ثلاث سنــوات عــجاف .. هل كان هادي رئيسا؟ ( تقرير)

• السنواتُ التي حكَمَ فيها عَبْدُربه منصور هادي الـيَـمَـنَ كانت الأسوأَ في تَأريخ البلاد، ومضت بلادُنا نحو الانهيار السياسي والاقتصادي والأمني بشكل متسارع من يوم إلى آخر.
وخلالَ فترة حكمه لم يضَعْ هادي حجرَ الأساس على أي مشروع، وتكبَّدت خزينة الدولة خسائرَ طائلة، كما تعرضت أبراجُ الكهرباء وأنابيب النفط لاعتداءات متواصلة، وتعرَّضت المؤسستان الأمنية والعسكرية لتدمير ممنهج، وسمح هادي للخارج بالتدخل المباشر والمريح في الشؤون الداخلية وتنفيذ كُلّ مخططاتهم وأجندتهم.

خسائر اقتصادية
وفي السنوات الثلاثة الماضية لحُكم هادي تكبد الاقتصادُ الوطني والموازنة العامة للدولة ما بين عامَي 2012-2014 أكثر من 6 مليارات دولار، حسب الدراسات الاقتصادية؛ وذلك بسبب التخريب المتكرر لخطوط نقل النفط والغاز وشبكات الكهرباء.
وأظهرت بيانات رسمية أن احتياطات الـيَـمَـن من النقد الأجنبي انخفضت عام 2014 نحو %2.8 في أكتوبر، مقارنة مع الشهر السابق لتصل إلى أكثر من 4 مليارات دولار.
وقال البنك المركزي الـيَـمَـني في بيان له: إن احتياطي النقد الأجنبي تراجع؛ بسبب استمرار تعرُّض خطوط أنابيب النفط لهجمات وتراجع التدفقات النقدية من المساعدات الخارجية والاستثمارات الأجنبية وإيرادات السياحة.
وفي جانب الاتصالات تكبَّدت المؤسسة العامة للاتصالات خسائرَ فادحة جراء الاعتداءات التخريبية على الكابلات خلال النصف الأول من العام 2013م تجاوزت المليار ريال.
واحتلت بلادُنا في العام 2013 الترتيبَ الثاني في أسوأ البلاد اقتصادياً على مستوى العالم، حيث انتشر الفسادُ في معظم مؤسسات الدولة دون أدنى رقابة أو محاسبة من الجهات المسؤولة.
وبحسب البيانات الرسمية فإن فسادَ وزارة الدفاع خلال حكم هادي بلغ في سنة واحدة فقط حوالي 4 مليارات و208 ملايين ريال، كما كشفت وثائقُ حصلت عليها "صدى المسيرة" عن مبالغ مالية كبيرة دفعتها وزارة الدفاع للجان الشعبية التي شكَّلها هادي في الجنوب، حيث صرف حوالي 4 مليارات و188 مليون ريال لعام 2013 فقط.
هروبُ الاستثمار وتوقف مشاريع كثيرة
وأثناء فترة حُكم هادي للـيَـمَـن لم تشهد البلاد أيَّة مشاريع استثمارية، كما تعطلت وتعثرت الكثير من المشاريع، وانتقل الكثير من العُمَّال إلى رصيف البطالة.
وكشف نائبُ رئيس مجلس إدارة الغرفة التجارية الصناعية بأمانة العاصمة محمد محمد صلاح لوسائل اعلامية ومنها صحيفة الثورة الرسمية عن مغادرة 181 شركةً استثماريةً من الـيَـمَـن في الآونة الأخيرة؛ بسبب الصعوبات المتفاقمة التي تواجه البيئة في الوقت الراهن.
وأوضح صلاح أن إجمالي قيمة رأس مال وممتلكات تلك الشركات المغادرة وصل إلى نحو 7 مليارات دولار، وأن 90% منها مملوكة لمستثمرين يمنيين، فيما الباقي يمتلكها أجانب.
وخلال فترة حكم هادي للـيَـمَـن تعثرت الكثير من المشاريع الاقتصادية والخدمية عن أمانة العاصمة وبقية المحافظات، حيث توقف العملُ في مشاريع الطرق والجسور في أكثر من محافظة، ففي أمانة العاصمة توقف استكمال جسور العاصمة، وحتى الآن ما زالت متعثرةً وتسعى اللجان الثورية لاستكمالها.
كما تعثَّر طريق (رصد- باتيس) الممولة من دولة قطر بـ 40 مليون دولار والذي سحب منه 19 مليون دولار، ومشروع طريق (المكلا - سيحوت) المموَّل من الصندوق العربي للإنماء بمبلغ 19 مليوناً و851 ألف دولار وسحب من مخصصاته نحو 4 ملايين و813 ألف دولار، إضافةً إلى مشاريع طرق مثل (ذمار - الحسينية) و(مشرعة وحدنان) والخميس كـ"عيدنة قفل شمر" و"الطويلة وادي لاعة المرحلة الثانية.
