الصحف الاجنبية: قوة الاسد تزداد.. واردوغان فشل في سوريا

اعتبر صحفيون اميركيون معروفون ان دخول القوات التركية الى العراق انما تعود الى بحث انقرة عن دور لها هناك بعد الاخفاقات في السياسية الخارجية التركية، لا سيما في سوريا، في وقت دعا مركز دراسات اميركي يميني إلى تعزيز الدور الاميركي في سوريا تحت حجة منع جر حلف "الناتو" الى المعركة.

من جهة اخرى سلطت الصحف الاجنبية الضوء على توسيع رقعة تهديد داعش، محذرة من الخطر الذي تشكله الجماعة في منطقة جنوب شرق آسيا.

توسيع رقعة تهديد داعش

نشرت صحيفة "الاندبندنت" البريطانية تقريراً تركز على ما كشفه مؤشر "Global Terrorism Index" الذي انشأه المعهد الدولي للاقتصاد و السلام بان 42 جماعة مسلحة اعلنت ولاءها لداعش، وأن هذه الجماعات تتواجد من الفلبين حتى  مصر. ونشرت الاندبندنت خارطة تظهر 30 جماعة اعلنت عن تبعيتها الرسمية لداعش، وكذلك 12 جماعة اخرى اعلنت عن دعمها للتنظيم.

 

وتحدث تقرير الصحيفة عن هجمات نفذتها جماعة انصار الشريعة في ليبيا وجماعة "كتيبة عقبة ابن نافعة" في تونس، وكذلك جماعة انصار بيت المقدس في سيناء، بينما اشار بالوقت نفسه الى ان الحركة الاسلامية في اوزباكستان وجماعة ابو سيّاف في اندونيسيا قد اعلنت ولاءها ايضاً لداعش.

 

الصحيفة لفتت ايضاً الى ظهور فصائل موالية لداعش في الجزائر وغزة، و الى قيام فصائل في افغانستان وباكستان بارسال مقاتلين الى ميدان المعركة في سوريا والعراق. واضافت انه وعلى الرغم من ارتفاع الهجمات الارهابية على النطاق العالمي، الا ان اغلب القتلى جراء هذه الهجمات هم في خمس دول ذات غالبية اسلامية: وهي العراق وسوريا وافغانستان وباكستان ونيجيريا.

كذلك تحدثت الصحيفة عن اتصالات وطيدة بين جماعة بوكو حرام في نيجيريا من جهة، و هي الجماعة التي تسببت بمقتل اكبر عدد من الناس في عام 2014، و داعش من جهة اخرى، وذلك من خلال التدريب العسكري ووسائل التواصل الاجتماعي.

 

داعش

و اضافت الصحيفة ان الجماعات الارهابية الخمس الاخطر – و هي بوكو حرام و داعش و حركة طالبان و مسلحين فولاني (و هم ايضاً ناشطون في نيجيريا) و حركة الشباب الصومالية مسؤولة عن 74% من الوفيات نتيجة الهجمات الارهابية عام 2014 الفائت،حيث قتلت 18,444 شخصاً فيما بينها.

وفي سياق متصل نشرت صحيفة "الغارديان" البريطانية تقريراً حول التصريحات التي ادلى بها وزير دفاع سينغافورة "Ng Eng Hen" خلال ندوة نظمها مركز الامن الاميركي الجديد في واشنطن، والتي حذر فيها من ان مقاتلي داعش باتوا يشكلون "خطراً واضحاً و قائماً" لمنطقة جنوب شرق آسيا بينما يعودون من سوريا و العراق حاملين  معهم مخطط اقامة "دولة الخلافة".

الصحيفة اشارت الى كلام وزير الدفاع السنغافوري بان الجماعات المرتبطة بالقاعدة، مثل الجماعة الاسلامية وجماعة ابو سياف باتوا يشكلون تهديدا متصاعداً للامن الاقليمي بعد اعلان ولائهم لداعش. ولفتت الصحيفة ايضاً الى ما قاله وزير الدفاع السنغافوري لناحية نجاح داعش خلال الاعوام الثلاث المنصرمة باستقطاب الاتباع في اندونيسيا وماليزيا وسنغافورة باعداد تفوق تلك التي نجح تنظيم القاعدة باستقطابها خلال الاعوام العشرة التي تلت هجمات الحادي عشر من ايلول.

