الشهيد اللواء القوبري يروي تفاصيل التحاقه بالجبهات وصحبته للشهيد الملصي

اللواء ناصر حسين القوبري من أبناء مديرية “سنحان, قرية دار سَلْم” وُلد في العام 1975, تربى وترعرع في مسقط رأسه وتدرج في الحياة العلمية ليلتحقَ بالكلية الحربية في العام 1995, ويتخرّج منها بعد ثلاثة أعوام من التحاقه.

 

كان الشهيد أبو صلاح أباً لثمانية أبناء, بينهم أربعة من الذكور: صلاح الشهيد وأحمد وعلي وصلاح الصغير.

 

تقلّد العديدَ من المناصب العسكرية والتي كان آخرها رئيساً لعمليات اللواء 83, ليرتقيَ بعد ذلك إلى منصب المجاهِد في سبيل الله ونُصرة المستضعفين, المدافع عن الحرية والعزة والكرامة.

 

ويعتبر الشهيد اللواء القوبري أحدَ أبرز ضباط الحرس الجمهوري الذين انطلقوا لمواجهة قوى الشر والضلال منذ بداية العدوان على اليمن ومعه الشهيد العميد الركن حسن الملصي.

 

وعُرف اللواءُ أبو صلاح القوبري بالنزاهة والشرَف طيلة حياته في السلك العسكري, فسَرعانَ ما كان يُخْلِي عُهَدَه العسكرية بكاملها عند تركه لمنصب وتقلّد آخر.

 

الشهيد ناصر حسين القوبري المكنى أبو صلاح, يلتحق بركاب زملائه العظماء الشهيد حسن الملصي “أبو حرب”, والشهيد أحمد العزي، ثلاثيٌّ لطالما لقّن الأعداء في نجران دروساً عسكريةً قلبت موازينَ المعادلات الحربية رأساً على عقب, فقد جعلوا من البندقية بأساً أذاب المدرعات والدبابات, ومن القذائف حِمماً تساقطت كأمطار غضب وعقاب أعادوا من خلالها سنن الأولين من الطغاة والمجرمين.

 

كان اللواء ناصر القوبري أحدَ الضباط الذين حافظوا على معسكر الصمع في أرحب أثناءَ اعتداءات ميليشيات حزب الإصلاح على المعسكر في 2011م واستطاع دحرَ ميليشيات الإصلاح من محيط المعسكر.

 

وتظهر شخصية الشهيد اللواء الركن ناصر القوبري “أبو صلاح” في مسيرته النضالية التي أنجبت الملاحمَ والبطولات, وجسّدت الثقافة القرآنية الحقيقيةَ في الولاء لأعلام الهُدَى والبراء من أعداء الله والأمة.

 

وفي مقطع فيديو تناولته الكثيرُ من وسائل الإعلام, نقل لنا الشهيدُ أبو صلاح بعضاً مما يتحلّى به ثقافة أصيلةً معبرة عن الهُوية اليمنية الإيمانية الحقيقية, والتي كانت خلفَ شجاعته وبطولاته.

 

الشهيد القوبري يروي حكايةً قد تبدو في نظر البعض خياليةً, الا أنها حقيقةٌ تضافُ إلى بطولات الشعب الأبي الصامد, التي سيتغنى بها التأريخ ويتفاخر بها اليمانيون عبر الأجيال.

 

يتحدث الشهيد القوبري عن نفسه من نقطة انطلاقه إلى جانب الشهيد حسن الملصي ويقول:

 

“انطلقنا غيرةً على الوطن, والباري هو ينوّرك ويهديك إلى الحق ويرويك الطريق”. ويضيف “أنا في الحرس الجمهوري وأبو حرب في القوات الخَاصَّــة وكان زميل حنين وأخ حنج, من 95 وانا وهو كان متقدم وانا مستجد وهو قايدي من هذك الايام, فدارت الايام وسارت الايام وما جئت من دورة إلّا وانا اخطى معه كان قدوتي”.

