غريفيث إلى الرياض بعد صنعاء: التصعيد يسابق جهود التهدئة

استأنفت «أنصار الله»، أمس، إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة داخل اليمن، ردّاً على قيام «التحالف» بتكثيف غاراته على مدينة الحديدة. تطورات تتهدّد جهود المبعوث الأممي الذي يزور الرياض ومسقط، في محاولة لتعبيد الطريق أمام المفاوضات المنتظر انطلاقها في السويد

 

بعد زيارته مدينتَي صنعاء والحديدة، يحطّ المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، في العاصمة السعودية الرياض، حيث يُفترض أن يلتقي، اليوم، مسؤولي الحكومة الموالية للرئيس المنتهية ولايته، عبد ربه منصور هادي، ويتباحث معهم في مقترح منح الأمم المتحدة دوراً إشرافياً في ميناء الحديدة، والذي كان غريفيث أعلن أنه سيبدأ «مفاوضات تفصيلية» في شأنه. وعلى رغم تعليق حكومة هادي السلبي على ذلك الإعلان، إلا أن الموقف النهائي يظلّ مرهوناً بالرياض، التي بدا لافتاً ثناء الوسائل الإعلامية التابعة لها على مقترح المندوب الأممي.

وتواصلت، أمس، الهدنة العسكرية في مدينة الحديدة، باستثناء اشتباكات محدودة عند أطرافها الجنوبية والشرقية، رافقتها غارات عنيفة على المدينة وعدد من مديريات المحافظة. ووفقاً للناطق باسم «أنصار الله»، محمد عبد السلام، فقد «شنّ طيران العدوان أكثر من 35 غارة جوية خلال 12 ساعة، مع قصف مدفعي وصاروخي مكثف على بيوت المواطنين والأحياء السكنية». واعتبر عبد السلام ذلك «تكذيباً صارخاً وواضحاً للتهدئة المزعومة والكاذبة»، مضيفاً أن «هذا التصعيد ينسف جهود المبعوث الأممي، ويكشف النوايا المبيّتة لإفشال كل مساعي السلام». وكان رئيس «اللجنة الثورية العليا»، التابعة لـ«أنصار الله»، محمد علي الحوثي، حذّر من أن «أي تصعيد بعد مغادرة المبعوث الأممي العاصمة صنعاء سيمثّل إهانة لجهوده، وبادرة لإفشاله»، و«وسيؤكد المؤكد برفضهم السلام».

 

أعلنت حكومة هادي رفضها المقترح الأممي في شأن ميناء الحديدة

 

وترافق ردّ «أنصار الله» الكلامي على القصف المكثّف للحديدة، مع تطوّرات ميدانية هي الأولى من نوعها منذ إعلان الحركة، في الـ18 من الشهر الجاري، مبادرة لوقف إطلاق الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة على السعودية والإمارات وحلفائهما في اليمن. تطوّرات تنبئ بأن المبادرة التي ربطتها سلطات صنعاء بـ«الاحتفاظ الكامل بحق الرد على أي خرق أو تصعيد»، والتي جاء مشروع القرار البريطاني المطروح أمام مجلس الأمن ليدعمها، تواجه عقبات قد تؤدي إلى انفراطها. وفي أعقاب الغارات التي شنّها طيران «التحالف» على الحديدة أمس، أعلنت القوة الصاروخية في الجيش واللجان الشعبية إطلاق صاروخ باليستي من طراز «بدر 1» على «تجمّع لمرتزقة العدوان في جبهة نهم»، مؤكدة أن «الصاروخ أصاب هدفه بدقة، وخلّف عشرات القتلى والجرحى»، مشددة على أن إطلاقه جاء «رداً على التصعيد العسكري لقوى العدوان، واستمرار الغارات الجوية». ولم تكد تمرّ ساعات على تلك العملية حتى أُعلن عن إطلاق صاروخ باليستي آخر من طراز «بدر 1 P» على «معسكر للغزاة والمرتزقة في منفذ علب بعسير»، قبل أن تنقل وكالة «سبأ» الرسمية، مساءً، عن مصدر في سلاح الجو المسيّر، إفادته بـ«بهجوم جوي بطائرة قاصف1 على اجتماع لقيادة الغزاة والمرتزقة في معسكر ماس في الجدعان في محافظة مأرب»، لافتة إلى أن الطائرة «أصابت هدفها بعد عملية رصد دقيقة، مُلحِقة خسائر كبيرة في صفوف المرتزقة».

وعلى رغم المؤشرات السلبية التي تحملها تلك التطورات، والتي كانت بدأت مع إعلان حكومة هادي رفضها المقترح الأممي في شأن ميناء الحديدة، واعتبارها أن أي «محاولة لتمرير اتفاق لا يقضي بتسليم المدينة ومينائها للحكومة الشرعية يُعدّ انتقاصاً من الشرعية وتجاوزاً للقانون الدولي»، إلا أن مآلات الأمور تبقى مرهونة بما سيتوصّل إليه غريفيث في كلّ من الرياض ومسقط، وما إذا كان سيتمكّن من تمهيد الطريق أمام المشاورات المنتظر انطلاقها مطلع الشهر المقبل في السويد. في هذا الإطار، ظهر مثيراً للانتباه حديث وسائل إعلام سعودية عن أن إبرام اتفاق جزئي في شأن الحديدة ومينائها يمثلّ «حافزاً جيداً» لإحراز تقدم في الجولة التفاوضية المقبلة.