القربي في مواجهة الإخوان في اليمن

" نقلاً عن صحيفة الأولى "
يتعرض هذه الأيام الدكتور / أبو بكر القربي لحملة اخوانية عابرة للقارات ممتدة من واشنطن يتزعمها منير الماوري سفير علي محسن الدائم " فوق العادة " هناك وتتلقفها وسائل اعلام الإصلاح, كل من الطرفين له غرضه الخاص, فالماوري يسعى وبكل قوة ليعين سفير ويبذل في سبيل ذلك الغالي والنفيس منتقلاً من الهجوم على صالح الى كيل المديح لذراعه اليمين سابقاً علي محسن الأحمر, وبالنسبة للإصلاح فلديهم مشكلة مع كل ما هو مؤتمري ابتداء من وزير الخارجية وانتهاءً بأصغر فراش في أي مصلحة حكومية, يريدون احلال كوادرهم محل الآخرين وبكل وسيلة ممكنة مستخدمين الثورة كقميص عثمان .
وقعوا المبادرة بحجة ان المرحلة تقتضي التوافق حماية لليمن من الانجرار الى ما لا يحمد عقباه, وعندما يتخذ القربي او غيره مواقف متوازنة لا تعبر عن طرف بعينه تثور الدنيا عليه, فلا هم بالثوريين الذين يؤيدون كل الثورات وعلى رأسها ثورة البحرين وسوريا ولا هم في نفس الوقت توافقيين ليقبلوا اتخاذ مواقف وسطية تجنبنا الدخول في صراع المحاور, يريدون أن يضعونا أمام خيارات بوشية " نسبة الى الرئيس الأمريكي السابق " صاحب مقولة " اما معنا أو ضدنا "
نُشر خبر امتناع اليمن عن التصويت على قرار ادانة سوريا الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة وسرعان ما انتشر الخبر كالنار في الهشيم, وبدأت الصرخات تعلوا ضد مندوب اليمن  وكأنه ارتكب خطيئة أبونا آدم وأكل من الشجرة التي ستخرجنا من جنة السعودية, ثم بدأت حملة على وزير الخارجية الدكتور ابو بكر القربي تُحرض عليه في كل مكان ومن على كل منبر وحتي في مجالس القات واتهامه بأنه ينفذ سياسة صالح في ادارته للخارجية .
يجب أن نعترف أن هناك انقسام داخل اليمن بخصوص الثورة السورية خصوصاً بعد اتضاح الأبعاد الحقيقية لها التي أوضحها الكثير من الكتاب العرب والأجانب وعلى رأسهم الكاتب الكبير / محمد حسنين هيكل والتي سأتكلم عنها بالتفصيل في مقال بعنوان " دفاعاً عن سوريا لا عن النظام " سينشر في عدد الغد ان شاء الله, وعلى ضوء هذا الانقسام الذي يوجد حتى داخل المشترك نفسة وبناءً على الاتفاق المسبق أن القرارات تتخذ بالتوافق فالأجدر بمندوبنا الامتناع عن التصويت أسوة بالمندوب اللبناني والجزائري, يجب علينا أن نمارس سياسة النأي بالنفس التي تتخذها الحكومة اللبنانية تجاه الأزمة السورية, خصوصاً بعد التقارير الدولية ومن المنظمات الحقوقية التي تتهم بعض المجموعات الثورية والجيش الحر بارتكاب جرائم ضد الانسانية وصلت الى الاعدامات الميدانية للمؤيدين للنظام في ممارسات مشابهة لبعض المجموعات المحسوبة على النظام " الشبيحة  " , ان سياسة النأي بالنفس مطبقة في لبنان منذ عهد حكومة الحريري الأب والابن ومستمرة في عهد حكومة نجيب ميقاتي الحالية حيث يمتنع المندوب اللبناني عن التصويت على القرارات المتعلقة بالقضايا الخلافية مثل الملف النووي الإيراني أو الملف السوري, ولم يكن يتحرج الحريري من ذلك مع ولائه المطلق لأمريكا والسعودية وكانوا يقدرون موقفه .
