بيان صادر عن مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان حول قرار الحكومة بإلغاء الدعم عن المشتقات النفطية

تابع مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان القرار الحكومي بإلغاء الدعم عن المشتقات النفطية .. وبالقدر الذي يجد فيه مركز اليمن  هذا القرار إجراء لوقف الفساد المرتبط بتهريب المشتقات النفطية .. إلا أننا في ذات الوقت نود أن نسجل التالي:

أولا:  لقد كان على الحكومة أن تقوم بوضع إجرائها هذه ضمن مصفوفة تتضمن مكافحة حقيقة للفساد والفاسدين ليس في مجال تهريب مشتقات النفط فقط ، ولكن في مجال استخراج النفط وبيعه والعلاقة مع الشركات المنقبة والخدمية المرتبطة .. وكذا في مجال استخراج الغاز واتفاقيات بيعه والتصرف فيه.

ثانيا: لقد تضمنت مخرجات مؤتمر الحوار الوطني قرارات وخطوات هامة تتعلق بمكافحة الفساد والفاسدين الذين يعبثون بالمال العام ويستغلون الوظيفة الحكومية ونفوذهم في المجتمع، وكان يفترض أن يترافق مع الإجراء الحكومي هذا  بإلغاء الدعم إجراءات جادة في تنفيذ ما تضمنته وثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني في مجال مكافحة الفساد والفاسدين وحماية المال العام والوظيفة العامة واحترام حقوق الإنسان.

ثالثا:  أن المصفوفة التي صدرت عن رئاسة الجمهورية والمتضمنة مجموعة من الإجراءات لن تجد طريقها للتنفيذ لغياب الخطوات والإجراءات التنفيذية الواضحة والجهات الموكل لها متابعة ومراقبة التنفيذ ، والتي يفترض ان تكون لمنظمات المجتمع المدني حضور واسع فيها .

رابعا: لقد كان يفترض أن تترافق مع الإجراء الحكومي من رفع الدعم عن المشتقات النفطية إجراء بتحسين أوضاع الموظفين والعمال ، والمشمولين بالضمان والرعاية الاجتماعية لكبار السن والأسر الفقيرة وأطفال الشوارع ( بعد إعادة مراجعتها وضمان خلوها من الفساد والأسماء المضافة غير المستحقة ) وإجراء يضمن منح المنضوين في جيش البطالة إعانة شهرية لمساعدتهم على مواصلة الحياة الإنسانية بكرامة سيما وأنهم  شباب وشابات المستقبل ، ويمثلون اكبر وأهم وأغلى رأسمال للبلد ، - كما يتردد في الخطابات الرسمية -  وهم بالفعل كذلك لكن ما يعانون وما يرافق ذلك من صمت رسمي يبعث على الاستياء وعدم مصداقية الخطاب الرسمي أبدا.

خامسا : إن القرار الحكومي برفع الدعم عن المشتقات النفطية بصدوره هكذا دون إجراءات حقيقية واثقة لمكافحة الفساد والفاسدين وإحالة من كانوا وراء المتاجرة والتهريب للمشتقات النفطية ودون إرفاقه بخطوات لتحسين أوضاع الموظفين والعمال والجنود من وأفراد القوات المسلحة والأمن وإعانة الشباب والشابات الذين لم يجدوا مجالا للوظيفة  والعمل رغم مرور سنوات على تخرجهم وإنهائهم لدراساتهم  

سادسا : لقد جاء قرار الحكومة بإلغاء الدعم دون أن يشمله إجراء بوقف صرف ( علاوات أو نفقات بنزين السيارات ) والتي تمنح وتصرف لكبار موظفي الدولة وأعضاء مجلسي البرلمان والشورى ، والقادة العسكريين ومن في شاكلتهم .. وإعادة النظر في أجورهم ومرتباتهم وامتيازاتهم المالية المختلفة .

** وهنا نود أن نسأل ونتساءل .. 

 

* هل يعلم أصحاب القرار الحكومي وأحزابها  أن نفقات انتقال الطالبات والطلاب من مساكنهم إلى مواقع دراساتهم ستكلف مبالغ ﻻ طائل وﻻ مقدرة لمعظمهم في توفيرها .. وان ذلك سيؤدي بالكثيرين التوقف عن مواصلة دراساتهم .. (في محافظة عدن أنموذجا واضحا  لذلك ) .

* وهل يعلم أصحاب القرار الحكومي- آنف الذكر - أن نفقات انتقال صغار الموظفين والعمال والجنود من منازلهم إلى مواقع عملهم سيحتاجون اقل ما يمكن تحديده (بين 15 إلى 20الف ريال ) في الشهر الواحد .. فإذا كان راتب خريج الجامعة 45الف ريال ، فان عليه أن يدفع نصف هذا الراتب نفقات انتقال ...!.

* ألم يراعي صناع وواضعي هذا القرار كل هذه اﻻعتبارات والمشكلات عند وضعهم وإصدارهم لهذا القرار ... أم أن عذرهم أنهم لم يأخذوا اثر ذلك على محدودي الدخل والفقراء.. وهذه ستكون المصيبة اﻷكبر واﻷعظم .. وهنا تبرز أهمية ما نؤكد عليه وما أكد عليه مؤتمر الحوار الوطني في مخرجاته  بإشراك منظمات المجتمع المدني عند اتخاذ مثل هكذا قرارات ذات علاقة  بالمجتمع وحقوق اﻻنسان .

 

    كما سبق القول وتأكيدنا في بداية بياننا هذا بأننا لسنا ضد اﻻجراء والقرار من حيث المبدأ لكننا مع هكذا إجراء وقرار برفع الدعم ووقف النهب والتهريب والفساد فيه ..  لكننا نرى أنه كان ﻻبد أن يدرس أكثر ويستوعب آثاره والمشكلات  المجتمعية كاملة وتوضع لها الحلول والمعالجات بوجه خاص ،   على المجتمع  ومحدودي الدخل  والفقراء ، ويترافق معه خطوات في تنفيذ مخرجات الحوار ذات العلاقة بمكافحة الفساد وقيام الحكم الرشيد ..   

 

** إن قرار حكومي بهكذا كما صدر لا يمكن تفسيره إلا انه جاء دون دراسة حقيقية لمسار العملية السياسية والاقتصادية التي حددها مؤتمر الحوار الوطني من خلال مخرجاته التي يمكن باحترام تنفيذها يمكن وضع حلول شاملة لكل مشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية دون انتقائية مدمرة ومربكة للعملية السياسية ومسار الإصلاحات السياسية والاقتصادية.

إن مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان من منطلق دوره وواجباته في تبني قضايا المجتمع وفي حماية حقوقه ومصالحه ومن منطلق حرصه على تحقيق تنفيذ مسار العملية السياسية والاقتصادية بما يحقق أهداف بناء الدولة المدنية الديمقراطية الحديثة وقيام الحكم الرشيد كما رسمته مخرجات مؤتمر الحوار الوطني يدعو إلى إعادة النظر بالقرار الحكومي بما يضمن عدم تحويله إلى تحميل كل الأعباء على المواطنين وبقاء الفساد والفاسدين يواصلون منهج إفشال مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وإفشال أهداف  التغيير و التحولات الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وبناء الدولة الديمقراطية المدنية الحديثة والحكم الرشيد التي قدم الشباب والشعب تضحيات مجيدة لتحقيقها . والله الموفق.

 

 

صادر عن مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان

عدن : 1 أغسطس 2014