الطائفة الوهابية امتداد لطائفة الخوارج

لا شك أن الطائفة الوهابية امتداد لطائفة الخوارج التي فارقت جماعة المسلمين وشذت عنها واتخذت لنفسها شعارا خاصا وعقيدة ظاهرها الإسلام وباطنها النفاق والكفر وقد ظهرت هذه الطائفة في عهد الخليفة الراشد رابع الخلفاء الراشدين الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه ورضي الله عنه على أثر قضية (التحكيم) المشهورة التي تبناها وخطط لها عمرو بن العاص أيام معركة صفين بين الإمام علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان بحجة أن قبول التحكيم من قبل الإمام علي كفر بالله وملائكته وكتبه ورسله … الخ.

وبناء على معتقدهم هذا سولت لهم أنفسهم وسوغ لهم الشيطان الرجيم إبليس لعنه الله أن يطلقوا ألسنتهم بتكفير الإمام علي بن أبي طالب وإعلان خروجهم عن جماعة الإسلام والمسلمين وحربهم لمن سواهم من المسلمين وولائهم واحترامهم لغير المسلمين من يهود ونصارى وكما سنورد الأدلة والشواهد والبراهين المادية القطعية على ذلك في ما يلي:

من خلال الأحاديث النبوية الصحيحة السند والمعززة بالآثار والروايات المدونة في كتب السنة النبوية المطهرة وكتب التاريخ المعتمدة بعون الله تعالى ومدده وهدايته وتوفيقه وإلهامه إنه على ما يشاء قدير وبالإجابة جدير وهو نعم المولى ونعم النصير.

وكون هذا البحث سيتضمن أهم عناصر التشخيص وأدلة التصوير والتوصيف أو الوصف الدقيق الذي تتبين أو تستبين منه الصورة الحقيقية الحية لهذه الطائفة الشاذة والخارجة عن جماعة المسلمين فقد ترجح لدي وبإلهام من الله سبحانه وتعالى أن أبدا أولا بإيراد الأحاديث النبوية المتعلقة والخاصة بوصف هذه الطائفة:

عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: بعث علي بن أبي طالب رضي الله عنه إلى رسول الله صلى عليه وآله وسلم من اليمن بذهبه لم تحصل من ترابها في أديم مقرونط فقسمها بين أربعة نفر بين عيينة بن بدر، والأقرع بن حابس، وزيد الخيل وعلقمة بن علاثة، فقال رجل من أصحابه: كنا نحن أحق بهذا من هؤلاء فبلغ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: ألا تأمنوني وأنا أمين من في السماء، يأتيني خبر السماء صباحا ومساء فقام رجل غائر العينين مشرف الوجنتين ناشز الجبهة كث اللحية محلوق الرأس فقال يا رسول الله اتق الله، فقال: ويلك: أو لست أحق أهل الأرض أن يتقي الله، قال: ثم ولى الرجل فقال خالد بن الوليد: يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال: لا لعله أن يكون يصلي، فقال خالد بن الوليد: وكم من مصل يقول بلسانه ما ليس في قلبه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم، ثم نظر إليه وهو مقف فقال: إنه يخرج من ضئضئ هذا قوم يتلون كتاب الله رطبا لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، قال أظنه، قال: لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل ثمود.

وعنه قال: بعث علي رضي الله عنه وهو في اليمن بذهبة في تربتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمها بين أربعة عيينة والأقرع وزيد الخيل وعلقمة فغضبت قريش فقالوا: أيعطي صناديد نجد ويدعنا فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إني إنما فعلت ذلك لاتألفهم فجاء رجل كث اللحية مشرف الوجنتين غائر العينين ناتئ الجبين، محلوق الرأس قال: أتق الله يا محمد فقال رسول الله صلى الله عليه وآله سلم: فمن يطع الله إن عصيته أيأمنني على أهل الأرض ولا تأمنوني، ثم أدبر الرجل فاستأذن أحد القوم في قتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: إن من ضئضئ هذا قوما يقرأون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، لئن أدركتهم لا قتلنهم قتل عاد (رواهما الشيخان والترمذي).

