العدوان السعودي.. في سياق المقاربة الإسرائيلية لليمن

قد لا نحتاج الى تصريح مسؤول إسرائيلي هنا أو هناك، لاستشراف أو تكوين صورة عن الموقف والمصلحة الإسرائيليتين من العدوان السعودي على اليمن. مع ذلك، فقد كفى نتنياهو المحللين عناء الاستدلال، قبل العدوان وبعده. فقد دعا نتنياهو تعقيبا على العدوان السعودي إلى التصدي لما أسماه "محور ايران – لوزان – اليمن" والعمل على وقفه، واصفا تحرك أنصار الله، بأنه جزء من "حركة كماشة" يهدف إلى "السيطرة على الشرق الاوسط  كله واحتلاله".  وهو ما يكشف عن موقف "إسرائيل" الرسمي من العدوان السعودي، وانه يندرج ضمن الرؤية الإسرائيلية لمواجهة محور المقاومة.

قبل العدوان، تناول نتنياهو تمدد حركة أنصار الله نحو صنعاء، في سياق كلمته الأخيرة أمام الكونغرس، معتبراً أن صنعاء باتت جزءاً من محور المقاومة، كما هو حال بيروت ودمشق وبغداد، وبتعبيره تحت "الهيمنة الإيرانية". ولم يكتف نتنياهو بهذا التقدير والتوصيف بل ذهب بعيدا عندما دعا الى التعاون والاتحاد في مواجهة الجمهورية الإسلامية وسائر حلفائها.

أكثر من ذلك، لم تكتف "إسرائيل" بموقف عام، بل ترجمته الى إجراءات عملانية، عُرف منها التعليمات التي وجهتها الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، كما نقلت يديعوت أحرونوت، الى السفن الإسرائيلية المبحرة في البحر الاحمر باتجاه باب المندب، أن عليها اتخاذ إجراءات على اساس أنها تمر امام شواطئ معادية.

خلفية الموقف الإسرائيلي

لكل تقدير وموقف منشؤه الموضوعي حتى لو كان من موقع الاعتداء، والموقف الإسرائيلي العدواني إزاء حركة أنصار الله، الذي عبر عنه نتنياهو وأجهزته الامنية، ما كان بهذا المضمون الحادّ لولا موقفهم المعادي والرافض لأصل وجود "اسرائيل"، والمؤيد للمقاومة الفلسطينية والشعب الفلسطيني. وهو أمر حاضر بقوة في أدبياتهم وشعاراتهم ومواقفهم.

لكن المشكلة بالنسبة للعدو أن هذه التوجهات، اقترنت باحتضان ودعم الجمهورية الإسلامية في إيران التي توفر عناصر القدرة والامكانات لهذه الحركة. وعلى ذلك، ترى "اسرائيل" انه في ضوء اجتماع هذين العاملين تكون عناصر التهديد المحدق بـ"الدولة العبرية"، في طريقها الى الاكتمال..

الى ذلك، فقد فاقم من قلق العدو أن عناصر التهديد تتكامل، ومن منظور إسرائيلي، فإن المنطقة الجغرافية لليمن يجعلها أكثر خطورة خاصة أنها على البحر الاحمر وعلى مضيق باب المندب. ضمن هذا الإطار، يأتي ما أورده المعلقون الإسرائيليون عن أن حركة انصار الله يمكن أن تشكل محطة لنقل السلاح الى قطاع غزة. والحديث عن إمكانية امتلاك صواريخ ارض - بحر تهدد السفن الاسرائيلية، رغم أن هذا الموضوع الاخير قد يهدف ذكره الى تبرير العدوان السعودي على اليمن.

وهكذا تكون "اسرائيل" قد أكملت عناصر التمهيد لعدوان إسرائيلي مفترض ضد اليمن وانصار الله. فعلى مستوى المواقف صنَّفت اليمن ككيان معاد وعلى المستوى العملاني ترجمت ذلك الى إجراءات.. ورأت فيه محطة لنقل السلاح الى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة.. ولم يعد ينقص سوى المبادرة الى خطوات عملانية ضد انصار الله. وبعبارة أخرى الى شن عملية عسكرية ضدهم.

لكن الذي حصل أن العدوان نفذ بأدوات أخرى... سعودية وبغطاء أميركي... وعلى هذه الخلفية اعتبر بعض المعلقين الأساسيين في "الدولة العبرية" أن "تل أبيب" "وجدت نفسها مرة أخرى في جانب المتراس نفسه الذي تقف فيه الدول العربية السنية المعتدلة" في إشارة الى المملكة العربية السعودية وبقية دول الخليج. ولا يخفى أن هذا التقدير ينطوي على إقرار بأن "اسرائيل" وجدت نفسها الى جانب هذه الدول في ساحات أخرى، وهو ما يؤشر الى سوريا ولبنان والعراق.

مع ذلك، تبقى قضية لا تقل أهمية، وهي أن "إسرائيل" ترى في العدوان السعودي على اليمن، فرصة استراتيجية أخرى، انطلاقا من أنها توفر أرضية لتحالف استراتيجي بين "إسرائيل" وتلك الدول على قاعدة مواجهة التهديد المشترك، المتمثل بإيران ومحور المقاومة، وامتدادا لهم حركة أنصار الله في اليمن.