ونقلت عنه ايضاً معلومات تشير الى ذهاب نحو مئة وخمسين مواطنا ماليزيا الى العراق وسوريا للالتحاق بالجماعات التكفيرية، بما في ذلك عناصر من القوات المسلحة الماليزية، بينما تتحدث اندونيسيا عن ذهاب ما يزيد عن 500 مواطن لها الى سوريا والعراق، فيما توجه عدد قليل من السنغافوريين الى ساحات القتال هذه.

كذلك تطرقت الصحيفة الى تحذير الوزير “Ng” من ان لدى المقاتلين العائدين (من العراق وسوريا) متعاطفين معه ومع حديثه عن وجود دافع و رؤية مشتركة لهم.
وأشارت الصحيفة ايضاً الى تشديد الوزير السنغافوري على اهمية مشاركة المعلومات الاستخبارتية بين دول المنطقة بغية مواجهة التهديد، و الى تعبير الاخير عن قلقه من ان اتباع الجماعات المرتبطة بالقاعدة في جنوب شرق آسيا قد تتوحد تحت راية داعش بعد ان اعلنت ولاءها للجماعة.

دعوات لتعزيز التدخل الاميركي في سوريا

بدوره، نشر معهد واشنطن لشؤون الشرق الادنى مقالة شددت على ان روسيا هي الدولة الوحيدة التي تخشاها تركيا من بين جميع دول الجوار، حيث انتصرت الامبراطورية الروسية في كل المعارك التي خاضتها ضد الامبراطورية العثمانية بين القرن الخامس عشر و عام 1917.(و التي يبلغ عددها سبع عشرة معركة).و عليه اكدت المقالة ان هناك اسبابا وجيهة لحرص النخب التركية على عدم تصعيد الازمة الحالية مع الروس.

في المقابل اعتبرت المقالة ان بوتين قد يعمل على التصعيد ولكن بشكل محدود، فهو يحاول خلال العقد المنصرم ان يضع روسيا في موقع القوة العسكرية العظمى في المنطقة اليوروآسيوية والشرق الاوسط، وان يجعل من نفسه زعيما عالميا - على حد تعبير الصحيفة -، ورجحت المقالة ان تصعد روسيا عملها العسكري شمال غرب سوريا بهدف طرد المتمردين الذين تدعمهم تركيا – و هو سيناريو يعني هزيمة كاملة "للمكون البري" في سياسات انقرة المعادية للاسد. كما لفتت الى ان هذا السيناريو قد يخلق موجة ضخمة جديدة من اللاجئين، ما سيزيد الاعباء على أنقرة.

اردوغان

كذلك تحدثت المقالة عن امكانية قيام روسيا بدعم حزب العمال الكردستاني، الخصم اللدود لتركيا، وايضاً حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي في سوريا. غير ان المقالة رأت ان حادثة اسقاط الطائرة الحربية الروسية الاخيرة قد تساعد انقرة على الاحتماء بالناتو. وحسب المقالة فقد ادرك بوتين انه لا يستطيع التعاطي مع تركيا كما اوكرانيا وجورجيا، حيث ان تركيا عضو في حلف الناتو. وعليه توقعت ان يعزز هذا الادراك علاقات تركيا مع الناتو، و يبني على قرار انقرة الاخير بالغاء شراء انظمة الدفاع العسكرية من الصين،و التي لم تكن تتطابق مع الانظمة الموجودة لدى بقية دول الحلف.

و اضافت المقالة ان استدارة تركيا نحو الناتو ستساهم بتغيير مواقف الشارع التركي تجاه الحلف الاطلسي. فاشارت الى استطلاعات رأي حديثة كشفت ان تركيا هي الدولة الوحيدة في الحلف التي لا ينظر غالبية مواطنيها بايجابية الى الناتو. بالتالي رأت ان المواجهة مع روسيا قد تساهم في تغيير هذا الواقع، و ان كان بنسبة معينة فقط.

