مقايضة الفدرالية بالدولة والسلطة بالهوية !

لم تطرح الفدرالية وتقسيم اليمن الى "ستة اقاليم" سياسية في سياق حل مشكلة الدولة اليمنية وبهدف التخفيف من مركزيتها او بهدف حل القضية الجنوبية كما يحاول مسئولي السلطة الممتدة تسويق مؤامرة الاقلمة والتقسيم لبسطاء الناس .
وعلى خلاف ذلك تماما فقد طرحت الفدرارية ووفقا لوثيقة بن عمر وطريقة التعاطي معها لتحقيق اغراض نقيضة لما يقال وهي اغراض سلطوية بحتة وبهدف ابقاء وتكريس الهيمة والاستفراد من ناحية وباعتبارها مخطط اجنبي يستهدف وحدة اليمن والسلام الاهلي بين ابنائها من ناحية اخرى .
ففي البعد الاول يلاحظ ان الفدرالية قد تمت كمقايضة سياسية تستبطن بقاء النظام السياسي التسلطي ( القديم الجديد) والذي ثار الشعب ضده مقابل البحث عن حلول لمشاكل اليمنيين خارج هذا النظام الفاسد وخارج هذه الدولة المخطوفة والقول كذبا وزورا بان المشكلة ليست في النظام الفاسد والاقلوي الاقصائي الذي يتكرس اليوم وباسم الثورة ولصوصها اكثر من اي وقت مضى بل في طبيعة الدولة وشكلها وهو ما يمثل رد اعتبار ضمني لنظام الرئيس صالح نفسه والقول بان المشكلة لم تكن في طبيعة سلطته الارتجالية الفاسدة والشخصانية بل في طبيعة الدولة اليمنية نفسها .
وبهذا المعنى نجد انه وبدلا من استعادة الدولة الحالية واعمال القانون والدستور لمحاسبة القتلة واللصوص وناهبي ثروات الشعب وبما يحقق بسط الدولة لنفوذها واستعادة هيبتها يتم ابقاء رموز هذا النظام وتكريسهم مقابل تقسيم الدولة الهشة والمخطوفة القرار والسيادة الى ستة اقاليم اعتباطية وبقرار فوقي وغير منطقي اتخذه الفاسدون انفسهم على حساب القانون والمواطنة التي يبحث عن دولتهما كل اليمنيين .
الامر الذي جعل ويجعل طرح الفدرالية في هذا السياق وقبل تحرير الدولة من خاطفيها يبدو وكانه بديلا للدولة نفسها بدلا من ان يكون حلا لمشاكلها ومخففا لمعاناة مواطنيها كما يفترض وهو ما سيحدث بالفعل حين تنهار الدولة وما تبقى منها حجرا حجرا ومؤسسة تلو اخرى في ظل انشغال اليمنيين بل واغراقهم في صراعات وبعوامل صراعات جديدة على خلفية حدود وطبيعة العلاقات بين سكان الاقاليم الانعزالية والصراعية .
*القضية الجنوبية !
--
في السياق ذاته يلاحظ ان فكرة تقسيم اليمن الى ستة اقاليم اعتباطية اثنان منهما في الجنوب واربعة في الشمال قد جاءت في الاساس بهدف الالتفاف على القضية الجنوبية وبقصد تمييعها واخراجها عن سياقها لا من اجل "حلها حلا عادلا" كما يدعون والا ما دخل الشمال اصلا بالاقلمة وبتقسيمه الى اربعة اقاليم "انتقامية"اذا كان الهدف هو البحث عن حلول للجنوب الذي ضربت شراكته الوطنية بحرب صيف 1994م الاجرامية
ثم لماذا يقسم الجنوب الى اقليمين احدهما غني بالنفط والموارد ومساحته تساوي ثلثي مساحة الجنوب وربما الشمال ايضا مقابل اقليم شحيح الموارد ومكتض بالسكان وبما يمزق الهوية اليمنية الجنوبية ويعيدها الى عهد الاستعمار البريطاني والمحميات الشرقية مقابل المحميات الغربية فضلا عن منح "عدن" وضعا سياسيا واداريا مستقلا عن المحميتين وبالتالي وبدلا من حل القضية الجنوبية ولملمة جروح اليمنيين في الجنوب يتم ضرب هويتهم اليمنية الجنوبية بهوية استعمارية كان قد عفى عليها الزمن هي هوية المحميات الشرقية والغربية واشغالهم مع بقية اليمنيين بحدود "الاقانيم الستة" من ناحية وبتمزيق النسيج الاجتماعي داخل الجنوب من ناحية وبين الجنوب والشمال معا من ناحية اخرى .
اما في بعد المؤامرة الخارجي فنلاحط انه وبالاضافة الى دلالات ما سبق الاشارة اليه نجد ان تسمية الاقاليم وحدودها ومضامين الفدرالية قد رسمت جميعها على اسس طائفية ومناطقية صراعية بحتة وبما يفهم بان الفدرالية السياسة انما هي بديل للهوية اليمنية الجامعة وبهدف تقويضها مقابل خلق واحيا هويات طائفية ومذهبية وجهوية انعزالية لم يكن لها وجود او كان وجودها طبيعي وتفاعلي ايجابي يثري الهوية اليمنية بالتنوع في ظل الوحدة والتفاعل الخلاق بديلا للصراع والعزلة على خلاف ما يسعون له بواسطة الاقلمة التامرية والاجرامية .
يبقى ان نقول بان الفدرالية المطروحة اليوم ووفقا لوثيقة بن عمر ولما يروج له الرئيس هادي وحلفائه الاصلاحيون اليوم انما هي في نتيجتها المباشرة وبما ستؤول اليه الاوضاع في اليمن تقويض كامل للدولة والوحدة وللسلم الاهلي بين اليمنيين بغض النظر عن نبل دوافع بعض من يتبناها
*التقاء وتناغم !
-----
يمكن القول ان هنالك نخبة سياسية مريضة بالثار والانتقام التاريخي تجاه اطراف ومناطق بعينها في الشمال والجنوب من ناحية كما هي مريضة بسياسة الاستحواذ والتمكين في السلطة من ناحية اخرى وهو ما جعلها تفصل موضوع "الاقلمة" على مقاساتها وعلى اساس وتقلب امزجتها الانتقامية والاستحواذية وعند هاتين النقطتين "المرضين" التقت فكرة الاقلمة الداخلية بمخطط المشروع الخارجي لتقسيم اليمن وتمزيق هويته ونسيجه الوطني وهو ما سيؤدي الى فشله حتما وتحديدا حين يتبين لليمنيين - كل اليمنيين -مدى خطورته على مسقبلهم ومستقبل بلدهم اليمن .
* تغريدة
----
2-سموا اقليم باسم "ازال" ثم سحبوا "ازال " من الاقليم دون ان يعوا بان ازال لا تطلق لا على عمران ولا على صعدة ولا على ذمار ولا عل بني مطر بل على مدينة صنعاء القديمة وحدها !

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
17 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.