تقارير : «أنصار الله» ترسم معادلة ردع جديدة

 



«صاروخ قصر اليمامة» يُدشّن مرحلة مختلفة من الحرب

 

 

استبقت حركة «أنصار الله»، أمس، دخول خطط «الغزو» الجديدة التي يُعدّ لها تحالف العدوان حيّز التنفيذ، بإطلاقها صاروخاً باليستياً على العمق السعودي، استهدف قصر اليمامة في الرياض. عملية دشّنت من خلالها الحركة معادلة ردع جديدة، قوامُها، بحسب ما أعلن قائدها، أن «مدى الصواريخ متوسع ومستمر»، وأن «اليد الطولى ستنال من أماكن أخرى»

 

 

مع تسارع المؤشرات السياسية والميدانية إلى اعتزام تحالف العدوان على اليمن إطلاق حملة تصعيدية جديدة تستهدف الاستفراد بـ«أنصار الله» وإخضاعها، جاءت الرسالة الصاروخية اليمنية إلى الرياض، أمس، لتدشّن مرحلة دفاعية أكثر تطوراً، وتثبّت معادلة ردع إضافية في مسار التصدي للعدوان المندلع منذ آذار/ مارس 2015، وتنبّه «التحالف» وحلفاءه الثابتين والمحتملين إلى أن أي مغامرة جديدة لن تكون بلا ثمن يتجاوز ما خَبِرته المملكة ومن معها خلال الأشهر الماضية.

 

 

بدا المشهد، ظهر الثلاثاء، مختلفاً عمّا سبقه من عمليات استهداف للعمق السعودي. انفجار يدوي في العاصمة السعودية تتناقل أنباءه الوكالات العالمية، وشهود يؤكدون للأخيرة تصاعد عمود دخان في الرياض. لم يكن الهدف إلا قصر اليمامة في أثناء اجتماع قيادات سعودية داخله، بحسب ما أعلنت حركة «أنصار الله». صحيح أن السلطات السعودية لم تعترف ببلوغ الصاروخ هدفه، مؤكدة اعتراضه جنوب الرياض، إلا أن الرسالة التي حملها «بركان H 2» لا بد أنها وصلت إلى أسماع المستهدفين بها. رسالة سرعان ما ظهّر خيوطها زعيم «أنصار الله»، السيد عبد الملك الحوثي، في كلمة له عصر أمس، بقوله: «مدى الصواريخ متوسع ومستمر، واليد الطولى ستنال من أماكن أخرى».

 

«معادلة الردع الجديدة» هذه، وفق ما سمّاها الحوثي، يأتي تدشينها بعد مرور ألف يوم من العدوان على اليمن. وهي مناسبة اختارتها القوة الصاروخية في الجيش واللجان الشعبية لتقول إن «ما بعد صمود ألف يوم مرحلة مغايرة لما قبل»، بحسب ما جاء في بيانها بشأن صاروخ قصر اليمامة. وأكد البيان أن «قصور النظام السعودي وكافة المنشآت العسكرية والنفطية في مرمى صواريخنا»، مشدداً على أن «المظلة الأميركية والحماية الدولية للنظام السعودي المجرم لن تمنع شعبنا من خوض غمار المواجهة».

 

 

الأمم المتحدة رداً على هادي: مكاتبنا لم ولن تغادر صنعاء

 

في المقابل، أعادت السعودية تكرار لازمة المسؤولية الإيرانية عن استهداف الرياض. إذ رأى المتحدث باسم «التحالف»، تركي المالكي، أن «استمرار الميليشيات في استهداف المدن بالصواريخ الباليستية دليل واضح على استمرار الميليشيات الحوثية، المدعومة من إيران، في استخدام المنافذ المستخدمة للأعمال الإغاثية في تهريب الصواريخ الإيرانية إلى الداخل اليمني». وأضاف المالكي أن «السيطرة على الأسلحة الباليستية ذات التصنيع الإيراني من قبل المنظمات الإرهابية يمثل تهديداً للأمن الإقليمي والدولي»، وأن «إطلاقها باتجاه المدن الآهلة بالسكان يُعدّ مخالفاً للقانون الدولي الإنساني».

