نص كلمة السيد/ عبدالملك بدرالدين الحوثي خلال لقاءه بالوفد الزائر من الحيمتين

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وأشهد أن لا إله الله الملك الحق المبين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله خاتم النبيين، صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين.

ضيوفنا الكرام الإعزاء الوافدين من الحيمتين ومن معهم من خولان الطيال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛

نرحب بكم ونقدر لكم ولكل الإخوة الأعزاء من سكان محيط العاصمة صنعاء ، ومن سكان العاصمة الدور العظيم والمتميّز ، والكبير في إطار الثورة الشعبية ، والتصعيد الثوري ، والملحمة الشعبية التي تهدف إلى تغيير واقع البلد نحو الأفضل .

كما نبارك لكم ولكل شعبنا اليمني العزيز ، ولكل أمتنا الإسلامية إطلالة العام الهجري القادم . اليوم نحن في ختام عامٍ هجري ، وقادمون على عامٍ هجريٍ جديد ، وهي مناسبة مهمة ، لقد أصّلت الهجرة النبوية لخاتم الأنبياء والمرسلين محمد ( صلوات الله عليه وعلى آله ) لمرحلةٍ جديدة ، وأرست معالم عالمٍ جديد ، عالمٍ يقوده محمد ( صلوات الله عليه وعلى آله ) غيّر فيه كل ما كان سائداً من حالة الشرك ، والكفر ، والظلام ، والضلال ، والفساد ، والجهل ، والتخلُّف ، والتناحر في المنطقة العربية ، ومن ثم إمتدت أنوار هذا الهدى ، ومعالم هذا الدين ، وأخلاقه وقيمه إلى أنحاء المعمورة .

الهجرة النبوية تمثّل ذكرى عظيمة للأمة ، وارتبط بها التاريخ ..تاريخ هذه الأمة للتأكيد على أهميتها وما ترتب عليها وما تتضمنه من دروس وعبر ، مهمة تستفيد منها الأمة جيلاً بعد جيل .

لقد حدث في الهجرة النبوية أن مجتمعاً خسر ، ومجتمعاً فاز ، مجتمع مكة الذي لم يستجب الإستجابة الكافية للإسلام ولقيم الإسلام ، ومبادئ الإسلام ، ولم يلتف حول الرسول محمد ( صلوات الله عليه وعلى آله ) وحول راية الإسلام باستثناء القليل الذين آمنوا ، وثبتوا ، ثم هاجروا وصبروا - لكن مجتمعاً آخر هو مجتمع "يثرب" حيث ( الأوس والخزرج ) حيث الأنصار الذين سماهم الله ، وسماهم الرسول بــ "الأنصار". مجتمعٌ آخر فاز هو بأن يحمل راية الحق ، راية العدل ، راية الهدى ، راية الإسلام ، وأن يكون هو المجتمع الذي تتكون فيه نواة الأمة الإسلامية والمجتمع المسلم فيحتضن الرسالة ، ويحتضن الدين ، ويحتضن الهدى ،  ويحتضن نور الوحي ، وهكذا فاز "الأوس والخزرج" وهما قبيلتان يمانيتان من "اليمن" أصلهما – فازت هاتان القبيلتان بهذا الفخر الأبدي ، بهذه النعمة الكبيرة الإلهية - أن كان ذلك المجتمع هو المجتمع الذي آوى ، ونصر، مجتمع أسلم ، تحلى بقيم الاسلام ، والتزم بمبادئ الاسلام ، وحمل راية الاسلام ، وتحرك ليواجه الفساد والظلم والطغيان والجهل والخرافة ، وبجهود المؤمنين مع رسول الله ( صلوات الله عليه وعلى آله ) بجهوده العظيمة وجهود المؤمنين معه من المهاجرين والأنصار - تمكن الرسول ( صلوات الله عليه وعلى آله ) بنصر الله ، بتأييد الله ، بمعونة الله من تغيير الواقع في المنطقة تغييراً جذرياً وعجيباً ، يدلل على عظمة الإسلام الحق - في حقيقته الناصعة ، المؤثرة ، العظيمة ، المشرقة ، البناءة ، لأن الإسلام للأسف يتعرض لحملة تشويه وحملة تزييف حتى من الداخل - من داخل الأمة المحسوبة - ممن هم محسوبون على الإسلام ، وباسم الإسلام ، وباسم الدين! يعملون على تشويه معالم هذا الدين ، ومبادئ هذا الدين ، وأخلاق هذا الدين .

"الأوس والخزرج" القبيلتان اللتان كان بينهما خلاف شديد ، وتناحر ، وحروب تمكنتا من خلال قيم الإسلام ، وروح الإسلام أن يتوحدا ، وألّف الله بين قلوب الجميع فأصبحوا إخوةً متعاونين ، متكاتفين متآلفين ، أصبح لهم قضية كبيرة ، عظيمة ، مشرفة ، مقدسة ، وأصبحت مواقفهم وتضحياتهم المشهودة والعظيمة ، والتي سجلها التاريخ للأمة - أصبحت فعلاً في الإتجاه الصحيح حيث ينبغي أن تكون . والهجرة هي إرادةٌ ، وهي عزمٌ ، وهي تصميمٌ ، وهي ثباتٌ على المبادئ والقيم ، وهي رمزٌ للتضحية والعطاء .

ولذلك تبقى الهجرة النبوية - تبقى محطةً تاريخيةً مهمةً تستلهم منها الأمة الدروس التي هي بحاجة إليها ، دروساً تزيد من عزمها ، وصبرها ، ووعيها ، وثباتها ، وعطائها إلى آخر ذلك .

