آل سعود في اليمن: تخبط وانهيار وخيبة

هل كانت تدري المملكة العربية السعودية عندما قرّرت شنّ الحرب على اليمن وعلى شعبه وعلى قواه السياسيّة والوطنيّة إلى أين سوف تصل بهذه الحرب؟؟ وهل وضعت مخطّطاً واضحاً يحدّد لها الخطوات المستقبليّة لهذا التدخل ؟؟ أمْ أنّها اتّخذت القرار في غفلة سياسيّة واكبت استلام الملك الجديد لزمام الأمور فاعتبرته نزهة بسيطة لا تستدعي إضاعة الوقت الثمين للعائلة المالكة في الدّراسة والتخطيط، خصوصاً وإنّ الدّول المتحالفة معها ستقف حُكماً إلى جانبها إن لم يكن عن قناعة ولكن لحاجة ماديّة عند أغلب هذه الدّول، وأموال النّفط ما شاء الله مُتوفّرة  وحاضرة لتغطّي هذه الحاجات وأكثر وفي اصعب الظروف، في هذه الأموال يوجد الحلّ السحريّ لأيّ وضع سياسيّ أو عسكريّ قد يُستجدّ.

تتلخّص مناورة السعوديّة في اليمن على محورين، الأوّل عسكريّ تدميريّ والثاني إعلاميّ تقسيميّ تحريضيّ.

أولاً: 
- تدمر كلّ شيء، تقصف البُنى التحتيّة ومفاصل الاقتصاد والأعمال، تلاحق شاحنات المساعدات الغذائيّة والإنسانيّة بصواريخ طائراتها الدقيقة الغالية الثمن، تستهدف آبار المياه الارتوازيّة والنّادرة الموجودة في اليمن، تستهدف المراكز العسكريّة وثكنات الجيش اليمنيّ الخالية من الجنود الذين يُحاربون القاعدة على الأرض، تختار المستشفيات ومراكز المعالجة الطبيّة وتدمّرها حيث تلاحق مُصابي أنصار الله الذين تتمّ مُعالجتهم، تنفذ حصارا خانقا على المطارات والموانئ البحرية مانعة حصول الشعب اليمني على الغذاء والدواء بحجّة منع وصول السلاح الإيراني لأنصار الله.

-  على الأرض، تُساعد القاعدة وحزب الإصلاح وكأنّها وحدات بريّة سعوديّة تنفّذ مُهمّات عملانيّة على الأراضي اليمنيّة، تمدّهم بالأسلحة والعتاد والذخائر، تنفّذ إنزالات مجوقلة خاصّة لصالح مجموعاتهم على الأرض في النّقاط الحسّاسة التي يحتاجونها، تؤمّن لهم كامل المعلومات الاستعلاميّة العسكريّة عن تحرّكات وحجم قوى اللّجان الشعبيّة وأنصار الله والجيش اليمني، تنفّذ غارات جويّة من طائراتها المتطوّرة في أمكنة محدّدة بناءً على طلباتهم . 

ثانياً: 
ماكينتها الإعلاميّة الضّخمة تحرّض على أبناء اليمن وعلى تكاتفهم مع الجيش واللّجان الشعبيّة، تُمارس التضليل الفاضح في إخفاء جرائمها ضدّ الشعب والجيش والمرافق العامة وتصوّر حلفاءها مظلومين ومضطهدين، تضغط بكلّ ما لها من نُفوذ لعدم حصول المفاوضات اليمنيّة - اليمنيّة في جنيف في منتصف حزيران القادم وتعرقل بواسطة حلفائها الاتّفاق على مسودات ونقاط هذه المفاوضات، تُمارس من خلال نفوذها وسيطرتها الماديّة على وسائل إعلام محلية وعالمية معروفة سياسة التعمية على جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانيّة التي ترتكبها ضدّ الشعب اليمنيّ، هذه الجرائم التي تنفذها  بأسلحة محظورة دوليّاً وإنسانيّاً.

