حادثة لاس فيغاس تؤكد من جديد "أمريكا أم الإرهاب"
شهدت مدينة لاس فيغاس الأمريكية حالة من الاستنفار الأمني الهلع الغير مسبوق عقب حادث لإطلاق النار في حفل ومهرجان موسيقي أسفر عن مقتل أكثر من 50 قتيلا و400 جريح.
وفي تقرير للشرطة الأمريكية أن رجلا يدعى ستيفن بادوك، 64عاما فتح النار من الطابق الثاني والثلاثين من فندق "ماندالاي باي" باتجاه حشد من رواد المهرجان، مؤكدة مقتل المسلح المشتبه به، قائلة إنه من السكان المحليين.
وأفادت الأنباء أنه وسط فرار المئات من موقع الحادث، سمع صوت طلقات نارية من رشاش آلي في مقاطع مصورة جرى تداولها على مواقع التواصل الاجتماعي، فيما ذكر شهود عيان إن مئات العيارات النارية قد أطلقت في الحادث.
كما جرى تداول تقارير عن حوادث أخرى في لاس فيغاس، وقالت الشرطة إنها تعتقد أن القاتل كان بلا شركاء، لكنها أعلنت أنها تبحث عن امرأة تدعى ماريلو دانلي.
في حادثة مماثلة أعلنت الشرطة الأمريكية في 12|6|2016م مقتل 50 شخصا وإصابة 53 آخرين بهجوم نفذه مسلح على ملهى ليلي في مدينة أورلاندو التابعة لولاية فلوريدا إلا أنه تم تجييره كحادث إرهابي وأن منفذه اسمه عمر متين وهو من أصل أفغاني.
كشفت العديد من التقارير المتخصصة من الداخل الأمريكي بأن المساعي الأمريكية لربط حوادث العمليات المسلحة داخل أمريكا بالإسلام والمسلمين لم تفلح في تضليل الرأي العام الأمريكي وفي إخفاء الواقع الإجرامي الداخلي داخل المجتمع الأمريكي نفسه فالمجتمع الأمريكي مجتمع موبوء وتكاد تنعدم فيه القيم الإنسانية والأخلاقية.
وتؤكد العديد من التقارير المتخصصة بالداخل الأمريكي بأنه منذ نهايات القرن التاسع عشر والولايات المتحدة تحت موجة من الأعمال المسلحة الأمريكية الأمريكية والتي طالت رؤساء أمريكيين وشخصيات على قدر كبير من الأهمية حسب توصيف التقارير، كما طالت مؤسسات سيادية أمريكية، وكان مرتكبو هذه الحوادث أمريكيين، كما شارك فيها يهود ينتمون إلى جماعات وميليشيات عنصرية متطرفة داخل الولايات المتحدة.
فاغتيال الرئيس الأمريكي إبراهام لنكولن عام 1865م، ثم اغتيال الرئيس جون كيندي عام 1963م وزعيم جماعة (أمة الإسلام) مالكوم إكس 1965م وداعية الحقوق المدنية الأمريكي الأسود مارتن لوثر كينج 1968م، كان على أيدي أمريكيين في الداخل.
وإذا توقفنا أمام الفترة منذ أواخر الثمانينيات من القرن العشرين حتى انفجار مبنى أوكلاهوما سيتي الشهير نجد أن إحصائيات مكتب التحقيق الفيدرالي تثبت وقوع 32 هجوماً مسلحاً بين عامي 1989 و1993م استهدفت عدداً من المباني الحكومية، وقد ارتكب متطرفون أمريكيون 28 هجوماً من هذه الهجمات ضد مؤسسات تربوية وتعليمية.
في إحصائية أمنية بلغت قيمة خسائر الولايات المتحدة من العمليات المسلحة عام 1993م وحده 526 مليوناً و400 ألف دولار وسقط فيها 1445 بين قتيل وجريح. ومن بين 169 هجوما مسلح أحصتها (إف . بي . آي) منذ عام 1982م وحتى الربع الأول من عام 1995م ثبت ارتكاب متطرفين يهود 16 هجوماً استخدمت فيها الأسلحة النارية والمتفجرات الموقوتة، وارتكبت جماعات يمينية متطرفة 129 عملاً مسلحا مقارنة ب21 حادثاً ارتكبتها جماعات يسارية.
وقد كان انفجار أوكلاهوما سيتي في 19 أبريل 1995م واحداً من أسوأ الأعمال المسلحة الداخلية التي تعرضت لها الولايات المتحدة على يد تيموثي ماكفي المنتمي ل (ميليشيا ميشيجان) العنصرية المتطرفة موقعاً 186 قتيلاً و400 جريح.
ألا يستدعي هذا التاريخ الطويل من العمليات المسلحة القاتلة التي شهدها المجتمع الأمريكي على أيدٍ أمريكية التريث قليلاً قبل إعلان التحديد الدقيق لمرتكبي جرائم شهدت اغلب مدن وارياف الولايات الأمريكية ولن يكون أخرها بالتأكيد حادثة لاس فيغاس .
منحى آخر لاستكمال الصورة وتحديد من يقف وراء الأحداث، إذ يجب أن نقف أمام خريطة المجتمع الأمريكي ذاته ونغوص في أعماقه وسنجده مليئاً بالميليشيات التي تحمل السلاح من كل نوع وتحمل معتقدات يهودية صهيونية معظمها يصب في خصومة الإنسانية ويتحرك وفق ذلك للقضاء على الجميع، وعندما يجتمع هوس السلاح مع هوس الفكر الصهيوني فلابد أن تكون الكوارث هي النتيجة الطبيعية.
