تقارير :قائد الثورة في خطاب الصمود: قادمون أقوى مما مضى

رَسَمَ قائدُ الثورة السيد عبدالملك الحوثي صورةً واضحةً لواقع العدوان الأمريكي السعودي وموقعه اليوم وما حقّقه الصمود اليمني من نتائجَ عظيمةٍ، في خطابه مساء، أمس الأحد؛ بمناسبة مرور ثلاثة أعوام من الصمود في وجه العدوان، الذي أثمَرَ بشكل رئيسي بحفظ كيان اليمن الذي سعى العدوانُ للقضاء عليه منذ اليوم الأول، لولا أنه واجَهَ مقاومةً لم يتوقَّعْها؛ ولذلك استهلَّ قائدُ الثورة خطابَه بتوجيه الشكر لأصحاب الفضل في هذا الصمود بالترتيب المنطقي.

وفقاً لقائد الثورة كان للعناية والعون الإلهي أولُ وأهمُّ وأكبر الفضل في صمود الشعب اليمني وصمود اليمن، وهو الفضل الذي تحقّق على أيدي الشهداء أولاً، والجرحى والأسرى ثانياً، ورجال الرجال المرابطين رغم المعاناة في جبهات الشرف والبطولة، ثم أسر الشهداء والجرحى والأسرى، وبعد كُلّ أولئك يأتي أبطال الموقف والصبر وهم كُلّ فئات الشعب اليمني وكل المرابطين في مختلف جبهات المواجهة غير العسكرية.

تعريفُ العدوان وأهدافه

في الجُزء الثاني من خطابه، جدّد قائدُ الثورة تعريفَ العدوان؛ بهدف إعادة توضيح طبيعة العدوان وطبيعة ما يواجهه الشعب اليمني. وفي هذا، أكّد قائد الثورة أن العدوانَ أمريكي بحت من حيث الأطماع والأهداف والغايات، وهو عدوان يحقّقُ مصلحة لإسرائيل. في تعريفه للعدوان، ينتقل قائد الثورة للتأكيد أن النظامَين السعودي والإماراتي بدرجة رئيسية هما القفازات التي استخدمها الأمريكي لتنفيذ العدوان وتمويله، وهما في هذا السياق يؤديان هذا الدور بالشكل المطلوب، ويأتي بعدهما الأنظمة الأُخْــرَى التي انخرطت في العدوانِ لأهداف متعددة؛ أملاً في الحصول على الرضا الأمريكي أَوْ المال السعودي.

يواصل قائدُ الثورة الإجابةَ على التساؤلات التي قد تتنامى إلى ذهن البعض، فيؤكد أن “هذا العدوان بإدارة وإشراف أمريكا ولولاها ما كان هذا العدوان، والنظامُ السعودي والإماراتي أحقر من أن يتجرأ في الدخول في هذا العدوان وهم مجرد قفازات للأمريكي في إجرامه”.

وإذا كان الأمر يحتاج لقراءة الظاهر من الأمر؛ كي لا تبقى الإجابة ناقصة، فقائد الثورة يشير في خطابه إلى حدود ما تعترف به أمريكا من مشاركة في العدوان والتي تؤكد أنها تقدم الدعم المعلوماتي واللوجيستي، وفي هذا أوضح قائد الثورة من الناحية العسكرية أن الدعم المعلوماتي يمثل ربع المعركة والدعم اللوجيستي يمثل بأقل تقدير ربع المعركة، فيما يبقى التنفيذ والتمويل على أدوات الأمريكيين على رأسهم النظامين السعودي والإماراتي ويتبعهما المرتزقة.

ثم لماذا تشن أمريكا العدوان على اليمن؟ هذا السؤال يجيب عليه قائد الثورة بأن أهدافَ أمريكا في اليمن تأتي في السياق الاستعماري والأطماع بالمواقع الاستراتيجية، سواء البحرية أَوْ غيرها، وكذلك باعتبار الشعب اليمني من وجهة نظر أمريكية يمثل خطراً على مشاريعه من خلال تمسكه بقضايا أمته ووعيه بخطورة المشروع الأمريكي الإسرائيلي. ولم ينَس القائد أن يذكرَ أن وقوفَ أمريكا وراء العدوان لا يُعفي النظامين السعودي والإماراتي من المسؤولية، فقد اختارا لنفسهما “بحماقة وغباء تقلد عار ووزر هذا العدوان”.

الشعب لا ينسى هوية العدو

في خطابه أمس، قدّم قائدُ الثورة توضيحاتٍ وتفسيراتٍ أُخْــرَى، إلى جانب ما سبق لأسباب تقديم الأمريكي لأدواته في العدوان على اليمن، موضحاً أن العدوَّ الأمريكي يسعى لحجب نفسه أمام الشعب اليمني والشعب العربي لينسوا أنه وإسرائيل العدو من خلال إشغال الشعوب بعداوات فيما بينهم، فهو يقول إن “أمريكا وإسرائيل تشكلان مشهداً تطغى عليه الأنظمة العميلة والجماعات التكفيرية حتى لا ترى الشعوب عدوها الحقيقي”.

