" مركز الفيوش بلحج.. نسخة من دماج في الجنوب" تقرير للصحفي الشعيبي الذي اعتدي عليه يوم امس

ماذا يقول طلاب دماج عن الراحل علي عنتر وعن الاشتراكيين الجنوبيين
افتتح المركز بعد ظهور الحراك الجنوبي.. ومساحة المركز مُنحت من قبل علي محسن الأحمر
يقفون مع الوحدة اليمنية ويقولون إن ما يحصل في العالم العربي هو ناتج للخروج عن الحكام
شيخ المركز (العدني) شق طريقه انطلاقاً من مركز (معبر) إلى دماج ثم كجندي في الفرقة الأولى مدرع
هكذا قال الشيخ الحجوري إمام دماج عن شعب الجنوب:
-       من يدعو للانفصال كمن يدعو للكفر
-       مجموعة من الصعاليك وأنصار الشر والفرغ
-       من أين لهم في كل مسيرة ثلاثة آلاف ريال لكي يجمعوا الصعاليك والفرغ
-       شعب الجنوب شعب ثائر من أجل (العملة)
-       يسمونهم أهل الحراك السلمي وهذا ليس صحيحا
-       بدرت منهم الفتنة في عدن وعدة أماكن، والظلم والبغي والعدوان، والعصبية والعنصرية
 
أصوات مكبرات الصوت  تشكل ضجيجاً في احدى الاحياء القريبة من حي "السنافر" بعدن، اقتربنا قليلاً من التجمع الذي كان يحضره مجاميع من الناس، ووجدنا احد رجال الدعوة يخطب ، فيما مسلحون ينتشرون بشكل كبير  للحماية ، لقد سمعت احدهم يمطر الحوثيين بوابل من الدعوات منها أن يجعل الله ما يملكه الحوثي غنيمة للإسلام والمسلمين، واصفاً اياهم بالروافض وغيرها من الألفاظ التي أفضل عدم  ذكرها.
تشهد عدن حربا وتعبئة كبيرة لصالح دماج، وهناك أكثر من شاب أعرفهم غادروا "للجهاد" في دماج ، يخشى صديقي عمار ان تتحول عدن ايضاً إلى مكان لدخول الجنة فالكراسي التي كُسرت على رؤوس (بعض الناشطين) في خور مكسر و(مقهاية سكران) كان الهدف منها الجنة وكراسي الكورنيش التي كسرت ايضاً وصُب فوقها الزيت عُمل بها ذلك من أجل منع الاختلاط والخوف منه وبحجة المفسدة، والعشرات الذين يتم التحقيق معهم في السواحل ويطلب منهم ابراز عقود الزواج يتعرضون لذلك كي يحصل رجال الدعوة على الجنة، ثمة من يدفع ثمن الجنة التي تقول الحركات المتشددة انها ستحصدها في نهاية المطاف.
النشاط السلفي (الوهابي) ازدهر بعدن وكان علينا قبل التحدث عن عدن وعن النشاط الدعوي الجديد وعن الخوف الذي يسكن  المناطق العامة والمتنفسات البحرية، كان لابد من معرفة احد اهم  المراكز المصدرة لهذه الدعوات وعن حقيقتها، وسر الدعم الذي تتحصل عليها مقابل تحويل الجنوب إلى ما يشبه الإمارة السلفية المتشددة.
 
طريق ترابية ولافتة على مدخل الطريق ترشدك لمدخل دار الحديث "الفيوش"، لقد وصلنا بعد قرابة نصف ساعة في السيارة قادمين من عدن، ثمة ما يجعلك تشعر وانت في "الفيوش" أنك دخلت إلى إمارة أو محمية خاصة مختلفة تماماً عما يعيشه الناس في المناطق المجاورة، وكما لو أنها تشبه احد الاحياء السعودية، فالأراضي هنا مخططة بطريقة معينة ومن يخالف ذلك يتعرض للإنذار ثم يتم إزالة المخالفة بعد اسبوع من الانذار الذي يخطر به المخالف.
تحتاج لأن تكون احد طلاب "دار الحديث" لتزكيه من أحد رجال السلف المشهود لهم بالالتزام في منطقتك او قريتك أو مدينتك، وهذه بمثابة تذكرة دخول أبواب المركز.
لا يمنح المركز شهادات ورقية كشهادة علمية للدارسين وكما أخبرني أحد طلاب العلم هناك فإن الشهادة تمنح "بالجنة" كما لا توجد مدة معينة للدراسة، وطيلة الدراسة يتعلم الطلاب القرآن والسنة فقط!، "ونحن (والحديث هنا لطالب من طلاب المركز) لا نتعلم فنون القتال وليس لنا  قاعدة مسلحة  كما يشاع".
تشهد الفيوش تطاولا كبير في البنيان وهناك منازل كما شاهدنا تُجهز، وهذا يعود لتزايد الاعداد القادمة للدراسة في المركز، المنطقة كاملة مملوكة للمركز ولا تباع لغير الطلاب إلا في حالة واحدة أن يكون المشتري لديه عائلة ومن أهل السنة والجماعة، وجميع الناس في الفيوش طلبة  في المركز.
