الصراع الدولي: هل يملك النظام استثماراً غيره ؟

أن يأتي الاعلان عن السفينة المحملة بالأسلحة من الأمريكيين قبل السلطات اليمنية, ثم تثار كل تلك الحملة الاعلامية المحلية والاقليمية والدولية المسارعة باتهام ايران - قبل انهاء حتى التحقيقات الأولية- بأنها وراء تهريب تلك الأسلحة, ثم يتقدم اليمن بطلب للتحقيق الدولي في الموضوع, قبل ان يتم الطلب من ايران ان تقدم ما لديها من معلومات حول السفينة - كما طُلب من تركيا عند ضبط شحنة المسدسات - على اعتبار انها مرت على الموانئ الايرانية مستدلين بيانات جهاز "الجي بي اس" الخاص بالسفينة حسب ما او ردته بعض المصادر, وتأتي الموافقة الدولية السريعة على التحقيق, والاسراع في ارسال المحققين, وتظهر الكثير من التحليلات لبعض مراكز الأبحاث لتجعل من القضية أهم أحداث هذا العام, كل ذك يثير الكثير من علامات الاستفهام.
من ناحية المبدأ نحن مع ان يتم التحقيق في هذه القضية بل وفي كل القضايا السابقة التي تم الاعلان عنها, وعددها يصل الى العشرات ما بين تهريب اسلحة وخلايا تجسس ودعم اطراف لزعزعة أمن واستقرار اليمن وضرب وحدته, والتي ذابت كالملح في الماء, دون ان نعرف اين مصير كل تلك القضايا والمتهمين, وكأن اثارتها كان لأهداف سياسية محددة, وانتهت تلك القضايا بتحقيق تلك الأهداف.
التحقيق هذه المرة يجب أن يكون شفافاً وعلنياً ويشارك فيه عدد من اعضاء مجلس النواب اليمني ومن مختلف التوجهات, كما أنه يجب اشراك كافة المكونات السياسية والتنظيمات والجهات المشاركة في مؤتمر الحوار الوطني في تلك التحقيقات عبر مندوبين, الغرض من ذلك هو ضمان نزاهة التحقيقات وعدم تسييسها أو توجيهها ضد أي طرف داخلي او دولي.
يُظهر النظام الحاكم في اليمن خفة في التعامل مع ملف علاقاتنا الدولية, ويدير ذلك الملف بطريقة تثير الاشمئزاز, فعندما يتهم رأس النظام دولة لها وزنها بالكثير من التهم ويدعي ان لديه الأدلة والمضبوطات البشرية أو المادية, ثم تتبخر تلك القضايا فجأة ولا نسمع بإحالة أحد الى النيابة أو نعرف اين انتهت تلك القضايا والى اي نيابات أو محاكم احيلت.
ثم يتم القفز على تلك القضايا السابقة ويتم صناعة قضايا جديدة كل اسبوع تقريباً, وتهمل لاحقاً وهكذا, فذلك يدعوا الى القرف من كل تصريحات الجهات الرسمية ويجعلنا نفقد المصداقية فيها بشكل نهائي.
كل ما سبق كوم والسفينة الأخيرة كوم آخر, فالحملة الاعلامية ضد ايران كانت شديدة ومنظمة ومستعجلة قبل حتى انهاء التحقيقيات الأولية, فعندما اقراء عنوان " النظام الإيراني الوقح " في صحيفة الجمهورية الرسمية, وفي الصفحة الأولى الذي كتبه المحرر السياسي, فذلك يفضح ابعاد الصفقة, ويظهر ان السلطات اليمنية لا تريد اظهار الحقيقة بقدر ما تريد التصعيد مع ايران لحساب أطراف أخرى.
تلك العناوين والتصريحات التي أقل ما يقال عنها أنها وقحة, لا تترك مجالاً لإيران للتعاون مع التحقيقات سواء المشتركة بيننا وبينهم او التحقيقات الدولية, انما الغرض منها هو استفزاز ايران ليتم تعويم القضية بين التشنجات المتبادلة.
لا اعتقد ان عنوان صحيفة الجمهورية ذلك صدر من رئيس تحريرها " المحرر السياسي" دون ضوء أخضر من رأس النظام, فذلك العنوان لا يصدر الا في حالة الحرب, او العداء الثابت مثل عدائنا مع الكيان الصهيوني, ولا يصدر تجاه دولة لديها سفير وسفارة, ولدينا كذلك سفارة عندهم وطلاب يمنيين ومصالح مشتركة.
تلك العناوين تُظهر ان النظام لا يسعى الى الوصول الى الحقيقة بقدر ما يسعى الى استثمار الصراع الايراني الامريكي, ويظهر ايضاً أن النظام لا يمتلك مجالاً آخر غير ذلك الاستثمار, فمنذ وصول هادي الى السلطة لم تتوقف تصريحاته تجاه ايران واتهاماته لها بشتى التهم, في تكرار واضح لمنهج صالح في التعامل مع ملف العلاقات الدولية, لكن للأسف بشكل أكثر ابتذالاً, ما يدعونا الى التساؤل عن مشروع هادي الوطني, وهل لديه استثمار آخر لليمن غير حشرنا في الصراع الدولي ونقل المعركة من سوريا الى اليمن؟ هل يملك الرئيس خطة لانعاش الاقتصاد بدل انعاش الصراع في اليمن؟ لم نسمع من الرئيس اي خطة اقتصادية أو خمسية أو حتى للعامين الانتقاليين, وكلما سمعناه منه هو سلسلة لا متناهية من الاتهامات لإيران, وكأن ذلك هو ملعبه ومهمته الوحيدة.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.