فك طلاسم قرار مجلس الامن .. بلال الحكيم

اسمحوا لي اولا ان الفت انتبهاكم الى اغرب واعجب عبارة ذكرت في مشروع القرار المقدم من قبل كل من المملكة المتحدة لبريطانيا وايرلندا الشمالية , العبارة هي في السطر الاول من المشروع وهي بالنص ( واذ يعيد تأكيد التزامه الشديد بوحدة اليمن وسيادته واستقلاله وسلامته الاقليمية , ) لمن لم يتنبه لغرابة هذه العبارة فسيكفي التوضيح بان كل ما ورد عقبها في المشروع البالغة صفحاته احدى عشر صفحة هو مناقض بشكل صريح ومباشر لهذه العبارة , حيث ان المشروع والذي صوت عليه بالاجماع من قبل كل الدول المشاركة في مجلس الامن , يقرر ان الحالة في اليمن تتطلب التصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة .
وهنا نلاحظ ان هذه العبارة ( الفصل السابع ) تعني فيما تعنيه الاقدام على اكبر الخروق والتجاوز والتعدي والانتهاك لسيادة اي بلد او استقلاله يمكن ان يتصوره اي انسان تجاه اي بلد من البلدان , هذا الامر الاول اما الامر الثاني هو ان المشروع يتحدث عن شدة تاييده لانتقال اليمن من دولة وحدوية الى دولة اتحادية , وهنا تناقض اخر صريح مع العبارة التي ذكرت في اول سطر من المشروع , حيث لايمكن القبول بهذا المزج العجيب في المصطلحات في النص المدون للمشروع نفسه فالدولة الاتحادية تختلف عن دولة الوحدة والا لكان ذلك تجاوزا وقفز فوق كل الخلاف الرئيسي الحاصل حول شكل الدولة بين المتنازعين او المختلفين في بقاءها دولة موحدة ام دولة اتحادية بعدة اقاليم وهذا ما لم يتم التطرق اليه في المشروع ( عدد الاقاليم  (
يمكن ملاحظة في البدء وقبل الشروع بتحليل البنود الريئسية في المشروع ان الجهة التي صاغته تعمدت ان تخلط البنود وتمزجها في بعضها البعض حتى يتم تغافل بعضها وعدم ادراك خطورتها الا متاخرا حيث يلاحظ ان بعض البنود قد تم حشرها في سياقات مختلفة تماما وفي صيغ محددة وقاطعة لا تتجاوز السطر او السطرين , وفي ذلك نلاحظ على سبيل المثال : البند الخاص بالفصل السابع وكذلك البند الخاص بالسلاح ( سحب الاسلحه غير المرخصة وتخزينها ) , وهذه من اخطر البنود وربما يكون الهدف الوحيد الحقيقي من المشروع كله , وهذا ما سنحاول تفصيله لاحقا ضمن التحليل للبنود الريئسية في المشروع .
البنود الرئيسية : ( حسب الملاحظة الشخصية للكاتب )
* التصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة وهذا يعتبر اخطر القرارات التي يمكن ان تتخذها الامم المتحدة تجاه اي طرف او بلد , حيث ينص هذا القرار على ان لمجلس الامن استخدام القوة البحرية والبرية والجوية تجاه البلد او الطرف المقصود , ووقف الصلات الاقتصادية , ايقاف المواصلات بكافة انواعها الحديدية والبحرية والجوية والبريدية والاسلكية , وقطع العلاقات الدبلوماسية .
