اﻻخوان والقراءة الخاطئة دائما.. " اليمن نموذجا " : محمد المنصور

 

في ضوء المتغيرات التي شهدها اليمن والمنطقة مؤخرا فيما عرف بالربيع العربي يمكن القول بأن الحركات اﻻسﻻمية التي ركبت موجات الثورة في مصر وتونس وليبيا واليمن وسورية قد خسرت وفي زمن وجيز مكاسبها السياسية  التي تحققت لها في بداية الربيع ﻻسباب مختلفة ليس من بينها العامل الخارجي هذه المرة الذي وقف بجانب تلك الحركات وقدم لها الدعم السياسي والمالي واﻻعلامي من خلال  وكلائه في المنطقة  .

 

وفي حين يبدو اخوان اليمن اﻷكثر حظا سلطويا  من بقية الجماعات في اقطار عربية عدة فإن سبب ذلك يعود ليس الى أفضلية مشروع اخوان اليمن على صعيد النضج السياسي وتجسيد الشراكة وقيم الديموقراطية بل ﻻن اخوان اليمن كانوا وخلال حكم علي صالح الطويل جزء من النظام السياسي العسكري والقبلي المدلل والمدعوم سعوديا وخليجيا  ،وتعزز وجودهم في السلطة بعد ثورة الشباب بفعل وجودهم التنظيمي  وتحالفاتهم القبلية والعسكرية والسياسية من خلال اللقاء المشترك ، وبفعل الدعم المالي من قطر وغيرها .

 

وبموجب المبادرة الخليجية  استحواذ اﻻخوان وحلفائهم السياسين والقبليين والعسكريين على نصف الحكومة ونصف الجيش واﻻمن وهم بسبيل العمل على  مضاعفة مكاسبهم في السلطة اﻻنتقالية الحالية والمستقبلية بمزيد من اقصاء واضعاف المكونات الشريكة للاخوان في الثورة الشبابية ومؤتمر الحوار الوطني، فلقد سعى اﻻخوان وبالتحالف مع هادي وصالح  ﻻزاحة محمد علي احمد من رئاسة فريق الحراك الجنوبي في مؤتمر الحوار الوطني ومن ثم تفكيك مكوناته واضعاف صوته لتمرير المخرجات المناسبة لهم المتعلقة بالقضية الجنوبية التي يرغبون وهو ماتم .

 

وظنا من اﻻخوان وحلفاؤهم من العسكر ومشائخ آل اﻷحمر وأطراف اقليمية ودولية معروفة انه باﻻمكان التفرد بالحكم في اليمن من خلال احياء تحالفهم القديم مع علي صالح الذي بدا واضحا داخل مؤتمر الحوار وعبر عنه محمد قحطان ومن ثم العمل على  احتواء اوتغييب الطرف اﻷقوى في المعادلة الوطنية وهم انصار الله .

 

حرب سياسية واعمية وثقافية اضطلع بها اعلام اﻻخوان والى حد ما بعض اعلام صالح بموازاة حروب الجبهات في دماج وكتاف ودنان وخيوان وحرض والجوف وحصار مطبق على مواطني محافظة صعدة .

 

عناوين طائفية ومذهبية وضعت لتلك الحروب المفروضة على انصار الله وحملات تعبئة وتحريض وتحشيد بينما كان مؤتمر الحوار منعقدا وكأن شيئا لم يحدث ، كان المطلوب اجبار انصار الله على مغادرة الحوار عبر الضغط العسكري والتجييش واﻻستهداف اﻻعلامي الهائل .
 

لعب اﻻخوان في كل ذلك دور المخرج للسيناريو المعد والذي يستحيل تنفيذه دون مباركة امريكية ورضى سعودي وتمويل خليجي متعدد لكنه يصب في تلك الجيوب الفاسدة نفسها التي قاولت وتاجرت بالدماء في الحروب الست الماضية .

 

وبالرغم من فشل تحالف الشر عسكريا واستراتيجيا رغم اﻻمكانات الهائلة العسكرية  - العناصر المدربة بما في ذلك القاعديين ذوي الخبرات القتالية القادمين من سورية والعراق والسعودية وغيرها - والمالية واللوجستية واﻻعلامية واﻻستنفار الطائفي والفتاوى فقد انهارت جبهات التحالف التكفيري تباعا وبطريقة اذهلت المتابعين ومازالت اسرارها لما تتكشف بعد ، ﻻن ﻻنصارالله حساباتهم اﻻخلاقية التي تتفوق على على الحسابات السياسية والدعائية .