ويبعث قائدُ الثورة رسالةً هامةً، أن “الشعب اليمني مهما عَظُمَت محنته لن ينسى أنه جزءٌ من أمة كبيرة”، وأن الشعب اليمني رغم تكالُب قوى العدوان عليه يتطلع من الأعلى لأمته ويقول لشعب فلسطين “أنا إلى جانبك أيها الشعب الفلسطيني ويقول لشعب البحرين ولكل الشعوب المستهدفة لا زلت حاضرا وأنا معكم وإلى جانبكم”.

أمام هذا الواقع الممزق في المنطقة لا ينقطع الأمل وفي هذا قال قائد الثورة “يوماً ما ستنبعث أمة واحدة وهذا هو المستقبل الحتمي لأمتنا”.

صمودُ اليمن.. قدوةُ العالم

كما قدّم قائدُ الثورة نقاطاً هامةً لثمرة صمود الشعب اليمني الذي حفظ كيان اليمن الذي سعى العدوان للقضاء عليه في أيام العدوان الأولى فقال إن “صمودَ شعبنا صمود مثمر، ولولا هذا الصمود لكان هذا العدوان طوانا من أول يوم، ولكنا في حالة من الهوان بلا مستقبل”.

هذا الصمود امتد ليكون مثالاً وقدوة لشعوب العالم يبعث فيها الأمل بالقدرة على التصدي لأكبر المؤامرات، ووفقاً لقائد الثورة “اليوم تتطلع الشعوب إلى صمود شعبنا نموذجا يحتذى به”.

ومن ثمار الصمود جانبٌ لا يشعر به من استمرأ العبودية حيث يؤكد قائد الثورة أن “الحرية والكرامة شعور لا يدركه إلا الأحرار، وأما الأذلاء والسافلون لا يعرفون شيئاً من ذلك”. وفي الخلاصة وفقاً للقائد فإن “من ثمرة صمود شعبنا أن اسم اليمن بقي ولم يتبعثر أَوْ يتلاشَ”.

فشلٌ متعددٌ للعدوان

لم يكن العدوان مجانياً ودون خسائر تلحق بقوى العدوان فالأمر عكس ذلك تماماً، وفي هذا يحدّد قائد الثورة ثلاثة أنواع رئيسية لخسائر العدوان على ثلاثة أعوام أولها الفشل الأخلاقي لقوى العدوان فكل يوم يمر هو يوم إضافي من القتل والإجرام الذي وصل إلى مرحلة أن يوصف من قبل مؤسّسات تتبع دول مشاركة أَوْ داعمة للعدوان بأنها “جرائم حرب”، وكذلك تشهد بذلك الأمم المتحدة رغم الموقف من دورها.

مالياً، أصبحت قوى العدوان على حافة الإفلاس، فقد صرفت مئات المليارات في عدوانها، سواء على الحرب أَوْ تقديمها لأمريكا، حيث رأى قائد الثورة أن الإدارة الأمريكية كانت دقيقة في مناسبة واحدة هي وصفها للسعودية بالبقرة الحلوب، فالرئيس الأمريكي “حلب البقرة”؛ لدرجة أن وضعها بات صعباً وباتت تعاني لدرجة أن السعودية وضعت أهم ما تمتلك ودعامة اقتصادها وهي شركة “أرامكو” للبيع في المزاد العلني.

وفي الجانب العسكري يُعيد قائدُ الثورة التذكيرَ بهزيمة العدوان في تحقيق أهدافه التي كان يعتقد أنها سيحقّقها في أيام أَوْ أسابيع، وكذلك خسائره البشرية التي تمثلت بمقتل وإصابة العشرات من جنوده وضباطه وبينهم قيادات عسكرية رفيعة.

تحالف دعم السخرية!

بمرور ثلاثة أعوام من العدوان، وانكشاف الحقائق بشكل غير مسبوق وباعتراف المرتزقة أنفسهم وقياداتهم ووزرائهم الذي بات بعضهم في المعتقل وبعضهم يعترف بأن النظام السعودي يحتجز الفار هادي، وبالتالي لم يعد ضمن أية حسابات الحديث عن شيء يسمى “تحالف دعم الشرعية”، وهذا ما عبر عنه قائد الثورة بعبارات ساخرة تتناسب مع سخافة تلك التسمية، فقال إن “واقع المناطق المحتلة في المحافظات الجنوبية يشهد على أن قوى العدوان ليست إلا قوى غزو واحتلال وأنه “من السخف أن يقال بأن هذا العدوان العالمي جاء من أجل هادي وحزب الإصلاح وبعض المكونات في الجنوب”.

