إلى متى ستبقى الطائرات السعودية تقتل الناس في اليمن؟

 

بكيتُ حيث بكى الطفل الذي أبى أن يفارق أباه بعد أن توفّي جراء غارة جوية نفذتها طائرات المملكة العربية السعودية على حفل عرس في اليمن وتحديدا في الحديدة، ولكن البكاء لا يجدي وهو أضعف الإيمان حين نرى الظلم يقسو على أطفال ليس لهم إلا البراءة على وجوههم، كيف عرف الطفل أن أباه مات وليس نائما، كيف أدرك الطفل بحسّه أن الغارة كانت أقسى، كيف استطاع العالم أن يستوعب الحدث والحادثة، إنه أمر مؤسف جدا، لا أدري إلى متى ستبقى السعودية تقتل الناس في اليمن؟ لا أدري إلى متى ستظل حقوق الإنسان منتهكة في اليمن، لا أدري ما الذي نقدر عليه ونحن نرى على شاشات التلفزة ما يجري، أيها العالم استيقظ، أيها العالم سيقتص منك الطفل الذي حرمتموه أباه، وسيبقى الطفل منتقما إلى حين من الوقت، سيأخذ ثأره يوما، أدرك الطفل أن أباه قد توفي، وأن أباه لن يقوم، وأنا أباه سيوارى الثرى، وأنه سيعيش يتيما، وأنه لن يسعد يوما لأن فقد أجل ما يملك في مشهد قاس ومرعب.

 

جرى هذا المشهد بين أظهرنا وبين أعيننا، ولكننا عاجزون، عاجزون حتى على التأسف لهذا الطفل وغيره، عاجزون أن نقول للسعودية كفّي عن جرائمك في اليمن، ووزيرة بريطانية تصرّح بأن بريطانيا لن توقف بيع الأسلحة للسعودية، فما هذا الهراء وهي التي تدافع عن أطفال سوريا من التعرض للاعتداء، إنه الخرف السياسي التي تعاني منه كثير من دول العالم، وإنه الجرم الكبير الذي ترتكبه هذه الدول، هل نعيش اليوم عصر ياجوج وماجوج المفسدون في الأرض؟ هل نعيش فصلا جديدا من العولمة التي قصمت ظهرنا، هل نعيش القتل وكأنه سنّة مؤكدة، ما الذي حلّ بالبشر؟ ما الذي حلّ بالدول؟ إنها الكارثة العظمى حينما تختفي المبادئ والقيم، وحينما تتصدر المصالح وتُنتهك الذمم، إنه لا سلام بعد اليوم في قطعة وفي شبر من الأرض، لم يعد السلام هو العنوان بل الدماء هي المكان.

 

ما جرى في اليمن وما يجري في كل بقاع العالم، أمر يدعو للدهشة والتأمل، ليس من حق السعودية أن تفتك بالبشر من أجل أن تشتري السلاح من أمريكا وبريطانيا، وتجرّبها في اليمن على رؤوس الأبرياء، ولماذا يسكت مجلس الأمن عن مثل هذه الجرائم البشعة والمروّعة، لماذا يخفي ملفات تحت الطاولة وملفّات أخرى يبرزها كأنها الجريمة الأولى رغم أن الجرائم في اليمن لا تقلّ أهمية من الجرائم في العالم الإسلامي الآخر، هل صار القتل نغمة سياسية أم لعبة اقتصادية، فأي عالم نعيش اليوم، عالم مليء بالمتناقضات والمروّعات والمذلّات.

 

لا بد من وقفة حازمة في وجه السعودية التي يبدو أنه لا يوقفها شيء، لا إدانة عربية ولا إسلامية، حتى علماؤها أجبرتهم على القول الذي تريده، بعد أن دكّت بصفوفهم الواحد تلو الآخر ليعلن إمام الحرمين الشريفين أن لعبة البلوك حلال بعد أن كشّر عن أنيابه أيام كان حييًّا ويعدّها من المحرّمات وماذا يقول عن النساء اللائي يكشفن عن وجوههن ويلبسن الجينز ويتفاخرن بالحرّية المطلقة، وماذا عن هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التي استبدلت بهيئة الترفيه، أتستبدلون الذي هو أدنى بالذي هو خير، مالكم كيف تحكمون، وماذا عن إمام الحرمين حين يمجّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ويعتبره من الإصلاحيين وهو الذي شهد له أقربوه بالفساد الخُلقي والمالي والسياسي، تلك هي السعودية التي تقصف اليمن دون هوادة طمعا في احتلالها وصدّا لإيران حسب زعمها، فهل يقاتل الإيرانيون في اليمن حسب زعمها؟، وهل تمد إيران الحوثيين بالسلاح حسب ظنها، إنها القيامة في اليمن هذا البلد الذي لم ير الحرية منذ أن بدأت عاصفة الحزم وإعادة الأمل، وإلى متى يستمرّ هذا النزيف الدموي الكئيب؟

 

على علماء الأمة مسؤولية كبيرة أن يقفوا ضد من يقتل، وضد من يبيح القتل، كفّروا الوهابية لأنها تبيح قتل من يعارضها، وتحاول أن تقطع أواصره، ولما اتهموهم بالإرهاب قالوا إنا برآء من الوهابية ولعن الله من أوجدها، وكل شيء صار حلالا رغم أن الأجيال تربّت على هذا المنوال، واليوم هم يقتلون الأبرياء تحت مسمى آخر، صدّ إيران أو السيطرة على مقدرات اليمن، مالكم أنتم واليمن، اتركوه لشعبه، اتركوا الشعوب تختار من تشاء، فلستم مسؤولون عنهم إلى يوم القيامة، ولكن أقول آخر كلمة في هذا المقال، من حفر جبّا لأخيه وقع فيه.

 

abuadama-ajim4135@hotmail.com

 

نقلاً عن رأي اليوم