الخيواني...جوادٌ بَرِّي في "موفمبيك"

الى آخر الثوار الأحياء صديقي عبدالكريم الخيواني
الطارئون على اللحظة الثورية والمتكسِّبون باسمها... الدخلاء على مناخ الرفض الحافل بالأعاصير والزلازل وأمطار النار وفيضانات الحمم..
كائنات الرطوبة والعتمة وأقبية تفسُّخ الذات وجحور السلامة..
المتسلقون على العمود الفقري للشهداء الراحلين والشهداء الأحياء..
خياطو البلاط الذين يفصِّلون التاريخ على مقاس قماءة سمو الأمير وقزامة صاحب الفخامة وضآلة الحاكم بأمر الله عقلة الإصبع...
كل لفيف البذاءة وخليط الهوان هؤلاء، ليس بوسعهم أن يستشرفوا الغيمة الأخيرة التي تمثل تماسَ ذُرى قامتك المديدة مع السماء..
ليس بوسعهم أن يسبروا بأهدابهم المطفأة غور ذاتك ولا تُخوم كبريائك يا صديقي عبدالكريم الخيواني...
إن الجبين العالي هو زائدة دودية غير مرغوب فيها في الزمن القميء، وآخر ثائر حيٍّ هو أعظم تهديد لسلطة تحكم باسم الثورة.. وأنت أحد آخر الجبهات العالية وأحد آخر الثوار الأحياء...
على مدى عقد ونصف العقد أخطأت نصالُ القتلة ورصاصاتُهم بؤرة قلبك..
أرادوك شهيداً يا صديقي لأن الرِّمَمِيَّات لا تستهويها سوى الجثامين...
لا يريدونك شاهداً تفتح بمباضع الجرأة جراحات البلد المتخثرة التي يلفها أدعياء العفاف و"تمرجية الوفاق الزائف" بعشرات الكيلومترات من الشاش السميك حتى لا يستدل الضحايا على بصمات خناجرهم في غاب الأنسجة المتهتكة...
إن "أساطين الوفاق" لا يتفقدون مقابر الشهداء إلا كما يتفقد المرابي والتاجر الجشع خزانة أمواله وذهبه المكنوز ليطمئن على حجم حضوره في بورصة الأزمات ومدى قدرته على المضاربة في السوق السوداء..
إنهم يقايضون أرطال اللحم بأرطال اللحم وينبشون المقابر ليأخذوا ما يكفي من الرفات لرجحان كفة المحاصصة على ما تبقى من حياة وعافية في البلد...
وأنت تحرس "أحلام الشهداء من خناجر حراسهم" لتثمر المزيد من الحياة والضوء لحاضر ومستقل ملايين البشر البسطاء و المتعبين...
إن قوة الحزب الاشتراكي كانت دائماً تكمن في جرأته على المكاشفة بنقاط ضعفه... إنه شرفة جيدة التهوية ومفتوحة على الضوء....
هكذا هو في عيون أصدقائه وهكذا سيبقى.. لذا فإنهم لا يتحرجون من التجوال في زواياه المشرعة مفعمين بالثقة في شفافيته ودون حاجة لتأشيرة مرور أو تنسيق مسبق أو إلتزام لائحة محاذير من أي نوع...
أما خصوم الحزب فهم أولئك الذين ينتصبون بينه وبين أصدقائه كشرطة آداب ليحُدُّوا من تجوالهم، لأنهم لا يرون فيه أكثر من قبو معتم و نتن بواجهة برَّاقة وزائفة...
وأنت يا صديقي - كنتَ دائماً في طليعة المحبين لهذا الحزب... والحريصين على أن يواصل السير صوب المستقبل -كعهده- متخففاً من أيَّة حمولة ماضوية سلبية، وأياً كنت قاسياً وفجّاً في نقده فإن حوافزك للنقد تبقى أطهر من نوايا وفذلكات جوقة المساج السياسي المؤلهين له والراغبين في أن يشاطرهم لعبة النَّط على الحبل إزاء التاريخ، بحيث يقف من منعطفاته حيث يريدون لا حيث ينبغي أن يقف..
إن "إتيكيت جمهورية موفمبيك" لا يحتمل الجيادَ البرِّية الراكضة بحُرِّية والرافضة لسروج ومهاميز الساسة، وحين كتب أحد المحسوبين على المُكوِّن الذي تنتمي إلى قائمته تعقيباً على مقالك في "الأولى" كان فقط يُزاول دبلوماسيته على مرآة ثوريَّتك محاولاً ترميم مزهريات العلاقة بين الحزب و"أنصار الله" التي حطمتها حوافرُك القُوزاقية، كما يعتقد معظم أفراد "السيرك السياسي" على الجانبين....
يا لها من علاقة بائسة تلك التي تفصد وريدَها شفرةُ قلم والتي لا ضمانة لبقائها سوى أن يتحول عبدالكريم الخيواني إلى جواد مدجَّن في "سيرك"..!
كم أنت أنت وكم أحبك أنت... قوزاقياً... لا يقايض صهيله بفحيح دبلوماسي ناعم ولا يستبدل حباله الصوتية برباط عنق أنيق.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
4 + 13 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.