"الشعب يريد اسقاط النظام "

"الشعب يريد اسقاط النظام "شعار تم ترديده من تونس إلى مصر فاليمن فليبيا فسوريا ...وفي اليمن التبس الأمر بين مفهومين ،اسقاط صالح وأسرته أم إسقاط النظام ،ومع مرور الوقت وزحف الحكام من السبعين باتجاه الستين ،أصبح الشعار لا يدل سوى على اسقاط صالح وأسرته ،وأصبحت قوى الستين تتحدث عن الاستبداد الأسري ،بعد أن راج استخدام مصطلح الاستبداد العائلي والقبلي مخلال أزمة 90-93وانتهاء بحرب 94م...هذه الأيام الجميع يتحدث عن "اهداف ثورة الشباب "وتحقيق الهدف الأول منها نوالسيبر نحو تحقيق بقية الأهداف !لكنك إن سألت أحدهم عن ما هية أهداف الثورة فإنه بالتأكيد سيجتهد في تحديد خياراته وتحيزاته ليصيغها لك كأهداف ،هي بالتأكيد تبدأ بإزاحة صالح وتحالفاته التي بناها لنفسه خلال ال 33سنة من حكمه ثم ما تبقى من المؤتمر الشعبي العام ...
لو أن الفرقاء التزموا واجتمعوا على اهداف الثورتين سبتمر وأكتوبر لكفاهم ذلك كأساس لبناء الدولة ،فالجيش تحول إلى إقطاعيات أتابكية يحمي مصالح مراكز الحكم ،والوحدة الوطنية ازدادت تمزقا وأصبح الوطن آيلا للتحول إلى جزر متفرقة بعد أن تعددت المشاعر والولاءات بحكم الجهل والفقر ،والسيادة اليمنية وصلت إلى أسوأ مراحل تبعيتها!والفوارق الطبقية وصلت إلى درجة أصبحت الفجوة فيه بين الأغنياء والفقراء تتناقض مع أي ولاء للوطن بل إن الوطن يصبح انتماء غير محتمل ،فالمواطنة المنعدمة والغائبة لا تترك مجالا لانتماء للوطن والوطنية ...
نشرت المقال أدناه في صحيفة الشارع ثم نشرته في صفحتي هذه في 23 أبريل، 2011 في 09:25 صباحاً ·
إسقاط النظام أم رحيل صالح ؟
إسقاط النظام أم رحيل صالح وعائلته ؟
يقترب النظام السياسي في اليمن من حيث "المحاصصة السياسية "من النظام الطائفي في لبنان ،فالتمثيل الجغرافي والمذهبي،والقبلي والمديني ،والقروي ،حاضر في بنية النظام السياسي للحزب الحاكم وكذلك للأحزاب.وفي واقع كهذا يصبح شعار "الشعب يريد اسقاط النظام "ليس أكثر من دلالة مختزلة في شعار "ارحل علي "وهنا يصبح الشعار ،ليس رحيلا لنظام ،وإنما للرئيس وعائلته ،أما بقية أركان النظام ممثلا بالإقطاعيات العسكرية والمشيخية ،والدينية ،فإنها مستمرة بقوتها ،وبتوظيفها للشرعية الثورية ،لشارع انتفض بأعداد بسيطة ،ثم ما لبث أن تحول إلى مئات الالآف ،التي تجوب الشوارع مطالبة بإسقاط النظام ،وهو حشد يمثل فيه "اللقاء المشترك "كآلية للحشد ،ناهيك عن بنيتهم التنظيمية –بنسبة لا تقل عن سبعين في المئة ،وهو نفس الحشد الذي يغيب عند الصدام مع ما تبقى من نظام "صالح"فمن يواجه الرصاص والقنابل المسيلة للدموع وخراطيش المياه ،هم بضعة الآف من سائقي الموتسيكلات النارية ،وشباب الناصري والاشتراكي ،والقادمين من الأرياف ،الذين ينتمون للاشتراكي والناصري ،ويتميزون بإيمانهم بقيمة الشهامة ،وأما شباب الناصري والاشتراكي القاطنين في المدن ،والذين يشعرون بفجوة واضحة بينهم وبين أحزابهم ،فروح التمرد على تكويناتهم الحزبية ،واضحة ،في رفضهم الانصياع لتوجيهات القيادات التنظيمية ،واندفاعهم بثورية لإلغاء نظام لم يولهم أي عناية ،في التعليم ،والثقافة ،والرياضة ،وفرص العمل ...وأما سائقي الموتسكلات النارية ،فإضافة إلى تحصيلهم العلمي المتدني ،،إضافة إلى مايتعرضون له بشكل يومي من امتهان وخطر ،بسبب وسيلة رزق غير مأمونة الحوادث ،وشعورهم بفقدان الإحساس بالحياة ...كل ذلك وغيره جعل الثورة ملاذهم الوحيد ،فمن خلالها ،تلمسون ذواتهم ،ويبحثون عن كرامة ،إما بنجاح الثورة التي يأملون منها تحقيق متطلباتهم ،أو بالاستشهاد في سبيل كرامتهم التي يبحثون عنها ...كنت في احد الأيام الدامية في تعز -ربما كان يوم الأربعاء ،بعد الاثنين الدامي –قد اندفعت لأعيد أحد المندفعين ،وطلبت منه أن يعود إلى صفوف المتظاهرين ،حتى لا يصاب وهو منفرد ،ردّ علي ّ"خلينا استرد كرامتي "عرفته من حارتي ،سائقا لموتسيكل ،لم تكن "الكرامة "من المعاني أو الألفاظ التي يتداولها !لكنها "الثورة "
أو جدت قيما نبتت من ميادين "الحرية"لكن هل هذا يعني أن مفهوم الكرامة لابن حارتي ،مفهوم ممتد إلى مابعد "الثورة "والوعي بشكل النظام الذي نريده ؟أم أنه مرتبط باسترداد الكرامة ،بسبب الدماء التي سالت والشهداء الذين سقطوا ،لزملاء لهم ورفقاء"ثورة"؟أعتقد أنها كرامة مرتبطة بالعنف الذي اصطدموا به،وكانت نتيجته سقوط العديد من الشهداء ...