وبالتالي: ونحن على أعتاب عامٍ هجريٍ جديد ، من هذه النافذة ..من نافذة الهجرة النبوية ، من دروسها ، من مدرستها يفترض بنا كمسلمين ويفترض بنا كشعبٍ يمنيٍ مسلم - أن ننطلق في عامنا القادم بتلك الروحية - بذلك الثبات - بذلك المستوى من العطاء ، والصبر ، والتصميم ، والوعي ، والحمل للقضية العادلة ، والتشبث بالحق ، ويُفترَض بنا أيضاً ونحن على أعتاب عامٍ جديد وخارجين من عامٍ فائت - أن نعمل دائماً على تقييم واقعنا .

الفواصل الزمنية هي فرصة لعملية التقييم ، التقييم للوضع الداخلي ، لإصلاح الخلل ، لتلافي القصور ، لمعالجة المشاكل ، للتثبّت في المواقف ، لاستقراء الواقع بشكلٍ صحيح ، وللتعاطي بالمسؤولية تجاه الواقع بكل ما في الواقع ، وهذا من أهم ما نحتاج إليه جميعاً ، كيف نتعامل بمسؤولية انطلاقاً من المبادئ ، انطلاقاً من القيم ، انطلاقا من الأخلاق التي ننتمي إليها في إسلامنا العظيم . لا شيء أضر على الأمة ، وأخطر على الأمة ، وأسوأ في آثاره ونتائجه على الناس من التجرد عن المسؤولية ، من التعاطي الذي لا ينطلق من قاعدة المبادئ ، من واقع القيم ، من روح الأخلاق .

وبالتالي: ندخل من هذه النافذة إلى واقعنا ونحن كشعبٍ يمنيٍ نواصل مشوارنا المهم ، والتاريخي ، والإستثنائي ، والكبير في صياغة حاضرنا ، وصناعة مستقبلنا ، وتصحيح وضعنا من خلال ثورتنا الشعبية التي شارك فيها الشعب كل الشعب من مختلف تياراته ، ومذاهبه ، ومناطقه .

شعبنا اليمني العظيم بوعيه وبعزمه وبإيمانه ( الإيمان يمان والحكمة يمانية ) من روح ذلك الإيمان ، ومن وحي تلك القيم ، وتلك الأخلاق الإيمانية ، وبحكمته أيضاً تحرك ثائراً في ثورةٍ مشهودة سمع بها كل العالم ، وتابعتها كل القوى في هذه الأرض باهتمامٍ بالغ ، والكل لربما كان مندهشاً من عظمة تلك الثورة بما تجلى فيها من عزم هذا الشعب ، من تصميمه ، من ثباته في مواقفه ، من عطائه الكبير وهو يقدم الشهداء ، وهو يقدم المال - قوافل الدعم الشعبي التي كانت تنطلق من القرى ، والقبائل ، والمناطق ، والأرياف ، والمدن ، ومن مختلف فئات الشعب - مع أن الجميع يعيش ظروفاً صعبة ، وفعلاً سجّل شعبنا اليمني العظيم ملحمةً تاريخية ، ستبقى موثقةً للأجيال ، ومدرسةً مهمةً للعزة والثورة بكل قيم الثورة ..الثورة في مفهومها الحقيقي .

والآن كما قلنا في احتفال النصر بعد الإنجاز الشعبي العظيم في ( الحادي والعشرين من سبتمبر ) أننا كشعبٍ يمني تجاوزنا بفضل الله وبجهود وتضحيات الشعب ، وبعزمه ، وثباته ، وعطائه ، ووعيه تجاوزنا العائق الأكبر - لكن كان فعلاً لا يزال هناك الكثير من التحديات ، وإن لم تكن كالعائق الأكبر الذي تمكن الشعب من تجاوزه .

مهما كان حجم التحديات ، ومهما كانت الصعوبات فإن شعبنا اليمني بتوكله على الله ، بإرادته الإيمانية الفولاذية القوية ، بعطائه السخي ، بجهوده المتظافرة والمباركة ، بتعاون أبنائه وتكاتفهم يمكنه وبلا شك أن يتغلب على كل العوائق والصعوبات ، وأن يتجاوزها إلى الأمام لأنه يسير في الإتجاه الصحيح ، ينشد الحرية ، يريد الإستقلال ، يريد أن يسترجع قراره السياسي ليكون له ومنه ، يريد أيضاً أن يصحح وضعه البائس الذي يعاني منه - على والمستوى الإقتصادي ، وعلى المستوى السياسي ، وعلى المستوى الأمني ، وعلى المستوى الإجتماعي - يريد أن يعالج قضاياه ومشاكله الكبيرة التي لم تفلح القوى التي كانت ولا تزال إلى الآن تتحمل المسؤولية . لم تفلح في معالجتها وحلها ، وإنما تركتها لتتفاقم ، ولتكبر ، ولتزداد تعقيداً بما يترتب على ذلك من زيادة في سوء الوضع وتدهور الواقع بكله .

فشعبنا اليمني العظيم وهو يسير في الاتجاه الصحيح - صنع إنجازاً كبيراً مهماً في ( الحادي والعشرين من سبتمبر ) وهيأ بذلكم الإنجاز لمرحلةٍ جديدة ، الظروف فيها مهيأة ، والطريق فيها معبدة للتقدم إلى الأمام ، والتغلُّب على كل الحالات السلبية القائمة في البلد التي كانت تمثل هي بحد ذاتها عائقاً حقيقياً أمام معالجة المشاكل ، وإصلاح الوضع ، وتغيير الواقع نحو الأفضل ، وبات لدى الجميع .. بات لدى الرئيس ، لدى الأحزاب والقوى السياسية ، والمكونات ، ولدى الجميع فرصةً استثنائيةً تاريخية عظيمة ، فرصة كبيرة ، فرصة ثمينة ، فرصة مهمة لأن يتجهوا بصدق إرادة ، وحسن نية ، وباستشعارٍ  للمسؤولية ، وتعاطٍ للمسؤولية إلى الأمام لصناعة مستقبلٍ جديد للبلاد في ظل إتفاق "السلم والشراكة ".

