وفاة الجنرال جياب «قاهر الأمريكان» وبطل استقلال فيتنام

اعلن يوم امس، 4 اكتوبر/ تشرين الثاني، عن وفاة الجنرال الفيتنامي فو نجوين جياب، مهندس انتصارات فيتنام العسكرية التي اذهلت العالم في معاركها ضد فرنسا والولايات المتحدة الامريكية وحليفتها الآسيوية اليابان.
الجنرال الثوري "جياب" الذي توفي عن عمر يناهز ال 102 من الاعوام، ينظر اليه واحدا من أعظم الاستراتيجيين العسكريين في التاريخ، وهو الذي اعتبر الانتصار على جيوش الغرب الاستعمارية بأنها بداية الحضارة العالمية.

الجنرال "جياب" الذي كان يعتمد في تكتيكاته العسكرية على ضرورة الحصول على الدعم الشعبي وتوفر العزيمة لخوض حرب طويلة، كان مكان احترام وتقدير عاليين بين الفيتناميين لم ينازعه عليها كما يذكر سوى قائد فيتنام الثوري الراحل "العم" "هو شي منه".

ولد "جياب"، بطل استقلال فيتنام، في 25 أغسطس 1911 في قرية بوسط ولاية كوناج بنه الفيتنامية، وتعلم درسه العسكري الأول كما تذكر الروايات، من موسوعة قديمة حول آلية عمل القنبلة اليدوية.

كان يتحدث الفرنسية بطلاقة، ودرس الاقتصاد السياسي في هانوي قبل أن يعمل مدرسا للتاريخ والأدب في إحدى الكليات، وعمل صحفيا سريا، وكان عضوا في حزب الهند الصينية الشيوعي.
فر الجنرال جياب إلى الصين في عام 1939؛ حيث التحق بالقائد الثوري "هو شي منه" الذي كان يخطط للقيام بالثورة من منفاه.

اما زوجته التي بقيت في فيتنام مع ابنها الصغير فقد توفيت لاحقا في سجن فرنسي. وكانت هذه بمثل مأساة شخصية أشعلت غضبه ضد الاستعماريين.
عاد الجنرال "جياب" مع "هو شي منه" إلى غابات فيتنام الشمالية في 1941 ليدرب جيشا من الجنود الفلاحين الثوريين ويؤسس "فيت منه". واتبع جياب تكتيكات حرب الميليشات بإلهام من "ماو تسي تونج".

وتمكن جياب عن طريق هذه التكتيكات، من تحقيق النصر على الجيوش الفرنسية والأمريكية، وكتب في إحدى مذكراته العديدة "أن حرب العصابات هي حرب الجماهير العريضة في بلد متخلف اقتصاديا ضد جيش عدواني جيد التدريب".

وأعلن هو شيه منه أول حكومة له في 2 ايلول/سبتمبر 1945 وعين جياب وزيرا للداخلية وقائدا للجيش وبعد ذلك وزيرا للدفاع.

وأجبر الرجلان الثوريان على العودة إلى الغابة عندما أعادت القوات الفرنسية فرض الحكم الاستعماري بعد الحرب العالمية الثانية، ما أدى إلى اندلاع نزاع استمر 9 سنوات وانتهى بمعركة "ديان بيان فو" الشهيرة.

وقعت معركة "ديان بيان فو" التي اعتبرت الحاسمة في حرب الهند الصينية، عام 1954م، بين الفيتناميين الشيوعيين الذين أطلق عليهم اسم الفيت منه، وفرنسا، حيث هُزم فيها الفرنسيون، وتخلوا عن مستعمراتهم في الهند الصينية.
وبذلك أصبح جياب أول قائد عسكري في آسيا يتمكن من هزيمة إحدى القوى العسكرية الرئيسية الغربية.

وقال جياب لاحقا "لقد كانت تلك أول هزيمة عظيمة للغرب هزت أسس الاستعمار وجعلت الناس يقاتلون من أجل حريتهم. لقد كانت تلك بداية الحضارة العالمية".

وبقي جياب قائدا للجيش طوال النزاع مع الأمريكيين ومع نظام فيتنام الجنوبية الموالي للولايات المتحدة، والذي تحول إلى حرب شاملة بدأت في 1965 وانتهت بهزيمة ودحر الامريكيين عام 1975 ووحدة فيتنام، وأدت إلى مقتل 58 ألف أمريكي وثلاثة ملايين فيتنامي على الأقل.

وأدى سقوط سايجون في 30 أبريل 1975 إلى إضفاء هالة أسطورية على "جياب" في العالم كاستراتيجي عسكري محنك، ما ألهم العديد من الحركات التحررية في العالم.
قال رئيس جنوب إفريقيا ثابو مبيكي في 2007 "أثناء نشأتنا مع نضالنا كان الجنرال جياب واحدا من أبطالنا القوميين".
  جياب الذي اشتهر برسم خطط حروب الكر والفر والعمليات الفدائية التي تمكن من خلالها من هزيمة قوات تفوقه عددا وعدة، نشر له عدة كتب عن التخطيطات العسكرية.
وخلف جياب، الذي عاش سنواته الثلاث الأخيرة في المستشفى العسكري، وراءه زوجته "دانج بيتش ها" التي تزوجها عام 1949، وأربعة أولاد

كتبت الدايلي تلغراف البريطانية بمناسبة وفاته: كان قائدا عسكريا فذا، وخبيرا متميزا في الخطط الحربية، كسر أنف جيوش فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وأخرجها من بلاده.