  

بالطبع لم يراجع تحالف الحرب حساباته ولم  يسأل اﻻخوان في اليمن داخل اﻻصلاح وخارجه انفسهم لماذا فشلت حروبهم اﻻخيرة كسابقاتها ؟

ولماذا انتصر انصار الله  بالمعنى العسكري والسياسي واﻻخلاقي  ؟

السؤال نفسه ينبغي طرحه بصيغة اخرى : لماذا انهزم تحالف اﻻخوان والسلفيين وال اﻷحمر الطويل العريض برغم انه يمتلك من اﻻمكانات والقدرات اضعاف اضعاف ما لدى انصار الله بما فيها بعض امكانات الجيش التي زج بها لصالح هذا التحالف من قبل علي محسن والقشيبي . ؟

 

وﻻن الحرب كما يقول البعض ممارسة للسياسة بطريقة اخرى فإن حروب اﻻخوان وحلفهم دائما تقود الى ضحايا وجرحى ودمار وخراب ومن ثم فشل ميداني دوما ما يؤدي الى عقد اتفاقات تهدئة - تماما مثلما كان يفعلون اثناء الحروب الست خلال حكم علي صالح - كنوع من التكتيك وشراء الوقت لمزيد من الحشد والتبعئة والحرب.

 

قبل مؤتمر الحوار ومشاركة انصار الله كان اعلام اﻻخوان وحلفاؤهم يشكك ويتهم انصار الله بانهم بلا مشروع سياسي وعندما قدم انصار الله رؤاهم وافكارهم من مختلف القضايا الوطنية اثبتواانهم يمتلكون مشروعا وطنيا جامعا ومتقدما للطروحات اﻷخرى في عديد القضايا ، لذلك فاﻻصرار على استهداف انصار الله بالحروب واﻻغتياﻻت يعني شيئا غير السياسة وهو اقرب الى اعمال العدوان المحض والعبث بامن واستقرار الوطن .

 

ومن ذلك المنطلق يصبح السؤال عن حقيقة  مشروع اخوان اليمن السياسي بل يصبح التساؤل الحقيقي هل لديهم مشروع أصلا خارج الدور الوظيفي الذي يؤدونه كمشعلي حروب ومستثمري أزمات  ؟

 

خاض اﻻخوان في السبعينات والثمانينات حروبا ﻻهوادة فيها ضد حركة اليسار والبعث والقوميين وناشطي الزيدية لحساب نظام صالح وبرعاية سعودية امريكية ،كما اسهموا وبشكل رئيس في حروب افغانستان والشيشان والبوسنة الخ ،ومنذ غزوامريكا للعراق عام 2003 ، كما جير اخوان اليمن انفسهم للحرب على ايران والشيعة ، وفي هذا السياق كانت حروب النظام الظالمة على صعدة بمشاركة من اﻻخوان وحلفاؤهم والتي ﻻتزال مستمرة حتى اليوم بنفس اﻻساليب ولنفس اﻷهداف اﻻلغائية مهما حملت من ذرائع .

 

ومرة اخرى نتساءل : ألم يبلغ اخوان اليمن سن الرشد السياسي ويعيدوا تموضعهم السياسي والمجتمعي بدون اغطية القبيلة والعسكر بالغة الكلفة سياسيا واخلاقيا ووطنيا ؟؟

ونتساءل : هل يستطيع اﻻخوان التحول الى حزب مدني يبادل اﻵخر المذهبي والسياسي القبول واﻻستعداد للحوار والتعايش ؟؟

 

لقد استفاد اخوان اليمن من تجربة اللقاء المشترك في اعادة رسم صورتهم التي يريدون تسويقها للرأي العام اليمني وللخارج باعتبارهم حزبا غير متطرف يقبل باﻵخر بينما ظلت الممارسات في الواقع اقصائية وعنيفة  وحزب يصدر فتاوى التكفير والمصادرة بحق الخصوم الدينين والسياسيين  ، برغم وجود مؤسسات لهذا الحزب  لكن القرار يصنع في غرف مغلقة من قبل العسكر والمشائخ وبعض قيادت اﻻصلاح ، وفي التجربة العملية مارس اﻻخوان عبر حزب اﻻصلاح اﻻستئثار بالوظائف العامة والعسكرية واﻻمنية ، ورموا الفتات لشركائهم من بعض احزاب اللقاء المشترك دون البعض اﻵخر وتلك حكاية أخرى .