تتلخّص مناورة الجيش اليمنيّ واللّجان الشعبيّة وأنصار الله على محورين أساسيين هما:

أولاً: 
- صمود ومقاومة في وجه آلة حربيّة مدمّرة وطيران متطوّر لا يوفّر لا بشراً ولا حجراً , وقتال مستميت في وجه التحالف الأميركي السعودي في كافّة مناطق اليمن.
- تقدّم في كافّة المحافظات في وجه القاعدة وحزب الإصلاح وسيطرة شبه كاملة على كافّة المفاصل الرئيسة في نواح ومواقع اليمن وطرد لعناصر القاعدة من أغلب مراكزها ونقاط تجمّعها.

-  نقل الحرب إلى داخل الأراضي السعوديّة حيث يتمّ قصف كافّة المواقع الحدودية مع اليمن، والسيطرة على بعض هذه المواقع العسكريّة، منها موقع "الرديف" وموقع "تويلق" و "الطوال"، مع تقدّم واضح في "جيزان" شمال غرب، وإبقاء هذه الحدود ملتهبة بشكل دائم حيث يدبّ الذّعر في الوحدات السعوديّة داخل هذه المواقع بالإضافة إلى التدمير المتواصل للآليّات العسكريّة التي تتحرك في مرمى الأسلحة .
-قصف إحدى أهمّ القواعد العسكريّة السعوديّة (قاعدة الملك خالد الجويّة) بصاروخ سكود وإصابتها مباشرة نتيجة قدرة لافتة في إطلاق هذا النّوع من الصّواريخ والذي ما زال يملك منه حوالي 300 صاروخ، بالرغم من امتلاك المملكة لمنظومة متطورة من صواريخ الباتريوت المضادة للصواريخ.

ثانياً:
-  حصول أنصار الله (الحوثيين) على شرعيّة دوليّة بمفاوضات مباشرة في العاصمة العمانية  (مسقط بين ممثّل للولايات المتحدة نيابة عن التحالف وبين ممثّلين عنهم .

- تحديد تاريخ واضح لمؤتمر السّلام في جنيف (14 حزيران/يونيو) بين القوى السياسيّة اليمنيّة، ومن خلال جدول أعمال كان لأنصار الله رأي واضح في تحديده من موقع قوّة جراء تقدّمه وصموده في كافّة محافظات اليمن.
- حصول اللّجان الشعبيّة والجيش اليمنيّ وأنصار الله على ثقة المجتمع الدّوليّ في محاربة القاعدة وداعش وهذا ما فرض هذه المفاوضات رغماً عن الحراك السعوديّ لمنع حصولها.

- اكتشاف الجميع دوليّاً أنّ أنصار الله هم قوّة وطنيّة لها حيثيّتها ووجودها وتاريخها ومطالبها الشرعيّة ولا تأتمر بأوامر إيران أو تنفّذ سياستها بل لها سياسة واضحة ومشروع حل وطني جدير بالمناقشة والدراسة.

وأخيرا، هل ستقتنع المملكة بحقّ الشعب اليمنيّ في تقرير مصيره وفي تحديد الخطوط الأساسيّة لنظام عادل ومحقّ لكافّة مكوّنات هذا الشعب العريق، أم أنها ستبقى تُمارس سياسة الهروب إلى الأمام في تدمير اليمن وعرقلة تلاقي الأطراف اليمنيّة على حوار جدّي وضروري؟ وهل ستقتنع بأنّ الشعب اليمنيّ له وجوده وتاريخه وحيثيّته وهو لا ينفّذ أجندة إيرانيّة بل يحترم مساعدة كافّة الشعوب التي تقدّر حقوقه ومطالبه السياسيّة المشروعة، أمْ ستبقى تتخبّط في مُستنقع الخيبة الذي دخلته في غفلة سياسيّة يوجّهها الانتقام والحقد والكراهية؟