تقارير : «التحالف» ينذر أهالي المهرة: السكوت أو «الفتنة»!



في ظل تتالي الدعوات إلى تظاهرات جديدة في مدينة قشن في محافظة المهرة رفضاً لمخطط إنشاء مركز للسلفيين هناك، سارعت قيادة «التحالف» إلى استدراك الوضع بإطلاقها تصريحات ترهيبية ضد الأهالي منعاً لتدحرج كرة الغضب. بالتوازي مع ذلك، تعالت من مدينة عدن الأصوات الرافضة لتواجد نجل شقيق الرئيس السابق في المدينة، محملة «التحالف» المسؤولية عن مغبة «الاستمرار» في استضافته

 

 

يبدو أن المخطط السعودي، الذي دار الحديث عنه خلال الأيام الماضية، لإنشاء مركز سلفي في مدينة قشن، ثالث أكبر مدن محافظة المهرة شرق اليمن، لن يمرّ من دون عوائق ربما تدفع الرياض إلى التراجع عنه، في ظل الغضب الشعبي المتواصل على شكل تظاهرات رافضة لأي عملية «توطين» للسلفيين في القشن.

 

 

غضب حمل السلطة المحلية في المهرة على استدراك الوضع بإطلاق وعود بـ«إيجاد حل شامل وجذري» لما يتخوف منه الأهالي، فيما نفت قيادة «التحالف» علمها بوجود مخطط من هذا النوع، محذرة أبناء قشن من الاستمرار في تنظيم التظاهرات. يأتي ذلك في وقت تتسع فيه دائرة الغضب في جنوب اليمن على السياسات السعودية والإماراتية، بعد ظهور دعوات إلى استفتاء سكان جزيرة سقطرى على الانضمام إلى الإمارات، وفي أعقاب تمركز نجل شقيق الرئيس السابق، طارق محمد عبد الله صالح، مع كتائبه في معسكر بئر أحمد في مدينة عدن.

 

وانعقد، يوم أمس، اجتماع موسع ضم محافظ المهرة، راجح سعيد باكريت، وممثلي السلطة المحلية في مديرية قشن، إلى جانب ممثل قيادة «التحالف» في المهرة. ونفى الأخير، خلال الاجتماع، علم قيادته بوجود مخطط لإنشاء مراكز دينية في قشن، مقدّراً، في الوقت نفسه، «تخوف أبناء قشن من ظاهرة توافد النازحين»، معرباً عن ثقته بأن «المحافظ سيقوم بحل المشكلة بأقرب وقت ممكن» في اعتراف موارِب بأن ثمة مشكلة، وبأن مخاوف الأهالي ليست من دون أساس يدعمها.

 

وفي تهديد مبطن لأبناء قشن، دعا ممثل «التحالف» إلى «إنهاء» التظاهرات التي خرجت رفضاً لإنشاء مركز للسلفيين في المديرية، محذراً من أن تلك التظاهرات «ستؤدي إلى احتدام الصراع ودخول المحافظة في أتون الفتنة». تحذير تُستشفّ منه محاولة لترهيب الأهالي، في ظل توارد أنباء عن أن الاجتماع إنما عُقد لقطع الطريق على تظاهرات جديدة كان يتم التحضير لها رفضاً للمخطط السعودي.

 

وكانت الأيام الماضية قد شهدت خروج أكثر من مسيرة في مدينة قشن على خلفية ما يقول الأهالي إنها تحركات لمجاميع سلفية تابعة للشيخ يحيى الحجوري في مناطقهم، تستهدف إنشاء مركز مماثل لمركز دماج الذي كان قائماً في صعدة (راجه «الأخبار»، العدد 3367). وفي ما بدا مسعى لامتصاص غضب المتظاهرين وتسكيتهم، وعد محافظ المهرة، خلال اجتماع الأحد، بـ«وضع حلول جذرية لمشكلة النازحين الوافدين إلى مديرية قشن، بالتنسيق مع التحالف، وبالتشاور مع الوكلاء ومدراء العموم في المحافظة»، متعهداً بأن «وضع مديرية قشن سيكون مثل المديريات الأخرى». وعود تبقى رهناً بترجمتها إلى خطوات عملية خلال الفترة القصيرة المقبلة، والتي لا يُعلم مدى ما قد يبلغه غضب الأهالي فيها في حال عدم الاستجابة لمطالبهم.

 

وبالتوازي مع تصاعد التوتر في محافظة المهرة، تتسع، على مستوى جنوب اليمن عموماً، دائرة الغضب على السياسات الإماراتية في جزيرة سقطرى. إذ تتتالى، يوماً بعد يوم، مواقف الكتاب والمثقفين ورواد مواقع التواصل الاجتماعي المنددة بتلك السياسات، والمتهمة أبو ظبي بـ«تجريف مكونات الجزيرة وهويتها تحت غطاء إنساني وتنموي»، بل والداعية إلى التمرد على «التحالف» الذي «أضاع حقوق الجنوبيين». يأتي ذلك في وقت تتعالى فيه الأصوات الرافضة لوجود العميد طارق محمد عبد الله صالح في عدن، مترافقةً مع تحذيرات لـ«التحالف» من مغبة «الاستمرار في استضافته».

 

 

تتتالى ردود الفعل الرافضة للسياسات الإماراتية في سقطرى

 

وصدر، أول من أمس، بيان عما تسمى «المقاومة الجنوبية» طالب بـ«خروج صالح وكتائبه من اللواء 31 مدرع في معسكر بئر أحمد بعدن»، محملاً «التحالف» المسؤولية الكاملة عن «مترتبات عدم التعاطي الإيجابي» مع هذا الطلب. ودعا البيان «القوى الجنوبية» كافة، وفي مقدمها «المجلس الانتقالي»، إلى اتخاذ موقف واضح من تواجد صالح في عدن. دعوة ربما أحرجت، بالنظر إلى ما صاحبها من مواقف حادة، رئيس المجلس، عيدروس الزبيدي، الذي بادر، أمس، إلى دعوة قيادات «المقاومة الجنوبية» إلى «اجتماع عاجل وطارئ في عدن خلال هذا الأسبوع»، في «استفاقة متأخرة» قلّل ناشطون جنوبيون من أهميتها، معتبرين أن الزبيدي أضحى رهينة لـ«الإرادة الإماراتية»، وأن بياناته وتصريحاته الصادرة «على استحياء» لن تجدي نفعاً في تغيير واقع الحال.

 

وكان طارق صالح قد وصل، يوم الخميس الماضي، برفقة عسكريين وقبليين، إلى مدينة عتق، مركز محافظة شبوة، في أول ظهور علني له منذ مقتل عمه على أيدي «أنصار الله» مطلع كانون الأول/ ديسمبر الماضي. وأفيد لاحقاً عن انتقال صالح ومسلحيه إلى معسكر بئر أحمد، الخاضع لسيطرة «التحالف»، في مدينة عدن، في خطوة رأى مراقبون أنها جاءت بمباركة سعودية - إماراتية في إطار مساعي الرياض وأبو ظبي إلى تجريب كل الخيارات التي تعتقدان أن بإمكانها تغيير المعادلة في وجه «أنصار الله». غير أن اللجوء إلى خيار من نوع دعم نجل شقيق الرئيس السابق وإعادة تأهيله عسكرياً تنطوي على احتمال انقلاب المعادلة ضداً على «التحالف»، بالنظر إلى ما يولده وجود طارق صالح في عدن من توتر ربما يقود إلى تفجر الأوضاع برمتها في المدينة التي تتخذها حكومة الرئيس المستقيل «عاصمة مؤقتة».