 

وتطرق الشهيد القوبري في حديثه عن تأملاته لثورة 21 سبتمبر والتأييد الإلهي الذي حظيت به، وصولاً إلى نجاحِها بشكل أذهل العالم وأذهله هو شخصياً، غير أنه يقول: إن نقطةً واحدةً ظلت تشغل تفكيرَه وهي سبب عدم تدخل أمريكا بشكل مباشر ضد أنصارِ الله حتى جاء العدوان في 26 مارس 2015 فيقول: “الساعة ثنتين الليل وانا راقد تقيمني المرة قوم قوم حرب حرب، قلت حرب ما هو حرب طيران من أين بيضربونا من عدن؟ قالت ما شي السعودية وانا داري انا السعودية ما تجرؤ تضرِب نعجة ولا تجرؤ تطلع طيارة لكنها أمريكا”، ويضيف بعد ذلك “والله إني قد رأيت الحق بعيني قلت آل البيت والله ما فلت عيال علي واجلس في بيتي”.

 

يحكي الشهيد أبو صلاح مواقفَه قبيل الخروج للجهاد في سبيل الله:

 

يكشف الشهيد القوبري أنه بعد ساعات من بدء العدوان ذهب مع إخوته إلى منزل أحمد علي عبدالله صالح وقال: “سلّمنا العهد فقالوا لنا: أين عتسيروا؟ قلت: السعودية تحاربنا. قالوا: كيف عتسير؟. قلت: خاطركم.. تحركت أنا وإخوتي وصلت البيت وان امي بتصيح قلت ما لك؟ قالت بتبسر اليهود كيف بيضربونا؟ قلت كيف يامه وجب الجهاد؟ قالت وجب شل اخوتك السبعة يسيروا يجاهدوا. قلت خلاص باشل ثلاثة من عيالك واخلي لك اربعة قالت سابر. وأول يوم من العدوان ذهبنا باتجاه الحدود وقضينا ثلاثة ايام ما حد يعرفنا”.

 

ويضيف الشهيد أنه وبعد توجّه للحدود كان يعرض عليه أن يمسك مناصب أُخْـرَى لكنه رفض وقال “قلت لهم الان تدو لي مناصب، اتقوا الله والعدو بيضرب الوطن من شق وانتو تشتوا تدو لي مناصب! ” وبحسب الشهيد، فقد توجه إلى حيث الشهيد حسن المصلي آنذاك والتقى به وتحدث معه، ثم يورد ما دار بينهما من حديث فيقول: “قلت احنا ضباط؟ احنا أقسمنا بالله إن احنا ندافع على الوطن هذا إلى آخر قطرة من دمائنا حتى نوارى التراب؟ قال الشهيد الملصي نعم، قلت فما عاد باقي على من بنكذب؟ ابسرت كيف العدوان بيفعل بالمواطنين؟ قال نعم وسمّى الضحايا حق أول ضربة على المطار سماهن بأسماء أولاده وقال هذيك مكلفي والشيبه هذاك ابي والبيت هذاك بيتي، قلت ما عاد باقي؟ فقال أبو حرب الملصي ولا عد باقي شي.. مع الله.. نزيد ننسق الامور، ونتجهز ونمشي”..

 

بعد نحو أربعة أيام من البحث عن بداية الطريق نحو الجبهة، يقول الشهيد إنه ورفيقه الشهيد الملصي توجّهوا إلى أحد مراكز أنصار الله في صنعاء وبعد أن وصلوا هناك، يروي الشهيد ما جرى مع ممثلين لأنصار الله، قائلاً “قالوا نحن بندوركم أين انتوا من أول. الان نسلم لكم الاسلحة والسيارات وكل المجاميع واوقعوا انتم القادة. قُلت قادة مه بنقلكم نشتي تصريح نسير الحدود… قالو عندي لكم السيارات قلنا معانا سيارات قالو ندي الاسلحة قلنا معانا اسلحة، نريد التصريح فقط”.

 

ويتابع حديثه بعد ذلك “قلت لابو حرب نسير غدوة قال ماشي ذلحين معاك 3 ساعات جهِّز نفسك ونتوكل، وقال الشهيد الملصي نسير عند هذا الرجل الحر (السيد عبدالملك الحوثي) الذي قال لن نخضعَ لن نركع وتوكلنا على الله. وقبل ما نتحرك اتصلوا لي من حزيز صخر الشطبي أبو هادي قلت قدحنا متحركين. قال كان زيد نبسرك قلت لا يمكن. قال لغدوة احنا باننسق لكم. قلنا احنا منطلقين مع الله. قالوا وكيف عتفعلوا قلنا مشو عليكم ادّوا لنا تصريح والّا نسقوا لنا نشتي نقاتل تحت راية واحدة”.

