لماذا تخلص ال سعود من ال الاحمر بهذه الطريقة؟

يخطئ من يعتقد ان القرارات الرئاسية الاخيرة المتعلقة بهيكلة الجيش التي قضت بابعاد ابناء علي عبدالله صالح وعلي محسن الاحمر جاءت نتيجة للمطالب الشعبية والثورية المتكررة باقالتهم. لا اريد ان اقول ان القرارات لاتلبي مطالب الشعب وانها ليست مطلب ثوري ولكني اريد ان اقول ان الفعل الثوري والحماسة الثورية لم تستطع ابعادهم بهذا الشكل في لحظة عنفوانها فكيف بها ان تاتي بهذه الاقالات وهي في حالة متردية لم يعد فيها مطلب الاقالات يتصدر اهتمام الثوار والقوى السياسية الفاعلة وحتى ان الاقالات وهيكلة الجيش كانت قد وضعت على جدول اعمال مؤتمر الحوار الوطني ووضعت لها في هذا المؤتمر مجموعة من الاشخاص لدراسة موضوع توحيد الجيش وهيكلته ولكن قرارات هادي فاجات الجميع وصدرت قبل انتهاء مؤتمر الحوار.
لا يوجد عندي شك ان الملك السعودي او من ينوب عنه في المملكة وقع قرارات الهيكلة الاخيرة والاقالات قبل ان يوقعها هادي ولكن السؤال هو لماذا تخلص ال سعود من ال الاحمر الذين كانوا يدهم الطولا في اليمن بهذه الطريقة؟
وللجواب عن هذا السؤال لابد ان نتطرق الى الاوضاع السياسية لليمن خلال الاشهر القليلة الماضية وما مثلته من تحدي قوي لسياسة السعودية في اليمن التي اصبحت متضررة من انفلات الاوضاع الامنية والسياسية وتاثيرها المستقيم على النظام السعودي بعد ان فقد حلفاءه التقليديين نفوذهم وسيطرتهم على المشهد السياسي.
ففي العام الاخير او الاشهر الاخير بدات الصحف اليمنية المستقلة نسبيا بمهاجمة السعودية ونشر العديد من الكتابات و التقارير التي تضر بمصالح القوى القبلية والعسكرية المرتبطة بالسعودية بل ان الصحف نشرت العديد من المقالات التي تهاجم ال سعود وسياستهم التدميرية في اليمن كما انا شاهدنا العديد من التظاهرات الغير معتاده امام السفارة السعودية في صنعاء للتنديد بسياسة الرياض في اليمن والانتهاكات الممنهجة بحق اليمنيين في السعودية وفي الايام الاخير بلغت الاحتكاكات السياسية بين الشعب اليمني و المملكة ذروتها عندما قامت القوات السعودية بالتمدد داخل الاراضي اليمنية وتهجيرها عشرات الالاف من اليمنيين العاملين على اراضيها.
الاحداث الاخيرة هذه التي رافقتها تغطية اعلامية يمنية غير رسمية اججت الشارع اليمني ضد السعودية وبدت المملكة في حالة من الضعف داخل اليمن مما جعلها تقرر التخلي عن سياساتها القديمة حول التمسك بال الاحمر بهذه الطريقة كما انها ادركت ان استمرار الاوضاع على ماهي عليه من انفلات امني و ضعف الدولة سوف ينهي مصالحها في اليمن ويهدد كيانها الامني والسياسي اذا تطورت الاوضاع الى اشتباكات عسكرية بين القبايل وعناصر الجيش السعودي على الحدود مما جعل السعودية تعيد النظر في ترتيب الاوضاع في اليمن امل منها في عودة الدولة اليمنية التي تكون اليد الطولا فيها لحلفاءها من اجل ضبط الاوضاع الامنية والاعلامية التي تستهدف الرياض كما انها تعلم ان وجود الدولة اليمنية المرتبطة بالسعودية سوف يسهل عليها اجراء سياساتها المطلوبة في اليمن اكثر مماهي عليه هذه الايام.
وبما ان هيكلية الجيش واقالة القادة المكروهين شعبيا سوف يسهل مهمة الحكومة في تشكيل الدولة وعودة هيبتها فان السعودية عملت على الضغط على علي عبدالله صالح و بيت الاحمر وعلي محسن في القبول بقرارات اقالتهم وابعادهم نسبيا عن الجيش حتى ان القرارت جاءت بعد مشاورات طويلة مع الاشخاص المعنيين الذين اعلنوا قبولهم بالقرارات بعد لحظات من صدورها غير ان ابعادهم هذا بهذه الطريقة لا يعني ان السعودية تخلت عن سياساتها ومصالحها في اليمن حيث شكلت التغييرات نموذجا جديدا لسياسة السعودية في صناعة رجالات جديدة لها في الجيش والسياسة اليمنية واحتل حلفاءها المقربين من الاصلاح وعلي محسن الاحمر اهم المراكز في قيادات الجيش والمناطق العسكرية بل ان خروج علي محسن الاحمر الحليف القوى لرياض في صنعاء نسبيا من الجيش جاء مدروسا ومحبوكا اكثر من جميع القادة الاخرين فالرجل الذي يعرفه اليمنيين بنهب الاراضي والسطو المسلح على الجبال والتباب المحيطة بصنعاء وغيرها ارادت الرياض ان تحسن صورته بين اليمنيين اثناء خروجه ليبقى حليفا قبليا قويا لها في المستقبل واوحت الى صنعاء ان تجعل من مكان فرقته المدرعة التي نهبها بقوة السلاح حديقة شعبية يتفسح فيها ابناء صنعاء وينسون جرايمة التي ارتكبها طول الاعوام الماضية.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.