تقارير : اليمن في هدوء حذر: عودة أجواء المفاوضات ... والتأهب العسكري باقٍ

 

في ضوء التطورات المتسارعة في اليمن، ثمة معطيات سياسية وعسكرية ترجّح أن تتصدر العملية السياسية المشهد، في محاولة للتطبيع مع الأمر الواقع، بأنّ الحرب لم تُحقق أهدافها مع اقتراب دخولها العام الرابع، وخصوصاً بعد فرض «أنصار الله» معادلة «ردع» جديدة بالصواريخ البالستية

 

ما بين «هواجس» سعودية وأميركية و«نصائح» روسية ومعلومات دبلوماسية، ثمة تحرك سياسي في سلطنة عمان للبحث عن مخرج مناسب للأزمة اليمنية. وتبدو عجلة المفاوضات هذه المرة بعيدة عن الخلافات التي تركزت في السابق حول التفاصيل وتراتبية الخطوات المقترحة بين السياسي والأمني، إذ يبدو هامش المناورة هذه المرة أضيق من أن يجعل المفاوضات تدور في فلك التعثر.

 

وفي فحوى بيان للكرملين، أول من أمس، عن اتصال بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والملك سلمان، ثمة رسالتان من موسكو تدعوان السعودية والولايات المتحدة إلى البحث عن سبل لتسوية الأزمة اليمنية بعيداً عن الحرب، إذ أعرب بوتين أولاً، «عن بالغ قلقه إزاء إطلاق حركة (أنصار الله) صاروخاً بالستياً باتجاه الرياض» في الـ 19 من ديسمبر، وثانياً، دعا إلى «تسوية الأزمة عبر وسائل سلمية من خلال الحوار الوطني».

 

الرسالة الروسية لم تكن بعيدة عن الأجواء في واشنطن، والتي بدت واضحة في عرضها تسوية سياسية للحرب على «أنصار الله»، شرط التوقف عن استهداف السعودية بالصواريخ البالستية، وتأكيد نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي، تيم ليندركينغ، أنه «لا حل عسكرياً للأزمة اليمنية»، في حين تسعى الإدارة الأميركية جاهدةً إلى تحسين صورتها «الإنسانية» مع تزايد الانتقادات الدولية وضغوط المنظمات الحقوقية، للسماح بدخول الإمدادات الإنسانية والسلع التجارية. ترجم ذلك فتح «التحالف» ميناء الحديدة اليمني لمدة شهر، بناءً على طلب وزير الخارجية ريكس تيلرسون الشهر الماضي.

 

 

وصول 22 فرداً من عائلة صالح إلى سلطنة عمان

 

 

الدعوة الروسية هذه، سبقها دعوة «إلى حوار وطني شامل في البلاد» على لسان المتحدثة باسم وزارة الخارجية، ماريا زاخاروفا، قبل عشرة أيام، بعد مقتل الرئيس الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، ما من شأنه قطع الطريق، بشكل مباشر أو غير مباشر على محاولات السعودية والإمارات استثمار تداعيات الأحداث التي شهدتها صنعاء بعد مقتل صالح، على الرغم من تعليق روسيا وجودها الدبلوماسي في اليمن، ومواصلة مهماته من الرياض.

 

وفي ضوء الضغوط التي تتسع رقعتها إلى أوساط البرلمانيين والرأي العام الغربي بسبب الجرائم التي تُرتكب في اليمن، تشير مصادر دبلوماسية في صنعاء إلى «مساعٍ لأجل فتح ثغرة في الجدار المرتفع أمام المفاوضات»، على الرغم من غياب مؤشرات على إمكانية حصول تنازلات جدية من الجانب السعودي لأجل الوصول إلى حل سياسي حقيقي. وتؤكد المصادر أنّ «الاتصالات جارية بهذا الشأن، ولكن لم ينجم عنها أي تفاهم بعد».

 

وتؤكد المصادر عودة سلطنة عمان على خط الوساطة بين الأطراف اليمنية، في محاولة لتحريك مسار المفاوضات التي توقفت منذ عام، وأن «حراكاً دبلوماسياً واتصالات تجرى حالياً في هذا الشأن». يأتي ذلك، بعد ما يقارب الشهر على مشاركة عمان اجتماعاً وزارياً حول اليمن، للمجموعة الرباعية (السعودية والإمارات وبريطانيا والولايات المتحدة) في 28 الشهر الماضي، لمناقشة «تدابير لبناء الثقة والعودة إلى طاولة المفاوضات»، على الرغم من غياب الطرفين اليمنيين سواء حكومة هادي أو «أنصار الله» وأنصار صالح عن الطاولة، ما يشي بأنّ الرغبة في العودة إلى المفاوضات خارجية بحتة.

 

في المقابل، تؤكد مصادر «أنصار الله» استمرار «الاستعدادات العسكرية لعمل كبير ضد صنعاء والحديدة، لكن هناك استعدادات وجهوزية عالية للمواجهة».

 

ميدانياً، تبدو الأجواء مهيأة لمفاوضات سياسية، إذ يخيّم هدوء حذر على جبهات القتال، وتراجعٌ في حدة المعارك، يعيد إلى الأذهان الهدن التي رافقت كل عملية سياسية، في حين تواجه الإمارات، بحسب المصادر «مشكلة في تجنيد الجنوبيين لمواجهة برية أوسع بعد الذي حصل في الخوخة وعلى الساحل الغربي».

 

إلى ذلك، أعلنت سلطنة عمان، أمس، وصول 22 فرداً من عائلة الرئيس السابق، علي عبدالله صالح، إلى أراضيها، كما قالت السعودية إنها هي التي سهّلت مرورهم إلى أراضي السلطنة، على الرغم من أن الأخيرة أكدت أن الإجراء تم بالتنسيق مع سلطات صنعاء.