إتفاق ( السلم والشراكة ) الذي هدف إلى أن يشترك الجميع كل القوى السياسية والأحزاب والمكونات الفاعلة في هذا الشعب إلى أن يتعاون الجميع ، ويشترك الجميع في إدارة شؤون البلاد ، وتصحيح الواقع ، ومعالجة وحلول المشاكلة باعتبار الجميع يتحمل المسؤولية من جانب ، وباعتبار الجميع أيضاً لهم الحق في أن يكونوا معنيين - أن يتعاطوا بالمسؤولية تجاه واقع هذا البلد ، تجاه واقع هذا الشعب ، تجاه ما يهمنا جميعاً ، في آثاره علينا جميعاً فيما لنا وفيما علينا جميعاً كشعبٍ يمني . وبالتالي: المسألة كانت تتطلب صدق إرادة ، واستشعار مسؤولية ، وأخلاق .. أخلاق ، قيم ، ترفُّع عن المكاسب الشخصية والحزبية والفئوية الضيقة ، فتح للصدور والقلوب على الجميع ، ولكن - للأسف الشديد لم يكن التعاطي من الأحزاب السياسية أو من بعضها قل - بمستوى تطلعات وآمال هذا الشعب ، ولم ينظروا إلى الواقع كفرصة استثنائية يجب أن نتعاطى معها جميعاً بما فيه الصالح العام ، بما فيه مصلحة البلد بكله ، بما فيه الخير للجميع ، لا يزال البعض منغلقاً ونظرته محكومة إلى حدٍ كبير في إطار حزبه .

لم نكن نتخيل أن الإنتماء الحزبي أو الفئوي قد أثّر في نفسيات وتوجهات وسلوكيات البعض إلى هذه الدرجة - إلى أن أصبح لا يفكر أبداً إلاّ فئته ، أو في حزبه ، وأن يكون منغلقاً ومحكوماً دائما في مواقفه ، في توجهاته ، في رؤاه في زاويةٍ ضيقة وصغيرة .

كنا نتوقع أن الكل سينفتح .. سينفتح بمسؤولية على شعبه كل شعبه ، أن يؤثر مصلحة البلد جميعاً ، مصلحة الكل على المصلحة الضيقة المحدودة والنظرة الضيقة .

كنا نتمنى أن تمتد نظرة الجميع إلى بلدنا وإلى شعبنا كله لنرى جميعاً بعيونٍ مبصرة هذا الواقع بكله ، وما نتحمل جميعاً فيه بمسؤولية تجاه الجميع . ولكن للأسف الشديد كان من أكبر العوائق في إنجاز الخطوة الأولى من خطوات ( إتفاق السلم والشراكة ) وهي تشكيل حكومة شراكة وطنية تجسّد الكفاءة والنزاهة - كان من أهم العوائق هذه المشكلة إضافةً إلى عامل آخر في غاية السلبية هو العامل الخارجي ولربما .. لربما البعض في الداخل من أكثر ما يؤثر عليه وعلى مواقفه وعلى وطنية مواقفه أنه يراعي إلى حدٍ كبير إرادة الخارج ، رغبة الخارج ، توجهات الخارج .

بعض القوى الإقليمية والدولية كان لها موقف سلبي ضد الثورة الشعبية ، ضد المطالب الشعبية الثلاثة المشروعة ، وكان لها موقف مُعْلَن وصريح وواضح ضد الشعبي اليمني  في مطالبه وتطلعاته وآماله ، وبعض القوى الداخلية كانت توالي تلك القوى الإقليمية والدولية وتدعم موقفها وترتبط بها وترتهن لها ، وكان ما كان - في نهاية المطاف يحق للشعب اليمني أن تكون إرادته هي الأقوى ، وأن تكون إرادته هي التي تنتصر لنفسه ، لحقه ، لما يتعلق به .

من حق شعبنا اليمني أن يكون حراً مسؤولاً هو بنفسه تجاه نفسه ، وأن يكون مستقلاً في قراره السياسي بما فيه صالحه ، ومن حق شعبنا اليمني أن ينعم بالأمن والإستقرار ، وأن ينعم هو بخيراته وموارده وثرواته على أن يكون إيجابياً في علاقاته الدولية والإقليمية - هذا لا مانع منه ، ولكن لا يريد الآخرون ذلك! .. لا يريد الآخرون ذلك . بعض القوى الدولية والإقليمية لديها توجه إما أن يبقى اليمن تحت حذائها ، تحت هيمنتها ، تحت سلطتها وتتدخل هي في كل شؤونه الصغيرة والكبيرة بما تريد وحسب ما تريد ،ويبقى الشعب اليمني بأجمعه خاضعاً بإذلال وهوان للوصاية الخارجية ، وبائساً ، ومعانياً ، وفقيراً ، ولا ينعم لا بأمن ، ولا باستقرار - ليبقى دائماً يعيش حالةً من الإضطراب والتناحر والغرق في المشاكل ، وإلاّ إذا لم يكن ذلك فليبقى وضعه وضعاً كذلك - وضعاً مضطرباً ، لا يشهد استقراراً سياسياً ، وتفعل أوراق للضغط .

بعض القوى الداخلية للأسف الشديد ، البعض منها بدون أخلاق ، بدون قيم قد يتواطأ .. قد يتواطأ مع الخارج في كل هذا - أنه يا إمّا يمن خاضع وراكع ومستجدي دائماً للخارج - يا إمّا يمن أيضاً يغرق في مشاكل لا تنتهي ويبقى معلقاً بين السماء والأرض - لا يشهد استقراراً سياسياً . قد يرى البعض أن مصالحه تلتقي مع مصالح الخارج في هذا.. لماذا؟ هل لأن هذا الطرَف أو ذاك طرف مغبون ، أو مطرود من العملية السياسية ، أو مُقْصَى "لا"  لا هذا ولا ذاك .

