رئيس جديد لحكومة هادي: «الحلفاء» يمتعضون ولا يعترضون

أثار قرار عبد ربه منصور هادي تبديل رئيس حكومته ردود فعل متفاوتة في أوساط القوى المحلية الموالية لـ«التحالف». وعلى رغم ما حملته تلك الردود من امتعاض أكد أن القرار جاء نتيجة ضغط سعودي، إلا أنّ من غير المتوقع أن يتمرّد أحد عليه، خصوصاً في ظلّ المرحلة الحرجة التي تمرّ بها الرياض

 

في خضمّ الأزمة المستمرة التي ولّدها قتل الصحافي السعودي، جمال خاشقجي، تجد الرياض وأبو ظبي متسعاً من الوقت لمتابعة خلافات حلفائهما في اليمن وإدارتها. إدارة جاء آخر تجلّياتها على شكل قرار إقالة وإحالة على التحقيق، أصدره الرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، بحقّ رئيس حكومته أحمد عبيد بن دغر. وعلى رغم أن القرار المذكور لم يَرُق أطرافاً عدة، على رأسها «المجلس الانتقالي الجنوبي»، إلا أن المرجّح أن يسهم في تنفيس الاحتقان بين «الشرعية» وحلفاء الإمارات لفترة ما، ويعيد هندسة توازن القوى السعودي - الإماراتي على الساحة الجنوبية.

ووصف المتحدث باسم «الانتقالي»، سالم العولقي، أمس، إقالة بن دغر بـ«الفهلوة»، مشيراً إلى أن «هذا التغيير لا يعبّر عن توجّه حقيقي لمواجهة الفساد»، مضيفاً أن «إبقاء الحكومة نفسها مؤشر واضح على أن هناك قوى تريد استمرار الفساد». وقال العولقي، في تصريحات صحافية، إن «المجلس لن يشغل أي تعيينات أو حقائب وزارية، بل سيواصل الطريق لمكافحة الفساد وتفكيك منظومته»، بعدما كان متوقعاً استرضاء «الانتقالي» بحقائب وزارية في حكومة هادي. وبمعزل عن الطابع الدعائي لتلك التصريحات، التي يجد «الانتقالي» نفسه بحاجة إليها حتى لا يفقد المزيد من صدقيّته أمام جمهوره، إلا أنه سيكون ملزماً بالخضوع لمقتضيات الترتيبات الجديدة، خصوصاً في ظلّ الضغط الدولي المتزايد على السعودية. وهو ضغط لم توفر الرياض وكلاءها في اليمن للإسهام في التخفيف منه، مثلما أوحى به البيان الصادر أول من أمس عن رئيس «الانتقالي» عيدروس الزبيدي، الذي استنكر «الحملة المفتعلة والمجحفة على السعودية»، على خلفية الاتهامات المُوجّهة إليها بشأن قضية خاشقجي.

أما على مقلب «الشرعية»، فقد بدا واضحاً من خلال تصريحات عدد من شخصياتها، وتسريبات المصادر المُقرّبة منها، أن ثمة امتعاضاً من القرار الذي جاء نتيجة ضغط سعودي، ليُقدَّم بموجبه بن دغر «كبش فداء» لا أكثر. في هذا الإطار، رأى مستشار هادي، سلطان العتواني، أن «المبررات المُعلَنة لإحالة رئيس الحكومة على التحقيق ما هي إلا صبغات لكي يكون القرار موضوعياً لدى مُتّخذه»، متسائلاً: «مَن يحقِّق مع مَن؟». ورأى العتواني، في تصريحات صحافية، أنْ «لا جدوى من هذه التغييرات، فالحكومة لا تتحمّل مسؤولية ما وصلت إليه البلاد»، مشدداً على «ضرورة استجابة السلطات في اليمن للضغوطات الوطنية بدلاً من ضغوطات دول التحالف في اتخاذ مثل هذا القرار». وفي الاتجاه نفسه، ذكرت مصادر مُقرّبة من «الشرعية» أن «قرار تغيير بن دغر لم يكن بيد الرئيس هادي»، مشيرة إلى أن «تحميل بن دغر إخفاقات المرحلة السابقة مجرّد مبرر يعرف الجميع حقيقته».

وإذا كانت إطاحة بن دغر تستهدف كبح جماح التصعيد بين القوى المحلية الموالية لـ«التحالف»، بعدما كادت الأمور تنزلق إلى مواجهة عسكرية شبيهة بما شهدته مدينة عدن أواخر كانون الثاني/ يناير الماضي، فهي تُعبّر في الوقت نفسه عن حرص سعودي على إبقاء نوع من التوازن على الساحة الجنوبية، على رغم أن المملكة لا تعترض جهود الإمارات في توسيع رقعة سيطرتها هناك، تمسّكاً منها بالدور الإماراتي الحيوي في عمليات «التحالف». تجلّي ذلك هوية الشخصية التي اختيرت لتَخلُف بن دغر (معين عبد الملك سعيد)؛ إذ إنها وثيقة الصلة بالسعودية، وغير محسوبة في الوقت نفسه على الجناح المعادي لأبو ظبي (التجمع اليمني للإصلاح)، بل هي مقربة ممّن يُعدون حلفاء للإمارات في محافظة تعز، أي «الناصريين» نسبةً إلى «التنظيم الشعبي الناصري».

كذلك، تتطلّع السعودية، من وراء القرار الأخير، إلى امتصاص النقمة الشعبية المتصاعدة على «التحالف»، عبر إلصاق الأوضاع الاقتصادية المتدهورة برئيس حكومة هادي، وتسكيت أبناء المحافظات الجنوبية والشرقية بجرعة تخديرية سبق أن تلقّى هؤلاء الكثير أمثالها. لكن تلك الاستراتيجية لا يبدو، هذه المرة، أنها ستفلح في تحقيق ما يتطلع إليه «التحالف». آخر المؤشرات الدالة على ما تقدم، ما شهدته أمس محافظة المهرة، التي رفض أبناؤها إجلاءهم على متن طائرة عسكرية سعودية أُرسِلَت لإنقاذ المحاصَرين بإعصار «لبان» الذي يضرب المحافظة وسلطنة عمان. كذلك رفض «المهريون» تلقّي مواد إغاثية سعودي بُعث بها إليهم للغرض نفسه. وجاءت التطورات المذكورة بعدما رفض «التحالف» منح ترخيص للقوات الجوية العُمانية بالتدخل لإجلاء المحاصَرين، وفقاً لما أفادت به مصادر مطلعة، وهو ما أكده، أيضاً، القيادي في الحراك الجنوبي، فادي باعوم، الذي قال إن «سلطنة عمان جاهزة لتقديم المساعدات الإنسانية لمحافظة المهرة، إلا أن السفير السعودي لدى اليمن، محمد آل جابر، رفض ذلك».

 

المصدر: الأخبار اللبنانية