وشددت المقالة على ضرورة ان تعمل واشنطن مع الطرفين من اجل منع حصول التصعيد، و قالت ان هذا يستدعي الضغط بقوة من اجل "ايجاد حل شامل للحرب السورية تستطيع كل من تركيا و روسيا التعايش معه". غير انها اضافت ان مثل هكذا مساعي تتطلب تعزيز الدور الاميركي، معتبرة ان تجنب التصعيد الخطير الذي يجر حلف الناتو الى المعركة هي الحجة المنطقية الاحدث كي تنخرط واشنطن بجدية في بلاد الشام.

تركيا تبحث عن دور لها في العراق

من جهته، كتب الصحفي “Dexter Filkins” مقالة نشرت في مجلة “The New Yorker” اعتبر فيها ان قرار تركيا ادخال قوات عسكرية لها الى الاراضي العراقية يأتي على خلفية النكسات التي تلقاها الرئيس رجب طيب اردوغان.

وقال الكاتب ان اردوغان فشل بشكل كبير في رهاناته بسوريا، حيث سعى جاهداً للاطاحة بالاسد و ساند الجماعات الاكثر تطرفاً مثل داعش لتحقيق هذا الغرض. و عليه اعتبر ان داعش لما كانت نمت بهذا الشكل من دون مساعدة تركيا. كما تحدث عن دعم اردوغان للاخوان المسلمين اينما استطاع.

وأضاف الكاتب بهذا الاطار انه وعلى الرغم من هذه المساعي التركية، فان الاسد هو اقوى مما كان عليه طوال اشهر ماضية، وانه تم سحق الاخوان المسلمين في الشرق الاوسط، خاصة في مصر.

كما تحدث الكاتب عن اسقاط تركيا للمقاتلة الروسية الشهر الفائت،معتبراً ان اردوغان اختار خوض مواجهة مع بلد اقوى بكثير. و هنا اشار الى رد بوتين بكشف المعلومات الاستخبارتية التي تدل على مدى "التعاون الرسمي التركي" مع تهريب النفط من قبل داعش. على ضوء ذلك قال ان الشهر الفائت كان سيئاً لاردوغان.

ثم تطرق الكاتب الى دخول القوات التركية الى العراق. فلفت الى ان النقطة المركزية في محاربة داعش في العراق هي مدينة الموصل. و قال ان القوات الكردية قامت الشهر الفائت، مدعومة بالضربات الجوية الاميركية، بقطع الطريق الذي يربط الموصل بمقر داعش في سوريا، وتحدث عن مساع كردية لقطع ما تبقى من خطوط الامداد الى داخل الموصل. عليه توقع ان يتم عزل عناصر داعش في سوريا بوقت قريب جداً، مستشهداً بهذا الاطار بمسؤول استخبارتي اميركي سابق قال ان "في حال تم قطع هذه الطرق، فان الحياة داخل الموصل ستتدهور بسرعة كبيرة".

بناء على ذلك رأى الكاتب ان حصار الموصل قد بدأ، وان تركيا التي اخرجت نفسها من اطار الحل في سوريا، تريد ان تكون جزءا مما سيحصل في العراق.

كما قال الكاتب انه وبينما الحكومة العراقية ربما لم توجه الدعوة الى الاتراك من اجل التدخل، الا انه يبدو واضحاً ان حكومة اقليم كردستان لم تحتج عند دخول القوات التركية. ولفت الى ان العراقيين الاكراد لا يمكنهم الوقوف بوجه تركيا، حيث ان آمال الاكراد بتحقيق الاستقلال مرهونة بخط امداد النفط الذي ينقل النفط الكردي الى منطقة المتوسط بشكل يومي. حيث اضاف ان خط الامداد هذا يمر عبر تركيا، و يمكن لاردوغان وقف تشغليه في اي لحظة اراد، مشيراً  الى ان اردوغان التقى زعيم اقليم كردستان مسعود البارزاني في انقرة يوم امس الاربعاء.

عليه، رأى الكاتب ان سبب دخول القوات التركية الى العراق يعود الى بحث اردوغان عن دور له بعد فشل سياسته في سوريا. و نقل عن مسؤول عراقي رفيع قوله ان "اردوغان يريد ان يكون جزءا مما سيحصل في الموصل، ووضع القوات هناك يضمن ذلك".

غير ان الكاتب حذر من ان ذلك سيعزز من امكانية فقدان السيطرة على الامور في ظل الكثير من القوى الكبرى التي تتنافس على القوة في سوريا و العراق.