 

 

يحتاج اﻻصلاح في ظل المتغيرات الحاصلة الى  مراجعة مواقفه وسياساته وتحالفاته  جديا في ضؤ المتغير السياسي والمجتمعي الناجم عن ثورة الشباب وخروج صالح من السلطة وانفصام عرى تحالف القبيلة والعسكر ومعهم اﻻخوان الذين ربطوا انفسهم بتلك المنظومة وكانوا شركاءها في حروبها ضد القوى السياسية والمجتمعية اﻻخرى ،  وكان يفترض ان يعيد اﻻخوان في اﻻصلاح حساباتهم وان يتخففوا من عبء علي محسن ذي الماضي الدموي المعادي ﻷغلبية القوى السياسية والذي مثل الوجه البشع لنظام صالح والذي كان انضمامه الى ثورة الشباب بمثابة كارثة على الثورة .

 

فاﻻخوان اليوم وحزبهم لم يعودوا بحاجة كذلك الى الغطاء القبلي الذي يمثل الوجه النقيض للمدنية وبناء الدولة .ان ضرورة طي صفحة الماضي وبناء اليمن الجديد تعني تغيير كل المنظومة التي حكم بها علي صالح وهي اهم اهداف الثورة الشبابية التي شارك فيها اﻻخوان وقطفوا ثمارها لكن الى حين ، ولربما سيكون اﻻخوان الخاسر اﻷكبرمن ذلك التحالف مع تلك الرموز من قوى النهب والفساد التي اجرمت بحق اليمن واليمنيين وبالدولة كمنظومة دستورية وقانونية وقيمية وسجلها الحافل بالفساد والحروب والنهب والتبعية للسعودية وغيرها .

 

لمصلحة الشعب وقواه المختلفة وللتغيير الوطني المنشود زحزحة قوى اﻷمس كسنة للتغيير والتطور ﻻن تلك القوى فشلت في تحقيق شيئ ايجابي يذكر سوى الخراب السياسي واﻻقتصادي واﻻجتماعي واﻻرتهان للقوى اﻻقليمية والدولية ولذلك ثار عليهم الشعب ، ويبدو ان اﻻخوان في اليمن يريدون  اليوم اعادة ترميم ذلك الحلف العسكري القبلي السلفي والزج به في حروب اﻻخوان من اجل السيطرة على الحكم والتفرد بالسلطة والقيام بشن الحروب على انصار الله الطرف اﻻقوى في المعادلة الوطنية القادمة ﻻعادة انتاج مرحلة الثمانينات الذهبية للمشروع اﻻخواني الوهابي التي لن تتكرر.

 

ان  الخسائر العسكرية التي  يتكبدها الحلف القبلي العسكري التكفيري المسلح على اﻷرض - في الصراع المتنقل مع انصارالله في المناطق القبلية الشمالية المستمر منذ اشهر  - يؤكد خطأ حسابات اﻻخوان اﻻستراتيجية التي بنيت على وهم التمكن من تغيير هوية القبائل اليمنية الزيدية العريقة والفاعلة  والزج بها في الصراع العبثي المفتعل مع انصار الله تحت عناوين طائفية  لم تقنع تلك القبائل وغيرها والتي تجد نفسها اقرب الى مشروع انصار الله الثقافي القرآني المتجذر في الزمن التاريخي اليمني والمقاوم للهيمنة اﻻجنبية والتدخﻻت اﻻمريكية  ،بينما يقدم اﻻخوان مشروعهم للمواطن اليمني كمشروع تدمير و فتنة طائفية واعتداء على هوية الشعب اليمني وخضوع للامريكان والغرب ومشروع تسلط واستئيثار بالسلطة وتبعية لرموز الفساد والنهب والارتزاق وتجار الحروب .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
2 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.