انتصار سورية على الإرهاب هزيمة لمشروع كيان العدو وأميركا التقسيمي

 

كما هو معروف فإنه في ظل المخطط الأميركي الصهيوني الرامي إلى إقامة الشرق الأوسط الكبير، والهادف إلى تفتيتِ الدولِ، واستبدالها بدويلات ضعيفة تقوم على أسس عرقية ودينية ومذهبية وعشائرية،

 

تدور جميعها في فَلَكِ الكيان الصهيوني، وما يفضي إليه ذلك بالضرورة مِن وَضْعِ اليَدِ الأميركية الصهيونية على ثروات المنطقة وقدراتها، والتمهيد لتأمين المصالح الاقتصادية الأميركية في هذه المنطقة، ورفد ما يمكن اختلاقه من بؤر توتر انفصالية.‏

 

وفي ظل هذا المخطط، الذي لم يتغير من حيث الأطماع الصهيونية والأميركية، والسبب في ذلك، أن سورية، دولة وشعباً، هي الدولة العربية، التي استمرت في مواجهة المشروع الاستعماري الصهيوني منذ بداية استيطانه في فلسطين ومحاولاته المستمرة للتوسع على حساب الأراضي العربية، وهي التي تصدت لاعتداءات كيان العدو منذ عام 1948، وهي التي خاضت مع مصر حرب تشرين ضدها، وحطمت أسطورة «الجيش الذي لا يقهر»، وهي التي تصدت للعدوان الإسرائيلي على لبنان عام 1982 ومنعته من تحقيق أهدافه، وهي التي ساعدت المقاومة الوطنية في لبنان على تحرير الجنوب اللبناني عام 2000، ثم هزمت الكيان الصهيوني في عدوانه على لبنان صيف عام 2006، وهي التي وقفت إلى جانب المقاومة في غزة أثناء العدوان عليها أواخر عام 2008 وأوائل عام 2009.‏

 

في ظل كل ذلك تتبين أسباب الحقد الصهيوني الأميركي على سورية والأطماع الصهيونية القديمة والجديدة فيها، والتي عبر عنها أكثر من مسؤول بأن سورية هي الوحيدة التي أبقت قضية فلسطين حية في النفوس، وهي التي أوجدت، وساعدت المقاومة الفلسطينية، علاوة على ذلك فسورية تتصدى لمخططات الإدارة الأميركية الرامية إلى الهيمنة على المنطقة العربية وتسيّيد كيان العدو عليها.‏

 

فسورية في نظر الولايات المتحدة والكيان الصهيوني هي العقبة الوحيدة أمام مخططاتهما في المنطقة، كما أنها تشكل تهديداً وجودياً وحقيقياً للأطماع الصهيونية، وهذا ما دعا الولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني وحلفاؤهما من الدول الغربية التحرك وبكامل الثقل الإعلامي ضدها، أولاً لتجريم الجيش السوري، ووضع سورية في دائرة الاستهداف الغربي والدولي الدائمين ثم التحرك بكامل الثقل الاستخباري العسكري.‏

 

وثانياً وهذا هو الهدف المركزي للولايات المتحدة الأميركية والكيان الصهيوني والقوى الغربية، هو تفكيك سورية وتقسيمها إلى دويلات طائفية وإثنية متنازعة ومتحاربة فيما بينها لأن تحقيق هذا الهدف المذكور هو الذي يريح كيان العدو، ويساعدها على تحقيق هيمنتها كي تصبح المهيمنة على المنطقة.‏

 

لذلك لا نستغرب اعتداءاتها المتكررة ضد سورية، إذ أقدم الكيان الصهيوني خلال أقل من أسبوع على القيام بعدوانين جديدين ضد سورية، كما أقدمت الولايات المتحدة الأميركية في أيضاً على القيام بعدوان همجي جديد ارتكبته قوات ما يسمى «التحالف الدولي» بقيادة الولايات المتحدة الأميركية في ريف دير الزور الشمالي الشرقي.‏

 

إن الصهيوني والأميركي وبعض أدواتهما الإقليمية والداخلية بالداخل السوري بدورهما حاولا وما زالا يحاولان المسّ بوحدة الجغرافيا والديمغرافيا للدولة السورية، فقد أظهرا منذ بداية الحدث السوري رغبته الجامحة بسقوط سورية في أتون الفوضى، ودفع كثيراً باتجاه انهيار الدولة والنظام السياسي، فكانت لهما صولات وجولات في هذا السياق، ليس أولها دعم المجاميع المسلحة الإرهابية بالسلاح وتنفيذ ضربات ضد سورية إسناداً للجماعات المتطرفة، والتأثير على إنجازات الجيش العربي السوري.‏

 

إن هذا العدوان بوجهيه الصهيوني - الأميركي يشكل حلقة من المخطط المعادي الذي يستهدف سورية ودورها الفاعل والمؤثر في مواجهة المشروع الامبريالي الصهيوني في المنطقة وإحدى أدواته الإرهاب المنظم الذي يمارسه كيان الاحتلال وحليفته الولايات المتحدة الأميركية ضد قوى المقاومة والصمود.‏

 

