وهل نجح اخيرا مؤتمر الحوار !؟ : بلال الحكيم
لقد اخذت المبادرة الخليجية وقت كافي جدا لكي تبرهن نجاحها من فشلها , ما علينا سوى ان نتذكر ما الذي حدث وكيف وصلنا الى هذا الحال .
فكل التجاذبات التي نشهدها اليوم بين الفرقاء والتيارات والاحزاب اليمنية وكل الفوضى الحاصلة في الشارع والانفلات الامني و الاداري الذي لا سابق لهما . كل ذلك هو مرحلة حتمية سببها اختيار طريق ملتوي ومراوغ منذ البداية اقتضي ابقاء القوى القديمة على الواجهة والاصرار على ابعاد قوى جديدة خرجت من اتون المعاناة والحرمان التي رسختها تلك القوى القديمة حين بقيت جاثمة على الحكم والثروة والجاه لعشرات السنيين . رغم ان الاساليب التي ابتكرت لابقاء تلك القوى صاحبة القرار الاول قد بدت وكأنها توافقية وانها حل منصف للتخلص من صراع دام اجله , ولكن الحقيقة ان الثورة هي التي احدثت هذا التحول على الواقع اليمني عندما فشلت الاحزاب بشقيها المعارض والحاكم في اخراج البلد من حالة الرتابة السياسية في عجزها عن الوصول لحل لاي خلاف حاصل , لقد فاجئت الجميع رغم ان الارهاصات المؤذنة بحدوثها كانت قد اكتملت بل وتخمرت منذ زمن , ولانها كانت مفاجئة وسريعة فقد اقتضى الامر خطة سريعة ستشرف على وضعها دول اقليمية ودولية ساعية للملمة الامور سريعا باي ثمن ممكن , حيث انها هي الاخرى معنية ايضا بالصراع اذ لديها مخاوف من زوال مقومات بقاء السيطرة على هذا الاقليم ( اليمن ) اذا ما سقطت الادوات والقوى والعناصر الذي يشتغلون على ابقاء الامور مامنة لصالحها .
بالطبع فقد اشتغل على اتمام هذه الخطه ( المبادره الخليجية ) بكل جدية وصرامة بحيث يتم اولا الترويج لها اعلاميا بصفتها الحل الوحيد والمنصف . ثم طرحها في المحافل الدولية ليتم شرعنتها من خلال الترويج على ان الصراع الحاصل هو صراع سياسي بين احزاب سياسية على ان يتم لاحقا اعتبار هذه الاحزاب هي طرفي الاختلاف وبالتالي الاتفاق اذا ما تم التوافق على بنود المبادرة فيما بين هذين المكونيين والذين هم بطبيعة الحال ( المؤتمر الشعبي العام , واحزاب اللقاء المشترك ) وهذا ما حدث . وهنا حدثت اولى المغالطات واخطرها اذ ان اعتبار هذين المكونيين هما وحدهما مكونات الصراع والاختلاف وبالتالي الاتفاق لاحقا يهدف في الاساس لاخراج كل من ليس مسيطرا عليه او لا يمكن الزامه بقبول حل يكون اقل من مستوى التلبية لمطالب اكثر شمولية من تأمين حاجيات معيشية وتأمين فرص عمل للعاطلين وتطوير التعليم والزراعة والصناعة الى مطالب اكبر عنوانها استعادة السيادة والقرار , وهذا بالضبط اكبر عوامل التخويف بالنسبة للقوى الدولية المتمثلة حصرا في كل من ( امريكا والسعوديه ) .
اعتذر على هذه المقدمة الطويلة ولكن يجب ان نخرج انفسنا من ورطة التأقلم السلبي مع اي تطورات تفرض فرضا , ولذلك اقتضى التذكير كيف تم سياغة مرحلة كاملة امتدت لسنتين ولاتزال قائمة كما لا يزال التلاعب من خلالها وفرضها على الجميع باعتبارها مسلمة وانها الحل الوحيد .
اذن هل نجح اخيرا مؤتمر الحوار ؟
قبل ان ينتهي موتمر الحوار انسحب مكون الحوثيين ( انصار الله ) بعد اغتيال ثاني عضو له في مؤتمر الحوار وهو الدكتور احمد شرف الدين ( رحمه الله ) وقبلها كان قد تمنع الحزب الاشتراكي من التوقيع على اهم بند یخص القضیة الجنوبیة وهو تقسیم الیمن الى عدة اقاليم تماما كما تلك التي رسختها دولة الاستعمار سابقا وباصرار عجيب وفجائي من قبل رئيس الجمهورية وكذلك بعض المكونات التي ثبت صلت التبعية لها مع الدول الراعية للمبادرة الخليجية ما يؤكد ان مساعي المبادرة واهدافها اكبر بكثير من ما كان متوقعا فالتقسيم ليس امر جديد فهو مطروح دائما كمخططات استراتيجية للدول الاستعمارية تضعة في اول فرصة تجدها مناسبه للبدء في التمكن الكلي على كل اقليم على حده .
والان وبانسحاب مكونات رئيسية ومهمة واحتجاج واعتراض اخیرات من مكونات الحوار الوطني الذي فرضته المبادرة الخليجية , يكون الفشل قد ترسخ عمليا وتاكد واقعيا اذ ان مكونات الحوار المتبقية ليست مكونات جديده , بمعني انها ليست جزء من الفعل الثوري الحقيقي خاصة عند التأكد بانها نفس مكونات الحكم السابق وهذا هو خطر المبادرة الخليجية منذ البداية والذي اصبح اليوم اكثر وضوحا حتى بالنسبة لولائك المتفائلين جدا والذين تأملوا خيرا من وراءها , ذلك لانها هدفت منذ البداية لانقاذ تلك المكونات القديمة واعادتها للسلطة وبالتالي افشال الثورة وسرقتها , وهذا ما يحدث .
ولكن الحديث عن فشل الثورة هو امر سابق لاوانه لان المرحلة القادمة هي مرحلة جديدة كليا حيث انتهت الفرصة الموكلة للمبادرة الخليجية ولكل لاعبيها والذين فشلوا فشلا لا يمكن ايجاد قرين له في تاريخ اليمن المعاصر كله .
اما عن بقية مكونات المجتمع والتي هي المعنية بهذا التحول بل التي صاغته بنفسها من خلال الخروج للشارع والمطالبة برحيل الجميع , رحيل جميع الفاشلين بما فيهم الاحزاب السياسية نفسها التي عجزت سابقا في انجاز اي مطلب شعبي واحد في صراعها الذي بدى عقيما وانه سيستمر من دون نتيجة . ان نفس هذه المكونات الشعبيه يجب ان تبداء بتحضير نفسها للخروج مره اخرى وضد نفس السلطه ولكن هذه المره فی وجهها الحقيقي والحقيقي جدا .
- قرأت 587 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