تتصاعد اللغة الساخرة وليس الهزلية في خطاب قائد الثورة، مخاطباً المرتزقة ومَن لم يعِ الحقيقة بسؤال مفاده “هل تقدم أمريكا ما تقدمه ويدفع النظام السعودي والإماراتي مئات المليارات ويتكبدون الخسائر البشرية ويتحمل وزر العدوان والعبء الأخلاقي أمام العالم عن جرائمهم من أَجل أن يحكم هادي؟ أَوْ ليكون حزب الإصلاح في السلطة؟” إنها أسئلة يجيب عليها الواقع فيما يشير القائد إلى أنه “بعد ثلاثة أعوام انكشفت الأمور على نحو غير مسبوق ليرى الجميعُ أن اليمن يتعرض لعدوان وغزو واحتلال”، ويشهد على ذلك أن “قوى العدوان تعامل المرتزقة بإذلال ويصفعون على وجوههم وتستهدفهم الغارات إذا حادوا عن الأوامر”، بل وصل الأمر إلى القتل بالغارات والاعتقال.

قوى تتشرف بالعمال ومرتزقة بعقدة الحقارة

أكَّدَ قائدُ الثورة أن أمريكا وإسرائيل هما العدو الحقيقي للأمة، وأن الشعوب تعرف ذلك والأنظمة، لكن ثمة ما يمنع تلك الأنظمة من الوقوف في الموقف الصحيح، ومن جهة أُخْــرَى على المستوى المحلي تجد قياداتِ المرتزِقة نفسَها متعايشة مع واقعها المذل.

وفي هذا السياق قال قائد الثورة إن “قوى إقليمية فقدت كرامتَها حتى باتت ترى في أمريكا كُلَّ شيء، والعمالة لها مبعث شرف”؛ ولذلك تتسابق السعودية والإمارات على لعب دور الشرطي الأمريكي.

على الجانب الآخر لم تستوعبْ قياداتُ المرتزقة أنها يمكن أن تنالَ شرفَ الدفاع عن اليمن وأن تكون جزءً من مستقبله واستقلاله؛ ولذلك فإن تلك القيادات لا تستجيب للدعوات الموجهة إليها للعودة والشراكة في يمن قوي، والسبب وفقاً لقائد الثورة أن “عُقدة الحقارة لدى البعض تمنعهم أن يكونوا معنا شركاء في مواجهة العدوان، وشركاء في بناء البلد سواء بسواء” وأيضاً لأن “البعضَ لم يستوعب بعدُ أن نكون بلداً حراً، ولا زالوا يتعللون بأمريكا والسعودية والإمارات”.

كُلّ ذلك الخذلان الذي يعيشُه المرتزقة لم يتوقف عند الإذلال وقراءة الشواهد رغم أن بعضَ قيادات المرتزقة تعترفُ على خجل بحقيقة العدوان بقولها إن “التحالف يحيد عن الأهداف وأن هناك ممارسات احتلال”، ذلك الخجل يقابله قائد الثورة بالتأكيد الصريح على أنه عدوانٌ واحتلال فعلي، مضيفاً أن “وضعَ الدولة منعدم في المحافظات الجنوبية المحتلة، والمحتل مستمر بدفع الجنوبيين للاقتتال فيما بينهم، ولمحارق في مواجهة الجيش واللجان الشعبية”.

 

لا تراجعَ عن الصمود والقادم أقوى

في تقييمه للنتائج التي تحقّقت، يؤكد قائد الثورة أنه لا تراجع عن الصمود ويعبر عن ذلك بالقول “لسنا نادمين على ما قدّمناه من تضحيات، والمسألة ليست عندنا للمساومة، فهي مسألةُ كرامة وحاضر ومستقبل”، ويعبر عن سبب ذلك الموقف قائلاً “نحن نؤمن أنه يجب علينا شرعاً أن نواجه هذا العدوان الظالم”.

ويدشّن قائدُ الثورة العامَ الجديدَ من المواجهة بالقول “قادمون للعام الرابع بمنظوماتنا الصاروخية والمتطورة والمتنوعة التي تخترق كُلّ أنواع أنظمة الحماية الأمريكية”، ويضيف في الاتجاه ذاته “قادمون للعام الرابع بطائراتنا المسيّرة وعلى مدى بعيد، وبتفعيل غير مسبوق للمؤسّسة العسكرية”.

في الختام كما البدء فالاعتمادُ الرئيسيُّ على الله الذي كان له فضلُ ما سبق، وفي ذلك يؤكد القائد أننا كشعب يمني “قادمون للعام الرابع ورهانُنا على الله وحدَه، آملين منه التأييدَ والنصر”.