إيكونوميست: هذا ما تقوله موجة الاعتقالات في السعودية!

نشرت مجلة "إيكونوميست" تقريرا حول التطورات الأخيرة في السعودية، تقول فيه إن ليلة السبت "الماضي"، كانت بمعايير المؤامرات التي تجري في القصر، مثيرة للدوار في السعودية.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن المملكة أعلنت في 4 تشرين الثاني/ نوفمبر عن اعتقال عدد من الأشخاص، في حملة واسعة لملاحقة الفساد، لافتا إلى أنه كان من بين المعتقلين رجل الأعمال المعروف الأمير الوليد بن طلال، الملياردير والمستثمر الذي يملك حصصا من شركات أمريكية، مثل "سيتي غروب" و"نيوز كوروبوريشين".

 

وتلفت المجلة إلى أن حملة الاعتقال ضمت أيضا عشرة أمراء والعشرات من الوزراء الحاليين والسابقين، ومدير مجموعة ابن لادن للإنشاءات، ومدير شبكة "أم بي سي"، وهي أكبر الشبكات الفضائية في الشرق الأوسط، مشيرة إلى أن بعضهم اعتقل في فندق "ريتز كارلتون"، الذي طلب من النزلاء الذين دفعوا حجزهم المغادرة والتوقف عن الحجز، ومنعت الطائرات الخاصة من مغادرة المملكة.

 

ويجد التقرير أن "ما هو أكثر أهمية هو التحرك المنفصل لعزل عدد من الوزراء، خاصة قائد  الحرس الوطني الأمير متعب بن عبدالله، بشكل جمع السلطة في يد الأمير الشاب محمد بن سلمان (المعروف دائما باسم أم بي أس) ابن الملك سلمان الطامح".

 

وتقول المجلة إن "تصوير المشهد بأنه بأنه غير مسبوق لا يعطيه حقه، فلعقود حاول ملوك السعودية التوصل لتوافق بين أبناء العائلة الكبيرة، والتغير كان بطيئا، وتم توزيع السلطة بين أبناء عبد العزيز، خاصة السديريين السبعة، أبناء الملك عبد العزيز من زوجته المفضلة حصة بنت أحمد السديري، وتم الحفاظ على التوازن في السلطة بشكل حساس، وواحد منهم، وهو الأمير سلطان، احتل منصب وزير الدفاع لـ48 عاما، واحتل الأمير نايف وزارة الداخلية لأكثر من أربعة عقود، ومنذ عام 1963 أصبح الحرس الوطني أمرا خاصا بالأمير (ولاحقا الملك) عبدالله".

 

ويذكر التقرير أن "المناصب أصبحت كلها في يد(أم بي أس)، وأصبح ابن سلمان وزيرا للدفاع بعد ساعات من وصول والده إلى السلطة (سديري أيضا)، عندما صعد للعرش في عام 2015، وفي حزيران/ يونيو قام الثنائي بعزل وزير الداخلية وولي العهد الأمير محمد بن نايف، ووضعاه تحت الإقامة الجبرية، وفي يوم السبت أنهيا المهمة وهمشا الأمير متعب، الابن الثاني للملك عبدالله، الذي كان مرشحا لتولي العرش ذات مرة".

 

وتذهب المجلة إلى أن "التغييرات الاقتصادية والعسكرية حملت ختم ملك تتلاشى قوته، لكن القوة الحقيقية هي في يد ابنه، ففي عمره الـ32 عاما جمع بين يديه سلطات غير مسبوقة، ويحاول تطبيق خطة طموحة اجتماعية وأجندة اقتصادية لتحديث البلاد وفطمها عن النفط".

 

وينوه التقرير إلى أن "ابن سلمان قام في أيلول/ سبتمبر بسجن العشرات من الناقدين له، علماء دين وناشطين حقوقيين، وقام الملك بطريقة مفاجئة بالإعلان عن رفع الحظر عن قيادة المرأة للسيارة، حيث ستبدأ في العام المقبل، وبعد أسابيع قام الأمير بن سلمان بمحاولة جذب المسثتمرين في مؤتمر لامع في الرياض، وتحدث عن الحاجة للإسلام المعتدل، وأعلن عن خطة لبناء منطقة اقتصادية بقيمة 500 مليار دولار، اطلق عليها (نيوم)، التي سيعيش فيها روربوتات أكثر من البشر، ولديه قائمة طويلة من الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، مثل فتح دور السينما، وبيع جزء من شركة (أرامكو)".

 

وتجد المجلة أن "الاضطرابات الداخلية تتزامن مع لحظة حرجة للسعودية، وبعد شن حرب مضى عليها أكثر من عامين ودمرت اليمن، وهي التي قصد منها هزيمة المتمردين الحوثيين، الذين أطاحوا بالحكومة اليمنية في عام 2015، وأدى هذا إلى إغراق البلد في كارثة إنسانية، ورغم أن الحوثيين خسروا مناطق، إلا أنهم لا يزالون يسيطرون على صنعاء وشمال اليمن، الذي أطلقوا منه يوم السبت صاروخا باليستيا تم اعتراضه، بالإضافة إلى الحصار الفاشل الذي مضى عليه خمسة أشهر لقطر، المتهمة بدعم الجماعات الإسلامية".

 

ويبين التقرير أنه "في الوقت ذاته، فإن نفوذ إيران، العدو اللدود للسعودية، يتوسع، وبدأت الأخبار النارية يوم السبت باستقالة رئيس وزراء لبنان سعد الحريري، وأعلن الحريري استقالته من الرياض، متهما إيران بالتأثير على بلده، وقال إنه خاف على حياته، وأن يواجه مصير والده رفيق الذي اغتيل عام 2005".

 

وبحسب المجلة فإن "هناك الكثيرين ممن يسألون عما إذا كانت عملية التطهير في القصر تعكس حالة من القوة أو حالة من العصبية، من معارضة داخلية للأمير ابن سلمان والتغيرات الواسعة التي يطرحها، وهناك قلة تؤمن أن ملاحقة الفساد هي السبب".

 

ويرى التقرير أن "الاعتقالات الأخيرة غير ضرورية، وبعيدا عن الأمير متعب، فإن المعتقلين الباقين هم ضعفاء، ومع أن الأمير الوليد بن طلال غني ومعروف بتصريحاته الناقدة، إلا أنه لا يحتل منصبا رسميا، ولا يؤثر في السياسة السعودية".

 

وتختم "إيكونوميست" تقريرها بالقول إن "الاعتقالات تظل رسالة لمن يفكر بالنقد، حيث جعل (أم بي أس) من نفسه الوجه الوحيد للسياسة السعودية، ولو فشلت خططه الطموحة فإن السعوديين سيعرفون من يلومون".