في حواره المنشور في صحيفة "عكاظ"يتحدث فيه الشيخ ورجل الاقتصاد ،والسياسي الإخواني" حميد الأحمر "عن المبادرة الخليجية الثانية ،بالتقدير والثناء ،ويقدر باحترام عال،دور الشقيقة "المملكة العربية السعودية "ثم يقدم لنا وللسعوديين ،أو بمعنى أصح للسعوديين ،شكل النظام الذي سيحكم اليمن ،بعد رحيل صالح ،فيقول بأن لدينا دستورا نسير عليه ،وهو لا يحتاج الاّ إلى تعديلات ،ثم حكومة وحدة وطنية ،ومجلس عسكري ...والقارئ لكلام الشيخ "حميد"سيجد هذا التصور لشكل النظام ،يؤكد أن شعار "الشعب يريد اسقاط النظام "شعار يتم إفراغه من محتواه ،وهو يشبه حلم الوحدة اليمنية ،التي تأسست عام 1990م ،وافرغت من محتواها ،لتصبح تمددا لنظام الجمهورية العربية اليمنية !إن قراءة بسيطة للشخصيات التي استقالت من نظام "صالح"سنجدها على الأغلب –مرتبطة بالإخوان المسلمين ،والقبيلة السياسية ،والإقطاع العسكري ،وهذا يؤكد أن نظام الشراكة بين "صالح "والإخوان والقبيلة السياسية ،لم يتم فك الارتباط النهائي بينهم ،إلاّ أثناء "الثورة الشعبية "وعلى هذا تصبح شعبية "صالح "في الحشد ،ليست أكثر من ثلاثين في المئة من مجمل الحشود في الميادين ،بل هي أقل من ذلك في بعض المحافظات ،بفعل "الجاذبية الثورية " ...
يعطي "اللقاء المشترك "أسبوعين لصالح حتى يتنحى ،وهي مهلة تعكس حالة التناقض التي وجدت بين أطراف اللقاء المشترك ،والقبيلة السياسية ،والإقطاع العسكري ،ف"علي محسن" كان قد وافق على المبادرة الخليجية الثانية ،وكذلك فعل الشيخ "حسين الأحمر "رئيس مجلس التضامن ،وهو "مجلس مشايخي"وتحدث عنها بتقدير واحترام "الشيخ حميد الأحمر "كجزء من تقديره للدور السعوديّ،وإيمانه بأن السعودية حريصة على استقرار وازدهار اليمن!وقبلهم كان "محمد قحطان "الناطق الرسمي ،للقاء المشترك ،قد سارع ووافق عليها ،دون الرجوع لقيادة المشترك ،ربما محاولة من حزبه لجر بقية الأطراف في المشترك ،للموافقة عليها ،تعاطيا مع سياسة الأمر الواقع ،التي جبلوا عليها ، في تصريحاتهم منذ الانتخابات الرئاسية في 2006م،لكنها محاولة باءت بالفشل بسبب تصلب موقف "ياسين سعيد نعمان "و"سلطان العتواني "فالموافقة بالنسبة للاشتراكي والناصري ،تعني إعلان وفاة للحزبين !