تصريحات يشي الإصرار عليها بأن ما سيعقبها لن يغاير ما أقدمت عليه المملكة إثر استهداف مطار الملك خالد في الرياض في 6 تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي. حملة سياسية وإعلامية ودبلوماسية تستهدف تصعيد الضغوط الدولية على إيران، ظناً من السعودية أن ذلك سيحمل طهران على إلزام الحوثيين بوقف إطلاق الصواريخ على العمق السعودي. وعمليات جوية تبغي، حصراً، الانتقام، الذي أوقع خلال الأسبوعين الماضيين فقط 136 قتيلاً مدنياً، طبقاً لما أفاد به، أمس، المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، روبرت كولفيل.

 

هذا الإصرار، مع ما سيوقعه من ضحايا، لن يبقى من دون ردّ، بحسب ما جزم به زعيم «أنصار الله»، الذي توعد السعودية والإمارات بقوله: «أنتم تقصفون صنعاء ونحن نقصف الرياض وأبو ظبي. أنتم تعتدون على القصر الجمهوري في صنعاء وتصل صواريخنا الباليستية إلى قصر اليمامة بالرياض. أنتم تعتدون على منشآتنا الحيوية ونحن نقابلكم بالمثل»، مضيفاً أنه «كلما زاد طغيانكم سيقابله المزيد من ثباتنا وعزمنا وتصميمنا وابتكاراتنا لكل الوسائل الدفاعية». وفي إشارة إلى خطط «الغزو» الجديدة التي يُعدّ لها «التحالف» في ما يتصل بالساحل الغربي وصنعاء، أضاف مخاطباً القيادتين السعودية والإماراتية: «أنتم حمقى وجهلة وأغبياء، ولم تتعقلوا وتراجعوا حساباتكم رغم أنكم وجدتم أن المسألة صعبة». ولم يفت الحوثي تنبيه القيادات «المؤتمرية» التي يتكثف العمل، من قبل الرياض وأبو ظبي وحلفائهما في «الشرعية»، على استمالتها، إلى أن «الذي يساومك على موقفك ضد العدوان يساومك على حريتك وإنسانيتك وكرامتك»، داعياً «أي شخصية يتصل بها المنافقون ليساوموها على موقفها تحت أي عنوان»، إلى أن «تعي أنها أمام اختبار تاريخي». وشدّد الحوثي على «دعم الجبهات وتعزيز الوحدة الداخلية»، حاضّاً «مؤسسات الدولة على تحمل مسؤوليتها في تفعيل النقاط الاثنتي عشرة التي تحدثنا عنها».

 

في غضون ذلك، وفي أعقاب مطالبة حكومة الرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، المنظمات الدولية، بنقل مقارّ عملها إلى مدينة عدن، جنوب البلاد، أكد الممثل المقيم للأمم المتحدة في اليمن، منسق الشؤون الإنسانية، جيمي ماكغولدريك، أن «مكاتب الأمم المتحدة لم ولن تغادر العاصمة صنعاء، وسنبقى إلى جانب الشعب اليمني». وجدد، خلال مؤتمر صحافي عقده أمس في صنعاء، مطالبته بـ«فتح كل الموانئ أمام دخول المواد والسلع الأساسية للبلاد»، آسفاً لـ«عدم استجابة التحالف بقيادة السعودية لدعوات ومطالبات عدد من الدول الكبرى، بما فيها دعوات الولايات المتحدة الأميركية والمملكة المتحدة، إلى فتح كافة الموانئ في اليمن لدخول المساعدات الإنسانية». ونبّه إلى أن «22 مليون شخص في اليمن يعانون من أوضاع إنسانية صعبة، أي ما يقارب ثلثي السكان»، متابعاً أن «عدد الأشخاص الشديدي الاحتياجات وصل إلى أكثر من 11 مليوناً، بزيادة مليون عما كان عليه الوضع سابقاً».