ليست حرية رأي.. بل انحطاط مهني موجّه !!!

الحديث عن حرية الصحافة ، يعيد الذاكرة إلى جهة اخرى تغافل عنها المجتمع ، لتنبش في منظومة القيم المهنية والأخلاقية للعمل الصحفي..
حرية الصحافة ، تحترم فقط عندما تكون هناك نشاطات للرأي الايجابي والنقد البناء والمسئول الذي يبني ولا يهدم..
حرية الصحافة يعني أن هناك مهنية بالفعل تمارسها وسائل الاعلام يمختلف قنواتها استنادا إلى قيم عمل حقيقية ووطنية تعزز شرف المهنة..
حرية الصحافة التي يجب أن تحترم ، هي نشاط يمارسه كاتب صحفي مسئول ، يخدم وطنه ولا يتحول إلى اداة بيد الخارج.
حرية الصحافة تعني أن هناك صحفيين غير مأجورين .. وأقلام غير صفراء. وليس ورش كورش البنشرة ، ومطابخ سياسية تتستر بيافطات المهنة الصحفية والاعلامية لتمرر اجندة الخارج ، وتقف ضد كل ما هو جميل في هذا الوطن..
حرية الصحافة ، تعني ان هناك مهنة تتمتع بشخصية اعتبارية مستقلة ، لا تخضع لإملاءات وشروط القوى الفاسدة ولا تتجه لتزييف الحقائق وتضليل الرأي العام ، وتزوير المعلومات وخلط الاوراق وتدجين الوعي المجتمعي لصالح مشاريع خارجية تستهدف امن اليمن واستقراره..
الولايات المتحدة الأمريكية حولت مهنة الصحافة إلى نشاط استخباراتي صرف.. ابتداء بإنشائها لمؤسسة نيويورك تايمز ، حيث أنشأتها وكالة السي آي إيه ، وجندت داخلها أبرع رجال المخابرات... واتخذته الولايات الأمريكية منهجاً لتنشيط جانبها الاستخباراتي في مختلف دول العالم ، عبر منظمات مجتمع مدني دولية تقوم بتمويل صحف ومواقع اخبارية وقنوات فضائية ، ثم توجيهها لنشر ثقافات ومعلومات غير حقيقية وتحويلها الى غطاء لتحركات امنية وعسكرية امريكية واسرائيلية في المنطقة العربية..
ليس خافيا على احد ما تمارسه قناتا الجزيرة والعربية من تضليل وتزييف للحقائق ، وصنع غطاء اعلامي قذر لمخططات اجرامية تنفذها عناصر ما يسمى بالقاعدة في المنطقة العربية وعلى راسها اليمن..
في اليمن ، استطاعت المخابرات الأمريكية ارساء منهج النشاط الاستخباراتي عبر وسائل اعلام متعددة ، من خلال مكونات وقوى سياسية ونافذين يمولون هذه الوسائل ويوجهونها لتبني مشاريع تدمير للوعي المجتمعي ، وبث ثقافات الكراهية والعنف والطائفية واثارة الفتن ، وتشكيل غطاءات اعلامية واسعة على جرائم ما يسمى بتنظيم القاعدة ، وايضا تحصين الفساد المالي والاداري بموانع تثقيفية تخترق الوعي العام وتخضعه لحالات نفسية مؤذية جدا من خلال ممارسات التهويل والتضليل للمواقف ، وتصوير الواقع على غير حقيقته..
مرت اليمن بتجارب كبيرة جدا على الصعيدين السياسي والأمني ، لعب خلالها الاعلام المأجور دوراً بطولياً في اخضاع الوعي العام للمجتمع وتزييف الحقائق وشن الهجمات والحملات الاعلامية مدفوعة الاجر ، ضد الخصوم ، وخلق ساحات منافسة سياسية غير شريفة ولا نزيهة..
الاعلام اليمني قام مؤخرا بتصوير الواقع على خلاف حقيقته ، ورسم له ملامح زائفة لتبرير التدخلات الخارجية وخاصة الامريكية والسعودية في شئون بلادنا..
إن وسائل الاعلام المأجورة والصفراء هي في واقعها مؤسسات استخباراتية تخدم النافذين في الداخل وتنفذ اجندة المتآمرين وراء الحدود على بلادنا ..
أي اعلام هو هذا الذي تريدون له حرية وهو يمهد للجريمة والقتل ويبرر للأمريكيين يوما تلو الآخر استهداف الشعب اليمني ..
أي اعلام تريدون له الحرية المطلقة ، وتضفون عليه طابع حقوقي في التعبير عن الرأي والمواقف ، وهو يبث ثقافات تمزيقية وتدميرية لليمن ..
هذا ليس اعلام..
حتى صحيفة الشارع التي كان يفخر بها كثير من اليمنيين كإعلام يومي مستقل ، فجأة توقفت عن الحياد في الأداء والعمل ، وضربت بمعايير وقيم المهنية عرض الحائط لتنتقل الى مستنقع التحريض وتأزيم المواقف وتبرير الجريمة المنظمة ، وتزييف الواقع وتزوير المعلومات والحقائق ، وتسمية الاشياء بغير مسمياتها الحقيقية..
الاعلام الذي يهدف فقط الى خلق المزيد من الاضطرابات لا يمكن ان يكون اعلاما وطنياً مسئولاً ، بالتالي لا يختلف عن أي نشاط عدواني أمني وعسكري يستهدف أمن واستقرار اليمن ويوفر الغطاء للفساد والفاسدين والقتلة والمجرمين ، ويبث ثقافات مستوردة لا تمت بصلة إلى هوية اليمنيين ومعتقدهم الديني على اختلافاته الجزئية البسيطة " شافعي ، زيدي ، اسماعيلي ..الخ " .