 

ويتابع الشهيد روايته قائلاً “تحرّكنا، توكلنا على الله بسيارتين واحنا 8 في السيارة الي اداها الله لي وسيارة الملصي بيجو واحنا 8 قدهن ملان عفش وتغذية وذخائر وذي كانوا يجوا معانا كنا نقلهم يدو معاهم سعما احنا يدو بنادقهم والمونة ويستأذن من أبوه ومن أمه، أنا استأذنت من امي ما سرت الّا وهي تدعي لي، وكنا نصرف على انفسنا لا كنا مع الدولة ولا مع القبيلي ولا أحد يعرفنا”.

 

يروي الشهيد ظروفَ الرحلة نحو صعدة والمواقف التي حدثت حتى اللقاء بالشهيد أحمد العزي..

 

يقول الشهيد “واحنا منطلقين ومن أول نقطة بعد ما خرجنا من جولة عمران وقد الطيران بيمشط النقاط قدامنا ولا نقطة تجهانا الّا وقد ضربت، ولا واحد وقفنا في نقطة انطلقنا مع الله، وكان الطيران يضرب كُلّ شي قدامنا قدامنا ونريّع لوما تكمل الضربة ويسير الدخان واحنا نخطى من بينهن لوما وصلنا صعدة، جلسنا في فندق غير يومين، وكانت الضربات على صعدة بالصواريخ الكبار اربكت الناس وكل المحلات غلقت صاحب الفندق قال المعذرة منكم شاغلق”.

 

ويضيف “أدى الله الفندم (…) قلت لا إله إلّا الله كيف اداه الله في الوقت المناسب قام بالواجب وضيّفنا وادّى الميريهات وقال اجلسوا عندي امسكوا الكتايب، قلنا أيّاً كتايب يا فندم ما عادبش معاك ولا عسكري، عَيِّنْ لا عاد باقي معاك 8 ضباط و20 عسكري، قال ولو بزوا لكم الاطقم وامسكوا الكتايب، قلنا الله يبيّض وجهك والله ما جينا ندور مناصب هوذاك معانا مناصب في صنعاء”.

 

ثم في صعدة التقى الشهيدان بأنصار الله، وقال “تواصلوا معنا أنصار الله قلنا لهم نشتي نقاتل تحت راية واحدة، وأخذونا طريق الحدود طريق البُقع جلسنا هناك ايام، قلنا لهم ما معكم ضد الطيران قالوا مابش معانا الله، قلنا ما معانا ضد الدبابات، قالو مابش، قلنا ما معانا ضد الاباتشي، قالوا ما بش قلنا ما عاد معانا قالوا معانا الله ما بش أكبر منه لا اله الا الله.. من عاد بدينا ننطلق من عند مشرف لا عند مشرف بندرب المدفعية وحسن بيدرب القناصين المعدلين أصحاب المعدلات وندرب من جبهة لا جبهة لوما لقينا الجبهة الّي لقيها أبو حرب ولقي السيد أحمد العزي”.

 

تحول الخروج للدفاع عن الوطن إلى مشروع قرآني حمد الشهيدُ اللهَ على التوفيق إليه

 

يجدّد الشهيد تأكيدَه على سعيه للجهاد في سبيل الله ودِفاعاً عن الوطن، فيقول “انطلقنا بداعي الغِيرة بداعي الوطنية بداعي الواجب لانك ضابط وانت أقسمت بالله وحلفت، عتكذب على الله!”.

 

ويضيف “عندما انطلقنا مع الله روانا الله الطريق روانا هديه عندما ترتبط مع الله من علمنا هذيك الاشياء الثانية من عملنا الاحتراف بالقتال وكان الهدف والبغية هو ارضاء الله وعندما انطلقنا مع الله هو روانا لقينا آل البيت لقينا المؤمنين”.

 

كما يعبر عن سعادته بأنه عرف طريق الحق، إذ يقول: “الحمدُ لله الذي هدانا والّا كنا باندوف مع عيال يزيد”, وأضاف “استرجعت الأحداث للمه هولاك الحروب كلهن على السيد حسين بدر الدين الحوثي حينه لأنه كان يسير لعند القبايل يقلهم لا تخافوا من أمريكا ما فيش في السماوات والأرض الا الله ما في إله الا الله ما خالق السماوات والأرض الّا الله هو القاهر هو الرزاق هو الكريم لا تدور أحد غيره لا تخافوا من أمريكا؟”.

 

هذا وسلامتك اللهم صلِّ وسلِّمْ على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.

 

* نقلاً عن صحيفة صدى المسيرة