" حجوري " صعدة و " أسير " صيدا : مشروعان مشبوهان زرعتهما السعودية في بيئتين متشابهتين

لا تختلف قضية دماج بصعدة متمثلة في معهد دماج برئاسة يحيى الحجوري عن قضية السلفي المتشدد وإمام جامع بلال بن رباح أحمد الأسير في مدينة صيدا جنوب لبنان، بل إنهما تكادان تتطابقان من حيث الأهداف والتوقيت والجهة التي تقف خلف الاسير بلبنان والحجوري بصعدة وأكثر من ذلك التطابق في اختيار الجغرافيا المناسبة لإثارة الصراع الطائفي.
وقبل أن ندخل في تحديد وتوضيح اوجه التطابق للصراع الذي دار في صيدا بلبنان مع الصراع الذي دار ويدور بدماج صعدة ، نحتاج لتوضيح الخلفية المذهبية لكل من يحيى الحجوري وأحمد الأسير وكذلك توضيح وجود العنصر الأجنبي الغير مرخص له بين الانصار عند الاثنين ، وكذلك السمة التي اتسم بها اولئك الأنصار بكونهم مقاتلين لا طلاب علم.

•             معهد دماج بصعدة ومسجد بلال بصيدا والصناعة السعودية :

تعتبر اليمن ولبنان بالنسبة للسعودية مناطق نفوذ تواجه فيهما صعوبات تعيق المشروع الوهابي و الاجندات التطبيعية التي ترافقه ، واختيار السعودية لليمن ولبنان دون غيرهما لإنشاء مراكز تبدو في ظاهرها مخصصة للعلم وفي باطنها مايؤكد السعي السعودي لاثارة الصراعات الطائفية في البلدين خصوصا اذا نظرنا الى اختيار الجغرافية لانشاء تلك المراكز لنشر مذاهب دخيلة وفي بيئة غير مناسبة.

لايختلف اثنان حول أن السعودية هي التي انشأت وترعى كلا من مركز دماج ومسجد بلال خلال العقود الثلاثة الماضية ولكن مايحتاج للتوضيح هو أن انشاء مسجد لبنان في صيدا بجنوب لبنان ذات الطابع الشيعي او الغالبية الشيعية مع وجود لاتباع المذاهب الأخرى واحيانا المسيحيين خلق صراع طائفي يعيق المقاومة المتمثلة بحزب الله و يشغلها عن مواجهة العدو الاسرائيلي ، غير أنه والى قبل ظهور نجم السلفي أحمد الاسير كان الجميع يتعايشون بسلام ، ولذلك كان اختيار موقع مسجد بلال مع ظهور الصراع الطائفي تبعا لذلك يفضحان الاهداف من وراء انشاء المسجد وملحقاته.

وكذلك هو الحال بالنسبة لمركز الحديث بدماج الذي انشئ قبل مايقارب 34 عاما برعاية سعودية واضحة وكذلك بشكل مطابق لإنشاء جماعة الاسير من حيث ظهور الصراع الطائفي واختيار صعدة ذات الطابع الزيدي المعروف منذ 1200 عام بغرض نشر الفكر الوهابي الدخيل على المنطقة بتطرفه وعدم قبوله بالآخر تمهيدا لإشعال صراع نشهده اليوم .

•             الطابع الأجنبي لرواد معهد دماج ومسجد بلال :

تأتي الحالة الأخرى من حيث تطابق العنصر البشري لمن يسمون بطلاب العلم في دماج أو رواد مسجد بلال وخطيبه الأسير فالغالب على الحالتين هو وجود الطابع الاجنبي ، حيث يغلب الاشخاص الذين يحملون الجنسيات غير اللبنانية في مسجد بلال وكذلك الذين يحملون الجنسية غير اليمنية في معهد دماج .