وكما اوضحنا سابقا فان هذا البند الذي تظمنه المشروع والذي صوت عليه جميع اعضاء مجلس الامن بالرغم من انه البند الرئيسي والابرز الا انه ذكر بشكل مقتضب ومحدد من دون حتى مقدمات توضيحية او تفسيرية حيث ان كل ما ذكر حول الموضوع لا يتعدى السطرين وهو نصيا : ( واذ يقرر ان الحالة في اليمن تشكل تهديدا للسلم والامن الدوليين في المنطقة , واذ يتصرف بموجب الفصل السابع من ميثاق الامم المتحدة ) انتهى , وهنا يمكن فهم ان اتخاذ هذا القرار من مجلس الامن وفي هذا الوقت بالذات على انه عملية استباقية لاي حالة سقوط جديده قد يتعرض لها الحلف المتمثل بالادوات التاريخية لكل من امريكا والسعودية في اليمن والمتمثلة بعلي عبد الله صالح , ال الاحمر , الجنرال علي محسن , او حزب الاصلاح والذي سقط فعليا كل من علي عبد الله صالح واولاد الاحمر ويترقب كثيرون وبحسب وقائع ميدانية تسارع العجلة المتوجهة نحو اسقاط البقية , وهذا هو ما يرعب الدول العظمى لان ذلك سيعني ضمنيا انتها صلتهم التسلطية او فرض الوصاية التي كانت تتم من خلال هذه الادوات التي تقوم بتمرير واقرار كل ما يملا عليهم بشكل طيع ومباشر وبالصوره المطلوبه حرفيا . ولكن سقوط تلك الادوات سيجعل الدول العظمى تستعد مبدئيا وبشكل قانوني ( حسب قانون الامم المتحده ) على التشريع لاي تدخل فجائي قد يحدث فيما اذا ما سقطت البقية الباقية من تلك الادوات .
يمكن في هذا الصدد ملاحظة ضعف الدبلوماسية اليمنية حيث ان الاقرار بشكل جماعي ومطلق بهذا القرار من قبل الاعضاء المشاركة يعني ان كثير من تلك الدول المصوتة غير معنية بتنوع الاطراف في اليمن او حتى بالسعي نحو ايجاد تحالفات دولية فيما بينها شبيه بتلك الحاصلة مثلا في سوريا .
* انشاء لجنة للتحقيق في مزاعم انتهاكات حقوق الانسان التي حدثت في عام 2011 , كما ان نفس هذه اللجنه مكلفة في سياق اخر ورد في نص المشروع بمتابعة الافراد او الكيانات الذين يشاركون في اعمال تهدد السلام او الامن او الاستقرار في اليمن او يقدمون الدعم لتلك الاعمال .
وفي تفصيل اكثر فالاشخاص او الجماعات هم كما ورد في المشروع ( المعرقلين لنجاح عملية الانتقال السياسي كما نصت عليه المبادرة الخليجية , المعيقين لتنفيذ ما توصل اليه مؤتمر الحوار الوطني , المخططين لارتكاب اعمال تنتهك القانون الدولي لحقوق الانسان ) .
قد يبدوا الامر هنا ايجابي وخاصة وانه يتطابق مع مطالب شعبية تبناها ثوار الساحات تمثلت بمحاكمة كل المتورطين في الانتهاكات التي ارتكبت بحق الثوار والمدنيين بصور واشكال مختلفة , ولكن للاسف الشديد فالتفائل هنا هو صوري فقط حيث ان الجهة التي كلفها المشروع المقدم بالقيام بحصر وجمع اسماء الجهات والاشخاص المتورطة , هي الحكومة الحالية وهنا يمكن ملاحظة حجم الخيبة التي ستصيب شباب الساحات او الثوار .
ليس فقط لان الحكومة الحالية هي نفسها متورطة بجرائم قتل كثيرة جدا كان اولها المجزرة التي ارتكبت في حق شباب وشابات مسيرة الحياة التي اعقبت صعود هذه الحكومة بايام معدودة فقط ! ليس ذلك فقط وانما لانها حكومة قد غطت سابقا عن العديد والعديد من الجرائم وغطت على مرتكبيها بل وانها وكما اوضحته تقارير اخرى قد تورطت في المشاركة في الاعداد لبعض تلك الجرائم كما اتضح في عملية اقتحام السجن المركزي وتهريب ارهابيين . ثم كيف يمكن التاكد من ان هذا الاجراء سيشمل كل المتورطين فعليا حيث ان جزء كبير منهم قد تخفوا في بطانة الثورة وارتكبوا جرائم لاحقه باسمها .