كما تم توقيفُ مصنع اسمنت البرح في عام 2012 الواقع في مدينة تعز والذي يضم 800 موظف، كان ذلك في بداية تولي هادي حكم الـيَـمَـن، ولم يستطع هو وحكومته احتواءَ هذه الكارثة الاقتصادية..
ولم يستطع نظام هادي فتحَ أية مشاريع اقتصادية وتنموية خلال فترة حُكمه، بل ساهم في توقيف وتعثُّر المشاريع التنموية، ولم يستطع إعادة تشغيل المصانع التي تم إيقافُها مسبقاً، بمعنى آخر لا يوجدُ أيُّ جديد في الجانب الاقتصادي في حكم هادي، وإنما أوصل الاقتصادَ الـيَـمَـني إلى الهاوية.
وفي جانب الدعم الخارجي لم تلتزم حكومةُ هادي بالوفاء بشروط المانحين الذين حدّدوا في منحهم المالية فترة معينة لاستكمال تنفيذ المشاريع الاقتصادية والخدمية، إلا أن نظامَ هادي لم ينفذ المشاريع الاقتصادية رغم التمويل المقدَّم من الخارج، الأمر الذي جعل الدول المانحة تهدد الحكومة الـيَـمَـنية بسحب دعمها وتحويلها للمشاريع التي تقومُ بتمويلها ما لم تلتزم الحكومة بالزمن المحدد للانتهاء من المشاريع التي مُوِّلت من قبلهم خلال فترة أقصاها سنتان، وهذه الفترة مرت بدون أن يفيَ نظام هادي هذه القضايا الاقتصادية الحساسة.
كما لجأت حكومة الوفاق بإشراف الرئيس هادي إلى سحب مبالغ مالية كبيرة من عدة قطاعات إيرادية للهروب من شبح الإفلاس الكُلي لخزينة الدولة، حيث تم سحب 250 مليون دولار من مصانع الاسمنت والهيئة العامة للطيران والهيئة العامة للتأمينات وهيئة النفط الاستثمارية وشركة الغاز وشركة يمن موبايل ودائرة التأمين التقاعدي العسكري وهيئة الموانئ، وهي عبارةٌ عن ضمانات وأقساط وتأمينات ونفقات تشغيلية لتلك الجهات، ورغم ذلك لم تقدم شيئاً ينقذ الاقتصادي الـيَـمَـني من الانهيار، بل ساهمت في انهياره وتفاقم الأزمات على مختلف الأصعدة.
وفي ذات الفشل الاقتصادي أهمَلَ نظامُ هادي منفذَ الطوال البري رغم توفيره 25 مليار ريال سنوياً، وذلك وفق تقرير برلماني صدر في العامين المنصرمين.
وفي تقرير حكومي وصلَ عددُ عمليات تهريب المشتقات النفطية خلال فترة حكم هادي إلى المئات، ولم يتم اكتشاف سوى 14 عملية تهريب، ومع ذلك أفلت المهربون وعادوا من جديد لعملية التهريب، واستمرت المشكلة ولم تستطع الدولة والحكومة منعها.
وفي جانب الأصول التَّأريخية للبلد شهد حكمُ هادي عمليات تهريب الآثار بشكل كبير لتصل إلى ما يقارب 55 عملية.
وفي الجانب الجمركي والضريبي بلغَ عددُ عمليات التهريب الجمركي والضريبي أكثر من 200 عملية، الأمر الذي جعل خزينة الدولة تتراجع في إيراداتها بمئات الملايين وبمشاركة المتنفذين وبإشراف الحكومة وإهمال نظام هادي الذي ترك الوضع متسيب بشكل مفرط دون فرض الرقابة ولم تقدم الحكومة دورا إيجابيا في ضبط المخالفين وتقديمهم للعدالة وما خفي كان أعظم.

جرع ووضع انساني بائس
وازدادت الأوضاع في عهد هادي وحكومة الإصلاح سوء من يوم إلى آخر، وظل المواطنون شهوراً كثيرة وهم في طوابير بحثاً عن مادتي البترول والديزل وتفاقمت المعاناة في شهر رمضان المبارك.
ولم تشفع تلك المعاناة لهادي بتخفيف العبء عن المواطنين، بل سارع إلى إعلان الجرعة الاقتصادية ورفع الدعم عن المشتقات النفطية، ليصل سعر الدبة البترول من 2500 ريال إلى 4000 ريال، حتى قامت الثورة وتمكنت من إيقاف الجرعة وإعادة دبة البترول إلى 3000 ألف ريال.