الحديث عن الميليشيات والمنظمات الأمريكية المسلحة ليس حديثا عن مئات من الشباب وإنما عن جماعات منظمة تقدر بعض التقارير أعدادها بمائة ألف مواطن أمريكي ينفذون عملياتهم وفقا لتوجيه لوبيات على رأسها اللوبي الصهيوني اليهودي، ويعد تيموثي ماكفاي منفذ انفجار أوكلاهوما في 19 أبريل 1995م واحداً من أفراد هذه الميليشيات التي تشكل مجتمعاً أمريكياً آخر موازيا للمجتمع المعلن يتغذى على دماء الأبرياء، يمتلك أدوات عديدة من وسائل إعلام وسلاح وتتم إدارته من خلال زعماء ومفكرين يدعون علانية للقضاء على كل إنسان ليس يهوديا .
يؤكد تقرير صدر عام 1998م عن مركز (ساوثرن بوفرتي لوسانتر) الأمريكي المستقل والمتخصص في مراقبة التحركات أن هناك مجموعات تنتشر في الولايات الأمريكي تحرض على القتل والتدمير ومنها (النازية الجديدة، فروة الرأس، المدافعون عن تفوق العرق الأبيض، الهوية المسيحية .وكلها يهودية صهيونية التوجه ... ) وقد ارتفعت تلك المجموعات ما بين عامي 1996 و 1997م بنسبة 20% ليصل إلى 500 مجموعة تضاف إلي 850 مجموعة أخرى منها 400 ميليشيا مسلحة منتشرة في أرجاء ولايات أمريكا .
وتكشف التقارير الأمريكية الأمنية بأن عدد التحقيقات التي أجراها جهاز الاستخبارات الفيدرالي "إف . بي . آى" خلال ثلاث سنوات من العمليات المسلحة الداخلية ارتفعت من 100 إلى أكثر من 900 تحقيق ففي 18 مارس من العام 1998 ألقت قوات الأمن الأمريكية القبض على ثلاثة أشخاص تابعين لميليشيا ميتشيجن (أخطر الميليشيات المسلحة)وهم يخططون لتفجير مبانٍ فيدرالية ومحطة تليفزيون وأحد الجسور الكبيرة. وخلال الأسبوع نفسه أعلنت السلطات الفيدرالية عن سرقة طن كامل من المتفجرات في مدينة سليجو شمال شرق بنسلفانيا. ويرجع ذلك الى وتدني بل وانعدام القيم الإنسانية والأخلاقية داخل المجتمع الأمريكي نفسه من الهرم الى القاعدة.
وتشدد التقارير الأمريكية على أن خطر المجاميع والخلايا الداخلية الأمريكية لم يكن على الخبراء والمختصين ووسائل الإعلام الأمريكية، إلا التعتيم عليها على المستوى الداخلي وإلباسها اللباس الذي ينسجم والهجمة الأمريكية على الإسلام والمسلمين، إلا أن وسائل ومنابر إعلامية أمريكية ضلت تكشف وتحذر من خطر المجاميع والخلايا الأمريكية ومنها مجلة (تايم) الأمريكية التي خصصت ملفاً كاملاً عن تلك المجموعات في عددها الصادر في 8-5-1995م تحت عنوان (دليل حول الميليشيات المسلحة في أمريكا)، وأوردت أسماء أخطر عشرين منظمة تنتشر في أنحاء الولايات المتحدة، (كانت المجتمع من أوائل المطبوعات العربية التي تناولت هذه الميليشيات بملفات متنوعة بداية من عام 1995م.
ويقول ميتشيل هاميرز أحد خبراء الجامعة الأمريكية في واشنطن: إن الإرهاب الداخلي يشكل تهديداً متزايداً وهو أكثر تنظيماً في أوساط الميليشيات.
ويضيف: إنهم لا يستعملون فقط قنابل بسيطة كتلك التي استخدمت في أوكلاهوما سيتي ولكن مخازنهم تتضمن أسلحة دمار أكثر تطوراً من الأسلحة الكيماوية أو البيولوجية.
وفي جلسة خاصة للكونجرس الأمريكي في مايو من عام 1995م حذر ثلاثة من كبار المسؤولين الأمريكيين من تعاظم خطر ما يسمى الإرهاب المحلي مشيرين إلى أن الرعايا الأمريكان أصبحوا يواجهون خطر الإرهاب المحلي أكثر من الإرهاب الخارجي المدعوم خارجياً. هذا عن الميليشيات المنتظمة أما عن جرائم العنف التي كان سببها السلاح فحدث ولا حرج، فوفق الإحصاءات الرسمية الأمريكية سقط 34 ألف قتيل بواسطة السلاح .
في الآونة الأخيرة تزايدت أحداث الهجمات المسلحة ووصلت إلى معدلات غير مسبوقة، بعد أن زادت ثقافة السلاح والعنف في المجتمع الأمريكي وصارت تنهش في بنيانه. وها هي حادثة مدينة لاس فيغاس تؤكد من جديد على أن أمريكا كانت منذ نشأتها أما للإرهاب والقتل والدمار والفساد في البر والبحر.
- قرأت 1668 مرة
- Send by email