هل يفجر "محسن" الحوار قبل انعقاده ..!

اجرى اللواء المنشق علي محسن الاحمر حوارا صحافيا مطولا عشية انعقاد المؤتمر الوطني للحوار اكد فيه امرين اثنين في غاية الاهمية بالنسبة للحوار الوطني المزعوم ومخرجاته المتوقعة او المفروضة سلفا !
الامر الاول ان الجنرال باق في موقعه السياسي والعسكري الى اجل غير منظور وان ما سمي - رسميا - بقرارات الهيكلة التي اصدرهاا الرئيس هادي مؤخرا لا تعنية ولم تكن تستهدفة اصلا بقدر ما كانت تستهدف تعزيز نفوذه اكثر واكثر .
الامر الثاني هو ان علاقة الجنرال المنشق مع فخامة الرئيس القائد الاعلى للقوات المسلحة المشير عبد ربه منصور هادي علاقة "تحالفية" وان هذه العلاقة قديمة وجذورها تعود الى ما قبل الوحدة والى احداث 1986م في جنوب الوطن والاهم ان الرئيس الانتقالي كان على علم مسبق بانضمام"محسن" الى الثورة قبل اعلان انشقاقه عن صالح ليس هذا وحسب بل وانه اي الجنرال على تواصل مستمر ويومي مع الرئيس هادي ومع كل مكونات السلطة الانتقالية باعتباره جزاء منها واحد اطرافها وان لم يدعي -صراحة- انه القائد الفعلي للمرحلة الانتقالية كلها وللعهد "الجديد" بكامله.
هكذا يفهم من قراءة مجمل ما تضمنه الحوار الصحفي الذي اجراه اللواء علي محسن الاحمر ونشر يوم امس "الاحد" في صحيفة الشرق الاوسط السعودية وبعث فيه بالاضافة الى ما سبق رسائل سياسية اخرى الى اكثر من طرف سياسي يمني والى المشرفين على الحوار والمبادرة الخلجية من القوى الاقليمية والدولية خصوصا وقد تعمد زج "النفوذ الايراني" المزعوم في حديثه الصحفي وسعى جاهدا وفاقعا الى جعله محددا جديدا لضرورة بقائه هو في واجهة الجيش والسياسة اليمنية خلال المرحلة الانتقالية وما بعدها والى ان يشاء الله..او على الاقل حتى تلتزم ايران كما قال !.
حوار الجنرال المنشق والمثير للجدل والمنشور في صحيفة سعودية وقبل ايام من موعد المؤتمر الوطني للحوار "18الجاري" كان هدفه بالدرجة الاولى هو حسم موضوع الجدل الدائر من قبل شباب الثورة وبعض الاطراف اليمنية التي تطالب بتنفيذ النقاط العشرين وبضرورة انهاء حالة التجاذب ولانقسام داخل القوات المسلحة واقالة مركزي الانقسام القيادي فيها "محسن واحمد علي " واخراج كل قوى الفساد والاستبداد والبطش للنظام السابق قبل انعقاد المؤتمر وكشرط من شروط انجاح الحوار الوطني واحد عوامل تطمين الاطراف الاخرى بجديته وبامكانية ان يصل الى نتيجية ايجابية ..و..الخ وقد جات رسالة محسن بهذا الخصوص واضحة وحاسمة لكل من يتوهم من هولاء ......." انا باق في موقعي العسكري وفي موقعي القيادي في الدولة ومن قرح يقرح " !
تصريحات الجنرال الاخيرة بهذا المعنى وبما يستهدف تكرس وجوده الفعلي في المشهد السياسي -وليس فقط العسكري- كقوة موجودة على الارض وكطرف من اطراف العملية السياسية في المرحلة الانتقالية وما بعدها لا يختلف البتة عن رسالة مكملة اخرى كان قد بعثها التجمع اليمني للاصلاح نفسه الى الحراك الجنوبي في مهرجان 21 فبراير الماضي وكمحاولة واضحة منه لاعادة تقديم نفسه في الجنوب كطرف في المعادلة الجنوبية او ممثلا لها - ان امكن - عشية الحوار والفرق هنا هو ان رسالة "الاصلاح" هذه المرة قد جاءت عبر الشرق الاوسط وبلسان اللواء علي محسن شخصيا وكانت - وهو الاهم - موجهة الى اطراف في الشمال وتحديدا في شمال الشمال وفي ساحات الثورة الشبابية ايضا .
