من جمعة الكرامة إلى سبت الحصانة

جاءت الثورة اليمنية كضرورة حتمية لما عانى منه الشعب اليمني من النظام وتسلطه على رقاب الأمة واستئثاره بثروات الشعب ومقدراته، وفتاوى انتهك بها الحرمات، واستباح بها الدماء، ومرغ وجه الكرامة اليمنية، نتيجة لكل ذلك خرج الشعب اليمني في ثورة شبابية سلمية هدفها إسقاط منظومة فاسدة أتت على الأخضر واليابس، وبغية للحرية والكرامة والعدالة والمساواة، وكانت جمعة الكرامة الضربة القاضية التي وجهت للنظام، وكشفت زيفه وأخزته أمام البقية الباقية من الذين تعاطفوا معه أو اشترى تعاطفهم معه على الأصح.

ولما لاحظت القوى الخارجية المستفيدة من النظام والتي من مصلحتها بقاءه الزخم الشعبي الذي حظيت به الثورة النزية والنبيلة , وبعد أن بلغ التأييد الشعبي لها ذروته خاصة بعد جمعة الكرامة، سارعت إلى تقسيم النظام إلى مجموعة أقسام، كل قسم يؤدي دوراً معيناً مرسوماً، فبعضه أعلن نفسه زعيمًا لجيش منشق مؤيد للثورة، وبعضه جعل نفسه زعيماً لقبائل سارعت إلى تأييد الثورة، والبعض الآخر ظل في مكانه يؤدي دور النظام المدافع عن الشرعية الدستورية، ليدخل في صراع مع المجموعات الأخرى، ويشغلوا الشعب بنزاعات وحروب مفبركة ما أدت إلى هزيمة أحد منهم، ولا أضرت منهم بأحد، وجاءت المبادرة الخليجية لتلعب لعبتها في استغلال الوقت لامتصاص غضب الثائرين، ولفت اهتمامهم إلى ما ستئول إليه من نتائج، والانشغال عن الفعل الثوري بمتابعة التعديلات، ومحاولات إقناع النظام بقبول تلك المبادرة، لينتهي بها الأمر إلى احتواء الثورة، وامتصاص الزخم الشعبي والتأييد التام للثورة الشبابية من قبل كل طوائف الشعب وأطيافه، وتشويهها بانظمام مجموعة من الفاسدين بغية تشويه الصورة الحقيقية والنزيهة والمشرفة للثورة ومبادئها السامية وأهدافها النبيلة، ليبقى كل شيء على ما هو عليه، فقائد الحرس الجمهوري هو هو، وقائد الأمن المركزي هو هو، وقائد الفرقة الأولى مدرع هو، وهؤلاء جزء من منظمومة الفساد التي خرج الشعب لإسقاطهم و وهذه هي المفاصل الحقيقية للدولة لازالت بأيديهم ، وليس للشباب إلا ما خسروه من أرواحهم ودمائهم.
إلا أن الشعب مدرك لكل هذه الحيل والمؤامرات والدليل رفضه للمبادرة ونتائجها وخصوصا دينامو الثورة شباب الساحات، حتى أن القوى الخارجية التي صنعت هذه المباردة باتت تدري أنها لم تعد ذات جدوى وأنها لن تأتي بالنتائج المرجوة منها فأصبحت تبحث عن بديل بما يضمن لها احتواء الشعب الثائر، وتفادي ما تخشاه من أن تصل الثورة اليمنية إلى أنظمتها الدكتاتورية.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
11 + 9 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.