تقرير امريكي : آلاف من عناصر القاعدة تم تجنيدهم في الأمن و عناصر في الحكومة تدعم الارهابيين .. وعلي محسن متهم اول

كشف الموقع الأمريكي الشهير "بيز فيد"، عن معلومات لاختراقات تنظيم القاعدة لجهاز الأمن اليمني، من خلال تعيين عناصر محسوبة على التنظيم في مناصب أمنية رفيعة، خلال السنوات الـ3 الماضية.

 

وتتبع الموقع الأمريكي، في تقرير مطول، إجراءات تعيين من وصفه بـ"العقل المدبر لأول عملية للقاعدة في اليمن استهدفت الولايات المتحدة، كمسؤول أمني في اليمن"، في ضوء توصية من شخصية نافذة لم يسمها.

 

وقال إنه "دخل مقر الأمن اليمني في شرق البلاد، في الصيف المنصرم، شخص بيد اصطناعية، حاملاً مذكرة بتعيينه. وكانت هذه ثاني محاولة له. فقبل عدة أشهر مضت، وبالتحديد في نهاية العام 2012، أي بعد فترة وجيزة من سقوط النظام السابق بقيادة الرئيس علي عبدالله صالح، جراء احتجاجات شعبية واسعة النطاق، ترجل نفس الشخص، ماشياً على قدميه، لذات المكتب، حاملاً مذكرة توجه بتعيينه نائباً لمدير أمن المكلا، المدينة ذات الميناء في الساحل الجنوبي لليمن".

 

وأضاف الموقع: "وقد تجاهله الضباط آنذاك، كونهم كانوا يعرفون جيداً من هو هذا الرجل، ولم يرغبوا في التعامل معه، بحسب مسؤول اطلع على الرسالة المشار إليها آنفاً، إلا أنه، هذه المرة، كان الرجل ذو اليد اليسرى المبتورة أكثر استعدادًا، خفض مطالبه، ونصب عينيه منصب "مساعد" لمدير الأمن، واستطاع أن يحشد الدعم اللازم في العاصمة صنعاء، ولم يكن لدى المسؤولين المعنيين أي خيار آخر، فحصل على قرار التعيين، وأصبح الآن هذا الشخص، والذي يدعى جمال النهدي، مسؤولا أمنيا".

 

وتابع الموقع الأمريكي في سرده لإجراءات تعيين "العقل المدبر لأول عملية للقاعدة في اليمن استهدفت الولايات المتحدة، كمسؤول أمني في اليمن"، قائلا: "ووفقا لما جاء على لسان قيادات أمنية وأعضاء في مجلس النواب ومسؤولين في الحكومة، فقد تكررت مثل هذه التعيينات، خلال الأشهر الماضية، في مختلف أنحاء اليمن، لكن قضية جمال النهدي هي الأكثر جدلاً، نظراً لتاريخه الشخصي".

 

واستفاض الموقع الأمريكي الشهير في استعراض بداية ارتباط ذلك الشخص بالقاعدة والنشاطات الإرهابية قائلا: "قبل عقدين، وقبل أن يباشر هذا الشخص مهامه في إدارة الأمن في المكلا، كان العقل المدبر ومهندس أول عملية إرهابية لتنظيم القاعدة ضد الولايات المتحدة، مثله مثل مئات اليمنيين من جيله".

 

وأردف: "لقد انتقل جمال النهدي إلى أفغانستان في الثمانينيات، لمحاربة السوفييت، وانضم في نهاية الحرب إلى التنظيم الجديد الذي أسسه أسامة بن لادن، وبعد فترة وجيزة من عودته إلى الوطن، وفي ديسمبر 1992، كلفه بن لادن بالقيام بمهمة".

 

ومضى قائلا: "في 29 ديسمبر 1992، نفذ جمال النهدي مخطط بن لادن، واتجه لتنفيذ انفجارين متزامنين؛ الأول في فندق موفنبيك عدن، والثاني في فندق جولدمور، حيث أبلغه فريق رصد تابع له أن قوات من المارينز الأمريكي في الفندق الأخير، فزرع جمال النهدي ومساعده القنبلة في جولدمور، وانتقلا عبر المدينة إلى موفنبيك".

