمي بأي دور لها في الهجوم، لكنها قالت بصفة غير رسمية للإعلام إن القتلى كانوا متطرفين، وأن العملية استهدفت عضوًا بالقاعدة في شبه الجزيرة العربية هو “أشد المطلوبين”، وقد أصيب وهرب.
شهود وأقارب للقتلى والمصابين قابلتهم هيومن رايتس ووتش في اليمن أكدوا أن القافلة كانت عبارةً عن موكب عرس, قالوا إن جميعَ مَن شاركوا في الموكب كانوا من المدنيين، بما في ذلك جميع القتلى والمصابين، وأنه قد لحقت بالعروس إصابة سطحية في الوجه.
 وتحت عنوان عمليات القتل المستهدف الأَمريكية في اليمن، تضمن التقرير تساؤلات عن خلفية حملات الطائرات دون طيار وعن مردها القانوني أَوْ السياسي، وقال التقرير إنه منذ هجمات 11 سبتمبر2001 نفذت الولايات المتحدة عمليات قتل مستهدف في كُلّ من اليمن وباكستان والصومال، وربما في مناطق أُخْــرَى، خارج نطاق ساحات المعارك التقليدية، وذلك في الأغلب الأعم باسْتخدَام طائرات يتم التحكم فيها عن بُعد تعرف بمسمى الطائرة دون طيار أَوْ “درونز".
وشنت الولايات المتحدة ما لا يقل عن 86 عملية قتل مستهدف في اليمن منذ عام 2009، فقتلت نحو 500 شخص، طبقًا لجماعات بحثية تتعقب الهجمات.
تم تنفيذ تلك الغارات إما من قبل وكالة الاستخبارات المركزية (سي آي آيه) أَوْ من قبل قيادة العمليات الخاصة المشتركة، وهي ذراع نخبوي شبه سري للقوات المسلحة الأَمريكية.
الهدف الأساسي في اليمن هو تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، الذي وصفه الرئيس أوباما بأنه “الطرف الأنشط والأخطر” في القاعدة.

بدورها “منظمة مواطنة لحقوق الإنْسَان” تحققت من 10 وقائع لهجمات طائرات أَمريكية دون طيار أودت بحياة يمنيين في عدة مناطقَ يمنية خلال الفترة بين 17 ماير/أيار 2012 و16 سبتمبر/أيلول 2014م، وأظهرت نتائج البحث الميداني أن هذه الهجمات قتلت 26 مدنياً بينهم امراة حامل و5 أطفال، كما جرحت 16 مدنيًا بينهم 6 أطفال.
وفي النتيجة أكد التقرير أن الولاياتُ المتحدة في تحَـرّكها العسكري العابر للحدود والقارات استندت إلى قوانين مبتكرة لم تكن معتمدة على أي دستور أَوْ قانون دولي يبيح هكذا تحَـرّك, فكانت أحداث 11 سبتمبر 2001 هي المصوِّغَ الوحيد لتحَـرّكات القوات العسكرية الأَمريكية لضرب واحتلال دول, مشيرًا إلى أن من تلك القرارات (مشروعُ قرار اسْتخدَام القُــوَّة العسكرية “Use of Military Force –  (AUMF” و (وقانون تفویض الدفاع الوطني “National Defense Authorization ACT – NDAA” ) و(مشروع قرار تصفية شبكة القاعدة (alqaeda network execute order”  وكشف التقرير بأن المسؤولين الأَمريكيين أقروا بعمليات القتل المستهدف في عام 2010, في إطار حربهم على مسمى الإرْهَاب – علماً بأنها سياسة حرب سرية قديمة مارستها أَمريكا ضد خصوم قامت بتصفيتهم عبر وكالة الاستخبارات الأَمريكية CIA، وأنه وبدعوى وجود اعتبارات أمن قومي، فإنه لم تقدم أية معلومات رسمية بشأن الغارات للطائرات بدون طيار، بما في ذلك وجود خسائر أَوْ ضحايا, إضافة إلى ذلك فان الجهات الحكومية والمخابراتية لم تقدم أي إسناد قانوني يبرر قيامها بعمليات القتل المستهدف ضد خصوم لها في بلدان أُخْــرَى من العالم.
بدوره كرر هادي للإعلام قوله إنه يوافق على كُلّ غارة أَمريكية على حدة، لكن وبحسب الدراسة في اجتماع مع هيومن رايتس ووتش في 28 يناير لم يؤكد موافقة اليمن على التوقيت المحدد للغارة.
بل إنه على حد قوله، “يسمح بشكل عام” بالغارات بناءً على اتّفَاق وقّعه الرئيس السابق على عَبدالله صالح مع الولايات المتحدة في أعقاب هجمات 11/9، وإنه اتّفَاق مُلزم، على حد قوله.
التقرير أشار إلى أن مسؤولين حكوميين يمنيين اثنين رفيعي المستوى لم يسمهما قالا لـهيومن رايتس ووتش إنهما لا يعرفان بأي اتّفَاق موقع بين اليمن والولايات المتحدة بشأن الغارات بطائرات دون طيار.
قال المسؤول الحالي: “هناك اتّفَاق شفهي".
وأضاف التقرير أن هناك مسؤول يمني ثالث لم يسمه التقرير قال: هناك تنسيق بين الحكومتين اليمنية والأَمريكية، لكن لا نعرف فعليًا كيف تجري الأمور على الجانب الأَمريكي.

المصدر : صدى المسيرة