وأدَّى توقُّفُ الكثير من المشاريع والوضع الأمني المتدني خلال فترة حكم هادي إلى تسريح ما يقارب 140 ألف عامل يمني يعملون في قطاع السياحة وضرب الجهود الترويجية في المحافل السياحية والمعارض الدولية وخسارة ثمار الإنفاق الكبير على أنشطة التسويق والترويج في الخارج فضلاً عن التسبب في استمرار ومضاعفة الخسائر المتلاحقة في مصاريف تشغيل المنشآت السياحية خلال السنوات القليلة الماضية ناهيك عن انخفاض العائدات السياحية للـيَـمَـن إلى مستويات متدنية.
وعانى المواطنون الـيَـمَـنيون الأمرين في عهد هادي، وأدى عدم الاستقرار السياسي إلى ارتفاع أسعار السلع وزيادة البطالة، وتزايد معدلات الفقر.
وبحسب برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة عام 2012، فإن أكثر من 10 مليون شخص يمني يعانون من انعدام الأمْن الغذائي، منهم 5 ملايين حالتهم مزمنة، وغير قادرين على إنتاج أو شراء الغذاء الذي يحتاجونه. 
ويعتبر سوء التغذية لدى الأطفال من بين أعلى المعدلات في العالم، إذ أن هناك ما يقرُبُ من نصف الأطفال دون سن الخامسة (مليونين) يعانون من سوء التغذية المزمن وتفاقم معدل الوفيات وارتفاع معدلات البطالة.
ووفق مركز البحوث الاجتماعية والاقتصادية في صنعاء، بلغت نسبة البطالة 50٪.
ومن خلال المتابعة وَالرصد والتقارير تبين أن المئات من الأطفال الـيَـمَـنين تم تهريبهم إلى السعودية وأن نحو 180 طفلاً وُجدوا في الحدود السعودية لتهريبهم رغم معرفة الحكومة بالمهربين إلا أن القضاءَ في فترة هادي لم يقدم المهربين للمحاكمة، مما استمرت عملية تهريب الأطفال بلا رقابة.
وتشير الإحصائيات إلى أن هناك أكثر من 150 ألف مغترب يمني تم ترحيلُهم من السعودية خلال حُكم هادي، وأن أكثر من 200 ألف مواطني يمني من المهاجرين الـيَـمَـنيين عادوا إلى أرض الوطن بعد التعديلات الأخيرة العدائية ضدهم والتي أدخلت على سياسَات الهجرة في السعودية.
وفي عام 2013 تم تهجير 80 ألفَ مغترب يمني من السعودية، ومع ذلك لم يقدم هادي أي شيء لمأساتهم وأوجاعهم، ولم تقدم الحكومة حتى مجرد التنديد.

حوار وطني خاتمته سيئة
وكانت المهمة الرئيسية لهادي هي جمع الفرقاء السياسيين على طاولة حوار لمناقشة العديد من القضايا الرئيسية.
وكان من المقرر البدء بالحوار الوطني في نوفمبر 2012، لكنه تم تأجيلُه عدة مرات، ولم يبدأ إلا في مارس 2013، وكانت المشكلةُ الرئيسيةُ هي إدراج ما يسمى بالأَحْـزَاب غير الموقّعة على المبادرة الخليجية، إضافةً إلى رفض بعض فصائل الحراك الانضمامَ إلى المؤتمر.
واستمر الحوار الوطني حوالي 9 أشهر، ثم تم اختتامُ جلساته بطريقة هزيلة شارك هادي في كافة تفاصيلها، كما رفعت الجلسات دون حسم موضوع مسألة الأقاليم.
وعقب الحوار لجأ هادي إلى تشكيل اللجنة الوطنية للإشراف على مراقبة وتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني بطريقة مخالفة لما دار في الحوار، وخلالها تم تمريرُ مشروع الستة أقاليم بموافقة أغلب أعضاء اللجنة، دون مناقشة أو مراجعة بقية المقترحات المقدمة من قبل المكونات السياسية.
كما شكَّل هادي لجنة لصياغة الدستور من الأطراف الموالية له، وتم استبعادُ وتهميش عدد من المكونات السياسية، وفي مقدمتها مكون أَنْصَـار الله.
وخلالَ مؤتمر الحوار الوطني تعرَّضَ عضو مؤتمر الحوار الوطني عن أَنْصَـار الله عَبْدالواحد أبو رأس لمحاولة اغتيال بداية الحوار، كما اغتيل النائبُ عَبْدالكريم جدبان والدكتور أَحْمَـد شرف الدين ودفعا ثمنَ مؤامرة خارجية وداخلية وبتواطؤ من نظام هادي.