إتفاق "السلم والشراكة" ضمن للجميع أن يشترك الجميع في إدارة شؤون البلد ، ولكن البعض "لا"  يمانع  طالما هناك رغبة خارجية نحو فرض واقع معين أو سلبي فلا مانع عنده أن يتماشى معها وأن يتحرك على أساسها وأن يرتهن لها في طبيعة مواقفه ، والبعض وإن لم يكن عنده سوء نية بهذا المقدار لكنه لا يتعاطى حسب ما يفترض بمسؤولية عالية ، وإدراك لأهمية الواقع وحساسية المرحلة .

لقد كنّا نعوِّل من "إتفاق السلم والشراكة" على أن يرى الجميع في الشراكة فرصةً للتلاحم وتعزيز الروابط الأخوية والوطنية والتعاون  في بناء مستقبل هذا البلد ، وفي رسم معالم حاضره ومستقبله ، وإدارة شؤونه - أن تكون عملية الشراكة عاملاً ، ودافعاً ، وحافزاً نحو أن يستشعر الجميع مسؤوليتهم ، وأن يترفعوا على كل المناكفات السياسية السيئة التافهة، ولكن للأسف البعض يرى في الشراكة نفسها فرصةً للنفوذ من خلالها ليتمكن من إعاقة أي تقدم في العملية السياسية . البعض يرى في مسألة الشراكة فرصةً للإعاقة! هذه نظرة سلبية ، نظرة غير إيجابية ، نظرة ليست في مستوى المسؤولية ، وليست في مستوى ما ينبغي أن نكون عليه جميعاً تجاه شعبنا اليمني العزيز ، تجاه واقعه ، تجاه مشاكله ، تجاه معاناته . البعض لا يبالي أن يبقى البلد يمرّ بمرحلة حساسة وخطيرة ، ومؤامرات كبيرة ، ومعاناة حقيقة - لا مانع عند البعض أن تستمر المعاناة ، أن تتفاقم المشاكل ، أن تزداد الأخطار في مقابل أنه ( يتعنتر ) ويفرض توجهاته المعيقة لأي تقدم في العملية السياسية .

ولذلك نجد دائماً أن من أفظع وأسوأ وأقبح المساوئ هو عندما تتجرد السياسة عن الأخلاق ، وعندما لا ينظر إلى المصلحة العامة وتغلب المصلحة الفئوية أو المصلحة الحزبية . ولذلك أناشد كل القوى السياسية - أناشدها الله ، وأناشدها بالمسؤولية - أن تكون في مستوى كرامة وعزة هذا الشعب العظيم - أن تحترم شعبها ، وأن تحترم إرادة شعبها ، وألا تتعاطى بعيداً عن مصلحة هذا الشعب ، وأن تجعل المصلحة العامة فوق المصلحة الفئوية والحزبية الضيقة ،وأنه لا ينبغي أبداً أن نُضِيعَ فرصةً كهذه ، وواقعاً مهيأً ، وطريقاً معبدةً يمكن أن نسلكها بكل اطمئنان ، بكل راحة لنتقدم إلى الأمام - لا ينبغي أن نُضِيعَ فرصةً كهذه ، ويتجه البعض ليسلك طرقاً أخرى ، ومسالك أخرى في سبيل المناكفات السياسية ، في سيبل محاولة تغذية مشاكل إضافية وتعقيدات أخرى في المشهد السياسي في البلد .

اليوم القوى السياسية أمام اختبار حقيقي بين أوساط شعبها - إذا هي تريد أن تعيدنا إلى المربع السابق في مشاكلها السابقة في المحاصصة ، وبلاياها ، ومساوئها الكبرى التي أثرت سلباً إلى حدٍ كبير على الحكومة ، على أدائها ، على المسؤولين ، وحولت أجهزة ومؤسسات الدولة إلى مغانم يتسابق الآخرون عليها - للتنازع عليها واقتسامها ، والإستئثار بها ، فهذا ما لا يمكن أن نقبل به . الشعب اليمني دفع ثمناً باهضاً في السنوات الماضية ، ثمناً في أمنه ، في حياته - الكثير الكثير قتلوا ، قتلوا من الجيش ومن الأمن ومن المواطنين حتى في المدن الكبرى ، الإختلالات الأمنية والفوضى وصلت إلى مستوى فظيع! على المستوى الاقتصادي - تَدَهْوَر الإقتصاد الوطني إلى درجة كان العالم بكله يُنذِر بخطورتها ويحذر منها ويشهد بسوء ما وصلت إليه . الآن هل تريدون أن ندخل من جديد في مشاكلكم في المحاصصة؟.

أنا أؤمل في البعض من القوى السياسية أن تكون أكبر من هذه المهاترات الضيقة ، إلى متى تريدون أن تجعلوا من إتفاق"السلم والشراكة" ومن مبدأ الشراكة الذي هو مبدأ مهم - أن تجعلوا منه مسلكاً وسبيلاً للإعاقة وبقاء الوضع معلقا في مرحلة خطرة جداً البلد يشهد فيها مشاكل كبيرة ومؤامرات كبيرة؟ لا يليق أبداً ..لا يليق بأي حال - إن كان البعض يدرك حقيقة الواقع ثم لا يبالي به فهو مقصر وهو يتحمل مسؤولية كبيرة أمام الله وأمام الشعب ، أما إذا افترضنا - وهذا افتراض بعيد - أنهم لا يدركون حقيقة الأوضاع القائمة فهم أيضاً يفترض منهم أن يدركوا ، أن يلتفتوا إلى الواقع جيداً ، أن لا يبقوا دائماً منغلقين على أنفسهم فيما يفكرون به ، وفيما يقررون فيه .

