هادي يطيح بن دغر: تحصين للنفوذ السعودي وتبرئة للإمارات

 

أقال عبد ربه منصور هادي، أمس، أحمد عبيد بن دغر من رئاسة حكومته، مُعيّناً مكانه «الناصري» الشاب، وزير الأشغال معين عبد الملك، صاحب العلاقة الوطيدة بالسعودية. خطوة استهدفت حرف الأنظار عن مسؤولية التحالف عن الأوضاع المعيشية، وإرضاءً جزئياً لـ«الانتقالي»

 

أخيراً، أقال الرئيس اليمني المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، رئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر، الذي ينتمي وإياه إلى الحزب نفسه (المؤتمر الشعبي العام). خطوة ظهرت لأول وهلة على أنها تسوية مع «المجلس الانتقالي الجنوبي» المعارِض لحكومة بن دغر والمدعوم إماراتياً، قبل أن يتّضح أنها مجرد سحب للبساط من تحت أقدام «الانتقالي» ومِن خَلفه الإمارات، وإن خدم الأخيرة في تعليق الفشل الحكومي على بن دغر. فإقالة الرجل أتت في ظروف سيئة يمرّ بها التحالف السعودي ــ الإماراتي، خصوصاً مع تصاعد النقمة الشعبية في مختلف المناطق على الأداء السلبي في ملفات الاقتصاد والخدمات، وتوجّه أصابع الاتهام إلى «التحالف» كمسؤول عن الواقع المزري، لا سيما في المحافظات الجنوبية. حالة من النقمة تفاقمت في الآونة الأخيرة، وبات يعبّر أصحابها عن أنفسهم بشكل أوضح وغير مسبوق، في ظلّ تنامي التيار المعارض للاحتلال الإماراتي ــ السعودي، وخروجه في احتجاجات ترفع شعارات مناهضة للوجود الخليجي، وتُحمِّله المسؤولية عن الأوضاع المعيشية، وصولاً إلى تمزيق صور رموز الاحتلال من أمراء أبو ظبي والسعودية.

 

واقع لم ينجح وكلاء الإمارات في المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن في احتوائه، على رغم تركيزهم على مسؤولية الحكومة ورئيسها. وأمس، أصدر هادي قراراً قضى بإقالة بن دغر «نتيجة للإهمال الذي رافق أداء الحكومة... وعدم قدرتها على اتخاذ إجراءات حقيقية لوقف التدهور الاقتصادي في البلد، وخصوصاً انهيار العملة المحلية، ولفشلها في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمواجهة كارثة إعصار لبان بمحافظة المهرة...». وتضمّن قرار الرئيس المنتهية ولايته إحالة بن دغر إلى التحقيق، وتعيين معين عبد الملك مكانه رئيساً لمجلس الوزراء، وتعيين سالم أحمد سعيد الخنبشي نائباً له، مع الإبقاء على التشكيلة الحكومية والحقائب الوزارية على حالها.

 

يُّعد معين عبد الملك أحد أزلام السفير السعودي في اليمن

 

رئيس الوزراء الجديد شاب ينحدر من محافظة تعز، يُعدّ من أزلام السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، الذي يتولّى متابعة الجزء الأكبر من الجانب السياسي في الملف اليمني. وتربط عبد الملك علاقة قوية بالسفير السعودي، وهو ينتمي إلى محافظة شمالية وفق التقسيم المناطقي السائد في اليمن حالياً، على عكس بن دغر «الجنوبي». ويُحسَب رئيس الحكومة الجديد على «التنظيم الوحدوي الناصري» المتحالِف مع «التجمع اليمني للإصلاح» (الفرع اليمني لتنظيم «الإخوان المسلمون»). ويُعدّ اختيار الرجل مؤشراً إلى تمسّك سعودي أكبر بالنفوذ في اليمن، بوجه النفوذ الإماراتي المتنامي.

 

وعبر خطوة أمس، التي لم تكتفِ بإقالة بن دغر بل وأحالته إلى التحقيق، حاول «التحالف» حرف الأنظار عن مسؤوليته عن تردّي الأوضاع المعيشية وانهيار العملة اليمنية، في تجاهل فادح لممارسات الاحتلال، ومنعه تصدير ثروات النفط والغاز، وإغلاقه الموانئ والمطارات. وعلى رغم النقمة الشعبية على فساد الحكومة، سرعان ما بدأت ردود الفعل الشعبية والسياسة التي تشكِّك في القرار، وتضعه في إطار «التنويم» وتبرئة ساحة الإمارات والسعودية من الواقع الاقتصادي المرير في اليمن. في جانب آخر، تُحدِث الخطوة عملية «تنفيسية» للاحتجاجات التي قادها «الانتقالي» المدعوم إماراتياً ضدّ الحكومة، على رغم أنها لا ترضيه بأي حقيبة وأسماء تناسب توجّهاته ومطالباته بأخذ دور أكبر في المشهد السياسي.