"حركة الأحرار اليمنيين والبحث عن الحقيقة " 3-2

يصف الأسودي ما حدث في أواخر الخمسينات عندما رحل الإمام أحمد للاستشفاء في إيطاليا ،ودخول القبائل إلى صنعاء بقوله "والحال أنه علم وهو في إيطاليا أن بعض المشايخ الكبار هم بالتحديد حسين الأحمر وابنه حميد وبعض آخر من أفراد الشعب مدنيين وعسكريين قدموا إلى البدر لتحسين أوضاعهم وانجاز بعض المطالب عن طريق البدر نفسه ،وكان البدر يحاول أن يظهر لهم عطفه وتقديره "36ص ،والحقيقة أن دخولهم كان دخول الفاتحين والمتفيدين ،فزواملهم كانت تردد "إمامنا الناصر ومن بعده حميد ...سبحان من رد العوايد لاهلها "ولقد استهانوا برمزية الدولة ،واستضعفوا البدر وابتزوه أموالا من خزينة الدولة ...وأما قول الأسودي بأن الشيخ حسين بن ناصر وابنه حميد حين طلبهم الامام أحمد للمثول بين يديه في السخنة في تهامة ،وأنهم لم يتوقعوا منه الغدر بالقتل فهو كلام مردود عليه بما ذكره عبد الغني مطهر في مذكراته حين نصح حسين ألحمر وابنه حميد بعدم الذهاب للإمام ،حينما جاءا إليه ليقترضان مبلغ الف وخمسمائة ريال ،ووضعوا بنادقهم عنده رهنا ،فرفض واعطاهم البلغ هبة منه ،ونصحهم بعدم الذهاب لأن لديه معلومات من المصريين بأن الامام سيقتلهم ،لكنهما في أعماقهما لا يستطيعان رفض أمر للإمام أحمد لما يمثله من رمزية الإمامة ،التي وإن تمردوا عليها لكنهم في اعماقهم يؤمنون بها !
يشير السودي إلى عملية سعيد حسن فارع "إبليس "ومحاولته اغتيال الامام أحمد في السخنة في تهامة ،لكنه لا يذكر لنا علاقة سعيد حسن فارع ومهته بالشيخ حسين بن ناصر وابنه حميد ،فقط يذكر لنا أنه أخذ قنابل من اللقية ،وتحرك للسخنة لتفيذ المهمة وهناك وشى به من نسق معهم للتنفيذ العملية !
يقول لنا الشيخ عبد الله في مذكراته "اثناء هذه الفترة كانت هناك خطة للقيام بشئ ضد الامام في السخنة ،وكنا ننتظر لتنفيذ الخطة وصول سعيد حسن فارع "إبليس "صاحب الحجرية من صنعاء ،ومعه القنابل ،وكان سعيد من أعضاء جبهة التحرير في عدن ،وكان معه سيارة ومكتبة في الحديدة "65ص.ثم يتحدث الشيخ عبد الله عن الاتفاق والتواصل بينه وبين سنان أبو لحوم ووالده وأخيه حميد وعدد من المشايخ بخصوص تنفيذ سعيد حسن فارع لمهمة اغتيال الإمام أحمد بواسطة القنابل ...ويبدو أن سعيد "إبليس "كان على تنسيق مع المشايخ ومع محمد علي الأسودي ،والأسودي بحسب مذكرات سنان أبو لحوم والشامي ،بالرغم من ان سنان أبو لحوم كان قد طالب بأموال من النعمان ومن الأسودي وحين لم يعطوه بالشكل الذي يريد ذهب يبحث عن القنصل البريطاني !-يرون أن الأسودي كان على صلة بالقنصل الأمريكي في عدن ،بل ويتهمونه بالتخابر مع الامريكيين ،وتقاضي أموال نضير ذلك !والحقيقة أن الأسودي أواخر الخمسينيات أصبح ولاؤه لمصر بشكل كلي ،فقلد استثمر علاقته ببعض عملاء الانجليز ،وكذلك ببعض ضباط المخابرات التابعين للانجليز ليكشف من خلالهم أكثر من عملية تخابر واتفاق ،وتخريب ،وكان يقدم تلك المعلومات للقيادة العربية في اليمن ...