في نفس الوقت نجد نظام" صالح "مستمرا في الحشد الجماهيري ،والعسكري ،وفي محاولاته المستمرة ،في تفكيك ساحات الحرية والتغيير ،عبر الإسهام في تشكيل تكتلات ،بل وتشجيع فكرة أن المعركة معركة أجيال ،وثورة شباب سرقتها الأحزاب !وعلى الشباب تنظيم انفسهم بحزب !وتارة عبر إحراج أطراف المشترك ،من خلال الدفع بالساحات نحو الزحف صوب اسقاط المحافظات ومقراتها !ومن خلال إحياء وتفعيل شعار "لا حزبية ولا أحزاب "داخل الساحات –كل هذا يجعل عامل الوقت يصب في مصلحة ما تبقى من نظام "صالح "ولعلّ ما يساهم أكثر في تقوية الموقف التفاوضي ل"صالح "هي التصريحات الغير محسوبة والغير مدروسة ل"محمد قحطان "ابتداء من جمعة "الزحف إلى غرفة النوم "ثم مهلة الساعات ،التي أعطاها ل"صالح"كي يسلم خلالها السلطة ،ثم حديثه عن عجز "صالح "من أن يحشد الناس الذين حشدهم في الجمعة التي اسماها "صالح"بجمعة" التسامح "ثم إعلانه المنفرد بالموافقة على المبادرة الخليجية الثانية ،بما يتناغم مع "علي محسن "و"حسين الأحمر "و"حميد الأحمر"والشيخ عبد المجيد الزنداني "وبما بتناقض مع موقف الاشتراكي والناصري ،وحزب الحق والسّاحات "الثورية "
كل ثورة لها عاملان :ذاتي ،وموضوعي ،بالنسبة للعوامل الموضوعية للثورة واضحة في طبيعة غياب بناء الدولة ،اقتصاديا واجتماعيا واقتصاديا وثقافيا ...فطبيعة النظام الحاكم خلال 33سنة ،بجميع أطرافه ،انشغلوا ببناء كياناتهم القبلية ،والدينية ،والاقتصادية ،والشراكة السياسية والعسكرية ،التي تم بنائها كإقطاعيات تابعة لهذه الأطراف الحاكمة ...،وفي ظل نظام كهذا تم فيه خصخصة الثروة والأرض والمناصب السياسية ، من خلال احتكارها وتبعيتها لأطراف التحالف الحاكم ،وتحولت فيه ثقافة الفساد ،إلى إفساد منظم ،وأصبح فيه التعليم وكرا لمصادرة التفكير والفكر ،وحرم فيه تعليم الفلسفة ،والفنون ...والتنمية الاقتصادية فيه شبه معطلة بسبب الفساد والاحتكار السياسي للاقتصاد في إطار التبعية للأطراف الحاكمة ،وفرص العمل فيه شبه منعدمة ،خاصة مع نمو سكاني ،وتضخم للعملة ،ازداد انفلاتا خلال عقدين من الأزمات والحروب والاحتراب ،واهتزازات وعجز دائم في الموازنات الحكومية ،بسبب الفساد المنظم...كل ذلك وغيره يعد عاملا موضوعيا ل"الثورة"لكن العامل الذاتي ،يظل محل سؤال وتساؤل ،خاصة و"الثورة الشعبية"بدأت بمصطلح "ثورة الشباب"مما جعل "الثورة"دون حامل سياسي ،يعبر عنها ،هذا الفراغ للحامل السياسي ،جعل "اللقاء المشترك"هو المتوفر ،كآلية سياسية ،تلتقي في مطالبها السياسية مع "الثورة الشعبية"ولأن مطلب "اللقاء المشترك"عبر السنوات الماضية ،كان "إصلاح النظام "ومطلب"الثورة"هو تغيير وإسقاط النظام ،فإن التناقضات بين "الساحات الثورية"و"اللقاء المشترك "تصعد بين الفينة والأخرى ،مع كل بادرة ،ورؤية ومبادرة ...بل إن هذه التناقضات تظهر بشدة ،بين أطراف المشترك ،فالطرف "الراديكالي "فيه قد حسم أمره منذ بداية "الثورة"بخيار إسقاط النظام" ،في حين أن الأطراف التي شاركت في الحكم ،خيارها إصلاح النظام ،من خلال رحيل" صالح وعائلته"

يبقى السؤال عن طبيعة النظام الذي سيحكم بعد "الثورة"سواء عبر الشرعية الثورية ،أو عبر شرعية الانتخابات ،بالتأكيد سيكون جزءا من هذه المعطيات الموجودة في الواقع السياسي،فالمؤتمر الشعبي ،عبر كوادره المنشقة ،أو المستمرة في موالاتها ل"صالح"و"اللقاء المشترك"والقبيلة السياسية "والإقطاع العسكري ،والرأسمال القبيلي ،والرأسمال المدني ،وساحات الثورة ،كأرضية شراكة لجل هذه الأطراف ،...من خلال هذه الأطراف فإن القادم لن يكون إسقاطا للنظام ،وإنما "ترشيد للحكم "من خلال إشراك المجتمع في الحكم ،وليس تسليم الحكم للمجتمع !وفقا للقوة الفعلية للساحات ،كساحات غير منظمة ،يمكن احتواؤها ،وملئ الفراغ السياسي الذي تعانيه ،وهي ساحات تحتاج إلى مالا يقل عن ثلاث سنوات ،كي تبني حاملها السياسي،برؤية وأدوات تنظيمية جديدة ،توظف كل تقنيات الميديا ،عبر إشراك كوادرها في مواقع التواصل الاجتماعي ،وهو ما يعد حتى الآن ضعيفا ،وإن كانت "الثورة"قد جعلت الناس يلتفتون إلى أهمية هذه المواقع ،وغيرها من وسائل "الانترنت"لكنها تظل حتى الآن ضعيفة مقارنة بعدد السكان ...

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
16 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.