اليوم وبعد الإنجاز التاريخي في ( الحادي والعشرين من سبتمبر ) أمامنا فرصة حقيقية نحتاج فيها إلى إرادة ، إلى أخلاق ، إلى أن نؤثر المصلحة العامة فوق المصالح الضيقة والفئوية لنتقدم إلى الأمام ، لتشكّل حكومة ، حكومة تكون حكومة تجسّد الشراكة الوطنية - هذا شيء جيد - لكن شراكة في العمل ، في المسؤولية وبالمسؤولية ، شراكة في التقدم بالبلد نحو الأمام ، شراكة في حل مشاكل البلد ، وليس شراكة في صنع المزيد من الإشكالات وليس شراكة في تعقيد الوضع أكثر ،وليس شراكة في الإعاقة - هذا مفهوم آخر للشراكة مفهوم سلبي، وليس إيجابياً بأي حالٍ من الأحوال . نحن أردنا شراكة فيها عمل، فيها تحرك، فيها بذل، فيها عطاء، فيها إيثار، فيها اهتمام حقيقي بشعبنا اليمني العزيز - بخدمته. هل كانت المحاصصة في الفترة الماضية وما قبل الحادي والعشرين من سبتمبر تتجه في التنافس على خدمة هذا الشعب؟ أم على خدمة الأحزاب فحسب!. كان الأمر واضحاً - كانت المحاصصة تَسَابُق وتَنَافُس في إطار الأحزاب ذاتها وبقي الشعب خارج المعادلة تماماً.

ولذلك نحن الآن نؤكد عظيم استياءنا الكبير، وأننا من باب المسئولية ..من باب المسئولية سنقف إلى جانب شعبنا على أساس أن ندفع باتجاه إنجاز تشكيل الحكومة، وأن لا يبقى الوضع معلقاً. البعض بكل بساطة لا مانع عنده من أن لا يشهد البلد استقراراً لا سياسياً، ولا أمنياً، ولا غير ذلك وبالتالي: المسألة سلبية، وتترتب عليها مخاطر حقيقية. ولذلك: نحن اليوم نؤكد على جملةٍ من الحقائق، ونشرح الكثير من القضايا، ونصل إلى بعض المواضيع المهمة .

بعد الحادي والعشرين من سبتمبر وإنجاز الإتفاق المهم (اتفاق السلم والشراكة) كنا نرجو ونؤمّل أن تبادر القوى السياسية ومن خلال هذا الإتفاق إلى إنجاز كل الاستحقاقات التي تضمّنها هذا الإتفاق - إن على المستوى السياسي أو - وذلك مهم جداً على المستوى الإقتصادي وبالتالي: ما يترتب على ذلك من نتائج على المستوى الأمني، وحقيقةً لو بادرت القوى والمكونات التي هي معنية بهذا الإتفاق ، ووقعت عليه ، والتزمت به - لو بادرت وكانت تتعاطى بمسئولية بما يتناسب مع تطلعات وآمال هذا الشعب - لَكُنّا إلى حد الآن قد قطعنا شوطاً لا بأس به، ولَكَان الوضع في البلد قد استقر وأصبح الجميع يتجهون في خطوات محددة، وأصبح الوضع مطمئناً. لكن بدلاً من ذلك - كان التعاطي من جانبهم أو البعض منهم تعاطٍ مؤسف! مؤسف! أو قل غير مسئول - ليس بمستوى ما ينبغي أن نكون عليه تجاه شعبنا وبلدنا ، فهم عملوا أولاً على عرقلة أي إنجاز لأي استحقاق وفي مقدمته تشكيل الحكومة والدخول في إعاقات، ومهاترات، ومجادلات، وأخذ ورد، ومماطلة واضحة ..مماطلة واضحة للأسف!. في المقابل كانت القوى الدولية التي كان لها موقف مُعْلَن وسلبي جداً تجاه ثورة الشعب، وتجاه مطالبه - تُحَرِّك أوراقها في الداخل وتتلاعب ، إمّا تصطنع مشاكل ، أو توظف مشاكل قائمة وتستغلها لتعقيد الوضع أكثر ، حرّكوا الورقة الأمنية ، وانتشار غير مسبوق بناءً على ذلك للقاعدة التي هي صنيعة استخباراتية أمريكية ، وأداة بيد الخارج تعمل لصالح قوى إقليمية ، وصالح قوى دولية! تحريك غير مسبوق إمتد إلى محافظات متعددة - تحركوا في الجوف ، تحركوا في مأرب ، تحركوا في البيضاء بشكلٍ كبير ، وكذلك بدأوا بالتحرك إلى ذمار ، تحركوا في إب ، إرتكبوا جرائم واضحة كان في مقدمتها الجريمة البشعة التي ارتكبوها بحق الحشود المتظاهرة في ( ميدان التحرير ) .

