اليمن يقلق إسرائيل: «باب المندب» بات معادياً

بات القلق الإسرائيلي يخرج إلى العلن حيال تغيرات المشهد اليمني، وخصوصاً ما يجري حول إحدى أهم الرقع الاستراتيجية الإقليمية: مضيق باب المندب

بلغت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية أخيراً كل شركات السفن الإسرائيلية بالتعامل مع سواحل اليمن بوصفها سواحل دولة معادية، ما يفرض عليها اتخاذ إجراءات متشددة على مستوى الحماية والتأهب عند عبورها مضيق باب المندب.

وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، أن ثمة خشية سائدة داخل المؤسسة الأمنية في إسرائيل «من أن يحاول الإيرانيون الذين سيطروا على أجزاء واسعة من اليمن، إغلاق المضيق أو التعرض للسفن الإسرائيلية بواسطة صواريخ تطلق من الساحل».

ويمثّل مضيق باب المندب مساراً بحرياً رئيسياً بالنسبة إلى الأسطول التجاري الإسرائيلي، إذ يعد بوابة الدخول إلى البحر الأحمر، الذي يمثل معبراً حيوياً للسفن في طريقها من الشرق الأقصى إلى «ميناء إيلات» أو قناة السويس.

تتعامل إسرائيل مع اليمن منذ سيطرة الحوثيين عليه كأرض إيرانية تماماً
وأشارت الصحيفة إلى أنّ التحذير الذي أوعزت به المؤسسة الأمنية الإسرائيلية لشركات السفن التابعة لدولة الاحتلال يعني أيضاً أن على هذه السفن استخدام المسارات الملاحية الأكثر بعداً عن الساحل اليمني. وبذلك تصبح وضعية هذا الساحل مثل وضعية السواحل المعادية الأخرى بالنسبة إلى إسرائيل، كسواحل السودان والصومال، إلا أن «يديعوت» أوضحت أن ساحل اليمن ينطوي على إشكالية تجعله مختلفاً عن تلك السواحل، لجهة أن هناك مسافة واسعة داخل البحر الأحمر تفصل سواحل السوادن والصومال عن عمق البحر، ما يسمح للسفن بالابتعاد عنها، فيما يبلغ عرض مضيق باب المندب، المقابل للساحل اليمني، عند النقطة الأضيق 25 كلم، ما يعني أن إمكانية الإبتعاد عن الساحل محدودة جداً.
وبحسب الصحيفة، فإن «إسرائيل تتعامل مع اليمن منذ أن سيطر الحوثيون بمساعدة الحرس الثوري الإيراني على أجزاء واسعة منه كأرض إيرانية تماماً». وقال التقرير الذي نشرته «يديعوت آحرونوت» أمس، إن ميناء الحديدة اليمني، الذي يعد من الموانئ الكبرى على مستوى الشرق الأوسط، يخضع للسيطرة الكاملة للحوثيين والحرس الثوري الإيراني، «وعن طريق هذا الميناء تنقل إيران التجهيزات العسكرية للحوثيين... كما أنها، بحسب مصادر أجنبية، تنظم عشرات الرحلات الجوية أسبوعياً بين طهران وصنعاء تحمل عبرها خبراء وعتادا عسكريا إيرانيا للحوثيين».
وأشار تقرير الصحيفة إلى أن الجهات المعنية في إسرائيل تقدّر بأن «المسألة مسألة وقت فقط حتى ينصب الإيرانيون منظومة صواريخ بر بحر يهددون بها حرية الملاحة في منطقة باب المندب. وثمة قناعة في إسرائيل بأن أي أزمة تكون إيران جزءا منها ستؤدي إلى أن يحاول الإيرانيون تقييد حرية الملاحة في هذه النقطة الاستراتيجية».
إلا أنه، وفقاً لـ «يديعوت»، ليست هذه المشكلة الوحيدة بالنسبة إلى إسرائيل. «فلسيطرة الحوثيين على اليمن، وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، تأثير فوري في حجم تهريب السلاح الإيراني إلى مصر وغزة. وإذا كان السودان مثّل في السابق مساراً لنقل السلاح الإيراني المهرب إلى سيناء عبر قناة السويس أو عبر مصر، فإن المحطة اليمنية تحت سيطرة إيرانية كاملة».
وذكرّت الصحيفة بتعرض «محطة تهريب السلاح الإيراني في السودان» لهجوم في الماضي «أدى إلى أن توقف حكومة السودان عمليات النقل عبر أراضيها. أما في اليمن، فالإيرانيون لا يحتاجون إلى إذن من أي أحد».
وبحسب الصحيفة، فإنّ كلاً من السعودية ومصر تخشى من «سيطرة إيران على اليمن»، الأمر الذي دفع الأخيرة إلى المسارعة إلى شراء سفن حربية متطورة من فرنسا لمواجهة احتمال أن تغلق إيران مسار الملاحة المؤدي إلى قناة السويس.
في مقابل ذلك، لا يزال الأميركيون والأوروبيون، وفقاً لـ «يديعوت»، بعيدين عن الانشغال بهذا التهديد ويركزون اهتمامهم على مكافحة القراصنة الصوماليين في منطقة خليج عدن.