بين جنيف ومسقـط !
سواء انعقد مؤتمر جنيف، أم لم ينعقد.. نجح أو فشل، فإن مفاوضات مسقط تبدو اليوم حجر الأساس لأية تفاهمات بين الأطراف المعنية بالأزمة اليمنية، والتي غدت في جانب منها أزمة أيضاً للنظام السعودي، حتى وإن بدا مكابرا ومتشددا فيما يتعلق بطبيعة حوار جنيف المرتقب.
عبثا تحاول الرياض تمرير وتبرير عدوانها على اليمن تحت مظلة الشرعية الوهم. وعبثاً يحاول عملاء الرياض تسويق خيانتهم للوطن بزعم مقاومة "الانقلابيين" في صنعاء، فالحقائق على الأرض اليمنية تؤكد مدى التلاحم الوطني في وجه العدوان السعودي- الأمريكي، ومدى تفاقم السخط الشعبي حيال أذناب آل سعود، وما اقترفوه من جرم كبير بحق وطنهم وشعبهم ، وما بدوا عليه من تهالك في التمسك بالسلطة، وحكم بلد دمروا بنيته التحتية، وشعب حاصروه وحاربوه حتى في أبسط احتياجاته اليومية!
ارتمى ثلة - ممن يمكن تسميتهم من الآن وصاعداً بمعارضة الخارج- في أحضان الرياض، ظناً منهم أن تدخلها سيكون حاسماً، ولكنهم لم يتوقعوا أن يأتي اليوم الذي يبحث فيه آل سعود عن مخرج من ورطتهم في اليمن، ولا شك أن هذا المخرج في الأخير سيكون على حساب المرتزقة من أشياع هادي، الذين تدفعهم السعودية للتشدد في جنيف، كورقة يستخدمونها في مفاوضات مسقط لا أكثر.
ما يقارب الثمانين يوماً من العدوان، والأهداف التي زعم التحالف أنها تحققت تتبخر يوماً بعد آخر، في مقابل اشتداد المعارك على الحدود اليمنية/ السعودية، وتمكن الجيش واللجان الشعبية من توجيه ضربات قاتلة في العمق السعودي، وإذا استمر التصعيد ولم يرعوي آل سعود عن غيهم، لن يطول بنا العهد حتى نسمع عن تفاوضات يمنية/ سعودية علنية، يكون محورها مطالبة الرياض الطرف اليمني بالانسحاب من مدن الجنوب السعودي، وتسليم الأسرى، يقابلها اشتراطات يمنية عالية السقف.
الحديث هنا ليس للشطح أو التهكم، ولكنه تنبيه مضاف لمن يراهنون على الخارج في تركيع الإرادة اليمنية.. فالسعودية في الأخير ستتعامل وفقاً لمصلحتها كدولة ونظام، ولن تبالي بالتضحية بمن لاذوا بها ومكنوها من بلادهم.
كذلك فإن الرهان على قرار مجلس الأمن 2216 لن يكون مجدياً لعملاء الرياض، فغاية ما تسعى إليه السعودية أن تخرج من المسئولية الجنائية الدولية في عدوانها على اليمن عبر قرار دولي يجيز استخدام القوة العسكرية.. أما القوة نفسها فقد جربت وفشلت، وليس هناك من دولة ترغب في التورط إلى جانب التحالف العربي.
وعليه يمكن القول أن مؤتمر جنيف وما يواكبه من أضواء ليس إلا محاولة للتغطية على فشل الخيار العسكري في اليمن، أما الحراك الدبلوماسي الجاد والهادئ، الذي يمكن الرهان عليه، فإنه يعتمل هذه الأيام على أرض العاصمة العمانية، حاملاً معه بشائر الانفراج المرتقب. وعما قريب سيشاهد اليمنيون الدخان الأبيض منبعثاً في سماء مسقط. ولا عزاء للعاصمة السويسرية!
- قرأت 353 مرة
- Send by email
أضف تعليقاَ