كان من المعلوم أنه تجاه هذا الخطر الأمني على البلاد - كان يفترض أن يكون هناك تعاطٍ رسميٍ جاد ، وتفاعل من الجميع لمواجهة خطر يهدد البلد ويهدد أمنه واستقراره ، وكان الوقت حرجاً لا يمكن فيه الإنتظار إلى ما لا نهاية حتى يكمل أولئك سيطرتهم على محافظات بأكملها وهم يرتكبون أبشع الجرائم. هل نسي البعض أو تناسى ما فعله أولئك في كثيرٍ من جرائمهم في صنعاء وفي حضرموت وفي غيرها؟ حينما يتمكن أولئك من السيطرة على محافظات بأكملها بما هم عليه من وحشية وإجرام، ماذا يمكن أن يحدث للناس؟ خطر يتهدد الناس في حياتهم ، لا يمكن التعاطي معه بلا مبالاة. الجانب الرسمي طلبنا منه أن يتعاطى بجدية ومسئولية تجاه هذا الخطر ، وطلبنا من الرئيس ومن وزارة الدفاع ، من اللجنة الأمنية - أن تتعاطى بمسئولية ، وأن تبادر بإعلان قرارها بمواجهة هذا الخطر ، وتتحرك فعلياً على الأرض لمواجهة هذا الخطر - الخطر الذي كان ينتشر ويزداد ويتفاقم . هم تفرجوا ولم يتعاطوا بمسئولية ، لم يبادروا باتخاذ أي قرار -  أكدنا لهم إستعدادنا لأن نقف إلى جانبهم وأن اللجان الشعبية حاضرة لأن تتحرك جنباً مع جنب - إلى جانب الجيش والأمن إلاّ إذا كان الجيش والأمن سيقوم بمهمته ومسئوليته من دون حاجة إلى إسناد من اللجان الشعبية ، ولكِنّا كُنّا نشهد حتى في الفترة الماضية أن الجيش عادةً ما يكون حتى هو ضحية لاعتداءات مكثفة ، وجرائم بشعة بحقه ، حصل هذا في عدة محافظات من ضمنها محافظة "البيضاء" وبتفرج رسمي على ما يحصل وما يحدث حتى بحق الجيش  أو الأجهزة الأمنية . في ظل واقعٍ كهذا - تحرُّك مُعْلَن - صريح ، بإعلان تلك القوى الإجرامية. أعلنت حربها وكنا نحن والجيش"مكون أنصار الله" والجيش في قائمة المستهدفين من هذا العدوان ، وبالتأكيد - الجميع يمكن أن يطالهم هذا الخطر . هل يمكن أن نبقى نحن نتفرج لأنه ليس هناك توجه رسمي لاتخاذ قرار مسئول عاجل قبل تفاقم الخطر إلى حدٍ كبير؟ هل كان يفترض بنا أن نصمت ، ونسكت ، ونبقى في أخذ ورد ، وجدل ، ونقاش ، وحوار طويل عريض حتى يتمكن أولئك من الإستيلاء على معظم محافظات البلد؟ أم أنه كان من الشيء الإيجابي أن نتحرك بجدية على الأقل للحد من هذا الخطر ، أن لا يتمكن أولئك من الإستيلاء على محافظات كثيرة - بالتأكيد - كان هناك توجه واضح ، وتمدد وانتشار كبير لتلك العصابات الإجرامية للتمدد في محافظة "البيضاء" توجهاً إلى "ذمار" إلى "إب" وبالتالي: بالتأكيد - إلى الحديدة . هناك انتشار لهم في "مأرب" هناك انتشار في "شبوة" هناك تحضير حالياً لانتشارهم في محافظات أخرى ، وتسليمهم معسكرات ، وتسليمهم أيضاً إمكانات من إمكانات الدولة، هذا شيء مؤسف! لا يجوز أن يبلغ الحد بالآخرين في مناكفاتهم السياسية والإعلامية إلى أن لا يحسبوا أي حساب للمسئولية والأخلاق، إذا كان هناك خطر يهدد شعبنا اليمني ، يهدد الناس في محافظات متعددة - يتهددهم في حياتهم ، في أمنهم ، في استقرارهم ، ونحن نشاهد ماذا يعمل أولئك ، كيف يذبحون الناس بالسكاكين وكأنهم غنم أو حيوانات ، كيف يعمدون إلى حرق الجثامين، كيف ينفّذون إعدامات جماعية بالمسدسات أو البنادق . كلنا يؤمن في هذا الشعب بأن أولئك مجرمون ولا يتحرجون من فعل أي شيء لا بالجيش ، ولا بالأمن ، ولا بسائر المواطنين .

 وبالتالي: أمام خطرٍ كهذا يتمدد وينتشر ويستهدف محافظات بأكملها ألم يكن بالأحرى بناءً على المسئولية أن تتظافر جهود الجميع لتبني موقف رسمي يواجه هذا الخطر؟ ألم يكن هذا هو الصحيح؟ لكن بدلاً من ذلك كان هناك لعبة - كان يراد لهذا النشاط التكفيري القاعدي الذي هو بيد الأجانب ، بيد الأمريكيين ، بيد قوى إقليمية أخرى - يراد له أن يلعب دوراً محدداً ، وأن يصبغوه بصبغةٍ طائفية - هذا ما أرادوه ، وهذا ما تغاضت عنه بعض القوى في الداخل .

للأسف الشديد وصل الحد بالبعض إلى أن ينتقد موقف "اللجان الشعبية" التي تتصدى لتلك العصابات الإجرامية وتدافع عن الناس ، تدافع عن الأهالي في "البيضاء" الذين قُتِلَ الكثير منهم ودمرت منازلهم ، وتدافع وتقف جنباً إلى جنب درعاً حقيقياً للجيش هناك وللمؤسسات الأمنية - أضف إلى ذلك ما يحصل في "إب" تتحرك القاعدة في "العُدَيْن" وفي مناطق أخرى من "إب" تنهب البنوك ، تقتل الناس ، تسيطر وتنشئ لها أمارات إسلامية ، ويكون الوضع بالنسبة لبعض القوى السياسية أمراً طبيعياً لا يستحق حتى التعليق عليه ، ولا الإنتقاد له ، ويغض البعض الطرف عن ذلك - لكن حينما نتحرك في إطار "اللجان الشعبية" والتحرك الثوري للتصدي لأولئك الذين يستبيحون دماء الناس وإذا بالبعض ينتقد ، ويهاجم ، ويعترض ، ويحتجّ ، وينطق بعد أن كان صامتاً ، ويتبنى المواقف بعد أن كان غاضاً للطرف تجاه ما يفعل أولئك.