الأمريكيون لا يستطيعون اختراق أي وطن أو شعب إلا من خلال ثلاث وسائل اساسية وتكاملية لا تقوم أحدها بدون الأخرى وهي :
- الاقتصادي : من خلال فرض الهيمنة على مقدرات الشعوب وإعاقة نشاطها الانتاجي
- الثقافية : من خلال ضرب الهوية الوطنية والدينية للشعوب ، وضرب ولاءها وتمييع وعيها عبر مختلف وسائل الاعلام ، وأيضا فرض الهيمنة على الرأي العام وتوجيهه سلبيا بطريقة تخدم مشروع الهيمنة السياسية والاقتصادية.. وهذا ما يسمى بالتدجين الثقافي.
- الاختراق السياسي : من خلال إنشاء أمريكا لأنظمة حكم للشعوب العربية والاسلامية ، تدين بالولاء للبيت الأبيض ، وتستخدم ادوات سياسية بعينها توفر المساحة للتحرك الامريكي لفرض الهيمنة السياسية ، والعسكرية والأمنية والثقافية.
إن اليمن خضع لتجربة مريرة في الخضوع للخارج .. كنظام حكم موجه لصالح السعودية وامريكا ، ولا يصل إلى مركز القرار إلا الشخص الذي يسميه المجتمع الدولي ,, حتى على مستوى وزراء ، لا يمكن ان يصل يمني الى منصب وزير ما لم يمر عبر السفارة الامريكية او السعودية..
ومع هذا .. كان الاعلام الوسيلة الامثل لتوفير غطاء لكل هذه الاجندة الخارجية والمشاريع التي ينفذها العدو في بلادنا لفرض الهيمنة والاستيلاء على الثروة ، وتدجين الوعي العام ثقافيا لضمان خلق رأي شعبي متقبل لما يريده الأمريكيون ..
حتى على مستوى تنظيم القاعدة.. تساقطت مؤخراً كل الأقنعة الاعلامية في اليمن التي تسانده ، وتحمل اجندته وتمرر ثقافته وتقدمه الى اليمنيين كحالة استثنائية خارقة للمألوف غير قابلة للانكسار والانحسار والزوال .. وذلك ما اراته امريكا تحديداً لتبرر عبر هذا التنظيم الاجرامي تدخلها العسكري في اليمن وفرض الهيمنة الاقتصادية والسياسية.
ورغم ان هذا الاعلام كان سابقا يطلق على هذا التنظيم الاجرامي مسمى " تنظيم القاعدة " ليبرر لأمريكا مشاريعها العسكرية في اليمن ، بذريعة ملاحقة هذا التنظيم..
إلا انها - وهذا يكشف أنها اوكار استخباراتية بالفعل - اطلقت مؤخراً على هذا التنظيم الهش ، مسمى "القبائل اليمنية" .. لماذا؟..
لأنه لم يعد كما كانت تصوره وتضخمه خارقا للمألوف وغير قابل للصهر والزوال ..
فقد كانت تريده هكذا ضخما عملاقا جدا ، لا تستطيع الطائرات الامريكية القضاء عليه وتعجز جيوش اليمن الكبيرة عن اجتثاثه وتطهير البلاد من شره..
لكن.. اللجان الشعبية اجترحت ما كانوا يريدون اقناع الشعب بأنه مستحيل... فاجتثت هذا التنظيم الوهمي من مختلف المحافظات اليمنية.. حينها صار الاصلاحي الاخواني ، قاعدة ، وبعض الناصريين "قاعدة" ، وكثير من اليساريين "قاعدة"..
وتحول اسم "القاعدة" إلى مسمى "قبائل يمنية"..
هكذا يشتغل الاعلام المأجور ، حتى ما ظنناه يوما مهنيا وحياديا ً ، صار يشتغل اليوم كمشروع قذر وأداة من ادوات المخابرات الأمريكية والسعودية لتمزيق اليمن وتزوير الحقائق والتصدي لكل مشروع وطني يجتث الفساد والمجرمين..
بل إن هذا الاعلام لم يتورع عن تسمية الاشياء بغير مسمياتها كما اشرنا سابقاً.. فهو لم يكتف بتسمية "القاعدة" " قبائل يمنية" ، بل زاد على ذلك أن حرص على التمهيد لكل جريمة يتجه هذا التنظيم الاستخباراتي الى ارتكابها ، وأطلق على الجيش اليمني مسمى " لجان حوثية " .. ليبرر القتل والاستهداف..
فأي حرية قبيحة هذه التي يطالب البعض باحترامها لمثل هذه الوسائل القذرة التي تخدم فقط مشاريع معادية لليمن ،
إن اليمن لا تحتمل المزيد من الصبر على هذا التحريض والانحطاط في المهنية الاعلامية .. وأي صمت اكثر على نشاط اعلامي استخباراتي معادي داخل وسائل اعلامية تزعم انتمائها لليمن ، فإنه سيضاعف فقط حالة الاحتقان ويدفع نحو مزيد من الازمات والتشويه للعمل السياسي وافساد كل خطوة جيدة تخطوها اللجان الشعبية والثورية.
أئتني بعمل صحفي خلاق ومهني .. أأتيك باحترام استثنائي للكلمة الصادقة والنزيهة.

أضف تعليقاَ

CAPTCHA
This question is for testing whether you are a human visitor and to prevent automated spam submissions.
7 + 10 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.