 

وتابع التقرير: "بينما جمال النهدي كان يهم بزارعة القنبلة، حدث خطأ غير مقصود، وانفجرت مبكراً، ومزقت الجزء الأكبر من يده اليسرى، وبعد دقائق من الانفجار الأول، انفجرت القنبلة الثانية في جولدمور، بحسب الجدول الزمني، ونتجت عنها فجوة في جدار الفندق، وقتلت اثنين، لكن جمال النهدي أخطأ في اختيار الفندق، فلم تكن قوات المشاة البحرية في جولدمور، وقتلت قنبلته سائحا أجنبيا وموظفا فندقيا، فكان أول هجوم للقاعدة ضد الولايات المتحدة فاشلاً بكل المقاييس"، مذكرا "أن الولايات المتحدة عندما قررت إرسال قوات إلى الصومال، في ديسمبر 1992 -في إطار عملية استعادة الأمل- تواجد عدد من أفراد قوات المشاة البحرية الأمريكية (مارينز) في مدينة عدن".

 

واستطرد الموقع الأمريكي في تقريره قائلا: "في ذلك الوقت، لم ينتبه الأغلبية إلى المحاولة الفاشلة، فهي عبارة عن محاولة تفجير مثلها مثل الأخريات في ذلك البلد المضطرب، وكادت العملية أن تكون مجرد كتابات هامشية على حاشية صفحات التاريخ الأمريكي في الحرب على القاعدة، إذا ظل اللاعبون الأساسيون في الماضي، إلا أنه، وبعد مرور عقدين من الزمن، بعد قيام جمال النهدي بوضع المتفجرات، ظهر هذا الرجل الذي خطط لأول عملية للقاعدة ضد الولايات المتحدة، هذه المرة، وهو يقاتل، ولو ظاهرياً، مع الجانب الآخر!".

 

وزاد بالقول: "من غير الواضح في الوقت الراهن إلى أي حد تغيرت وجهة نظر جمال النهدي خلال العقدين الماضيين، تجاه الجهاد والعنف، لكن منصبه الحالي كمساعد مدير أمن المكلا -مسؤول رفيع المستوى في وزارة الداخلية اليمنية- يثير العديد من الشكوك والتساؤلات حول مدى اختراق عناصر القاعدة والمجاهدين وأنصارهما أجهزة الأمن اليمنية، وفي الوقت نفسه تصب الولايات المتحدة ملايين من الدولارات إلى البلاد، في محاولة منها لمحاربة الخلايا الإرهابية".

 

وكشف الموقع الأمريكي أن مراسله تواصل مع ذلك الشخص الذي تم تعيينه، وأجابه بأنه يلعب دوراً مميزاً في معالجة الاختلالات الأمنية، وإدانة القاعدة الآن، في ذات الوقت رفض التطرق إلى دوره في تفجيرات 1992، قائلاً: "أنا اليوم عقيد في وزارة الداخلية، وعينت مساعداً لمدير أمن المكلا".

 

وتطرق الموقع الأمريكي الى الوضع في اليمن، وكيف تسللت عناصر محسوبة على القاعدة الى الجهاز الأمني في اليمن، وقال: "لن يكون جمال النهدي أول أو آخر العناصر المتطرفة التي حصلت على مسار وظيفي جديد كمسؤول أمني في اليمن، فقد شهدت اليمن خلال عامين ونصف، منذ تنحي صالح عن السلطة، مرحلة عسكرية انتقالية مضطربة، ويبدو أن عناصر النظام السابق استغلت الفوضى القائمة، وساعدت في تأمين الوظائف الأمنية للمجاهدين وأنصارهم، وللمتعاطفين معهم"، لافتا إلى أن الرئيس اليمني الجديد عبد ربه منصور هادي، قبل مساعدة كل الأطراف في اليمن، لأن قاعدة دعمه المحلية كانت محدودة.

 

وتابع: "فقد رحب الرئيس هادي بالمشورات والمساعدات الأمريكية التي جفت وتوقفت خلال الأيام الأكثر دموية في انتفاضة 2011 (انخفضت المساعدات من 147 مليون دولار عام 2011، وتضاعفت بعد تولي هادي الحكم في 2012)، وفي الوقت ذاته، شكل هادي حكومة وفاق وطني شملت أعضاء من التيارات الإسلامية المحلية، وحصل الإسلاميون على حقائب وزارية كانوا يطمعون فيها. وربما الأهم من كل ذلك أن هادي أبقى على عناصر مشكوك فيها من النظام السابق الواقعة في شبهات الولايات المتحدة، ومنذ فترة طويلة، بخصوص دورها العلني بمكافحة الإرهاب، وتذليل المصاعب لها في السر".

