تقارير : صاروخ «قصر اليمامة»: الحرب خيار وحيد

بعد 1000 يوم من الحرب التي تقودها السعودية في اليمن، عجزت طوالها عن حسم معركتها مع «أنصار الله»، ينتقل الرعب إلى قلب المملكة وتنجح القوة الصاروخية للحركة في استهداف قصر الحكم «اليمامة» في الرياض، ويؤكد عضو في الأسرة الحاكمة لـ«رويترز» أن الصاروخ استهدف اجتماعاً للبلاط الملكي، كما تحدث شهود من الوكالة عن سماع انفجار، وقالوا إنهم شاهدوا دخاناً شمال شرقي الرياض.

 

لقد خلّف الصاروخ الخوف لدى السعوديين، الذين كانوا يعتقدون في تصريحات قيادتهم بأن حرب اليمن هي نزهة عسكرية، والآن تدق أبوابهم بعد مرور ثلاث سنوات.

 

تنديد واستنكار متوقع من الرياض وحلفائها لعملية إطلاق الصاروخ، وظهور للمملكة في موقع المستهدف أملاً في حشد مزيد من الحلفاء للوقوف في صفها ووضع نهاية للمستنقع الذي أقحمت نفسها فيه، وإطلاق أسراب من المقاتلات صوب صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرة «أنصار الله» لتقذف بحمولاتها فوق رؤوس المدنيين ومنازلهم.

 

بالعودة إلى الرهان على الحسم العسكري، يقول الكاتب والمحلل السياسي عبدالعزيز المجيدي، لـ«العربي» إن «ﺣﺮﺏ ﺍﻟﺘﺤﺎﻟﻒ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﺳﺘﺪﻭّﻥ ﻓﻲ ﺳﺠﻼﺕ ﺍﻟﺘﺎﺭﻳﺦ ﻛﺤﺎﻟﺔ ﻓﺮﻳﺪﺓ ﺗﺴﺘﻌﺼﻲ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻔﻬﻢ».

 

ويشير إلى أن «المزيد ﻣﻦ التلاعب ﺑﻤﺴﺎﺭ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻭﺍﻟﻤﻌﺎﺭﻙ ﺳﻴﻌﻨﻲ ﺍﻟﻤﺰﻳﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﺮﻕ ﻟﻠﻴﻤﻦ، ﻭﺳﺘﺠﺮ ﻣﻌﻬﺎ ﺍﻟﺴﻌﻮﺩﻳﺔ إﻟﻰ ﺣﺘﻔﻬﺎ»، واعتبر أن «التحالف يهدر ﺍﻟﺘﻀﺤﻴﺎﺕ ﺍﻟﻜﺒﻴﺮﺓ للجيش ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﻭﻣﺔ ﺑﺎﺧﺘﻼﻑ ﻣﺴﻤﻴﺎﺗﻬﺎ، ﻭيبدّد ﻓﺮﺹ ﻛﺴﺐ ﺍﻟﺤﺮﺏ، ﺑﺈﻃﻼﻕ ﻋﻤﻠﻴﺎﺕ ﻋﺴﻜﺮﻳﺔ ﺛﺒﺖ ﺑﺄﻧﻬﺎ ﻋﺒﺜﻴﺔ ﻭﻻ ﻫﺪﻑ ﻟﻬﺎ ﺳﻮﻯ ﺧﻠﻖ ﻗﻨﺎﻋﺔ ﺑﺎﺳﺘﺤﺎﻟﺔ ﺍﻟﺤﺴﻢ ﺍﻟﻌﺴﻜﺮﻱ»، لافتاً إلى أن «ﻋﻤﻠﻴﺔ ﺍﻟﺴﺎﺣﻞ ﺍﻟﻐﺮﺑﻲ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﺨﻄﺖ ﺿﺮﻭﺭﺍﺕ ﺍﺳﺘﻜﻤﺎﻝ ﺗﺤﺮﻳﺮ ﺗﻌﺰ، اﻧﺘﻬﺖ إﻟﻰ ﻓﺦ ﻛﺒﻴﺮ ﻟﻠﺠﻴﺶ ﻭﺍﻟﻤﻘﺎﺗﻠﻴﻦ ﻭﺍﻟﺴﻜﺎﻥ».معركة «التحالف» في الساحل الغربي تحوّلت إلى فخ كبير

 

وهم خطر

 

بدوره، يقول الكاتب والباحث عبدالباري طاهر، لـ«العربي» إن «رهان التحالف بقيادة السعودية على الحسم العسكري وهم خطر، خصوصاً في المناطق الجبلية في نهم و صرواح»، موضحاً أن «تجار الحروب في اليمن، وما أكثرهم، تنفتح شهيتهم لإطالة أمد الحرب وتوسيع نطاقها من أجل الحصول على مزيد من المال والسلاح، والمناطق القبلية، مناطق الرهان على الحسم العسكري، محكومة بقيم وبتقاليد وأعراف يصعب، إن لم يكن يستحيل تجاوزها، وهي عدم تجاوز القبيلة لحدود القبيلة الأخرى أوخوض الحرب فيها أو شن الحرب عليها، فالعداوات والثارات القبلية تمتد لأمد طويل».

 

كما رأى طاهر أن «المحاربين الوافدين إلى هذه المناطق من مناطق مختلفة من اليمن، لا يستطيعون تحقيق نصر أوحسم معركة لجهلهم بالمناطق وطبيعتها وبيئتها»، موضحاً بأن الحسم العسكري لا يتأتى بكثرة أعداد من هذا النوع، ولا بتكثيف القصف الجوي في مناطق جبلية تمثل حصوناً منيعة وتقاتل في صف أبنائها».

 

ويبقى الاحتمال الأخطر بحسب طاهر، أن «تنجر السعودية والإمارات إلى مزيد من التورّط في حرب ليست لها نهاية. وتعد بالمزيد من الاستنزاف والمزيد من تقتيل اليمنيين».

 

خطأ فادح

 

معركة «التحالف» في الساحل الغربي بتأكيد المجيدي، تحوّلت إلى فخ كبير، وحسم المعركة مع «أنصار الله» في جبال شمال الشمال بحسب عبدالباري طاهر، «وهم خطر»، إلا أن الكاتب بشير السيد، رأى أن «إطلاق ﺍﻟﺼﺎﺭﻭﺥ الأخير على الرياض قطع ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺑﺸﻜﻞ ﻧﻬﺎﺋﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺴﺎﻋﻲ السلام، وأن ﺍﻟﺤﺮﺏ ﻫﻲ ﺍﻟﺨﻴﺎﺭ ﺍﻟﻮﺣﻴﺪ».

 

مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية، جوست هيلترمان، قال إن «السعوديين قد يرغبون في التصعيد، الأمر الذي سيكون خطأ فادحاً، لأن الحل العسكري أثبت فشله، وفي الوقت نفسه كانت الحرب مكلفة بالنسبة لهم، حتى إنهم أصبحوا في حاجة ماسّة إلى استراتيجية خروج».