وعنه قال: بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقسم قسما أتاه ذو الخويصرة وهو رجل من بني تميم فقال يا رسول الله اعدل، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ويلك ومن يعدل إن لم أعدل فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله أتأذن لي فيه أضرب عنقه، فقال: دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شيء (1) ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء (2) ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء (3) ثم ينظر إلى قذذه فلا يوجد فيه شيء (4) سبق الفرث الدم (5) أيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة تدردر يخرجون على حين فرقة من الناس، قال أبو سعيد رضي الله عنه: فأشهد أني سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأشهد أن عليا بن أبي طالب رضي الله عنه قاتلهم وأنا معه فأمر بهذا الرجل فالتمس فأتى به، فنظرت إليه على نعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي نعت (رواه الشيخان والترمذي).

وعن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: إن بعدي من أمتي أو سيكون بعدي من أمتي قوم يقرأون القرآن لا يجاوز حلاقيمهم يخرجون من الدين كما يخرج السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه، هم شر الخلق والخليقة (رواه مسلم وأبو داوود) ولفظه: سيكون في أمتي اختلاف وفرقة قوم يحسنون القيل ويسيئون الفعل يقرأون القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية لا يرجعون حتى يرتد على فوقه، هم شر الخلق والخليقة طوبى لمن قتلهم وقتلوه يدعون إلى كتاب قال التحليق.

وعن عبيد الله بن أبي رافع رضي الله عنه أن الحرورية لما خرجت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه قالوا: (لا حكم إلا لله) قال علي: كلمة حق أريد بها باطل، إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: وصف ناسا إني لأعرف وصفهم في هؤلاء يقولون الحق بألسنتهم لا يجاوز حلقهم من أبغض خلق الله إليه، منهم أسود إحدى يديه طبي شاة أو حلمة ثدي فلما قتلهم علي وجده (رواه مسلم).

وعن زيد بن وهب الجهني رضي الله عنه وكان في الجيش الذي سار مع علي رضي الله عنه إلى الخوارج فقال علي رضي الله عنه أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يخرج من أمتي قوم يقرأون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية لو يعلم الجيش الذي يصيبهم ما قضي لهم على لسان نبيهم صلى الله عليه وآله وسلم لا تكلوا عن العمل أي لو يعلم الجيش الذي يقاتل هؤلاء ما له عند الله من الأجر والثواب في الآخرة لترك العمل اكتفاء بذلك وآية ذلك أن فيهم: رجلا له عضد وليس له ذراع على رأس عضده مثل حلمة الثدي عليه شعرات بيض فتذهبون إلى معاوية وأهل الشام وتتركون هؤلاء يخلفونكم في ذراريكم وأموالكم، والله إني لارجو أن يكونوا هؤلاء القوم فإنهم سفكوا الدم الحرام وأغاروا في سرح الناس (1) أي = أغاروا على مواشي الناس السائمة فنهبوها: فسيروا على اسم الله… الخ (رواه مسلم وأبو داوود).

قلت: ما أشبه الليلة بالبارحة أي ما أشبه الطائفة الوهابية وسلوكها وسيرتها وتصرفاتها ومواقفها من الإسلام والمسلمين: نعم ما أشبهها بطائفة أسلافها الخوارج- الذين خرجوا وشذوا عن جماعة المسلمين وأعلنوا عن تكفير خيرة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من المهاجرين والأنصار الذين رضي الله عنهم ورضوا عنه، وعلى رأسهم الخليفة الراشد الإمام علي بن أبي طالب رابع الخلفاء الراشدين بإجماع الأمة المحمدية هذا :وان كانت الأحاديث النبوية التي أوردناها في بحثنا هذا تنص على تشخيص طائفة الخوارج وبيان صفاتهم وسماتهم وعلاماتهم المميزة لهم عن غيرهم، فإن طائفة الوهابية منحدرة من سلالتهم دون شك أو ريب وتسير على نهجهم حذو القذة بالقذة شبرا بشبر وذراعا بذراع، ولم ولن تخرج أو تخالف عقيدتهم ومنهجهم قيد أنملة، كيف لا وكتب التاريخ شاهدة عليهم وعلى تصرفاتهم وسيرتهم وسلوكهم وتعاملهم مع المسلمين ومع غير المسلمين من اليهود والنصارى الذين يتخذون مع الله آلهة أخرى وكما قال الله عنهم “وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللّهِ وَقَالَتْ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللّهِ” فكم وكم سفكوا من دماء مؤمنة بالله مسلمة له في (أرض نجد والحجاز) وخاصة في أرض الحرمين الشريفين مكة المكرمة والمدينة المنورة، وكذلك حجاج بيت الله الحرام من أبناء الشعب اليمني المسلم وغيرهم، كما يروي ذلك التاريخ عبر مرحلة ومنذ ظهور هذه الحركة أو الطائفة- الوهابية والتي انتشرت ونشرت مذهبها اليوم في أكثر من بلد إسلامي وخاصة في اليمن الميمون ( شعب أنصار الله ورسوله محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم) والدين الإسلامي الحنيف والذين وصفهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بقوله (الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية).