كما أنه جاء ليعبر عن انزعاج الكيان الصهيوني وحليفته الولايات المتحدة الأميركية ومن يدور في فلكهما من أنظمة عربية وإقليمية متورطة بالمشروع الصهيو أميركي، إذ ترافق العدوان الجديد مع الإنجازات التي يحققها الجيش العربي السوري والقوات الحليفة والرديفة على امتداد الجغرافيا السورية وتوجيه ضربات قاصمة للعمود الفقري للإرهاب، وهو ما يؤكد حقيقتين ماثلتين إعلان الجيش السوري الباسل والدولة السورية على الانتصار النهائي على التنظيم الإرهابي «داعش» وطرده من الأراضي السورية، ما يكشف أن تزامن العدوان الصهيوني - الأميركي مع هذا الإعلان عن العلاقة الوثيقة بين العدو الصهيوني والإدارة الأميركية وقوى الإرهاب، وبأن الإرهاب يشكل خط الدفاع الأخير عن هذا الكيان الصهيوني الاصطناعي، وأن هزيمته في سورية، هزيمة لهذا العدو العنصري.‏

 

ونلحظ ذلك من التضليل الإعلامي الذي اتخذه جيش العدو الصهيوني في التعامل مع عدوانه والاعتداءات السابقة، فيتبنى تبريرات كاذبة، ويختلق الأضاليل عنها، وهو دليل على فشل أهداف العدوان، وعلى أن مشروع الإرهاب الذي يقف وراءه يحتضر، ويتلقى النكسات والنكبات، ويتدخل مباشرة بمثل هذا العدوان لتعويض بعض إخفاقات أدواته على الأرض.‏

 

هذا العدوان الغادر لا يتعدى على أنه تعبير عن حالة إفلاس حقيقي لما يمرّ به الكيان الصهيوني، يريد عبره طمأنة الداخل الصهيوني كمحاولة للقفز على خيباته التي أصبحت على مستوى التجمع الاستيطاني الصهيوني في داخل الكيان، وأنه منذ سنة 2006 إلى الآن وقادة الكيان يكذبون على مجتمعهم، ويسوّقون قدرات الكيان الرادعة أمام مستوطنيهم بالقول إن الدولة السورية ستسقط وإن حزب الله سيدمر ويستنزف، ما جعل هناك شرخ كبير بين المستوطنين الإسرائيليين وبين كذب قادة الكيان، وهذا العدوان يمكن أن يكون كحالة لترميم الانهيار النفسي والمعنوي للداخل الصهيوني.‏

 

لكن الرد السوري الذي شكل صفعة كبيرة لقادة الكيان، وجاء دفاعاً عن السيادة السورية، وهو حق مشروع، سيزيد من الأزمة الداخلية لكيان العدو، وخصوصاً بعد فشل العدوان، وتكبد العدو خسائر جسيمة، ولم يستطع إخفاءها، واعترفت ببعضها وسائل إعلامه، وستكون لها تداعيات خطيرة تهز كيان العدو وحكامه، تجعلونهم يفكرون كثيراً قبل تكرار هذا العدوان، وخصوصاً حالة الهلع والذعر التي انعكست في سلوك المستوطنين الإسرائيليين ولاسيما في شمال الأرض المحتلة.‏

 

ويحاول الكيان من خلال عدوانه التشويش على الحل السياسي للأزمة بعد التقدم الكبير على صعيد الميدان، والذي أطلقته مخرجات الميدان، إذ يستاء الكيان منها لأنها ستلزم مجموعاته الإرهابية الالتزام بمقرارات مؤتمرات سوتشي وآستنة وجنيف، إذ يرتبط كيان العدو الإسرائيلي بعلاقة وثيقة مع التنظيمات الإرهابية في سورية، فقد عثر عشرات المرات على أسلحة إسرائيلية داخل أوكارها، لذلك يسعى العدوان الإرهابي إلى توتير الوضع في سورية من خلال قواه العميلة هناك، كتعبير عن الإفلاس من قبل الكيان على مجمل خيباته.‏

 

يبرز من خلال الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة أنها أصبحت سلوكاً ممنهجاً بهدف حماية الإرهابيين من يحاولون قدر الإمكان إخراج هذه المجاميع المسلحة من غرف الإنعاش التي وضعتهم فيها قصة وملحمة الصمود للدولة السورية بكل أركانها، وكل هذه المحاولات لن تؤثر، ولن تثني من عزيمة الدولة السورية المصرة على قطع دابر الإرهاب وداعميه ومحركيه ومموليه عن الأرض السورية.‏

 

إن سورية التي صمدت لسبع سنوات في مواجهة حرب إرهابية كونية، تمسك الآن بزمام المبادرة وتحقق الانتصار تلو الانتصار، وهي ترد على العدوانية الصهيونية، بإسقاط طائرة معادية وإصابة طائرات أخرى ستواصل الحرب على الإرهاب، لأن القضاء على الإرهاب في سورية، هزيمة مدوية للعدو الصهيوني وحليفتها الولايات المتحدة ولكل الدول التي رعت الإرهاب وفشل ذريع لكل مشروعات التقسيم والتفتيت الصهيونية ـ الأميركية، ويؤكد تصميم سورية بقيادة وحكمة السيد الرئيس بشار الأسد وبسالة جيشها وصمود شعبها على سحق الإرهاب واجتثاثه من جميع أراضي الجمهورية العربية السورية مهما تعددت وتنوعت أشكال الدعم المقدم لهذه المجموعات الإرهابية.‏