انتصار

ذاكرة متوقدة تحفز على البحث عن زمن كان برغم كل شيء جميلاً، رائحة البحر والفل والبخور، أغانٍ تحمل جمالاً للتاريخ، حضور مؤثر في كل نشاط يتعلق بالناس والوطن حضور يغلب عليه الطوعية والمثابرة والالتزام، حضور لا يفوت شاردة ولا واردة إلا وسجلها كشهادة لا يفوتها أن تنسب كل قول وعمل إلى أصحابها حتى لا تضيع حقوق ولا تنسى مواقف، أجدها مجسدة لكل نضال النساء، فهي الموظفة الكادحة التي تساهم في إعالة عائلة، وهي الأم التي تربى بناتها لتضخ في دم الوطن مواطنات واعيات مناضلات شريفات، هي الزوجة التي رافقت زوجها حياته اليومية العملية فيها والشخصية، هي الصديقة الـ"الموجبة" التي تسأل عن الجميع وتواسي وتحتفي، وهي السياسية التي تحاور وتفاوض لا على مصلحة شخصية ولكن لمصلحة وطن، هي الجنوبية التي تحمل قضية أهلها وناسها، هي الشمالية التي لا تتجاهل كلمة الحق وتقولها، هي نساء عديدات تفكر في احتياجات ربة البيت والفلاحة والعاملة والوزيرة، هي وجه مواطنة يحمل خلفه وطناً بوجوه نسائه ورجاله.
إنها انتصار سنان، هذه المرأة التي كانت ككل الجنوب تنتمي إلى الحزب الاشتراكي وبعد  التعددية الحزبية، وبعد أن أصبحت أحلامها أكبر من عضوية حزب ربما تخلى عن أحلامه، تركته هذه المرأة لتنتمي لحزب يساري جديد لم يمثل هو الآخر ربما لأن حلمها كان أكبر من حزب (وهذا تفسير كاتبة المقال) ، دخلت للحزب الأكثر شعبية وهو حزب المستقلين، الذين ضاقت بأحلامهم أروقة الأحزاب، هذه المرأة رأست المحور السياسي في اللجنة الوطنية للمرأة، كانت ولازالت صوت البسطاء والكادحين/ات، شاركت في اللجنة العليا للحوار التي شكلها اللقاء المشترك، امرأة منصفة لا تجرها خلافات فكرية أو سياسية إلى خصومة تتناول أو تنتقص من مواقف وشخصية من تختلف معهم، حين انخرطت في الثورة لم يبق نشاط يرفد ساحات الثورة بروح الحياة إلا بذلته، ولكي لا تمحي هذه الفترة من ذاكرتها وعائلتها كانت من ضحايا أحداث الحصبة، واشتعل بيتها بعدد هائل من القذائف وشردت ونزحت لأشهر، ولازالت تعالج تأثير هذه الحرب على نفسية عائلتها وعلى أوضاعها.
هذه المرأة كغيرها من المستقلات تقدمت للمشاركة للحوار، كجنوبية مستقلة، فمن اعترض على وجودها في قائمة هذه الفئة، وما وجهة الاعتراض؟
اعترض عليها عضو اللجنة الفنية عن الشباب (المستقل) انتبهوا (المستقل)، ياسر الرعيني، وأفتى أنها تتبع المؤتمر الشعبي العام! وبعد جدل معه ومخالفته تراجع وقال إنها (اشتراكية)! وأخشى أنها كان يمكن أن تصل إلى (حوثية)، لكن انتصار وضعت في القائمة، وبعد طول الخلاف على قوائم النساء المستقلات والشباب المستقل والمجتمع المدني، صعدت القوائم إلى الرئيس، وسقط اسم انتصار سنان من قائمة الحوار. فهل تأكد رئيس الجمهورية من انتماءات انتصار الحزبية، وهل انتصار لم تكن ناشطة كفاية ولا مناضلة كفاية؟ سقط اسم انتصار. أسأل لماذا؟ كما أسأل لما ثبت اسمي أنا وأخريات بعد إسقاطه؟ وهذا ما يؤشر لآلية اتخاذ القرار التي يجب أن نفكر فيها كثيرا.
بقي أن أقول إن الشاب المستقل ياسر الرعيني، هو من شباب الإصلاح باعتراف أمين عام الحزب، وهذا الشاب المستقل تماماً إلا عن حزبه، فُرض على اللجنة الفنية التحضيرية للحوار بعد مرور جزء من عملها، بل إنه عُيِّن كشاب مستقل في أمانته العامة.. ويتحكم في مجريات عديدة.. معتمداً تخميناته في انتماءات الناس.
ويظل سؤالي قائماً لِمَ أسقطت قائمة الرئيس انتصار سنان؟

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
15 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.