هكذا اذا يبدو المشهد السياسي اليمني عشية انعقاد مؤتمر الحوار الوطني مثلما كان طوال العام الماضي ايضا.... رئيس جمهورية ضعيف ومتحالف سرا مع قوى نافذة -او هكذايبدو المشهد - وحكومة انتقالية اضعف منه مقابل قوى عسكرية وقبلية واصولية نافذة وموجودة على الارض وتعمل على انتاج نفسها وتحالفاتها - وهي ذاتها تحالفات العهد السابق بكل رموزه وتكويناته مع ابدال صالح بهادي ولكن بما يجعل التاريخ اكثر هزلية وسخرية ايضا .
هذا التحالف القديم الجديد يسعى اليوم حثيثا -وبوقاحة حينا- وعب رمهرجان ساحة العروض وتصريحات محسن الى السيطرة والتحكم بكامل المشهد السياسي اليمني بعد ثورة 11فبراير 2011م بل ويعمل منفردا لرسم معالم المستقبل وتحديد ماَلاته نيابة عن بقية الشركاء وعن المتحاورين وقبل ان يتحاوروا وضدا على مطالبهم وقضاياهم .
محسن لم يكن في عهد صالح سوى احد مسامير نظامه الباطش وهو اليوم كذلك حتى ولو ادعى غير ذلك وقال بانه كان الرجل الاول فيه والفرق الوحيد والجوهري - ان شئت - هو ان التجمع اليمني للاصلاح لم يعد احد مكونات النظام الحاكم الرئيسية بل هو النظام الحاكم نفسه وهو وحده وبغلاف المشترك والثورة -وليس بقوة الفرقة الاولى مدرع - من يمنح محسن هذه الجراة التي تحدث فيها عن دوره السياسي في العهد الجديد وهي جرأة تصل اليوم حد الصفاقة خصوصا حين يتحدث "مهددا ومتوعدا" لكل من يختلف مع سياسة وممارسات التجمع اليمني للاصلاح مستوقيا بقوة الدولة والجيش تارة وبالتهديد بالنعف وتفجير الصراع تارات اخرى وتحت عناوين مختلفة مرة تحت عنوان الحفاظ على الوحدة في الجنوب واخرى لايقاف المد الايراني في الجنوب والشمال في حين ان الهدف هو استكمال السيطرة على مؤسسات الدولة خلال ما تبقى من المرحلة الانتقالية وعلى خلاف كل بنود المبادرة واليتها المزمنة وضدا على كل ما يفترض ان مؤتمر الحوار يستهدف انجازه واخراج اليمن من ازمتها المركبة .
لا يمكن ان يكون محسن وتصريحاته " الصاخبة" فضلا عن استمرار انقسام الجيش مؤشر ايجابيا لامكانية انجاح الحوار الوطني بل هي وما حملته من رسائل في ساحة العروض وعبر صحيفة الشرق الاوسط محاولة مكشوفة لفرض الامر الواقع على الجميع وورقة ضغط تهديد لغالبية المشاركين في الحوار وبهدف خفض مطالبهم
كما ان ابراز محسن في كل مرحلة هامة ودقيقة يمر بها اليمن ليس له من نتيجة سوة تسعير الصراع والحروب الداخلية واعادت تقديمه كورقة تهديد في ايدي الاصلاح وبغطاء المشترك لامن واستقرار اليمن والمنطقة عموما وما استدعاء ايران "ونفوذها" في اليمن في كل شاردة وواردة في خطابات رموز التحالف الحاكم خلال الايام الماضية الا مؤشر لصراع داخلي دخلي عنيف ليس فقط داخل القوات المسلحة نفسها او باتجاه الاطراف التي يعتقد محسن وحلفائه انها "عدو" لا شريك بل وباتجاه تحويل الانقسام والخلاف السياسي الى انقسام عمود وطائفي مدمر .
يبقى ان نقول او نتساءل ...كيف يمكن ان نفهم صمت القائد الاعلى للقوات المسلحة تجاه شخص يفترض انه قائد عسكري منضبط ولكنه في نفس الوقت يقوم بدور سياسي وحزبي علني وبدون رتوش او اغطية ؟
اليس هذا دليل اخر علىان الرئيس هادي اليوم يصر بصمته وسلبيته - على ان يكون جزء من المشكلة والصراع الانقسامي بين اليمنيين او غطاء له لا كما يفترض فيه باعتباره جزء من الحلول او مسئول عن الوصول اليها وعن انجاح الحوار الوطني وتوفير كل اسباب وعوامل نجاحه بما في ذلك ايقاف واقالة قائد عسكري منشق تحول بين ليلة وضحاها الى طرف سياسي وحزبي صراعي ومسعر للحروب والانقسامات الوطنية وبكل وقاحة وعلى مراء ومسمع الجميع .
والخلاصة لقد فجر الحوار الوطني قبل انعقاده في صنعاء عبر مهرجان ساحة العروض بعدن وعبر تصريحات محسن الصراعية ايضا .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 4 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.