فيسك: الربيع العربى تسمم

 
استعرض الكاتب البريطاني روبرت فيسك الأوضاع في تونس عقب ثورة الياسمين وقارن بين أحوال البلاد في عهد الرئيس المخلوع زين العابدين بن علي الذي حكم البلاد بقبضة حديدية لأكثر منذ 23 عاما والحال عقب فوز حزب النهضة الاسلامي بالانتخابات .
واعتبر فيسك في تحليله للاوضاع ان الربيع العربي "تسمم"وانتهى الأمر بعد طلب الحرية والسعى إليها الى الحياة في رقابة مستمرة وتعصب متنامٍ وبطالة.
وتساءل فيسك في مقاله:"هل تود أن تتذكر كيف كانت عليه الحال زمن زين العابدين بن علي؟" واستعرض فيسك الاوضاع واصفا  شارع الحبيب بورقيبة، الذي كان حتى أسابيع قليلة مطوقا بالعربات المصفحة وبالأسلاك الشائكة.
بعدها، يستعرض الكاتب الحياة في ظل حكم بن علي وتباهي أقرباء الرئيس وحياة البذخ والرفاهية التي كانوا يحيونها أمام أعين الشعب الذي عاش  في فقر مدقع .
ولفت فيسك الى جماهير الشبيبة التونسية التي كانت تتغني وتشدو تأييدا للمشروع الإصلاحي الذى يقوده الرئيس بن علي، وعن مدى التصاقهم بقضايا تونس وولائهم لها واستعدادهم للمساهمة بتنميتها وتطويرها"، وفقا لافتتاحية إحدى الصحف المحلية في عهد زين العابدين.
ونقل فيسك عن سلوى راشدي تقديرها للكتاب الذين كانوا يقفون امام ديكتاتورية زين العابدين وقولها  "الحمد لله على الحرية".
ولفت فيسك في المقابل هناك صحفيون تونسيون يرون ان الوضع في تونس مقلق أكثر من قبل ، ونقل فيسك عن صديق صحفي في تونس قوله:"لا تحدثني عن الكتاب الليبراليين ، هل تعلم أن 92 في المائة من الكتب التي تنشر الان في تونس كتب إسلامية؟".
وقارن فيسك بين الأوضاع في تونس ومصر قائلا:" يكفي أن تونس لا تخضع مثلا لحكم العسكر من أمثال المشير محمد حسين طنطاوي، رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ، وأنها بعيدة عن العنف الدائر بين البحرين وسوريا".
وحول طبيعة تغير الاوضاع بعد انتهاء حكم الديكتاتور وحكم حزب النهضة يستعرض فيسك قصة اعتقال صحفيين بسبب  "فضيحة" نشر صورة للاعب كرة قدم ألماني من أصل تونسي يحتضن زوجته الألمانية "شبه عارية".
ويعلق فيسك:" إنها القصة القديمة الأخلاق في مواجهة الحرية".
وأوضح فيسك أن حزب النهضة الذي حصل على 40 في المائة في الانتخابات استخدم في اعتقال الصحفيين الثلاثة قانون العقوبات نفسه الذي كان يطبقه بن علي.

ولفت فيسك الى ان تطبيق القوانين الديكتاتورية ذاتها ليس هو فقط ما يقلق الان في تونس انما ايضا  وجود أكثر من 800 ألف من أصل الملايين العشرة من سكان البلاد عاطلون . كما أن معدل النمو في البلا خلال 2011 بلغ صفر في المائة.
ومن المظاهر التي وضحت عقب الثورة ايضا تحويل السلفيين للمباني الحكومية في بعض مناطق البلاد إلى سجون "للمذنبين الآثمين"، وغالبيتهم ممن ضبطوا يشربون الخمر.
ولفت الى ان عددا أكبر من النساء أصبح يرتدي النقاب، وأخذ الرجال يطلقون لحاهم ويرتدون زيا أفغانيا".
ونقل فيسك عن الكاتب عبدالحميد قماطي قوله: "لقد أعطت تونس للعالم أبطالا عظاما مثل هانيبعل وجوغورثا وابن خلدون وحتى الحبيب بورقيبة، فلماذا يتحدث السلفيون والإسلاميون والوهابيون والأفغان عن بتر الأعضاء ويصدرون الفتاوى، وهم لا علاقة لهم بحضارتنا وبفكرتنا عن الدين وبقيمنا التي تطورت على مر السنين؟".