سوء التغذية ينذر بكارثة إنسانية في اليمن,75 % مـــن الســــكان دون خــــط الفقــــر

فقر و بطالة وضحايا ترزح تحت وطأة كارثة غذائية , فاليمن السعيد لم يعد سعيدا بل أصبح تعيسا وجائعا, وينتظرمن يعالج هذه الكارثة الواقعة لا محالة في ظل الظروف الراهنة التي سادت البلاد
منذ بداية العام الماضي, فلقد أدت أعمال العنف والتخريب إلى شل الاقتصاد اليمني, وتسببت بزيادة خيالية بسعر المحروقات وبـ «تضخم سريع»,‏
فعمَّ «الجوع وأصبح اليمن ضحية سوء تغذية مزمن»، وقدر عدد ضحايا الأزمة الغذائية بثلث عدد اليمنيين البالغ 22 مليونا. وبحسب تقرير للمنظمة الدولية للمساعدة والاغاثة في بريطانيا «اوكسفام» فان نمو نصف أطفال اليمن تأثر بسبب فقدان الغذاء, وان حالة سوء تغذية حادة أصابت ربع النساء, ممن أعمارهن بين 15 و49 عاما.‏‏
غرق اقتصادي‏‏
وبحسب «اوكسفام» فان النساء والأطفال هم أولى ضحايا هذا الغرق الاقتصادي وقالت المنظمة «تتعرض النساء اليمنيات لاسوأ عملية تمييز جنسي في العالم وعندما يكون الغذاء نادرا، تزداد نسبة تراجع أكل النساء».‏‏
وأورد التقرير خصوصا تراجع عدد الزيجات لدى الشابات اللواتي لم يعد بامكان عائلاتهن تأمين مايكفي من قوت للبقاء. اضافة الى سحب الاطفال من المدارس في محاولة لايجاد عمل لهم لتخفيف الصعوبات الاقتصادية التي يعاني منها اهاليهم.‏‏
وحذرت «اوكسفام» من مغبة حصول «كارثة» اذا لم يستنفر المجتمع الدولي لمساعدة اليمن، اكثر الدول العربية فقرا.‏‏
وجاء في التقرير:ان عدم الاستقرار السياسي والفلتان الامني يسودان البلاد حيث تنشط مجموعات متفرعة من تنظيم القاعدة ما يجعل التدخلات الانسانية اكثر صعوبة.‏‏
وتجنبا لدخول اليمن بكارثة انسانية دعت المنظمة الجهات المانحة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة بهدف المساعدة, مشيرة إلى أن «بعض الدول المانحة مثل ألمانيا والمملكة المتحدة وهولندا، زادت من حجم مساعداتها لليمن بعشرات الملايين من الدولارات، لكن هناك حاجة إلى تقديم مساعدات أكبر من ذلك بكثير من قبل جميع الجهات المانحة إذا ما أرادت تجنّب وقوع كارثة فيه».‏‏
مستويات مقلقة‏‏
من جهة أخرى, أكدت الاحصائيات الحقائق المخيفة حول الواقع المتردي للأمن الغذائي في اليمن, حيث كشفت دراسة استقصائية قام بها برنامج الأغذية العالمي ,بالتعاون مع الجهاز المركزي للإحصاء باليمن ومنظمة اليونيسيف, أن انعدام الأمن الغذائي في اليمن بلغ مستويات مثيرة للقلق, مع وجود ما يقارب الـ 5 ملايين نسمة غير قادرين على إنتاج أو شراء الغذاء الذي يحتاجون إليه.‏‏
وأكدت ممثّلة برنامج الأغذية العالمي في اليمن, لبنى ألمان, في تقرير للبرنامج ، أن «الجوع بتزايد مستمر في اليمن ويؤثّر ارتفاع أسعار الغذاء، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار السياسي التي تشهدها البلاد على العديد من العائلات».‏‏
مساعدات طارئة‏‏
وأضافت «ألمان» أن 22% من السكان باليمن وهو ما يساوي 5 ملايين نسمة يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد, إلى جانب 5 ملايين يمني آخرين ,يعانون من انعدام الأمن الغذائي المتوسّط, ومعرّضين لخطر الأمن الغذائي الحاد في ظل ارتفاع أسعار الغذاء والوقود وحالة عدم الاستقرار السياسي.‏‏
وأشارت المسؤولة الأممية إلى أن «تلك الأرقام تدل على أن ما يقارب ربع سكان اليمن بحاجة إلى مساعدات غذائية طارئة الآن».‏‏
وليس الفقر الغذائي فقط ما يعانيه اليمن, بل الافتقار الحاد للرعاية الصحية, وارتفاع نسبة البطالة إلى أعلى مستوياتها, نتيجة الاضطرابات التي شهدتها اليمن العام الماضي, حيث تم تسريح ما يقارب المليون عامل من شركات القطاع الخاص , بحسب ما ذكرت احصائيات وزارة العمل العام الماضي ,الأمر» الذي زاد نسبة الفقر التي قدرت باكثر من 75 % حيث يعيش المواطن اليمني بدخل يومي أقل من دولارين».‏‏
النمو السالب‏‏
هذا وذكرت مصادر صحفية ان الاقتصاد اليمني حقق نموا سالبا, قدر بحوالي 14,5 % بسبب تأثر العديد من القطاعات من نقص إمدادات المحروقات , كقطاع الصناعة التحويلية والزراعة والصيد السمكي ,وقطاعات خدمية كالنقل والنشاط الفندقي والمرافق السياحية الترفيهية .‏‏
وفي تصريح لهشام شرف,وزير الصناعة والتجارة, أكد أن الاقتصاد اليمني تكبد خسائر فادحة جراء الازمة السياسية الراهنة تقدر بنحو 8 مليارات دولار,وقال الوزير في تصريحه أن الناتج القومي الإجمالي لليمن يصل إلى 33 مليار دولار, وقدّر التباطؤ في النمو بما يتراوح بين 35 % و 40% من الناتج المحلي الإجمالي، مشيرا إلى حاجة اليمن «الملحة لمساعدات عاجلة لتفادي شبح الانهيار الاقتصادي» موضحاً أن تلك الإحصائيات انطلقت من أن اليمن توقف عن تصدير النفط الخام واضطر إلى استيراد مشتقات نفطية بلغت قيمتها 1.8 مليار دولار، بالإضافة إلى توقف النشاط في «معظم المؤسسات التنموية والمشاريع، وانخفاض تحصيل الإيرادات كالجمارك والضرائب وبقية الخدمات الأخرى».‏‏
يؤكد كثير من المحللين والمهتمين في الشأن الاقتصادي ,ان ما يجعل اليمن في كارثة حقيقية لايعود في جوهره الى الاسباب آنفة الذكرفقط, بل الى اقتصاد الظل و الاقتصاد غير المشروع ,والمتمثل بالفساد والسرقات ونهب أموال الدولة,والرشاوى والاختلاسات واستغلال المناصب الرسمية فيها, وتسخيرها لاغراض خاصة .وباختصار فان مظلة الفساد التي يستظل بها المسؤولين هي التي تلتهم مقدرات التنمية في اليمن بأضعاف مضاعفة لما أوجدته الازمة السياسية من اختناقات اقتصادية.‏‏