الخيواني .. وطن مهجور

ليس وزيراً و لا شيخاً و لا رفيعاً من رفيعي المناصب بمختلفها. لا يعرف التحزب و لا التخندق الجهوي و لا تستهويه ألعاب المتسلقين و المستغلين و لاعبي الأدوار على رغم أن الظهور يلبق بمثله , و المنصب يمتلئ بمثله لكنه عازفٌ عَزوفٌ عن ذلك . نهاية عقد الثمانينيات كنا في الثانوية بمدرسة جمال عبدالناصر بصنعاء نسمع به .. شاب يدرس اللغة العربية بمهارة فائقة في مدرسة الكويت المنافسة لمدرستنا. كانت تسبق اسمَه مهارتُه في التدريس و في منافسة أستاذين مصريين شهيرين يومها أحدهما عبدالمنعم في ثانوية عبدالناصر و الآخر لا أتذكر اسمه بمدرسة أروى للبنات . ما لبث الشاب المدرس أن صار وكيلاً ثم مديراً لمدرسة الكويت ثم دارت به دورة الأيام ملحقاً ثقافياً ثم متغرباً في الصين مدرساً بإحدى جامعاتها ثم عاد إلى اليمن و مدرساً بإحدى الجامعات الخاصة .
• خلال ذلك وقبله كان هلال أحمد الخيواني مدرس اللغة العربية غزير المواهب و الإبداعات .. مهندس رقابة ريئسية بالتلفزيون , فناناً يرسم و يصمم , و من تصميماته مطلع التسعينيات شعار حزب الإصلاح. في غضون ذلك كانت لهلال اهتماماته البرمجية الإلكترونية التي دمجت علمه باللغة العربية و تبحره فيها بتقنيات الكمبيوتر و برمجياته . هذا المنحى ( هجسه ) ثم علق به و صار لصيقه وحتى اليوم . وكان هلال أول من أدخل الكمبيوتر و تعليمه في المدارس اليمنية بمدرسة الكويت فترة وجوده بها .
• يشتغل هلال على تصميم البرمجيات بشكل متواصل و مبتكر . ابتكر برامج صحافية رقمية منها برنامج باعه لصحيفة البيان الامارتية قبل سنوات . صمم محرك بحث في الانترنت نوعي جداً و جاءه خبير من شركة مايكروسوفت للإطلاع عليه . و رغم اندهاشه غادر الخبير بدون أي اتفاق و لاحقاً عرف هلال أن الرجل خاف على مستقبله في حال ظهور برنامج هلال . قناعة هلال أنفت الملاحقة الشاقة .
• أعجز عن تصوير وافٍ مختزلٍ لهلال .. المبدع المثقف .. دمث الأخلاق .. العقل المتوقد .. الابتسامة الخالية من الزيف و المكر .. المتدين تفكيراً و سلوكاً و معاملات لا حديثاً و خطابات . لا استطيع أن اتحدث عن حماسه و انخراطه ضمن الحراك الثوري بقناعة ترى النظام لا الوجوه فاشلاً برمته و يلزم تغييره . مهما كان الحديث فلن يفِ حقه . و مهما بلغ الكلام فقد خسر مؤتمر الحوار فناراً مضيئاً لا يعرفه ذووا البأس السياسي و الحزبي و الجهوي كما لا يعرف هو نفسه لا اللعب و لا عصا الزانة القاذفة لللاعب نحو الفوز .
• هلال الخيواني نموذجٌ قائم بذاته وهو عينةٌ لأفذاذ عقول موجودة بيننا تتنفس لظانا الذي نصليه للفاعل الإيجابي الحقيقي المؤثر الذي يمتلك مشروعاً كبيراً في بلدٍ تقدس مشاريع صغيرة تصلي الفجر ساعة زوال الشمس .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
5 + 7 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.