للحياة هناك عادات وتقاليد خاصة ربما هي اشبه بالحياة الريفية القديمة، فمن المهم على كل بيت أن يربي الاغنام، والحرص على استخدام وسائل المواصلات الحيوانية، وما استغربته هو مشاهدتي للأطفال يمشون هناك بدون احذية وحينما سألت احدهم اخبرني انه يفضل أن يبقى الاطفال حتى عمر معين بدون احذية.
في فترة سابقة اقدم  متشددون على  تكسير "رسيفر تلفزيوني" كان قد اشتراه احد ساكني الفيوش وتم تكسيره من قبل طلاب بحجة انه من المحدثات وانه بدعة، وهكذا يتم منع الناس من شراء او جلب أي نوع من الالكترونيات، وحينما وصلنا الفيوش كان التصوير ممنوعاً والصور التي التقطناها التقطت خفية، لكون الكاميرا تعد من المحرمات هناك.
ظهور الحراك وافتتاح مركز الفيوش
منحت الفيوش (المساحة) للشيخ عبدالرحمن بن مرعي العدني أحد ابرز طلاب دماج الذي شق طريقه انطلاقاً من مركز (معبر) وهو المركز الثالث للحركة الوهابية التي تدعمها السعودية  ثم كجندي في الفرقة الاولى مدرع، وإلى المركز الأم (دماج) وقبل سبع سنوات عين شيخاً  للمركز الجديد "دار الحديث" الذي منحه إياه اللواء علي محسن الاحمر كهدية للجماعة.
افتتح مركز دماج الجنوب (الفيوش) قبل سبع سنوات أي تزامناً مع ظهور الحركة الوطنية الجنوبية "الحراك الجنوبي" التي تطالب بفك الارتباط عن الشمال، وهو المطلب الذي يعارضه علي محسن الاحمر وحزب الإصلاح والحركة الوهابية التي من ضمنها مركز الفيوش وباقي مراكزها.
ما الهدف من افتتاح مركز مشابه لمركز (دماج صعدة)؟
هكذا طرح احد الناشطين السؤال في صفحات الفيس بوك موضحا أن الفيوش بلحج  تقع في مكان استراتيجي هام يربط الجنوب بالشمال وتعتبر مفترق طرق فهي توصل إلى ابين زنجبار وجعار والمسيمير ابين وطريق لحج الضالع وطريق توصل إلى الصبيحة وتعز والطريق الذي يوصلك إلى عدن.
وانت تتجول في محيط المركز تشاهد المنازل التي تجُهز للطلاب وهي مبان لا بأس بها وتلاحظ بعض المباني الكبيرة، وما يثير الاستغراب هو كيف يحصل الطلاب على تلك المنازل وهم يقضون يومهم بالكامل في المركز ثم اذا كانوا يحصلون عليها كمنحة من المركز  كم هي الميزانية التي يتحصل عليها مركز الفيوش شهرياً  في الوقت الذي هناك المئات  من الطلاب من مختلف المحافظات والعشرات من الطلاب الاجانب الذي شاهدناهم هناك.
ماذا يقول طلبة دماج عن القيادي علي عنتر
وصلنا الفيوش وتمشينا في شوارعها وحينما تتحدث مع احد طلبة العلم عن المركز وعن كيفية التسجيل فيه أخبرني ان عليّ اولاً الحصول على تزكيه من احد رجال السنة المعروفين في المنطقة التي اعيش فيها، سائلا المولى عز وجل لي الهداية.
وخلال حديثنا تطرق الطالب إلى الحديث عن الاشتراكية وابدى الكثير من الحقد ضد النظام الاشتراكي الذي حكم الجنوب قبل العام 90 وضد قياداته واصفاً اياهم بالكفرة، وقال لي إن القيادي الاشتراكي علي عنتر كان يقول "لقد انتصرنا بالجماجم ولم ننتصر بالأحد"، وقال ان علي عنتر كان يقصد انه لم ينتصر بالله وإرادة الله، وقال إن هذا كفر واضح.
يتلقى طلاب دماج دروساً كثيرة عن "الكفرة" وللاشتراكيين نصيب الاسد من التكفير في هذا المركز وغيره، وما ان تجلس للحديث عن ذلك إلا وتسمع الكثير من الطلاب يصفون الاشتراكيين الجنوبيين بالشرك ويبدو أن الهدف الذي أنشئ من أجله مركز الفيوش هو التخلص من الفكر الاشتراكي والتحذير منه وربما ان التركيبة الاجتماعية والسكانية التي تشهدها الفيوش المختلفة تماماً عن باقي مناطق الجنوب  قد تشهد توسعا أكبر بكثير من تلك المساحة التي  تحتلها الفيوش بلحج.
