وقفة أخيرة ..على اطلال ثورة

أثبتت الوقائع التي نراها و نلمسها هذه الأيام أن الذين حاربوا الثورة من داخلها و سعوا في افشالها و تشويه و محاربة و قمع رجالها المخلصين باسم الثورة و تحت رايتها .. كانوا أخطر ممن حاربها من خارجها و سعى في افشالها و تشويه و قمع و محاربة رجالها المخلصين باسم النظام و تحت راية الشرعية الدستورية ..
تماما .. كما أثبت التاريخ أن الذين حاربوا الإسلام من داخله و سعوا في افشاله و تشويه و قتال المخلصين من رجاله تحت رايته و باسمه ..كانوا أخطر من الذين حاربوا الاسلام من خارجه و سعوا في افشاله و تشويه و قتال المخلصين من رجاله تحت راية الكفر و باسم الوثنية و الجاهلية ..
لأن الذي حارب الثورة من خارجها و أيضا الذي حارب الإسلام من خارجه .. لم يكن من الممكن أن ينتصر مهما حشد من أكاذيب و تظليل و مهما أنفق على التشويه الإعلامي و التحريض تحت اي عنوان و لا يمكن أن يزيف وعي الناس و يرسخ الزيف بديلا عن الحقيقة للتاريخ ..
بينما الذي حارب الثورة من داخلها و باسمها و أيضا الذي حارب الاسلام من داخله .. استطاع أن يثبط و يحبط و يوجه و يخرج الناس عن طريقهم و يشوه و يقمع و يكرس مفاهيم مغلوطة و حين أنفق على على الحملات الإعلامية لتزييف الوعي و تشويه المخلصين و التحريض عليهم نجح و رسخ وعيا زائفا للتاريخ و فرض خياراته و أجندته ..
و هذا ما يجب أن يعترف به شباب ثورتنا الذين سلموا مقاليد القيادة و القرار الثوري لقوى أتت من رحم النظام بل كانت أسوأ ما في النظام لتصبح هي الثورة و هي النظال و هي صاحبة الفضل .. فلم يكن متوقعا منهم غير هذا الذي نشهده اليوم من قتل للثورة و إعادة بناء النظام و تقاسماتهم للبلد بشكل أقوى و إدخال الوصاية على البلد لتصبح هي صاحبة القرار ..
و أم الدواهي أن يصبح الشباب في الساحات مجرد ورقة بيد نفس القوى النافذة التي كانت جاءت الى الثورة بنفس عناصر القوى التي اكتسبتها من النظام و استقوت على بقية قوى الثورة بنفس أدوات الاستقواء التي كانت مع النظام و سرقت الثورة بنفس اليد التي كانت تسرق من الشعب إرادته طوال سنوات النظام .. بعد ان تمكنت و امتلكت الساحات وصل بها الحد إلى أن توجه الشباب للقبول بالحوار على أساس أنهم طرفا في أزمة أو بالأصح مشكلة في أزمة و أيضا اختصار نظال عام كامل و مطالب ثورة شعب في 25 نقطة انهزامية سميت مصفوفة مطالب ثورة مع انها لا تخرج عن كونها استجداء السماح و العفو من الحكومة و أمنها القومي و السياسي عن الشباب الثائر على مشاركتهم في الثورة التي ظهرت في مصفوفتهم  " جريمة " و الحكومة و الأمن القومي  و السياسي تظهر بأنها أجهزة الشرعية و العدالة .. و أيضا استجداء إعطاء الشباب حصانة من عدم الملاحقة .. و أيضا استجداء مسامحة عدم محاكمة أو تنحية بعض الفاسدين من رموز النظام من قادة الجيش الذين سيطروا على الثورة ..
كنت أكتب من بداية الترحيب بتلك القوى في ساحات الثورة محذرا من هذا المآل و هذه النتيجة المؤسفة .. و كان آخر ما كتبت قبل أكثر من اسبوع و نصف " حوار ساحة ثورة .. أم حل مشكلة مرورية "  بأن الحوار مع الساحات سيتم اجراؤه عبر تشكيل ممثلين للساحات من المدجنين الذين سيقدمون مطالب هزيلة باسم الثورة و سيتم اجراء ذلك الحوار بشكل يلفه الغموض و التتويه و التجهيل الإعلامي .. و هذا ماحصل عندما أعلنت اللجنة التنظيمية عن مصفوفة مطالب انبطاحية تشحت أو تستجدي السماح و العفو من النظام و منح الساحات و من يديرها حصانة ..
ما يهون علي وطأة الألم و الحسرة هو أنني لم أتعشم من تلك القوى التي جثمت على صدر الثورة خيرا و لم أصفق لوعودهم و عهودهم الناكثة مقدما و التي لم كانت لعبا بعواطف الثوار و تنويم حماسهم و تفكيك روابطهم و تثبيط عزائمهم حتى تم الانتهاء من تنفيذ مشروع الحفاظ على النظام من داخل الثورة و باسم الثورة .. ذلك المشروع الذي لم يكن علي صالح و لا قواته يستطيعون الحفاظ عليه رغم ما يملكون من قوة و من شعارات ترفع الشرعية الدستورية و من مؤسسات دولة و جيش .. لماذا ..؟  لأن شرعية الثورة هي التي انتصرت و لذلك فإن الذين سرقوا و اختطفوا الثورة .. سرقوا و اختطفوا معها ذلك الانتصار و هاهم اليوم يجنون ثمارا زرعتها سواعد الشباب و روتها دمائهم الزكية و لم يتبق إلا البكاء على أطلال ثورة بدأ العمل على مصادرتها منذ جمعة الكرامة و حتى اليوم ..

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.