الهيومن رايتس واتش : على اليمن أن يرفض القيود المفروضة على الحقوق السياسية

ينبغي إلغاء الشروط التمييزية والتعسفية وغير المتناسبة لتولي المناصب

قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على موفدي مؤتمر الحوار الوطني في اليمن رفض مقترح من شأنه فرض قيود غير ضرورية على الحقوق السياسية للمرشحين المحتملين لتولي المناصب العليا. قدم فريق العمل المعني بالحكم الرشيد في "المؤتمر" 15 اشتراطاً للترشح لأي منصب في انتخابات اليمن الوطنية المقبلة، المنتظرة في مطلع 2014.
بينما تتسم بعض الشروط المقترحة بالإيجابية، مثل منع مرتكبي الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان من الترشح، فإن بعضها الآخر يمثل قيوداً تمييزية أو غير متناسبة أو تعسفية على الحقوق السياسية، بحسب هيومن رايتس ووتش، حيث تلزم المرشح لمنصب الرئيس وغيره من المناصب العليا بأن يكون مسلماً، ومن أبوين يمنيين، وغير متزوج من أجنبية، وحاصلاً على شهادة جامعية. أما اشتراط أن يكون المرشح "مؤهلاً ومشهوداً له بالنزاهة والكفاءة وحسن المعاملة" فهو غامض ويفتح الباب للاستبعاد التعسفي. ومن البنود الإشكالية أيضاً حظر تولي المناصب فعلياً على جميع أعضاء حكومة الرئيس السابق علي عبد الله صالح دون أية فرصة للطعن على هذا الحظر.
قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "يحق لليمنيين التأكد من عدم تولي المسؤولين المسيئين من عهد صالح لأية مناصب عامة، لكن العملية ينبغي أن تتسم بالإنصاف. وهذه البنود الكاسحة تحرم أشخاصاً من حق الترشح للمناصب دون أي سبيل للطعن على القرارات المتخذة ضدهم".
أنشأت الحكومة مؤتمر الحوار الوطني للجمع بين كافة قطاعات المجتمع اليمني لتحديد اتجاه البلاد في المستقبل، بما في ذلك وضع لبنات دستور جديد وانتخابات وطنية. وقد بدأ المؤتمر المكون من 565 عضواً أعماله في مارس/آذار 2013، وشرع منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول في مناقشة توصيات فريق العمل المعني بالحكم الرشيد. وهناك مرسوم رئاسي يلزم الحكومة وهيئات الدولة بتنفيذ التوصيات النهائية لمؤتمر الحوار الوطني.
ترك رئيس اليمن السابق علي عبد الله صالح منصبه في فبراير/شباط 2012 بموجب اتفاق توسط فيه مجلس التعاون الخليجي، وأيد معظم جوانبه مجلس الأمن الأممي والولايات المتحدة والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي. وكجزء من الاتفاق، مرر البرلمان اليمني في 21 يناير/كانون الثاني 2012 قانوناً يمنح حصانة شاملة لصالح ومن عملوا معه من الملاحقة على أية جرائم سياسية ارتكبوها أثناء حكمه الذي امتد 33 عاماً.
ويسعى مقترح فريق العمل المعني بالحكم الرشيد تحديداً إلى منع أي شخص يغطيه قانون الحصانة من رئاسة الجمهورية، أو زعامة حزب أو تنظيم سياسي، أو غير ذلك من المناصب السياسية القيادية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن مواطني البلدان التي عانت من الدكتاتورية وتكافح لبناء مجتمعات ديمقراطية لديهم مخاوف مشروعة من تقويض هذه الجهود على أيدي أشخاص كان سلوكهم في الماضي يعكس الصبغة الإجرامية أو القمعية أو الفاسدة لتلك الحكومات الدكتاتورية. وبعض الشروط المقترحة تخدم أهدافاً مشروعة، مثل اشتراط ألا يكون المرشح قد تورط في أية انتهاكات جسيمة للقانون الدولي لحقوق الإنسان أو القانون الإنساني.
غير أنه لا يجوز لهذه القيود أن تميز على أساس الوضع المحمي، من قبيل الأصل العائلي أو الديانة. وينبغي لأية قيود مفروضة أن تكون ضرورية لهدف حماية الديمقراطية، وتجنب الإفلات من العقاب على الجرائم الخطيرة، استناداً إلى معايير واضحة يحددها القانون. كما ينبغي للقيود أن تكون متناسبة، بحيث تمس عدداً محدوداً من الأشخاص لمدة زمنية محدودة. علاوة على هذا فإن الشخص الذي تمسه القيود يجب أن يتمتع بالحماية الكاملة للإجراءات القضائية السليمة، بما فيها حقه في مواجهة الأدلة المقدمة ضده والطعن عليها، وفي فرصة لتقديم أدلته الخاصة، والحق في الاستئناف أمام هيئة قضائية مستقلة.
والقانون الدولي يلزم اليمن بأن يتيح لكافة مواطنيه الحق في شغل المناصب السياسية دون تمييز على أساس الانتماء السياسي. وكدولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، يتعين على اليمن أن يوفر لمواطنيه فرصاً متساوية للمشاركة في الحياة السياسية، دون تمييز أو "قيود غير معقولة". وتسعى المعايير الدولية إلى الحد من الممارسة المعروفة بـ"التطهير" ـ أو فرض القيود على المشاركة السياسية لبعض الأشخاص بسبب مشاركتهم السابقة في حكومات مسيئة.
وقد قررت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، وهي الهيئة المكونة من خبراء مستقلين والتي تقيّم امتثال الدول للعهد الدولي، في تفسيرها للمادة 25 من العهد، قررت أن "أية شروط تنطبق على ممارسة الحقوق المكفولة بموجب المادة 25 ينبغي أن تستند على معايير موضوعية ومعقولة". وأضافت أن "الأشخاص المؤهلين بخلاف ذلك للترشح للانتخابات لا ينبغي استبعادهم باشتراطات غير معقولة أو تمييزية من قبيل التعليم أو محل الإقامة أو الأصل العائلي، أو بسبب انتمائهم السياسي".
قال جو ستورك: "تنتهك العديد من الشروط المقترحة الحق الأساسي للمواطنين اليمنيين في الترشح للمناصب العامة. واشتراط مؤهلات عادلة ومعقولة في المرشحين سيساهم في جعل الانتخابات المقبلة علامة فارقة بالنسبة للديمقراطية في اليمن".