ليس الاشتراكيون وحدهم من ينالون نصيبا من هذا التكفير، فأنصار الحراك الجنوبي الذين يدعون لفك الارتباط عن الشمال لهم نصيب كبير فهم بالسابق قيادات اشتراكية وحالياً في الحراك ويدعون بحسب طلاب الفيوش للانفصال وتفتيت أمر الأمة، وهذا الامر قد يلقى مجابهة من الطلاب ضد أنصار الحراك الجنوبي وقادم الايام وما ان ينتهي الامر من حرب دماج لن يكون الجنوب في منأى عن حرب دينية جديدة بحجة المطالبة بالانفصال والعلمانية او الاستقواء بإيران.
موقف (الفيوش) من (الوحدة)
سألت في حديث مقتضب لي مع احد طلاب الفيوش موقفهم مما يحدث في الجنوب وأخبرني أن هناك مظالم يجب ردها لأهلها وعن مسألة انفصال الجنوب قال إن هذه المسألة غير واردة  لديهم وإنهم يقفون مع الوحدة اليمنية لأنها نابعة من الدين الاسلامي مبرراً ذلك بأنه لا يجوز الخروج على الحاكم مهما عمل، وقال: إن ما يحدث في مصر وسوريا وليبيا وتونس هو ناتج لخروج الشعوب على الحكام.
أحدهم قال إن المركز هو القنبلة الموقوتة التي ستتفجر في وجه الجنوبيين المطالبين باستعادة الدولة، وربما هذا التخوف حاضر لدى شريحة واسعة من الجنوبيين، خصوصاً بعد موقف إمام الحركة الوهابية في دماج (الحجوري) الذي قال   في إحدى خطبه "إن من يدعو للانفصال كمن يدعو للكفر".
وقال في تلك الخطبة (قاصداً الحراك) "هم مجموعة من الصعاليك وانصار الشر والفرغ، من اين لهم في كل مسيرة 3000 ريال لكي يجمعوا الصعاليك والفرغ" وقال إن "الجنوبيين في الحراك يجرون المجتمع إلى الضياع وهم عملاء".
وقال ايضاً إن "تجار الاشتراكية المتواجدين في الامارات وقطر والسعودية ومواقع كثيرة يدعمون هذا الحراك سواء الحراك على الدولة او الدعوة"، وزاد "الحراك هذا يريد الشر للبلاد".
واتهم الحجوري شعب الجنوب بالشعب الثائر من أجل  "العملة"، محذراً من "عواقب الحراك" وقال "عواقبه وخيمة هذا الحراك، وواجب على اهل الحل والعقل أن يبادروا لإنكاره".
وقال في مجمل كلامه: "يسمونهم أهل الحراك السلمي وهذا ليس صحيحا، فلقد بدر منهم  فتنة في عدن وعدة اماكن، والظلم والبغي والعدوان، والعصبية والعنصرية".
واختتم الحجوري: "اليمن بخير وربي بخير وتحتاج إلى انكار المعاصي واهل السنة جادون في ازالة هذه المنكرات".
واذا كان هذا هو احد رموز الحركة الوهابية في اليمن، فما الذي يتوقع من طلاب يدرسون ليتعلموا الطاعة من قبل الإمام والشيخ، وهذا الامام (الكبير) يقول إن من يدعون للانفصال كمن يدعون للكفر، فما هي نهاية الجنوبيين مع هذه المراكز التي وجدت لما هو أكبر من مجرد طلب العلم!!.
الحرب بحجة قتال الشيعة والحرب بحجة الانفصال والشيوعية
اليوم تشهد صعدة حرباً ربما هي متكافئة، فالجماعتان تملكان دعماً خارجيا، وغداً ربما تتغير الاوضاع وتظل هذه المراكز تشكل خطراً على مستقبل الجنوب المدني، ومن يخوضون حرباً اليوم ضد مسلمين شيعة لن يكون صعباً عليهم خوض حرب جديدة ضد الجنوبيين بحجة الانفصال والخروج على الوالي او بذات الحجة السابقة (الكفر والاشتراكية الشيوعية)، فالمراكز التي تحكمها قوى تتخذ من العلم حجة لن يفوتها أن يكون لها موطئ قدم في الجنوب، فما الذي سيكتبه قادم الأيام؟ وما الذي ستجنيه عدن من هذه المراكز والحركات الدينة المسلحة؟!.
إحصائيات عن مركز الفيوش*
عدد الطلاب 1800  طالب.
عدد الطالبات 800 طالبة.
يوجد عدد كبير من الطلاب الأعاجم ومن غير اليمنيين من إندونيسيا عدد كثير منهم وهكذا من الصومال والجزائر والمغرب وفرنسا وغيرها.
وأمَّا عدد الأسر الساكنة مع الطلاب يصلون لقرابة الستمائة إلى سبعمائة أسرة. وعدد البيوت التي على مشارف التجهيز قرابة المائتي بيت.
* بحسب إحصائية نشرها طالب في مركز الفيوش  على أحد مواقع الدعوة في العام 2011م.