•             مراكز علم وعبادة أم معسكرات قاعدة.. طلاب أم مقاتلون ؟

لم يعرف الأسير في لبنان والعالم بكونه إماما وخطيبا إذ لم يستطع ان يؤثر او ينشر الفكر الوهابي كونه يقع في بيئة لايمكن ان تكون مناسبة لهذا الفكر الدخيل على جنوب لبنان خصوصا ولبنان عموما، ولكن الأسير عرف فقط من خلال مواجهته مع الجيش اللبناني والحرب التي دارت لايام وانتهت بفراره ومن معه .

ولكن وجود كميات هائلة من الاسلحة بحوزته  ، وكذلك انصاره القادرين على القتال واستخدام الاسلئة .. يطرح التساؤل عن غايات تحويل مسجد للعبادة الى مخزن للاسلحة وكذلك تحويل المصلين الى مقاتلين؟

وكما لم يعرف الاسير كإمام لمسجد بل قائد لمليشيات كذلك كان رواد مسجده فلم يعرفوا كطلاب للعلم في حلقاته ولكنهم عرفوا كمقاتلين خلال مواجهتهم مع الجيش اللبناني.

الأمر لم يختلف في مركز دماج عن مسجد بلال الا من حيث وجود المركز بصعدة فالمركز طوال 34 عاما يضم المئات من الأجانب كالشيشانيين والافغانيين والسعوديين والفلسطينيين وجنسيات اخرى اوروبية وأمريكية ، و من المفيد ايضا الاشارة الى أن المركز لم يستطع ان يؤثر بشكل ملحوظ على البيئة المحيطة به التي حافظت على هويتها منذ أكثر من ألف عام وظل مركز دماج للأجانب والأجانب لمركز دماج.

•             استدعاء الصراع الطائفي بين الأسير والحجوري :

بالتزامن مع الثورة الشبابية اليمنية أطلق رئيس مركز دماج يحيى الحجوري فتوى تبيح لقوات الأمن والجيش قتل المتظاهرين واعتبارهم خارجين عن طاعة ولي الأمر،يومها واجه الحجوري حملة إعلامية من قبل إعلام التجمع اليمني للإصلاح بوصفه عالم سلطة يحركه علي عبدالله صالح،غير أنه بعد توقيع المبادرة الخليجية التي ترعاها السعودية اصبح الحجوري وأتباعه " اللذين ترعاهم السعودية ايضا "  مجاهدين في اعلام الاصلاح ، بينما أصبح رفاق الثورة من "أنصار الله " معتدين .

لم يحمل مركز دماج أي قضية سوى أنه كان دائما ومازال بؤرة لتحريك الصراع الطائفي بفعل المتغيرات السياسية التي تواجه الأطراف التي تحركه فكان مركز دماج يختفي فجأة كما يظهر فجأة ودون سابق انذار في اعلام الاصلاح ( تحت النار والحصار ) وتنتشر اخبار عن عشرات القتلى لم يتم تصوير ولو قتيل واحد باستثناء صورة واحدة نشرها اعلام الاصلاح مؤخرا لشخص ادعى ذلك الاعلام انه ضحية من عناصر دماج ، بينما هو في الحقيقة الشهيد "يحيى السراجي" احد افراد أنصار الله والذي استشهد في رمضان الماضي بساحة التغيير بصنعاء .

وايضا لايختلف وضع الاسير ومسجده بصيدا اذ ذاع صيته مع الازمة السورية وظهوره بشكل واضح ومفاجئ يدعوا ويحرض ضد حزب الله والشيعة الذين هم في حقيقة الامر سكان تلك المنطقة غير أنه تورط مع الجيش اللبناني الذي هزمه في ايام.

وكما ان الأسير تم تجهيزه لتفجير الصراع الطائفي واشغال حزب الله عن المقاومة فقد وجد الحجوري ومركزه لنفس الأمر ، حتى ان الاخير يكاد يطابق الاسير في مواجهته مع الجيش حيث بدأت تخرج من مركز دماج احاديث تتهم الجيش اليمني بالوقوف مع " أنصار الله " بصعدة وهو نفس الاتهام الذي وجهه الأسير بلبنان بقوله أن الجيش وحزب الله يقاتلانه في محاولة لاقحام حزب الله الذي لم يشارك في تلك المواجهة.