 

وأردف: "أحد تلك الشخصيات المثيرة للجدل من النظام السابق، هو الجنرال المعروف بـ"علي محسن" (68 عاماً)، كان لسنوات طويلة القبضة الحديدية للنظام السابق، وعضواً موثوقاً به في دائرة المقربين من صالح، حيث أبقى الجنرال خصوم الرئيس في أماكنهم من خلال دوره غير الرسمي كقناة تواصل بين الجيش والمجاهدين. في 1994، جند العشرات من المحاربين القدامى في أفغانستان لمقارعة الشيوعيين إبان الحرب الأهلية الدامية، والتي لم تستمر طويلاً".

 

وقال: "وبعد 6 سنوات من اندلاع الحرب الأهلية، تساءل المحققون الأمريكيون عن فرضية مشاركة بعض هؤلاء المجاهدين في هجوم نفذته القاعدة على المدمرة الأمريكية "يو إس إس كول"، وهي في طريقها للتزود بالوقود في ميناء عدن، ما أسفر عن مصرع 17 بحاراً أمريكياً، وفي مارس 2011، انشق (محسن) عن حكومة صالح -ربما لقراءته الكتابة على الحائط- ومنذ ذلك الحين، أصبح حليفاً لا غنى عنه بالنسبة للرئيس اليمني الجديد. وعلى الرغم من الدعم الذي قدمه لهادي في خلق توازن ليجابه عناصر النظام السابق، جلب الجنرال أعباء ثقيلة للنظام الجديد".

 

وأضاف: "هناك مخاوف من أن هذا الجنرال عاد مرة أخرى لتجنيد المتشددين والمتعاطفين مع الجهاد، لكن هذه المرة أعطاهم وظائف رسمية في مختلف الأجهزة الأمنية والمؤسسات العسكرية".

 

وأورد الموقع الأمريكي، على لسان عبدالله المقطري، المسؤول عن لجنة الحساب الختامي والموازنة العامة للدولة في البرلمان اليمني، قوله: "إن عدد الوظائف الجديدة قد وصل إلى 200 ألف".

 

واستدرك قائلا: "لكن لا يستطيع المقطري أو أي مسؤول آخر في الدولة التأكد رسمياً من هذا الرقم، حيث جرت العادة، ومنذ فترة طويلة، القيام بما بات يعرف بممارسة تضخيم الأرقام لكي تحصل قيادات الجيش على المرتبات الفائضة تحت مسمى "الجنود/ الموظفين الوهميين"..".

 

وتابع: "يعرف الآن أن بضعة آلاف من المجندين يتواجدون اليوم في وظائف مثل حماية المباني الحكومية وحراسة السجون. وتزامن إدماجهم في صفوف أجهزة الأمن اليمنية مع ارتفاع وتيرة الهجمات، وكذا عمليات الهروب من السجون اليمنية".

 

ومضى قائلا: "آخر عمليات الهروب من السجون كانت في 13 فبراير 2014، حيث فر قرابة 19 من عناصر القاعدة. ويشير تقرير حديث لوكالة رويترز للأنباء، إلى أن المسؤولين في وزارة الداخلية عرفوا بمخطط الهروب قبل شهرين من تنفيذه، وذكرت وسائل الإعلام المحلية رواية مشابهة، لكن المسؤولين لم يحركوا ساكناً، حتى رواية القاعدة اتفقت مع الواقعة في فيديو نشر بتاريخ 29 مارس، للاحتفاء بهروب المعتقلين، زعم أحد عناصر القاعدة أن مسؤولين في السجن ساعدوا رجاله".

 

وخلص الموقع الأمريكي في تقريره الى القول: "قامت الولايات المتحدة، طوال السنوات القليلة الماضية، بزيادة تركيزها على اليمن، في محاولة منها لمكافحة القاعدة عبر تكثيف الضربات بالطائرات بدون طيار، وتعزيز المساعدات. لكن في نفس الوقت، يبدو أن عناصر من الحكومة اليمنية تقوم بلعب دور مزدوج عبر الترحيب بالمساعدات الأمريكية بيد، والقيام بدعم المتشددين باليد الأخرى".

 

وفي سياق تفاعلات هذا التقرير الأمريكي، نفى مصدر مقرب من مدير عام أمن ساحل حضرموت العميد فهمي محروس الصيعري، ما نشر بشأن تعيين جمال بن جذنان النهدي نائباً لمدير أمن الساحل.

 

ونقل موقع "حضرموت برس"، عن المصدر ذاته، أن "النهدي يحمل رسالة خطية من نائب وزير الداخلية علي ناصر لخشع، موجهة إلى مدير أمن ساحل حضرموت، يطلب منه تعيين العقيد النهدي نائباً لمدير الأمن.

 

وبحسب المصدر، فإن مدير عام الأمن بالساحل لم يتعامل مع الرسالة، وقال إن "الترشيح لمنصب النائب يتم من المحافظة".