لماذا غاب الملك سلمان عن قمة إسطنبول؟ عطوان يجيب .

 

كان غِياب مُعظم الزّعماء العَرب عن قِمّة إسطنبول التي انعقدت لبَحث الانحياز الأمريكي للتّهويد الإسرائيلي للقُدس المُحتلّة، وطَمْس هَويّتها العربيّة والإسلاميّة، فاضِحًا ومُعيبًا، بكُل ما تَعنيه هذهِ الكلمة من مَعنى.

 

 

في هذهِ اللّحظة التاريخيّة الحَرجة، كان المَأمول أن تُوضع كل الخِلافات السياسيّةِ جانِبًا، وأن يَرتقي الجميع إلى مُستوى المَسؤوليّة تُجاه هذهِ الطّعنة المَسمومة، ولكنّهم خيّبوا آمالنا كالعادة، ولم يُشاركوا في المُؤتمر، بل أقدموا على تَخفيض مُستوى تَمثيلهم إلى أقل من مُستوى وزير الخارجيّة.

 

 

نحن نَسأل وبكُل صراحة لماذا غابَ الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز عن هذهِ القمّة، ولماذا قاطعها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، ولم يُشارك فيها الملك المغربي محمد السادس، رئيس لَجنة القُدس؟ فهَل القادة الأفارقة والآسيويون الذين حَرِصوا على الحُضور أكثر حِرصًا على القُدس المُحتلّة مِنّا نحن العَرب؟

 

 

يَقولون لنا أنّهم يُحاربون النّفوذ الإيراني الفارسي، الذي يُهدّد الأمّة العربيّة، ولكن جميع سياساتِهم، ونحن لا نَتردّد في التعميم، تَصُب في مَصلحة هذا النّفوذ وتَعزيزه، وآخرها مُقاطعة هذهِ القمّة، التي أخلوا ساحتها للرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والإيراني حسن روحاني، ليَتربّعا على قِمّة زعامة العالم الإسلامي، ويَقفون في صَفْ الجماهير العربيّة الغاضبة والمُحتقنة في مُواجهة الإذلالين الأمريكي والإسرائيلي مَعًا.

 

 

صحيح أنّنا كُنّا نَتوقّع تَبنّي هذهِ القمّة إجراءاتٍ عمليّة ضِد الولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي، مِثل إغلاق السّفارات، أو سَحب السّفراء في أضعف الإيمان، وفَرضْ عُقوباتٍ اقتصاديّة، مثل مُقاطعة البَضائع الأمريكيّة، وتَخفيف الاعتماد على الدولار كعُملةٍ لتَسعير النفط، والتّعاملات والتّعاقدات التجاريّة، وهو ما لم يَحدُث للأسف، ولكن كيف يُمكن الإقدام على هذهِ الخَطوات ومُعظم الزّعماء العَرب، أهل القضيّة الأقرب فضّلوا عدم المُشاركة، بل وعَدم تغطية أعمال هذهِ القمّة إعلاميًّا، وما زِلنا نَأمل أن يَفي الرئيس أردوغان بوَعدِه ويُقدّم لنا النّموذج بإغلاق السّفارة الإسرائيليّة في أنقرة، وأن يَقطع العاهل الأُردني علاقاتِه مع تل أبيب، ويُلغي اتفاقيّات وادي عَربة، وبروتوكول الغاز الإسرائيلي للأردن.

 

 

القِمّة الإسلاميّة في إسطنبول أسقطت الأقنعة، وكل أوراق التّوت، وأظهرت الوجوه والمَواقِف على حَقيقَتِها.. وهذا في حَد ذاتِه الإنجاز الأكبر لها.

 

 

إنّهم لم يَعزلوا قِمّة إسطنبول ومن شاركَ فيها أو تَزعّمها بمُقاطَعتِهم لها، وإنّما عَزلوا أنفسهم، وأطلقوا النّار على أقدامِهم، وصَبّوا أطنانًا من الزّيت على نارِ الكراهية تُجاههم، سِواء في أوساط شُعوبِهم أو الشّعوبِ الإسلاميّة، فهنيأً لهم.

 

 

القُدس هي البُوصلة.. فِلسطين هي عُنوان الكَرامة والشّرف.. وأمّتنا ستَنهض، أو بَدأت النّهوض من كَبْوَتِها.. وسَتعود قويّةً مُهابةً وأقرب ممّا تَعتقدون.. والأيّام بَيننا.