لماذا لا يحترم رأي حزب البعث والأحزاب الاخرى الشريكة في الحكومة والتي تريد ان نكون طرفاً محايداً في الأزمة السورية ؟ أين التوافق الذي تزعمون ؟ لماذا يتم إحراج هذه الأحزاب وإظهار أنها هامشية في المشترك والحكومة ؟ لماذا لا نستغل هذا التنوع في الحكومة لنعلن الحياد في بعض القضايا حفاضاً على مصالحنا ووحدتنا الداخلية بحجة الخلافات داخل الحكومة وحتى لا ينفرط عقدها ؟ وبالتأكيد ستتفهم السعودية وغيرها ذلك كما تتفهم موقف لبنان ؟ لكننا ملكيين أكثر من الملك, نظهر ولاء أكثر من المطلوب منا .
القربي ومندوب اليمن يمثلون الحكومة ولا يمثلون أجندات الإخوان المسلمين في سوريا و لا يمثلون السعودية وعليه يجب ان تكون مواقف الخارجية توافقية ما لم فالامتناع عن التصويت هو الحل .
إن الانبطاح للسعودية والانجرار وراء سياستها المتماهية مع السياسات الأمريكية وبالتالي الصهيونية ضد مصلحتنا القومية والإسلامية , والمواقف التي ستتخذها حكومتنا اليوم سَتُحسب علينا لاحقاً عندما تتضح الأمور وينجح المخطط وتصل سوريا الى الحرب الأهلية أو التقسيم لا قدر الله, لا يجوز أن تتخذ مواقفنا في مثل تلك القضايا الجدلية والحساسة وفقاً لمصلحة آنية أو دعم مالي لشراء مواقفنا ببضع ملايين من الدولارات كمساعدات .
علينا أن لا نكون جزء من الصراع فالوضع الداخلي لا يحتمل وكلما كنا مستقلين كلما حاول الجميع ارضاءنا, أما اظهار الولاء العلني والتبعية المطلقة ستجعلهم يتعاملون معنا وفق المثل الشعبي " هم في الجيب " وبالتالي فلن نستفيد حتى من التبعية .
وبالعودة الى موضوع وزير الخارجية والحملة عليه بسبب الامتناع عن التصويت فقد كان فيها الكثير من التضليل المتعمد بل والتدليس لان امتناعنا عن التصويت لم يكن موقفاً انما كان بسبب أننا ممنوعون من التصويت أصلاً بسبب تأخر حكومتنا عن تسديد التزاماتها المالية للأمم المتحدة وبذلك فموقف القربي والخارجية كان مخيب للآمال وللتوافق لان توجيهات الخارجية كانت تقتضي الموافقة على القرار وتأييده تماشياً مع رأي المجموعة العربية المحكومة بالريال السعودي والتوجيهات الأمريكية ولولا اننا محرومون من حق التصويت لكانت اليمن صوتت مع القرار وللأسف الشديد, والغريب أن موقف مندوبنا معلن ومعروف خصوصاً لمنير الماوري " سفير علي محسن الدائم في واشنطن " الا أن العامل الشخصي والحقد على القربي جعله يسارع في التدليس على موقف الخارجية  عبر الايحاء الى بعض المواقع الإخبارية الإخوانية بتحميل الخارجية المسؤولية مع علمه المسبق بأن اليمن ممنوعة من التصويت بل وكتابته عن الموضوع قبل اشهر, أي ان الحملة على القربي كانت متعمدة مع سبق الإصرار والترصد, ولولا البيان الذي وزعته وكالة سبأ لكنا تجملنا من القربي لموقفه الذي كنا نضن أنه توافقي لأننا لم نكن نعلم تفاصيله وياليتنا لم نعلم تفاصيله  .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
3 + 11 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.