ورغم ذلك لم تحسب هذه الطائفة لذلك أي حساب أو تجعل له أي قيمة دينية أو أدبية تجعلها تحترم أقوال النبي صلى الله عليه وآله وسلم فتقف عند ذلك وتكف الأذى عن أهل اليمن ووصفهم بما لا يليق بهم وخاصة تكفيرهم وإباحة دمائهم وأموالهم والطعن في دينهم وعقيدتهم الإسلامية السمحاء التي تركهم عليها الرسول الأعظم والنبي الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلاّ هالك) وخلاصة القول في الطائفة الوهابية هو : إن هذه الطائفة امتداد لطائفة الخوارج وليس إلا: وذلك لأنها منحدرة من أصلاب أولئك الأعراب الأجلاف الذين وردت أسماؤهم في الأحاديث النبوية الصحيحة السند، المدونة في كتب السنة النبوية الأصح سندا هما صحيحا البخاري ومسلم، كيف لا والله تعالى يقول في محكم كتابه العزيز القرآن الكريم :” لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ”.

(الأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَا أَنزَلَ اللّهُ عَلَى رَسُولِهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).

(وَمِنَ الأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ السَّوْءِ وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).

وإذا كان هذا وصفهم وكانت هذه هي علامتهم المميزة لهم عن غيرهم في القرآن الكريم والسنة النبوية الصحيحة فهل يبقى بعد ذلك أدنى شك لدى من كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد من المؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات في هؤلاء القوم بأنهم ليسوا هم المعنيين بما نصت عليه الآيات القرآنية الكريمة والأحاديث النبوية الشريفة، إنهم هم ولا سواهم وخاصة أنهم من أرض نجد موطن أسلافهم الذين وردت أسماؤهم في الأحاديث الصحيحة التي روتها جماعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بما فيهم من بشرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بالجنة، وليس أدل على أنهم هم وأسلافهم المعنيون من تصريحهم ومجاهرتهم ببغض الخليفة الرابع علي بن أبي طالب رضي الله عنه والذي قال عنه أبو سعيد الخدري رضي الله عنه: كنا نعرف المنافقين في عهد النبي صلى الله عليه وآله وسلم ببغضهم علي بن أبي طالب، قلت وكيف لا يبغضونه وقد جندل صناديدهم في أكثر من موقعة من مواقع الجهاد في سبيل الله في بدر وأُحد والخندق (الأحزاب) وحنين وفي ذي قرد المعروفة بغزوة أنمار في أرض نجد وفي بني قريظة وبني المصطلق وفي خيبر ووو … الخ.

وقد ابتلى الله شعب اليمن الميمون بخلايا أو شظايا من هذه الطائفة المنافقة، وهي في الحقيقة من أبناء الشعب اليمني ولكنها: تلقت دراستها عن هذه الطائفة ثم عادت إلى اليمن الميمون ونشرت ولا تزال تنشر مذهبها وعقيدتها الوهابية النجدية التي تكفر المسلمين وتفرق جمعهم وتجرهم إلى المهالك الحتمية والمهاوي السحيقة التي لا تبقي ولا تذر لهم من باقية يمكنهم بها التصدي لأعداء الإسلام والمسلمين اليهود والنصارى الطامعين في خيراتهم والطامحين للاستيلاء على بلدانهم ونهب ثرواتهم التي بها تقوم وتنتعش حياتهم الحرة المستقلة اجتماعيا وثقافيا واقتصاديا وعسكريا وسياسيا دون أية وصاية من أية جهة أجنبية نصرانية أو يهودية.