حينما لا يتعاطى الناس على أساس الإنصاف والمصلحة العامة ، وحينما لا تترفع القوى السياسية فوق مستوى المناكفات والمشاكل التافهة يمكن حتى للقضايا الخطيرة والكبيرة والسيئة ، أو حتى للقضايا المهمة ، والإستثنائية ، والرئيسية أن تكون أسفل ، وأن تلقى اللامبالاة ، أو توظَّف التوظيف السلبي .

نحن دائما سنكون إلى جانب الجهات الرسمية إذا قامت بمسئوليتها - إذا كانوا لا يقومون بمسئوليتهم حتى تجاه الجيش نفسه وهو يتعرض للنهب في كثيرٍ من معسكراته ، في كثيرٍ من المناطق الشرقية ، حتى حينما يُستهدف ليُقتَل ، أو لِتُنهَب معسكراته من جانب تلك العصابات الإجرامية ثم لا يحركون ساكناً ماذا عسى أن يكونوا تجاه الشعب أيضاً تجاه المواطنين؟ وبالتالي: كل ما كان من تحرُّك في محافظة "البيضاء" أو محافظة "إب" أو محافظة "الحديدة" التي لا يزال فيها - هناك أذيال ..أذيال لـ (علي محسن الأحمر) يحاولون أن يثيروا الشغب - أضف إلى ذلك النشاط الذي لهم في بعض المحافظات كــ "مأرب والجوف" وتواجد خلايا كثيرة لهم في "صنعاء" ومحيطها ومناطق أخرى .

الجهات الرسمية لا يخفى عليها شيء من هذا الأمر ، هي تدري ما يفعل أولئك وما يخطط له أولئك - لكنها تفتقر إلى الإرادة والقرار السياسي . لماذا لا يتخذ الرئيس قرارات حازمة ، قرارات صارمة ، قرارات في مستوى المسئولية بالتصدي لتلك العصابات ؟ وتقوم المؤسسة العسكرية والأمنية بمسئوليتها في مواجهتهم ونحن سنكون إلى جنبهم إذا كانوا في حاجتنا - إذا لم يكونوا في حاجتنا وثَبَتَ فعلياً أنهم يتحركون للتصدي بحزم ، وجد ، وفاعلية في الميدان فنحن لن نحتاج إلى أي انتشار لـ "الجان الشعبية" لا في "البيضاء" ولا في "إب" ولا في غيرها - لكن لا يمكننا أن نسكت ، نحن لا زلنا نحمل في روحيتنا الروحية الإيمانية والوطنية التي تجعلنا نتألم حينما يُقْتَل الناس . نحن لم نصل بعد إلى ما وصل إليه البعض من اللامبالاة ، ومن الطبيعي عنده أن يحصل أي شيء ، يُقتَل الناس ، يتفاقم خطر كذلك ولا يبالي .

فما يحصل هناك كان يُفترض بالقوى السياسية وبالجميع أن تتظافر جهودهم ، وأن تتجه مواقف الجميع في الإتجاه الصحيح في مواجهة خطر القاعدة ، أو أن البعض يرحب بالقاعدة، أو يرى فيها صديقاً له ليُعْلِن موقفه من يرى ذلك ، ليكشف نفسه أنه يتحالف أو يتعاطف أو يشترك مع تلك العصابات الإجرامية التي تذبح الناس بالسكاكين ، وتحرق الجثامين بالنار ، وتُعدِم الصغار والكبار ، وتكفِّر أبناء الشعب اليمني ، ليُطِلَّ برأسه من يتبنى موقفها ، ومن يريد لها أن تتمدد أو يريد أن يوفر لها الغطاء السياسي حتى تتمكن من أن تفعل ما تريد أن تفعل بأبناء الشعب اليمني ، وأن تسفك من الدماء بالقدر الذي يرضي القوى الخارجية التي تسلّطها على أبناء شعبنا اليمني .

أيضاً في مقابل التعليق والإعاقة في العملية السياسية وإضافةً إلى ذلك اللعب بالورقة الأمنية ، إضافةً إلى ذلك التعاطي السلبي والإنتهازي تجاه القضية الجنوبية التي هي قضية وطنية مهمة . ونحن نادينا ، وننادي ، وسنظل ننادي بضرورة المبادرة إلى حلها حلاً عادلاً ، ونظل نؤكد على أن الوقت الآن مهيئ بشكلٍ كبير لمعالجة حقيقية ، وحل عادل للقضية الجنوبية .

اليوم "لا" ليس هناك تعاطي من بعض القوى السياسية بل هناك تعاطٍ سلبي ليس هناك تعاطٍ إيجابي من بعض القوى السياسية في سياق الإتجاه الجاد نحو الحل العادل والتحرك الصحيح تجاه الأمر .

أيضاً هناك تعاطٍ سلبي من بعض القوى الخارجية التي تريد الجنوب لها وليس للجنوبيين ، هناك قوى دولية وقوى إقليمية لها أطماع حقيقية أفصح البعض عنها في الجنوب ، في موقعه الجغرافي ، في ثروته ، وهناك مرتزقة يحاولون أن يثيروا المخاوف بين أوساط إخوتنا وأعزائنا الجنوبيين - أن يثيروا بينهم المخاوف ، وللعجب العجاب المخاوف من الثورة الشعبية أنها يمكن أن تُهاجم الجنوب ، وأنهم كما يقولون لهم الزحف "الحوثي" يمكن أن يقدم إلى الجنوب .. ومن هذا الكلام السخيف !.

هم يسعون إلى استغلال القضية الجنوبية ليس فيما فيه مصلحة الجنوبيين ، ولا فيما فيه إستعادة حقوق الجنوبيين ، ولا فيما فيه إنصافهم ، بل استغلال قذر وانتهازي ، ولهم أطماع حقيقية .