يتحدث الأسودي عن سنة 1945م قائلا "في أول سنة 1945م افتتحنا دار الجمعية اليمنية الكبرى مقرا لحزب الأحرار ،وكان يوما أغر في جبين التاريخ على مستوى الساحة اليمنية كلها وقد أقيم حفل كبير دعي إليه مجموعة كبيرة من اليمنيين الشماليين والجنوبيين علىالسواء وقد تجلت عبقرية الزبيري الشعرية في هذا الحفل فأجج المشاعر والأحاسيس "141ص.لكنه لا يقول لنا أن القصيدة التي قرأها الزبيري في حفل الافتتاح كانت لأحمد المعلمي وقد أرسلها من سجنه في حجه عام 44م إلى الزبيري في عدن وطلب منه تمزيقها بعد قراءتها خوفا من الامام فقام الزبيري بنسخها وتمزيق النسخة الأصلية ،ثم بعد أن قرأها في حفل الافتتاح ،ضمنها ديوانه الذي طبع في الستينات في حياته !لولا أن البردوني في كتابه "رحلة مع الأدب اليمني رح بأن القصيدة للمعلمي ،والمعلمي بدوره هو والشامي لم ينكرا ذلك ،وإن بحثا عن تعليل للزبيري يعود إلى السهو !
ارتباط سيف الاسلام عبد الله بالامريكيين :
أشار الكثيرون إلى ارتباط سيف الاسلام عبد الله بالامريكيين ،وممن أشاروا إلى ذلك محمد علي الأسودي ،حين قال"وقد كان سيف الاسلام عبد الله من البداية متفاهما مع أمريكا بل إنه كان عميلا لها نحتى أنه لما قتل وجدوا لديه رصيد كبير باسمه في امريكا "48ص.يتهم الأسودي بيت حميد الدين بأنهم يحرمون على غيرهم ما يحلونه لانفسهم "وكان هذا البيت مشهورا بتعاطي الخمور وكل أنواع المخدرات ما عدا الكاهن الأكبر يحي عميد الأسرة ومؤسس الظلم والفجور "54ص.
يكتفي الأسودي بخصوص مسئول تعز الذي بلغ الشفرة المتفق عليها لقتل ولي العهد أحمد بعد قتل أبيه ،لكنه لا يذكر لنا اسمه رغم علمه باسمه !في حين أنه يذكر أن "عامل الحديدة الذي له ولاء مزدج للثورة علنا وللإمام سرا خان الثورة ورحب بالطاغية وتفاهم معه بأن يتجه إلى منطقة حجة "61ص.وهكذا فإن فشل عملية اغتيال ولي العهد كانت بسبب خيانة عامل تعز ،وعامل الحديدة الذين كان لهما ولاء مزدوج لحركة 48م في الظاهر وفي الباطن لولي العهد أحمد !...
يشير الأسودي في كتابه إلى أن الاستاذ أحمد محمد نعمان بعد فشل حركة 1948م ،وسجنهم "أبرق من حجة إلى وكيله بأن يستولي على مطابع صوت اليمن ويحولها إلى مطابع تجارية لحسابه الخاص برغم أنها ليست ملكه "86ص.ولهذا فإن الأسودي يرى أن إغلاق الانجليز لمقر الحركة في عدن ،وتصرف النعمان كان الهدف منه "وأد القضية تضامنا مع الأعداء "86ص.