* طي صفحة الرئيس السابق على عبد الله صالح اما هذا البند الغامض والفضفاض فلا يفهم منه سوى انه مجرد تهديد لعلي عبد الله صالح بعدم المحاولة في التفكير في عرقلة سير ما توصلت اليه الاقنية السياسية المنظوية والمقرة بكل ما نصت عليه المبادرة الخليجية وهذا التهديد يتضح اكثر في النص الذي اعقبه بماشره والذي لم يتربط مباشره او يختص صراحة بعلي عبد الله صالح والذي نص على ( ضرورة اجراء تحقيقات شاملة ومستقلة ومحيادة ومستوفية للمعيير الدولية بخصوص ما زعم وقوعه من اعمال انتهاك وامتهان لحقوق الانسان ) وهنا يفهم ان هذا النص مجرد تحذير لعلي عبد الله صالح في ان اي محاولة منه لعرقلة ما تم التوصل اليه وبالاخص الاعتراض على التمديد لرئاسة عبد ربه منصور هادي كما لوح مؤخرا بعض القادة في المؤتمر الشعبي العام التابع للرئيس السابق بان على يحي الراعي رئيس مجلس النواب القيام بدوره القانوني المناط به بتولي رئاسة الجمهورية لحين اجراء انتخابات رئاسية حسب الدستور بعد انتهاء الفترة التي شرعتها المبادرة الخليجية لعبد ربه منصور هادي , وان ذلك سيجعل مجلس الامن يفتح ملفات الانتهاك التي ارتكبت في عهد علي عبد الله صالح فيما اذا استمر في المطالبة بهكذا اجراءات . *
* نزع السلاح وتخزينه : النص كما ورد في البند رقم 30 ( يدعو الى مواصلة الجهود الوطنية الرامية الى التصدي للتهديد الذي تشكله الاسلحة برمتها ) ( تخزينها وتامينها بطريقة مأمونة وفعالة وجمع او تدمير المتفجرات من مخلفات الحرب والاسلحة والذخائر الفائضة او المحجوزة او غير الموسومة او المملوكة على نحو غير مشروع ) .
هذا البند الظريف والذي يتطلب منكم يا شعب اليمن التصفيق له يقول لكم صراحة , نعم نحن سوف نحتلكم وسوف نتدخل بريا وبحيرا وجويا وسياسيا واقتصاديا ولكننا قبل كل ذلك سوف ننزع سلاحكم لكي تحاربونا باظفاركم او ( بالصمول ) . هناك ملاحظة يمكن ايرادها في هذا الصدد تتعلق بالترويج المفاجئ لبعض الاقنية السياسية التي روجت بشكل مكثف في الايام الاخيرة الى وجوب نزع سلاح الجماعات المسلحة وكانت الاشاره بالاسم وبشكل صريح ( لحوثيين ) حيث وقد تم الاشاره الصريحة ايضا في المشروع التابع لمجلس الامن لجماعة الحوثيين وكذلك للحراك الجنوبي في نص محشور في مكان حيث ورد حرفيا ( ويهيب بحركة الحراك الجنوبي وحركة الحوثيين وغيرهما الى المشاركة البناءة ونبذ اللجوء الى العنف لتحقيق اهداف سياسية  .
*( الاصلاح الاقتصادي ( يهيب بالجهات المانحة والمنظمات الاقليمية ان تدفع بالكامل التبرعات المعلنة في مؤتمر المانحين المعقود في الرياض في ايلول / سبتمبر 2012) وهنا يمل المرء من الحديث عن الوعود الغير منفذة والتي تعني فقط مجرد الاستمرار في الاعتماد السلبي والانتظار المحبط لكل ما قد تقدمه الدول المانحة من فتات ومن وهم .

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
8 + 3 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.