نحن نؤكد أننا إلى جانب إخوتنا الجنوبيين في الوصول إلى الحل العادل ، ونحن للأسف ندرك أن بإمكان الرئيس"هادي" وبإمكان الحكومة أن تتخذ قرارات مهمة ومعالجات عاجلة تجاه الوضع في الجنوب ولكنها لا تفعل ، لماذا؟ لأن الخارج يريد أن تبقى المشكلة معلقة ، وأن يظل الوضع في البلد يغلي هنا وهناك ، وأن تتفاقم المشاكل ، ولا يريد أبداً حلاً صحيحاً لأي مشكلة من مشاكل البلد الكبيرة وعلى رأسها القضية الجنوبية ، يريد الاستغلال فحسب . ولذلك نحن نقول ما المانع أن يبادر الرئيس إلى اتخاذ قرارات قوية مهمة تقدم معالجات سريعة وأولية للوضع هناك لمصلحة إخوتنا في الجنوب ،ونحن هنا نثمّن عالياً المواقف الواعية والعاقلة لقيادات وطنية من إخوتنا الجنوبيين - يدركون حقيقة الموقف الخارجي ، ويدركون حقيقة موقف بعض القوى في الشمال ، وأنه لا يعتبر إلا موقفاً انتهازياً لا يتجاوز أن يكون موقفاً انتهازياً ، وليس جاداً ولا مخلصاً ولا ناصحاً للإخوة في الجنوب .

نحن اليوم نقول أن الظروف مهيأة للحل العادل للقضية الجنوبية ، وأننا مستعدون من واقع الأخوة الوطنية والإسلامية أن نقف إلى جنبهم في الوصول إلى حلٍ عادلٍ لقضيتهم ، ونحن نؤمن بمظلوميتهم الكبيرة ومعاناتهم الكبيرة ، وللأسف هناك استغلال سيء ، وتعاطٍ غير مسئول تجاه القضية من بعض القوى في الداخل وفي الخارج .

لذلك نحن اليوم أمام واقع معروف  - هناك تحريك للورقة الأمنية ، هناك إعاقة حقيقية للتقدم في العملية السياسية وإنجاز الاستحقاقات التي تضمنها إتفاق ( السلم والشراكة ) هناك تعاطٍ سلبي وتآمر على الجنوب وعلى القضية الجنوبية ، وعلى إخوتنا في الجنوب - تعاطٍ غير جاد ولا مسئول ، مُنطَلِق من أطماع وموقف انتهازي بالكامل ، ونحن إلى جانب إخوتنا الجنوبيين سواءً الموجودين في الساحات أو غيرهم . المسألة أن هناك مظلومية كبيرة وقضية وطنية حقيقية تحتاج إلى معالجة جادة ، ونحن نستغرب من بعض القوى السياسية وتفرجها أمام ما يحصل .

 نحن هنا نؤكد اليوم على أننا سنسعى مع الإخوة الجنوبيين إلى أن يكون هناك تحرك جاد بالدفع بالأمور نحو حل عادل ، ولن نبخل بأي شيء نحن نعتبرهم لنا إخوة ، ونحن نتعاطى من هذا المنطلق من واقع أخوي ، نحن ندرك أن هناك في كل مكان مرتزقة يشتغلون بعضهم في الإعلام وبعضهم حتى ربما في الميدان سواء في الشمال أو في الجنوب يتعاطى بالقدر الذي يريده الخارج ويحاول أن يثير الحساسية من أي موقف إيجابي ولا يثيرون الحساسية تجاه التدخل الخارجي سواء من بعض القوى الإقليمية أو من بعض القوى الدولية .

نحن أيضاً على مستوى الحكومة نؤكد على ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة والخروج من مربع المجادلات وفتنة المحاصصة ، ونؤكد أنه لا نية لنا في المشاركة في التشكيلة الوزارية وأن معظم الحقائق الوزارية التي من المفترض أن يشغلها مكون أنصار الله أننا سنجعلها تحت مسئولية إخوتنا الجنوبيين .

أيضاً نناشد القوى الأخرى أن تخرج من مربع المناكفات السياسية بطريقتها السلبية ، أيضاً نؤكد على أهمية أن يتعاطى الإعلام في الداخل ، إعلام المكونات والأحزاب والقوى ، أن يتعاطى بمسئولية تجاه الوضع الداخلي ، نحن نرى كيف يتعاطى الإعلام الخارجي في سياق حربه على الثورة الشعبية وعلى الشعب لكن ليس بالضرورة أن يتعاطى الإعلام الداخلي كما يتعاطى بعض الإعلام الخارجي ، يفترض أن نتحلى بالمسئولية والأخلاق والقيم وأن نجعل مصلحة بلدنا فوق كل الاعتبارات ، وبالتالي أنا أنصح بعض المكونات والأحزاب والشخصيات بما فيهم ابن الرئيس على مراجعة السياسة الإعلامية ، أموال كثيرة تنفق بعضها في ظل استمرارية الفساد المالي لأن يشغل الإعلام في الاتجاه السلبي الذي يفاقم من مشاكل البلد ولا يساعد على حلها .

هنا أيضاً أتوجه أيضاً بدعوة إلى وجاهات وعقلاء وحكماء شعبنا اليمني العظيم إلى عقد اجتماع موسع في آخر الأسبوع الآتي لتدارس الوضع في البلد لأنه إذا لم تتحرك الاحزاب والقوى السياسية في الاتجاه الصحيح ولم تتفهم واقع البلد فيفترض للشعب دائماً أن يتحرك هو بنفسه وأن لا ينتظر الآخرين ، وبالتالي نحن على موعد إن شاء الله في آخر الاسبوع الآتي مع وجاهات وعقلاء وحكماء شعبنا اليمني العظيم لاجتماع موسع في صنعاء إن شاء الله من أجل تدارس الوضع القائم وتبني المواقف اللازمة لتصحيح الوضع والله المعين وعليه توكلنا هو حسبنا ونعم الوكيل نعم المولى ونعم النصير .

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته؛؛؛