إن من قاموا بقتل الإمام يحي هم حسب مذكرات الأسودي مجموعة من المشايخ الذين كمنوا له بالطريق وقتلوه هو ورئيس وزرائه العمري ...والحقيقة أن الكمين كان من رجال المشايخ وسيارة محملة برشاش كان قد جهزها معلم الجيش جمال جميل مما يعني أن الكمين نفذه بعض المشايخ والجيش وقد كانت نتيجة الكمين مقتل الامام يحي ورئيس وزرائه والسواق ،وأحد احفاد الامام ،الطفل "الحسين بن الحسن "
الصحوة اليمنية في الجنوب :
تحت هذا العنوان كتب محمد علي الأسودي عن الصحوة الوطنية التي بلغ نشاطها مع رابطة أبناء الجنوب العربي والمؤتمر العمالي وحزب الشعب الاشتراكي لمواجهة مخططات الانجليز بفصل عدن والدعوة من خلال عملائهم "وأغلبهم مستعربون وأجانب من أبناء رابطة الشعوب البريطانية للمطالبة بالحكم الذاتي لعدن فقط ،ومعنى هذا أن تصبح عدن منفصلة عن بقية مناطق الجنوب بحكم أن أبناء ءها هم الذين طالبوا بهذا الوضع ،وابناءها في نظرهم من مواليد عدن أيا كانت جنسياتهم ،ولكن ابناء الشمال وهم العنصر الغالب العربي لا يشملهم هذا الحق ،وعلى هذا تأسست الجمعية العدنية ،تلاها بعد ذلك جمعية المرأة العدنية وكلتا الجمعيتين قاصرة على دعاة الحكم الذاتي "89ص.لقد كان إلى جوار حركة أحرار الشمال -ممثلين في حزب الأحرار-هناك أيضا أحرار الجنوب "من يافع والواحدي والمنطقة الوسطى أمثال محمد عيدروس وآل الدميني وآل الزبيري ،والحواشب وغيرهم كانوا في معارك مستمرة مع الانجليز "94ص.وقد كانوا يلجؤن حسب الأسودي إلى الامام يحي ليعينهم في محاوربة الانجليز الاّ أن الامام يحي كان يأخذ المساعدات من الجامعة العربية ويستمر في تجميد الثوار "الاّ أن بعضهم بعد ما شاهد الوضع المتوكلي ورذائله في الشمال فضل أن يأخذ أمانا ويعود إلى بيته والوضع استمر كذلك في الشمال حتى قامت الثورة فأصبحوا من أبناء الثورة وقاتلوا أعداء الثورة في كل المواقع "94ص.
وعن تمرد القبائل العوذلية على الانجليز يقول تمردت القبائل العوذلية على الانجليز ولجاؤا إلى الحكومةالمتوكلية على أساس أنها اسلامية ستمنحهم الأمن والطمأنينة في بلادهم ...وهكذا أرسل الامام يحي 400 جندي من أولئك الهمج الذين يصعب عليهم التمييز بين الاسلام والكفر وبدل أن يجهز لهم معسكرا خاصا ...إذا بقائدهم يوزعهم على بيوت الأهالي طالبين الأكل والقات المميز ... "ص97.وانتهت هذه الحملة التي ارسلها الامام بغدر سلطان العواذل بقائدها وقتله وقتل الكثير من الجنود وفرار من تبقى ثم تخلي السلطان بالامارة لابن اخيه المرتبط بالانجليز وطلب الحماية !الغريب أن الأسودي يستخدم هذه الحادثة التي قامت على الغدر بجنود طلبهم سلطان العواذل ثم غدر بهم وبقائدهم بأنها من رذائل وجرائم الامامة !
موقف حسن العمري من ثورة الجنوب :يتحدث الأسودي عن موقف العمري من إرسال السلاح إلى ثوار الجنوب "وقد بدأت أول دفعة من السلاح ترسل إلى الجنوب ،وإلى ردفان بالذات ارسلتها القيادة العربية محملة بالجمال ...وبعد ذلك طلبني العمري لمقابلته،وكان غاضبا ويزبد وسألني إن كنت اعرف هذا فقلت له نعم أشعرني بذلك قيادة تعز ،وكان هذا لابد أن يحدث وسيلحق به تباعا أسلحة أخرى وبأي وسيلة كانت ...وقد أدركت فيما بعد من شواهد كثيرة أن العمري لم يكن وحده القلق على رد الفعل الانجليزي ،فقد كان يشاركه آخرون من الزعماء الكبار .وقلقهم هذا أنهم لا يريدون أن يتحرر الجنوب وتصبح هناك حكومة ثانية ،وقد كانوا فوضوا أحدهم لكي يتصل بالانجليز في هذا الصدد وبسرية تامة ."107-108

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
11 + 7 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.